سددت الشابة الكفيفة رقية عجاج، ضربة قوية في وجه مَنْ يسخر من إمكانات المعاق، بعد أن حققت المرتبة 16 في جائزة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة التابع لجامعة الدول العربية في مجال الإعلام، التي يقدمها المجلس سنوياً منذ عام 2006م، للشباب العربي المتميزين، الذين يسهمون في إثراء الساحة العربية بتميزهم وإبداعاتهم داخل أوطانهم.
عجاج هي أول مواطنة إعلامية كفيفة، تخرجت في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وهي سعيدة جداً لأن مشاريعها الموجهة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة لاقت صوتاً وقبولاً، لافتةُ إلى أنها اختارت الإعلام لإيصال صوتها وصوت جميع المكفوفين للعالم بواسطة العلم ووسائل التكنولوجيا الحديثة، فهي حالياً طالبة ماجستير مبتعثة للولايات المتحدة الأمريكية، تسعى من خلال دراستها «الإعلام لذوي الاحتياجات الخاصة»، إلى تغير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة دون مبالغة أو انتهاكٍ لحقوقهم، وتوضيح حقوقهم في المجتمع، مشيرةً إلى أن ذوي الإعاقة يعانون في المجتمع، والسبب الرئيس في هذه المعاناة هو غياب الثقافة الواعية بحقوقهم، وغياب دور الإعلام الواعي.
وأوضحت عجاج أن شقيقتها الكبرى هي مَنْ سجلتها في جائزة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة التابع لجامعة الدول العربية، دون أن تعلم، وأرفقت سيرتها الذاتية التي تضمنت أهم أعمالها الإعلامية التي قدمتها خلال سنواتها الدراسية في الجامعة الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة، بهدف إخراجهم من عالمهم المتقوقع إلى عالم آخر دون مساعدة الآخرين، أولها «تقنية بلا حدود»، وعمل مشترك آخر مع قسم الأحياء ضمن معرض اليوم العالمي للمكفوفين، والثالث مشروع التخرج، وهو عبارة عن برنامج تليفزيوني توعوي، بعنوان «ذوي التحديات البصرية»، وفكرة البرنامج أن يكون جميع طاقم العمل مكفوفين، عدا المصور، فهو المبصر الوحيد.
وذكرت أن جميع أعمالها المقدمة كانت جهوداً شخصية ومن مكافأتها الخاصة، ومشروعها « تقنية بلا حدود»، كان تحدياً لأحد أعضاء هيئة التدريس، الذي كان يراها شخص عاجز ويوكل لها أعمالاً خفيفة تناسب وضعها، مع أنها تستطيع أن تنجز جميع أعمالها كأي مبصر آخر.
وعن سبب اختيارها قسم الإعلام، تبين عجاج أنها أرادت منذ تخرجها في الثانوية أن تختار تخصصاً غير مألوف في فئتها وشيئاً مميزاً يميزها عن قريناتها؛ لأن جميع زميلاتها المكفوفات أخترن تخصصات تقليدية؛ كعلم النفس واللغة العربية.
وكانت ترغب في تخصص إدارة أعمال، ولكن إدارة القسم لم تكن ترغب كثيراً في التحاقها به، نظراً للعراقيل التي وضعوها أمامها، ككتابة تعهد بأنها المسؤولة المباشرة عن أي شيءٍ تحتاج إليه من كتب ونحوها، إلى أن اختارت قسم الصحافة والإعلام الذي صادف افتتاحه في الجامعة، وقُبلت بمساعدة أحد أعضاء هيئة التدريس.
وبيَّنت عجاج أنها كانت دائماً صوتاً لزميلاتها المكفوفات في الجامعة، وعملت عدة حملات توعوية هدفها ضمان حقوق ذوي الإعاقة «كطلاب» أسوة بالطلبة المبصرين، في توفير المناخ الملائم لإقحامهم في العملية الإنمائية بالمجتمع ومساعدتهم على النجاح في التعليم بمختلف شعبه.
وعن إعاقتها، تقول: أنا مصابة بالتهاب الشبكة الصباغي، سببه مرض وراثي ناتج عن تزاوج الأقارب، وهو تصبغات تصيب قاع العين، مؤدية إلى فقد البصر بشكل تدريجي، كلما تقدم الإنسان في العمر، وكنتُ أستخدم مكبرات سابقاً لتساعدني على القراءة.
ويبدو أن عجاج فتاة لا تستسلم إلى الإعاقة؛ فقد قررت أن تستخدم العصا البيضاء، ليكون لها بذلك جدولها الخاص بها، الذي سبقه الانضمام لدورة تشرح طريقة استخدام العصا، لمدة شهرين، تقول إنها أحست بالفارق الكبير والنظرة المختلفة سواء من نفسها، أو من المجتمع، وأعطتها ثقة أكبر، وأصبحت لها شخصيتها دون الاعتماد على الآخرين.وتشدد على أنها لا تحبذ المعاملة الخاصة، إلا في حال لو طلبت هي ذلك لإنجاز بعض الأمور، مشيرةً إلى أن الكفيف له قدرات خاصة، وحاسة السمع واللمس لديه أقوى من المبصر.
المصدر: معصومة المقرقش . جريدة: الشرق .