0 تعليق
1360 المشاهدات

دراسة: علاقة قوية بين تلوث الهواء و”التوحد” عند الأطفال



كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفرد الأمريكية، ونشرتها مجلة (Environmental Health Perspectives) العلمية، عن علاقة قوية بين تلوث الهواء ومتلازمة التوحّد؛ إذ إن استنشاق المرأة الحامل لذرات ملوثة من نوع معين تعيق تطوّر دماغ الجنين، ليصبح مشابهاً لدماغ المصابين بالتوحد، ومن ثم يزيد الاحتمال بأن يولد لها طفل مصاب.

وتعد هذه الدراسة من بين أقوى الدراسات التي كسرت الإجماع بأن التوحّد متلازمة متعلقة بشكل أساسي بالمركب الجيني، أي أنه ليس للبيئة تأثير على ظهور المرض. وإذ قد ألغي هذا الإجماع العلمي، وثبت من خلال أبحاث السنوات الأخيرة أن للبيئة دوراً في ظهور المرض، فيمكن للعلماء من خلال الاستمرار بالبحث التوصل إلى كيفية التخفيف من احتمال الإصابة به عبر إيجاد حلول لمسبباته أو تجنبها.

وتأتي أهمية هذا الاكتشاف على خلفية الإحصاءات الأخيرة التي بيّنت أن ثمة ارتفاعاً في انتشار المتلازمة في السنوات الماضية، يتزامن مع زيادة الصناعة والتلوث البيئي. ويفسر العلماء الزيادة المشار إليها في الإحصاءات إلى ارتفاع الوعي بخصوص المرض بين الناس، وتوجههم أكثر للمختصين، وفتح ملفات طبية رسمية بالحالات. لكن هذ المعطى لا يفسر كل الظاهرة، إذ تتحمل البيئة وتغيراتها وتلوثها جزءاً من تفسيرات زيادة مرض التوحد.

وقام الباحثون خلال الدراسة بفحص العلاقة بين التعرض لملوث هواء ذي جزيئات صغيرة جداً يدعى (PM2.5) خلال فترة الحمل، وبين خطر إصابة الطفل بالتوحد. إذ قاموا بمقارنة 245 طفلاً مصاباً بالتوحد، بـ 1522 طفلاً غير مصاب، وكانوا جميعاً قد ولدوا بين عامي 1990 و2002، وثبت أن أمهاتهم تعرضن لذرات (PM2.5) بدرجات مختلفة. فتبين في نتائج التحليل الإحصائي للمعطيات بأن هناك علاقة قوية بين تلوث الهواء وبين العرضة للإصابة بالتوحد؛ أي كلما كانت الأم تتعرض لملوثات أكثر خلال الحمل، زاد الاحتمال (بالضعف) بأن تلد طفلاً لديه توحد.

ويذكر أن هذه الذرات الملوثة من نوع (PM2.5)، وهو موجود في الهواء بشكل طبيعي، إلا أن التلوث الذي ينتج عن المصانع وعوادم السيارات يساهم في تغيير التركيب الكيميائي لهذه الذرة، ليضم مركبات معدنية ومركبات عضوية مضرة. ومن ثم فإن هذه الذرات الصغيرة جداً تستطيع الدخول إلى الرئة والاندماج في الأوكسجين الخارج إلى الدورة الدموية (وهو ما اتفق عليه العلماء أنه يتسبب بالسرطان)، ويمكن لقسم منها أن ينتقل من الأم إلى الجنين وإلى دماغه الذي في طور النمو.

وينبع الخطر في هذه المرحلة من كون مرحلة نمو دماغ الجنين هي مرحلة حساسة جداً وحرجة، ومن ثم فإن وجود هذا الملوّث – بحسب الدراسة- يتسبب بالتهابات في خلايا الدماغ ويعيق إنتاج الخلايا العصبية وانقسامها وتحركّها لمكانها المناسب في الدماغ، كما أنه قد يتسبب بنمو غير طبيعي لقشرة الدماغ المسؤولة عن النشاط الذهني المعقد.

ويفسر هذا المعطى نتائج أبحاث سابقة بيّنت الفرق في حجم دماغ المصابين بالتوحد وغيرهم من غير المصابين، إلى جانب توافق النتائج مع نتائج أبحاث سابقة أجريت على الحيوانات لبيان تأثير جزيئات (PM2.5) في الدماغ والتركيب الجيني، التي وجدت في حينه أن الذرات الملوثة تسببت بضرر للمادة الوراثية (DNA) وبالتهابات بخلايا الدماغ.

وعليه؛ نستطيع القول إن وجود دور لتصرفات الإنسان في زيادة عدد المصابين بمتلازمة التوحد يعني أن الحل يكمن جزئياً في العمل على تغيير هذا التصرف، أي الحد من بث هذه الملوثات بالجو أو الحرص على عدم تعرض النساء الحوامل لها. وفي هذا السياق يمكننا أن نذكر الانخفاض الحاد جداً الذي طرأ على عدد ولادات الأطفال المصابين بمتلازمة “داون”، الذي أعقب اختراع أجهزة متطورة وفحوصات طبية مبكرة تستطيع التحقق من سلامة الجنين من هذه المتلازمة في الأسابيع الأولى للحمل، مما أدى إلى انخفاض حاد بعدد ولادات الأطفال الحاملين للمتلازمة.

المصدر: جريدة الخليج أون لاين .

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0