0 تعليق
450 المشاهدات

إعاقة «خالد» مصدر سعادة لأسرته



■ هل سمعت يوماً أن أحد المعاقين ارتكب جريمة؟
وهل تنامى إلى مسامعك ان واحداً من فئة متلازمة الداون دخل سجناً؟
وهل علمت يوماً أن شخصاً يعاني التوحد أقدم على عمل مشين واستحق ان يتهم بالاجرام؟
إذا لم يكن كذلك حال المعاقين فمعظم المساجين من الأصحاء، ولهذا استحق ان يكون خالد بادي الدوسري «وجها في الأحداث».
■ خالد واحد من فئة يقدر عددها بحوالي عشرة آلاف من الذين يصنفون بفئة متلازمة الداون في الكويت، أي اصحاب الاعاقات الذهنية وهم شريحة كبيرة بخلاف فئة التوحد وفئة بطيئي التعلم، ووفقاً للارقام المتداولة هناك ما نسبته من 2 إلى %3 من الاعاقات الذهنية من مجموع السكان الذين يعيشون في الكويت.
■ خالد مصدر سعادة لوالده وأسرته، غيابه يترك حسرة، أهله يفتقدونه، وجوده يزيد التلاحم في عائلته، يرفع منسوب العاطفة بينهم، تزداد المحبة بينهم، يجعلهم أكثر تماسكاً ويخلق الالفة بين بعضهم، هكذا تنصت للوالد وهو يتحدث عن ابنه خالد.
■ أكثر ما يؤلم والد خالد أن ينأى المجتمع بنفسه عنهم، فهؤلاء بشر ومواطنون، كل ما يطلبه ان يمارسوا حقهم بالاكل واختيار الملابس والذهاب للسوق والجلوس مع اصدقائهم في المقهى وممارسة الرياضة وفوق هذا حقهم بالعمل، ليس عطفاً ولا منة، بل حق من حقوقهم.
■ خالد والفئة التي ينتمي إليها، لديهم مواهب وقدرات تحتاج فقط إلى من يطلقها ويأخذ بيدها وتعطى لها الفرصة، فقد أصبح بمقدوره اليوم أن يذهب للأفنيوز ويلتقي أصحابه بستار بوكس ويقصد الخياط، ويحمل بطاقة بنك ويذهب للجمعية التعاونية لشراء الأغراض.. ولم يكن ليتحقق هذا لولا تضحيات وجهود أسرته وعلى رأسهم والده بالدرجة الأولى.
■ نحن من يجب ان يقدم الاعتذار لهم، يقصد والده، الأسرة والمجتمع، على ما بدر منا من تصرفات تجاههم، اخذنا منهم ولم نعطهم، تحملونا وتعايشوا معنا، ولهذا علينا ان نخجل منهم ومن انفسنا.. تلك هي خلاصة تجربة بادي بجاد الدوسري مع ابنه خالد.. هو أضاف لوالده الكثير، قلب حياته رأساً على عقب، جعله يتعلم التصوير والكمبيوتر وكتابة المقالات، أدخله في مرحلة تحد مع نفسه ومع المجتمع.
■ صرخة من الأعماق يطلقها أبو خالد بوجه الاصحاء وهو واحد منهم، كيف تجرأنا ان نأخذ حقوق هذه الفئة دون ان نخجل من انفسنا؟ فقد آن الأوان لنعيد الحق لأصحابه وان نصحح أخطاء ارتكبناها بجهل أو بغير قصد، فعلى المجتمع ان يعيدهم إلى بيئتهم وجنسهم وطبيعتهم مثل باقي البشر.
■ من أكثر الداعين لالغاء مراكز الايواء، فمن يقبل على ابنه او ابنته وأولاده ان يعيشوا في مراكز ايواء فمعنى ذلك ان هذا الشخص تنصل من تربيته ودينه وتقاليده الشرقية، فهو يرى وجوب تأسيس صف ثان من كل بيت حماية لهم، والا سيكون مصيرهم العيش بالشؤون أو بالشارع وهذا ما لا يرضاه.
■ كان عمره 11 سنة عندما اشترك في اول بطولة خليجية ممثلاً الكويت ليحصد 3 ميداليات كانت كفيلة بأن تدخل السعادة والفخر إلى نفسية والده الذي دفعه لاكمال المسيرة والعطاء، فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وبطولة قطر، كانت هي البداية والانطلاق.
■ إنجازات خالد جعلت والده من الأقوياء، فقد سجل اسمه كأصغر غواص على مستوى العالم من فئة الداون بعد ان حصل على اجازة دولية من أميركا ونال أكثر من 25 ميدالية فضية وذهبية بمشاركات على المستويات المحلية والاقليمية والدولية.
