بعد مأساة كبار السن المنسيين في بعض المستشفيات وتحملهم آلاماً تدمي القلوب نتيجة جحود أبنائهم وذويهم برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الأطفال المنسيين أو ما يسمون بـ «طريحي الفراش» في المستشفيات والتي لا تقل ألما عن ظاهرة المسنين المنسيين حيث يعانون أيضا من جحود ونكران أولادهم وذويهم.
وذكر مديرو مستشفيات ان عدد حالات الأطفال المنسيين في كل مستشفى يتراوح بين 10 إلى 15 حالة وتتنوع حالاتهم ما بين متلازمات «الأيض المرضية» وضمور العضلات وحالات الاختناق عند الولادة والاعتلال العصبي والتأخر في النمو.
وأضافوا «من بين هؤلاء الأطفال أيضا حالات ضحية «أخطاء شهوانية» أتت بهم إلى هذا العالم بطرق غير شرعية ما حدا بآبائهم إلى تركهم في المستشفى خوفا من وصمة العار التي يمكن أن تلاحقهم».
ولفتوا إلى ان فترات علاج بعض هؤلاء الأطفال تتراوح بين سنة إلى 5 سنوات حيث يعيش البعض منهم على أجهزة التنفس الصناعي والآخر يعاني من شلل وضمور في العضلات وخضعوا لأجهزة طبية تعويضية بخلاف حالات أطفال أودعوا في المستشفى منذ الولادة.
يقول نائب مدير مستشفى الجهراء الدكتور غالب البصيص ان عدد الأطفال طريحي الفراش في أجنحة الأطفال في مستشفی الجهراء يبلغ 18 حالة وتترواح فترات بقائهم بين 3 أشهر إلی 5 سنوات وتتنوع حالاتهم ما بين متلازمات الأيض المرضية وضمور العضلات وحالات الاختناق عند الولادة والاعتلال العصبي والتأخر في النمو وتحتاج معظم هذه الحالات إلی عناية صحية خاصة لما لهذه الأمراض من آثار سيئة تتمثل في صعوبة الحركة وصعوبة البلع وكثرة تعرضهم للأمراض المعدية الموسمية بسبب ضعف المناعة.
وأضاف البصيص أن الطاقم التمريضي يهتم بمضاعفة الجهد لتوفيرالعناية اللازمة لهذه الحالات حيث يتم تعيين ممرضات ذوي خبرة طويلة بالعمل التمريضي الخاص بالأطفال كما يقوم الأطباء بعمل تحاليل دورية روتينية لمتابعة الوضع الصحي لهذه الحالات.
وبين أن مكتب الخدمة الاجتماعية في مستشفی الجهراء يقوم بتلبية الطلبات الخاصة لهؤلاء الأطفال وإيجاد بيئة اجتماعية مناسبة لهم من حيث الترفيه ومساعدة الأقارب بالتواصل الدائم وإبلاغهم بكل الاحتياجات اللازمة.
ونوه إلى أنه خلال السنوات الماضية اتبعت إدارة المستشفی سياسة متزنة بتقدير الظروف الاجتماعية لأهالي وأسر المرضى وتم بنجاح وبرضا الأهالي إخراج بعضهم وتقديم كل العون بتوفير الرعاية المنزلية المناسبة لهم حيث يتم تثقيف الأهالي صحيا علی كيفية التعامل مع هذه الحالات لافتا إلى أن مراكز الرعاية الصحية الأولية تلعب دورا جيدا في مساعدة المستشفی في تقديم الرعاية الصحية المنزلية لهم.
وذكر البصيص أن المستشفی يقدم رعاية متوازية لأطفال طريحي الفراش أسوة بالمسنين طريحي الفراش مضيفا «نهدف في المستقبل إلي توفيرغرف خاصة لهذه النوعية من الحالات كذلك وضع سياسات للحد من مكوث هذه الحالات في المستشفی وتقليل تواجدها والاعتماد علی الخدمة المنزلية وتوفير عناصر التمريض والأجهزة وتدريب الأهالي علی التعامل مع هذه الحالات وفق الطرق الطبية».
من جانبه قال مدير مستشفى الصباح الدكتور عباس رمضان ان هناك حالات موجودة في المستشفى والبعض منهم موجود منذ فترات طويلة.
وقال ان مشكلة هؤلاء الأطفال لا تقل عن مشكلة كبار السن المنسيين لافتا إلى أن هناك حالات تحتاج لبعض الأجهزة الطبية مؤكدا إمكانية تقديم الرعاية المنزلية لهم كذلك كيفية إعطاء الأدوية.
وقال رمضان إن هناك حالات موجودة لفترات طويلة في المستشفى مبينا أن عملية حل هذه المشكلة تجب دراستها بشكل جيد من كل النواحي تمهيدا لإصدار قوانين خاصة فيها كأن يتم تفرغ الأم للرعاية الصحية للطفل المريض مع إعطائها وتعويضها بالبدلات المالية لذلك.
