من نعم الله الرائعة على الإنسان أن يزرع بين أحشاء الأم جنيناً، وما أن يولد حتى تتفجر عاطفة الأمومة والأبوة، ولكن أنْ تتوج فرحتهم بأن يرزقهم بأطفال خالين من الأمراض، حلم راود عائلة غزية لسنوات طويلة لإنجاب طفل سليم بعد أن أصيبت بمرض وراثي وهو مرض “سانفيليبو” ولديها أطفال مصابون به، إلى أنْ ولدت لها الطفلة “ملك”..
مرض وراثي
عن ذلك، يقول مدير أحد المراكز الطبية للإخصاب وأطفال الأنابيب الذي أشرف على هذه الحالة د. نعيم الشريف: ” المرض المصابة به هذه العائلة وراثي ينجم عن نقص أحد الأنزيمات المحللة في الخلايا، وهذا الإنزيم هو المسؤول عن تخلص الخلايا من بعض المواد التي من المفترض ألا تتراكم في الجسم، وخصوصاً في الخلايا العصبية”.
وأشار إلى أنَّ أعراض هذا المرض تتمثل في تدهور القدرات العقلية للمريض، ويصاحب هذا المرض الخطير العديد من المشاكل الصحية منها، صعوبة النطق، التي تصل لحد البكم في بعض الحالات، وسيولة في اللعاب، ومشاكل سمعية، والتهابات بالجهاز التنفسي، بالإضافة إلى إقعاد تام في بعض الحالات، ويقصر عمر الشخص المصاب به، وفي بعض الحالات لا يتعدى سنه العشرين عاماً.
تشخيص الأجنة
من جانبها أفادت مديرة مختبر الوراثة في المركز الدكتورة أماني عزارة أن كثيراً من المشاكل واجهت العائلة المصابة، حتى تمكنت بعد العديد من السنوات من تحديد نوع الطفرة المسئولة عن المرض، الذي يصيب أطفالها في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة.
وقالت: “إنَّ دورها العملي بدأ منذ لحظة استلام نتيجة تشخيص الطفرة الوراثية”، موضحة أن “الإجراءات العملية بدأت بالتحضير لإجراء عملية أطفال الأنابيب، وهو إخصاب مجهري خارج الرحم للزوجين، وفي اليوم الثالث بعد حقن البويضات، ونجاح عملية الإخصاب، تم أخذ خلية واحدة من كل جنين مكون من أجل الكشف عن الجين المسئول عن المرض”.
وبينت أنه تم استخراج المادة الوراثية لكل خلية(DNA) ومن ثم الكشف عن الجين المسئول عن المرض، وبعد التأكد من النتائج واختيار الأجنة السليمة تم إرجاع أربعة أجنة سليمة لرحم الأم، منوهة إلى أن الحل الطبي لمثل تلك الحالات التي تعاني من أمراض وراثية هو اللجوء لعملية أطفال أنابيب وتطبيق تقنية تشخيص الأجنة وراثياً قبل إرجاعها للرحم.
وعبرت د.عزارة عن سعادتها الغامرة لتمكنها من تحقيق حلم سنوات طويلة قضتها في أروقة البحث العلمي، ليرى جهدها النور بولادة أول طفلة سليمة “ملك”، لعائلة عانت منذ سنوات من مرض أفقدها الشعور بالطمأنينة والراحة.
وناشدت عزارة وزارة الصحة والمؤسسات الراعية للأشخاص من ذوي الإعاقة بالعمل على مساعدة تلك الحالات لأن تكاليف تلك التقنية مرتفعة الثمن.
وعاود الشريف قائلاً: “رغم ضعف الإمكانيات والحصار الشديد، وكثرة المعوقات التي يعيشها، إلا أن هناك العزيمة والقدرة على تحقيق الإنجازات التي تعد بالنسبة لنا كبيرة، مقارنة بالدول المتقدمة التي تتوفر لديها كل الإمكانيات والتمويل اللازم، التي استطاعت تحقيق مثل هذا النجاح منذ سنوات”.
وأكد على ضرورة أن تخصص الحكومات الفلسطينية ميزانية خاصة للبحث العلمي، فهي من أكثر المعوقات التي تواجه هذا القطاع، بالإضافة إلى أن هناك الكثير من المواد التي يحتاجها البحث العلمي ويمنع الاحتلال دخولها، أو يعمل على تأخير وصولها أشهراً عديدة مما يؤدي إلى عدم القدرة على إجراء الفحص الطبي اللازم.
المصدر: هدى الدلو ـ غزة . جريدة: felesteen .