■ يشبهه والده بالنحلة، عندما تحوم حول الملكة، لديه مشاعر طبيعية وإنسانية لا يقدرها الا من يعايشها، يحتاج فقط إلى البيئة المناسبة، اذا مرض احدهم تجده بجانبه يسأل عنه، يدور حوله، لا يتركه إلا بعد الشفاء، فئة تتمتع بقدر عال من اللطف وهذا ما يجعل لسان حال والده قائلاً «لا تتركوا امر تربيتهم على الخدم.. خذوا بيدهم».
■ كان لدى الوالد تخوف كبير من عدم تأقلم خالد مع اجواء رحلة الأمل وركوب «اللنج» في البحر، لكنه سرعان ما تكيف مع الجو هو ورفاقه، مشعل جاسم الرشيد ومحمد سامي الحجي وبرفقة المدرب والمتطوع خالد عبدالوهاب العصفور وقيادة جاسم الرشيد الذي بذل جهوداً مضنية وعلى مدى سنوات لاتمام الرحلة.
■ رحلة الأمل حملت رسالة لفتت أنظار العالم مفادها ان فئة المعاقين تحتاج إلى فعل وتفهم وممارسات تشعرهم بآدميتهم وتعيد لهم حقوقهم وهذا ما تحقق عبر رحلة بحرية بدأت من الأول من مايو 2014 وانتهت يوم الاول من ديسمبر، ولمدة استمرت سبعة اشهر زارت 41 ميناءً، و21 دولة
■ مازالت الفجوة قائمة بين المجتمع وبين القوانين والتشريعات التي صدرت بخصوص المعاقين.. هناك تقدم على مستوى القوانين والهيئات في الوقت الذي بقي المجتمع على حاله دون أن يتورط او يخطو باتجاه التعايش الطبيعي معهم.
■ أهمية حالة خالد ان والده لم يصب بالخجل أو السكوت من جراء كون ابنه يعاني الاعاقة الذهنية، بل كان ذلك بمنزلة نقطة تحول في حياته جعله يتجه الى عالم آخر لم يكن في الحسبان، شعر انه لابد من الوقوف مع خالد، اتفق مع والدته الا ينجبا اطفالاً الا بعد سبع سنوات، وهذا ما حصل، حيث انعم الله عليه بثلاثة أبناء.
■ لم يكن لدى والد خالد خيار آخر، عندما ابلغه الطبيب بما يعانيه ابنه وكان عمر الوالد لا يتجاوز الــ22 عاما، صار يقرأ، يذهب للمكتبات يطالع النت، لكي يقف على حقيقة المرض، وفي النهاية اضاف إليه الكثير وان بقيت المعاناة مع المجتمع بشكل عام قائمة.
■ من أروع المشاريع الحكومية بتعليم فئة المعاقين كانت عملية الدمج بالتربية، مناهج مبسطة، الاصحاء والمعاقون يستفيدون بعكس ما تعرض له في التربية الخاصة، وهو ما دفع الوالد الى نقله الى مدرسة المعرفة النموذجية لمدة 3 سنوات. المهم ان خالدا واجه مشاكل بالتأهيل في المدارس الحكومية مما اضطر والده لادخاله الى مدرسة النبراس الدولية التي تديرها د. نورة الظاهري، وأتم فيها مرحلة اساسية من التعليم والتأهيل، يبقى ان مشكلته اليوم ومع تقدم العمر لدى خالد هي البحث عن وظيفة وعمل لانه غير قادر ان يتكفل بتأهيله بعدما بلغ سن الــ21 سنة، والتي تصل تكاليف التعليم إلى حوالي 6 آلاف دينار في السنة!

السيرة الذاتية
• خالد بادي الدوسري.
• مواليد 1994/1/4.
• تنقل بين عدة مدارس خاصة وحكومية منها مدرسة المعرفة النموذجية ومدرسة النبراس.
• يمارس هواية التصوير بالكاميرا والتمثيل على المسرح.
• أصغر غواص على مستوى العالم من فئة متلازمة الداون.
• شارك في رحلة الأمل التي أبحرت من الكويت واستغرقت سبعة أشهر وزارت 46 ميناء و20 دولة.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4153 0
خالد العرافة
2017/07/05 4693 0