وأضاف رمضان «للأسف هناك حالات منسية تماما فبعض الأسر لا تزور الطفل وتتركه في المستشفى لفترة طويلة من دون رعاية منتقدا هذه الظاهرة السيئة مشيدا بالدور الذي يقوم به قسم الخدمة الاجتماعية».
بدوره قال أخصائي الأطفال في مستشفى الجهراء الدكتور محمد المسيري ان كل جناح من أجنحة الأطفال في المستشفى يضم حالات طريحي الفراش حيث تم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي ويعانون من الأعصاب الطرفية في الجسم ولا يستطيعون الحركة، كذلك هناك رخاوة في العضلات بشكل عام نتيجة للشلل العصبي مبينا أن أسباب المرض وراثية كما تعاني بعض الحالات من متلازمات «الأيض المرضية» وضمور العضلات والاختناق والاعتلال العصبي وتأخر النمو.
وأضاف أن أعمار الأطفال تتراوح بين عمر السنة إلى 4 سنوات وهناك حالات موجودة في المستشفى منذ الولادة مبينا أن غالبية هؤلاء الأطفال يعيشون تحت أجهزة التنفس الصناعي وقد تتعرض بعض الحالات لمضاعفات وذلك في حال انسداد أنبوب الجهاز التنفسي وقد تتعرض الحالات أيضا لانسداد في البلعوم أثناء شرب الحليب حيث يتم التدخل الطبي بشكل فوري في المستشفى لافتا إلى أن ذلك لا يمنع أن يتم إجراء دورات إسعاف أولية.
وذكر أن هناك إمكانية لنقل الأطفال للرعاية المنزلية وذلك من خلال إخضاع الأسر لدورات في الإسعافات الأولية حيث يتم التعامل مع الحالة في حال تعرضها لمضاعفات مبينا أن غالبية الأسر خصصت خادمة للبقاء مع الطفل للرعاية.
وتحدث عدد من مديري المستشفيات قائلين ان مأساة الأطفال المنسيين لا تقل ألما عن ظاهرة المسنين المنسيين موضحين ان الأطفال المنسيين أو ما يطلق عليهم حسب التسمية الطبية «طريحو الفراش» في المستشفيات حيث يوجد في كل مستشفى حالات لا تقل عن 10 أو 15 حالة.
وبينوا ان فترات علاج بعض هؤلاء الأطفال تتراوح بين السنة إلى 5 سنوات حيث يعيش البعض منهم على أجهزة التنفس الصناعي والآخر يعاني من شلل وضمور في العضلات تم وضع أجهزة طبية تعويضية له بخلاف حالات أطفال تركوا منذ الولادة نتيجة «أخطاء شهوانية» أتت بهم إلى هذا العالم بطرق غير شرعية ما حدا بآبائهم إلى تركهم في المستشفى خوفا من وصمة العار التي يمكن أن تلاحقهم.
وذكروا ان هناك طفلا عمره 4 سنوات موجودا في المستشفى منذ الولادة يعاني من الشلل الحركي وخصصت له الأسرة خادمة تقوم بمتابعته وتقوم بزيارته بين الحين والآخر كما أن هناك حالات أخرى وهي الأطفال المنغوليون أو من يعانون من التشوه الخلقي منذ الولادة وهي حالة خاصة تحتاج لعناية طبية وتغذوية خاصة وقد تتأثر هذه الحالة بشكل سريع بالالتهابات المرضية وتؤدي إلى مضاعفات مرضية.
ولفتوا إلى ان ظاهرة الأطفال طريحي الفراش في المستشفيات لا تقل أثرا عن كبار السن المنسيين في المستشفيات كونها تشكل ضغطا على الطاقة السريرية فهناك حالات موجودة في غرف «خصوصي» لسنوات وبعض الأطباء يؤكدون إمكانية إخراجهم من المستشفى لاستكمال العناية المنزلية لكن يجب أن تخضع الأسرة لتدريب على الإسعافات الأولية وكيفية وضع الأجهزة الطبية لكن للأسف لا يوجد تعاون من قبل الأسرلتحقيق هذا الأمر.
بدوره قال استشاري الغدد الصماء للأطفال في مستشفى الصباح الدكتور زيدان المزيدي أن طريحي الفراش أو الأطفال المنسيين لا يعني منها قسم الأطفال في مستشفى الصباح فقط بل تصيب بقية أقسام الأطفال في معظم المستشفيات. ولفت المزيدي إلى أن هناك حالات من هؤلاء الأطفال تبقى لمدد طويلة تتجاوز الشهور وبعض الحالات تصل إلى سنة ونصف السنة،مبينا أنهم يعانون من أمراض مزمنة وهي متنوعة ومنها أمراض القلب والأعصاب والكلى والعظام وأمراض الجهاز العصبي كما يعاني الطفل من عدة مشاكل أخرى منها التعوق الحركي والفكري والعضلي حيث تنتج عنه مشاكل أخرى كالتهاب بالجهاز الهضمي والجهاز التنفسي ما يحتاج لعناية طبية كبيرة وعناية تمريضية.
