قبل تحدي دلو الثلج، كان معظم الأميركيين يعرف داء التصلب الجانبي الضموري باسم «لو غيرغ»، إشارة إلى لاعب فريق يانكيز في نيويورك الذي كان أول مَن أسهم في نشر الوعي عن الداء، عندما اضطر إلى التخلي عن لعبة كرة القاعدة عام 1939. وأسهم فيلمThe Pride of Yankees المبكي لغاري كوبر عام 1942 في توسيع الوعي حول العالم، إلا أنه لم ينجح في تصوير مدى خطورة المرض.
ولكن يتناول فيلمان جديدان مهمان،The Theory of Everything وYou’re Not You، هذا الداء. هكذا يحصل محبو الأفلام على صورة أوضح عن تأثير هذا الداء في الخلايا العصبية في الدماغ والنخاع الشوكي، معطلاً في النهاية القدرة على التحكم في العضلات، ما يؤدي إلى شلل المرضى بالكامل فيما يبقى دماغهم متيقظاً في معظم الحالات.
كانت هذه حال أحد أبرز هؤلاء المرضى، عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ، الذي تعايش مع هذا الداء الحركي العصبي طوال أكثر من 50 عاماً (مع أن متوسط أمد الحياة المتوقع في معظم حالات مرضى التصلب الجانبي الضموري يتراوح من سنتين إلى خمس سنوات تقريباً).
يتناول فيلم The Theory of Everything نضال هوكينغ. أمضى بطله، إدي ريدماين، أشهراً يحاول تحديد السبيل الأفضل إلى تصوير هوكينغ جسدياً، علماً أن هذا العالِم يستخدم اليوم كرسياً مدولباً وجهاز نطق للتواصل مع محيطه. وفي فيلم You’re Not You تؤدي هيلاري سوانك دور عازفة بيانو يشخص الأطباء إصابتها بالداء نفسه وتقيم علاقة صداقة غير متوقعة مع الشابة التي تتولى رعايتها.
تمحور أكثر الأفلام تأثيراً وحزناً حول المرض (الإيدز في Philadelphia، الألزهايمر فيThe Notebook، والسرطان فيThe Fault in Our Stars). ولكن لم يتناول أي فيلم في هوليوود بعد The Pride of Yankees مرض التصلب الجانبي الضموري. ويعود ذلك في جزء منه إلى أنه نادر نسبياً.
من الصعب نقل تفاصيل الداء على شاشة السينما. مثلاً يعاني معظم المرضى تغييرات في القدرة الصوتية، على غرار رايدر.
يقول جيمس مارش، مخرج The Theory of Everything: {تصوير المرض صعب، فهو يتقدم تدريجاً، وقلما يكون التطور ثابتاً. ينتقل المريض من قادر جسدياً إلى عاجز بالكامل. لذلك من الصعب تصوير ذلك بطريقة مقنعة}.
أمضى ريدماين (32 سنة) أربعة أشهر قبل بدء الإنتاج مع مصمم رقص لتصوير عجز هوكينغ عن الحركة. كذلك استعان مدرب على اللفظ كي يتقن التقطع في صوته. وشاهد أفلاماً من الأرشيف وتأمل صور زفاف هذا العالم عام 1965 لرؤية كيف كان هوكينغ يحمل عكازين. وبما أن الفيلم لم يصوَّر وفق الترتيب الزمني، قرر ريدماين إعداد ما وصفه مارش بـ}الجدول الشامل} الذي يفصل مختلف مراحل مرض هوكينغ وما كان وضعه الجسدي خلال كل مرحلة.
صحيح أن هوكينغ اطلع على النص قبل بدء الإنتاج (استند إلى كتابTraveling to Infinity: My Life With Stephen الذي وضعته زوجته السابقة جاين)، إلا أنه لم يشارك في إعداد الفيلم. لكنه أعار مارش بعض معداته وأغراضه (بما فيها ميدالية تلقاها من ملكة إنكلترا)، وسمح له باستخدام صوته الفعلي عبر جهاز الكلام.
يشير المخرج: {حصلنا على بركته، وهذا ما رغبنا فيه بالتأكيد. وعندما عرضنا الفيلم على ستيفن، قال إنه يظن أنه ينظر إلى نفسه. ولا شك في أن هذا أكبر مديح قد نناله. يشمل تصوير فيلم مماثل الكثير من التواضع. نستيقظ كل يوم ونحن ممتنون لأننا نتمتع بكامل مقدراتنا الجسدية. بدل الفيلم نظرتنا إلى المرض وما يرافقه من عجز}.
لا شك في أن قصة هوكينغ ملهمة: فقد تخطى عقبات مخيفة، مقدماً في الوقت عينه مساهمات كبيرة في عالم العلم، ولعل أبرزها كتاب A Brief History of Time عام 1988. أما سوانك، بصفتها منتجة You’re Not You وبطلته، فقد واجهت مقاومة من الممولين الذين ترددوا في دعم فيلم عن مريضة تعاني التصلب الجانبي الضموري وحالتها أكثر سوءاً من هوكينغ.
تخبر الممثلة (40 سنة): {ردد الجميع عبارات مثل {فيلم عن مرض؟ لا يبدو مثيراً للاهتمام}. فمن الصعب إعداد أي فيلم يدور حول الموت، إلا أنني أشعر أن من واجبنا كممثلين تصوير الحياة، وهذه هي حقيقة الحياة. هذا الواقع، الذي يصبح اليوم أكثر انتشاراً}.
تضيف سوانك: {لم يتردد كثيرون في مشاطرتنا قصتهم مع الداء، وبعضهم حتى يوم مماته. ولم يقل أي منهم: كلا، هذه حياتي الشخصية. بل سمعنا منهم دوماً عبارات مثل: أرجوكم، لنعزز الوعي. استخدموني بالطريقة التي ترونها مناسبة».
كانت هذه وجهة نظر رايدر أيضاً، مع أن هذه النظرة تبدو لها غير مألوفة بعض الشيء لأنها اعتادت دوماً أن يكون عملاؤها لا هي محط الأضواء. شكلت رايدر إحدى الشخصيات البارزة في هوليوود. عملت مع ليوناردو دي كابريو، روبرت داوني جونيور، وسارا جيسيكا باركر. لكنها اضطرت في شهر أغسطس إلى التنحي عن منصبها على رأس BWR Public Relations، الشركة التي شاركت في تأسيسها قبل ثلاثة عقود تقريباً. وتبنت أخيراً دورها بين المروجين لأبحاث مرض التصلب الجانبي الضموري، مرتديةً قميص «فريق نانسي» مع عشرات من زملائها الجدد خلال مسيرة لجمع التبرعات، شاركت فيها أيضاً زيلويغر، التي جمعت 14 ألف دولار، وصديقتها المقربة ريس ويزرسبون.
تذكر رايدر: «رينيه وريس شخصيتان نادرتان. أنا محظوظة لأنهما تقفان إلى جانبي، لا بطريقة رمزية بل فعلية، محاولتين تعزيز الزخم الذي ولده تحدي دلو الثلج». وتتابع: «أسر بالتأكيد في مشاطرة تجربتي الشخصية. ولكن ما زال من الصعب علي ومن المخيف أن أتطلع إلى المستقبل. أستمد العزاء الكبير من مثال مايكل جي. فوكس الذي حقق إنجازات كبيرة في مجتمع الباركنسون. لم ينظر إلى الوراء مطلقاً ويقُل: لمَ أنا؟. أعتقد أنني توصلت إلى تقبل حالتي: لمَ شخص آخر؟».