ويعمل غزال مع زملائه على تصميم وإعداد أفلاماً كرتونية ورقية “صامتة”، تعبّر عن قصص واقعية عاشها أحدهم خلال الحرب الأخيرة، التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة.
ويقول غزال لمراسلة الأناضول للأنباء:” كانت عملية توفير الطعام لي ولعائلتي خلال الحرب من أبرز وجوه المعاناة التي تعرضنا لها، خاصة وأن عائلتي جُلّها من الصم، فقد كنا نخرج صباحاً إلى المخبز لنحصل على رغيف خبز، ونقف في طابور طويل، يُنظم أمام باب المخبز”.
واتفق غزال مع أصدقائه الصم على اختيار شخصية “الأرنب”، كونه من أحد الحيوانات المسالمة والمُحببة من قلوب الأطفال، ليكون بطل الفيلم، وليجسد معاناة قد يراها المشاهد الذي لم يعشها “بسيطة”، لكنّها كانت وجها بارزا للمعاناة الإنسانية بغزة، كما يوضح غزال.
وتابع حديثه بلغة الإشارة:” الفيلم يتحدث عن أرنب صغير، يستيقظ باكراً ويخرج بالتزامن مع القصف الإسرائيلي خلال الحرب العسكرية، متوجهاً نحو مخبز قريب من المنزل، لينضم إلى طابور طويل، ليحصل في النهاية على خبزٍ له ولأفراد عائلته، ليكون فطوراً لهم في شهر الصيام”.
ويوضح غزال أن فقده لسمعه ونطقه، زاد من معاناته خلال الحرب، حيث كان يشعر باهتزاز المنزل جراء القصف الإسرائيلي، إلا أنه لم يكن يدرك أين تسقط تلك الصواريخ، مشيراً إلى أن ذلك الشيء “أتعب حالته النفسية”.
ويذكر أن مشاركته بتصميم الأفلام الكرتونية الصامتة، ساهمت في التفريغ عن حالته النفسية، وأضاف جوّاً من السعادة له ولزملائه.
أما آية أبو طويلة (12 عاماً)، التي تعاني من فقدان جزئي للسمع والنطق، فقد عاشت أياماً وصفتها بـ”الصعبة”، في منطقة سكنها بحي الشجاعية، شرق غزة، خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وتقول لوكالة الأناضول:” أصيب أبي خلال الحرب بشظايا في قدمه، وأمي ذهبت إلى المستشفى للعناية به، وأنا قضيت يوماً كاملاً أعتني بإخوتي الصغار، بواسطة لغة الإشارة، وكنت أطمئنهم وأخفف من خوفهم، وأحميهم أيضاً”.
وتابعت:” أخي أصم مثلي، كنت أشرح له بلغتنا عن الوضع الدائر في المنطقة، كما كنت أعمل كوسيط بينه وبين أخوتي الناطقين لأنني أحتفظ ببقايا سمع ونطق”.
وتبيّن أبو طويلة أنها تحمست للمشاركة في تصميم الأفلام الكرتونية، مشيرةً إلى أن الأطفال الصم في قطاع غزة، لأول مرة، يشاركون في نشاط الرسوم المتحركة.
وأضافت قائلة:” ساعدتني المشاركة في ذلك التصميم والإعداد، بترجمة أفكاري والتفريغ عن حالتي النفسية التي أتعبتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة، كما ساهمت في تصفية ذهني، خاصة وأنني أملك مهارات الرسم”.
واستكملت:” تلك الأنشطة كان لها أثر إيجابي كبير علينا، نحن الأطفال الصم، حتى عندما كنا نمارس ذلك النشاط أنا وصديقاتي الصم، كنا عندما نرسم شيء يتعلق بالحرب، كانت دموع صديقاتي تُذرف، وأنا كنت أدعمهم نفسياً وأطلب منهم أن ينسوا أيام القتل والحرب، وأن يعيشوا الحياة الجميلة من جديد”.
وفي ذات السياق، تُشير سعاد عوض، مدرسة الفنون في جمعية أطفالنا للصم، إلى هذه الأنشطة تحاول تفريغ حالة الكبت التي يعانيها الأطفال جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة .
وقالت لوكالة الأناضول:” لجأنا إلى إعداد ورشات فن الرسوم المتحركة، لإعطائهم مجال للتفريغ عن أنفسهم”.
وأوضحت أن الأطفال الصم كونهم من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لديهم معاناة تختلف عن بقية السكان في القطاع، وكذلك معاناتهم خلال الحرب تكون مضاعفة لأنهم غير قادرين على التعبير عن خوفهم، أو عن المواقف الصعبة التي مروا بها .
وأضافت:” أسقطنا أحداثا واقعية حدثت أثناء الحرب، وتعبّر عن معاناة أهل قطاع غزة على مجموعة من الحيوانات الكرتونية، إذ تعتبر (الحيوانات الكرتونية الملونة) ذات تأثير على مشاعر الأطفال الناطقين أو الأطفال الذين يعيشون خارج قطاع غزة ولم يتعرضوا لمعاناة مماثلة”.
وتبيّن عوض أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في قطاع غزة، يزيد من معاناة الأطفال الصم الذين يتواصلون عن طريق لغة الإشارة.
وتابعت:” عند انقطاع التيار الكهربائي، تنقطع وسيلة التواصل الخاصة بهم، لأن حركات الإشارة الخاصة بلغتهم لا تكون مرئية”.
وذكرت أن الأطفال الصم كانوا يشعرون بالخوف من القصف الإسرائيلي، عندما يشاهدوا ذلك الخوف في عيون الأشخاص الأصحاء.
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز الماضي حربا على قطاع غزة استمرت 51 يوما، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر: جريدة المرصد .