وأضاف أن المستشفى يقوم بدوره في تقديم العناية الطبية لهؤلاء الأطفال لافتا إلى أن المشكلة تكمن في الأطفال الذين يمكثون فترات طويلة في المستشفى ويحتاجون إلى عناية تمريضية.
وتابع «اننا نقوم بدورنا لتعليم الأسر حول كيفية التعامل مع جهاز التنفس حيث يتم عمل فتحة في مقدم الرقبة وأخرى عن طريق المعدة لتزويده بالغذاء حيث يتم تدريبهم على كيفية وطرق العناية الطبية للطفل في المنزل بالإضافة إلى إعطائهم الأجهزة الطبية كالجهاز التنفسي والجهاز الهضمي لكن للأسف بعض الأسر ترفض هذا الطلب وتطالب بإبقاء الطفل في المستشفى، مبينا أنه من الممكن أيضا الاستعانة بممرض أو خادمة للقيام بذلك».
ولفت إلى أن الأطفال طريحي الفراش عرضة للإصابة بالأمراض التي قد يكتسبونها من الأطفال الذين يدخلون للمستشفى كما أن وجود الطفل طريح الفراش يأخذ فرصة علاج طفل آخر مستحق للعناية الطبية.
وبين أن هؤلاء الأطفال يعانون من مشاكل صحية كرخاوة العضلات وهو مرض مزمن يبقى لفترة طويلة مع الطفل المصاب خلال فترة علاجهم في المستشفيات.
وتابع «ان العناية الطبية بسيطة كجهاز التنفس وجهاز آخر للتغذية وهي من الممكن أن تعطى في المنزل مبينا أن الدور الطبي يكون في حال ظهور أمور فجائية كارتفاع في درجات الحرارة أو التهاب في الجهاز التنفسي أو نزلات معوية لافتا إلى أننا نقوم بالتدخل على الفور حيث تتحسن الحالة بشكل سريع وخلال أيام».
وقال ان هناك أسرا تترك الطفل فترات طويلة في المستشفى ولا يسألون عنهم نهائيا حيث نقوم بالتعاون والتنسيق مع الأخصائيين الاجتماعيين الذين يجرون محاولات للتواصل مع أسرة الطفل لإبلاغهم عن الحالة وأننا في بعض الأحيان نقوم بترخيص الطفل للخروج من المستشفى لكننا نفاجأ بالالتفاف على ذلك وذلك لإدخال الطفل مرة أخرى للمستشفى لإبقائه فيه وعلى النقيض من ذلك هناك أسر تبقى برفقة طفلها. ولفت إلى أن هناك 3 حالات في المستشفى برفقة أمهاتهم ما يشير إلى وجود اهتمام تجاههم حيث يفضلون عدم الذهاب بهم للمنزل حيث يعلمون أن المستشفى لا يقدم شيئا لهؤلاء الأطفال سوى الأجهزة الطبية التعويضية لهم.
كشف مصدر صحي ان معظم المستشفيات اتضح أن لديها حالات لأطفال سفاح أو لقطاء ومجهولي الأبوين ومعظمهم من الجنسيات الآسيوية ويتم ضمهم لطريحي الفراش في المستشفى حيث يوجد في كل مستشفى حالة أو حالتين للقطاء أو مجهولي الأبوين.
وأشار المصدر إلى ان هناك قوانين تنظم ذلك بين وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل يتم بمقتضاها التحفظ على الطفل لعدة شهور أخذ الموافقات اللازمة يتم تحويله لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتي تقوم برعايته.
وأضاف انه بالنسبة لأطفال السفاح والذين تتم ولادتهم في المستشفى فهناك حالات تسلم لأسرهم وحالات يتم رفضها لدواعي اجتماعية وتبقى في المستشفى لفترة طويلة حيث يتم التواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في ذلك.
ولفت إلى ان هناك حالات يحتاج حلها التدخل القضائي مثل اتهام أحد الوالدين ارتكاب قضايا جنائية أوسرقات ويسجن ويبقى الطفل لفترة قد تطول إلى أن يصدر حكم قضائيا ضد أحد والديه.
«الراي» حاولت مرات عدة الحصول على أرقام هواتف بعض أسر وذوي الأطفال المنسيين للتواصل معهم إلا ان أفراد الطاقم الطبي في مستشفى الجهراء زعم أن الأرقام غير متوافرة والبعض الآخر غير داخل في الخدمة وقالوا ان بعض أسر وذوي هؤلاء الأطفال يتعمدون تغيير أرقام هواتفهم لعدم التواصل مع المستشفى.
المصدر : سلمان الغضورى