0 تعليق
408 المشاهدات

قاهر الإعاقة.. وفاقدو اللباقة !!



إنه الثالث من ديسمير.. يوم لا ينبهني لحدث بقدر ما يذكرني بشخوص أمطرونا إبداعا، وكانوا في ذات الوقت لأنفسهم مظلة إرادة تقيهم أوجاع التمييز والإهمال وتثبيط الهمم. لا أحبذ تسميته باليوم العالمي للمعاقين بل اعتبره تاريخا يمثل إحياء للأمل لذوي الاحتياجات الخاصة.

كيف لا يكون كذلك وموسيقى الألماني بيتهوفن لا تزال تصدح في كل أرجاء العالم رغم إصابته بالصمم في العقد الثالث من عمره، وقد قال الرجل يوما “يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه.. يدفعني هذا إلى اليأس، لكن الفن وحده هو الذي منع عني ذلك”.

فقد بيتهوفن إذن الشيء وقرر أن يعطيه، فأسمع مقطوعاته للأجيال القادمة حتى بات له فضل كبير في تطوير الموسيقى الكلاسيكية.

من منا لم يجلس تحت ضوء ليلة قمرية ولم يدندن يا “مسهرني”.. واحدة من أجمل أغنيات الست أم كلثوم قام بتلحينها مبدع “ضرير” هو سيد مكاوي، والذي قدم أعمالا مبهرة أضحت من التراث الفني المصري، ليثبت أنه صاحب بصيرة نافذة.

العالم لم ولن ينسى المبدعين الذين تحدوا الإعاقة فمن رحل منهم ترك خلفه إرثا من عطاء لا يغيب بعد رحيل أجسادهم، فمن لا يعرف عميد الأدب العربي طه حسين، والأديبة الأميركية المعجزة هيلين كيلر، ومن لا يذكر ملحمتي الإلياذة والأوديسة للشاعر اليوناني هوميروس.

وقائمة المبدعين من “ذوي الإعاقة” تطول ولا تكفي المساحة هنا لذكرهم كلهم، لكني على الأقل أدرك أن العالم نفسه مجنون ومتناقض فهو يتناسى الكثير من المبدعين الذين لم يلقوا نصيبا من الصيت والشهرة، وها هم يقبعون وراء أسوار الإعاقة لا لشيء سوى أن هناك من كان يغلق أبواب الفرص أمامهم عندما يحاولون صنع حظهم بأنفسهم.

وهنا كانت قصة من تراب بلادي حيث جنوب الوادي عن الطيب السماني الشيخ، أحد رجالات وطني المخلصين الذي كان ضابطا في القوات المسلحة السودانية واٌصيب برصاصة خلال تأديته لواجبه أحدثت شقا بالنخاع الشوكي، فسببت شللا نصفيا له.

لكن الإصابة لم تنل من عزيمته، فقرر دراسة القانون وسافر لتلقي العلاج في روسيا مجريا عمليتين جراحيتين لم تنجح أي منهما لكن قاوم وعمل وواصل في دراسة القانون حتى تعلم اللغة الروسية، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه ثم انتقل للمملكة العربية السعودية حيث وجد فرصة عمل في المركز العالمي الإسلامي للإعاقة.

ثم أعاده الشوق إلى بلاده محاولا العطاء لما اكتسبه من خبرات إذ ساعد في إدخال رياضة المعاقين إلى البلد الأسمر، كما أسس الجمعية السودانية لرعاية وتأهيل المعاقين.

وكانت له كثير من الإسهامات لصالح ذوي الإعاقة حتى عمل مستشارا لوزارة العدل، لكنه وبعد أن شعر- كما يقول- بـ”حرمانه من حقه في الترقي الوظيفي بسبب إعاقته” استقال من منصبه.

وقال الطيب: “كنت أود مواصلة حياتي بصورة طبيعية غير أن هناك من تسبب في إيلامي بدلا من تشجيعي”

قصة الطيب ليست الوحيدة، فهو نموذج من نحو مليار شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، ما يمثل 15% من سكان الأرض بحسب منظمة الصحة العالمية، و80% منهم يعيشون في الدول النامية وهذه النسبة الكبيرة قد تكون كافية لسرد واقع يتمثل في افتقارهم لأبسط حقوقهم من تساوي الفرص وتفعيل القوانين الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة والتي تتيح لهم فرصا أفصل وحقا في الحياة كغيرهم دون تمييز وتقيهم جهل فاقدي اللباقة و المعرفة بأبجديات الحقوق ألا وهي حق الفرد في أن يعيش كإنسان له حقوق وعليه واجبات..!

أخيرا، كل عام وكل “ذوي الاحتياجات الخاصة” جزء لا يتجزأ من مجتمعاتنا.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4153 0
خالد العرافة
2017/07/05 4693 0