قانونيون على ورق … طاقات وإبداعات مهمشة وتهميش لمتميزين في القانون ودارسين للتشريعات، وكفاءات مجمدة، وطاقات مهدرة لقانونيين شباب. هذه هي حال العديد من المكفوفين الذين بحملون شهادات جامعية في القانون لكنهم عاطلون عن العمل، ومحرومون من الحصول على رخصة لمزاولة المحاماة المهن القانونية.
القبس التقت متفوقين من أبناء الكويت الحاصلين على شهادات عليا في القانون رغم أنهم من ذوي الإعاقة البصرية وباحوا بمعاناتهم بسبب الروتين والقرارات «المعاقة» على حد قولهم مما يحرمهم حقهم في الحصول على رخصة لمزاولة المهنة القانونية بمختلف تخصصاتها وأقسامها.
وأبدت هنادي النعماني وهي أول خريجة حقوق من فئة المكفوفين، أسفها من تهميش المجتمع لقدراتهم وحقوقهم رغم أن سلاح المحامي هو لسانه وقدراته وليس بصره حسب قولها، مطالبة جمعية المحامين بمنحهم الرخصة لمزاولة المهنة القانونية امتثالا بأقرانهم المبصرين. وعن رؤيتها لمدى تقبل المجتمع لفكرة القانوني الكفيف، قالت النعماني «طبيعة اي مجتمع هي عدم تقبل الظواهر الجديدة في بدايتها وبمرور الوقت يتحول الظاهر الى امر واقعي وفكرة مقبولة»، مشيرة الى ان اجمالي عدد خريجي كلية الحقوق بجامعة الكويت من ذوي الاعاقة البصرية بلغ قرابة ستة قانونيين.
وأضافت: نحتاج الى منحنا الفرصة لإثبات وجودنا وذاتنا وتعزيز قدراتنا وامكاناتنا».
أما خالد كاكولي فاعتبر أن المجلس الطبي يمثل عقبة في طريق توظيف المعاقين، ولاسيما المكفوفين من ناحية الإجراءات الروتينية.
ودعا جهات الدولة إلى احتواء طاقات المكفوفين والاستفادة منها فيما يخدم المجتمع، مؤكداً أن المجلس الطبي يمثل عقبة في طريق توظيف المعاقين ولاسيما المكفوفين من ناحية الإجراءات الروتينية.
كاكولي: تفوقنا في القانون.. والجهات المختصة لا تبصر كفاءتنا
موسى خالد كاكولي «كفيف»، وهو احد خريجي كلية الحقوق – جامعة الكويت منذ عام، منتقداً واقع توظيف ذوي الاعاقة، لا سيما المكفوفين، حيث ان مجالات الفرص الوظيفية بالنسبة إليهم محدودة في إطار التدريس والأعمال الإدارية، بغض النظر عن مؤهلاتهم العلمية وتخصصاتهم.
مسيرة
وتحدث كاكولي عن مسيرته التعليمية، لافتاً إلى انه درس في معاهد التربية الخاصة لمدة 12 عاماً، من ضمنها عامان في مدارس التعليم العام، غير أنه فضل مواصلة دراسته في التربية الخاصة لأن أصدقاءه يدرسون فيها وليس بسبب صعوبات تعترضه، إلى أن انهى عامه الدراسي في المرحلة الثانوية والذي توج بتكريمه، كونه الاول على دفعة ذوي الاعاقة ومن ثم التحق بجامعة الكويت – قسم التاريخ.
عاشق للقانون
ومضى بالقول: نظرا لطبيعتي وحبي للتجديد وعدم التقليدية وعدم شعوري بالرضا التام في دراسة التاريخ، حولت الى مجال القانون لعشقي له من خلال متابعتي للبرامج الإذاعية والتلفزيونية، وفي الوقت ذاته، انتابني شعور بالتردد لعدم وجود محاولات سابقة في هذا المجال، ومع ذلك وجدت انني لا بد أن أخوض هذه التجربة، لا سيما في ظل وجود القانون، مردفاً بالقول «وبالفعل التحقت بكلية الحقوق، ووضعت هدف التفوق نصب عيني، الى ان تخرجت بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وتم تكريمي للمرة الثانية».
ورغم الصعوبات الدراسية التي تواجه ذوي الاعاقة البصرية من حيث عدم توافر الكتب بلغة برايل، الامر الذي يضطرهم الى طباعتها من جديد، وعدم توافر الأجهزة التعويضية الحديثة لذوي الاعاقة البصرية نظرا لكلفتها المرتفعة، حيث انها تعينهم على الاطلاع على المستندات والأبحاث، فإن ذلك الأمر لم يثن كاكولي عن تحقيق طموحه وبلوغه أعلى مراتب التفوق الجامعي، حيث حصل على الترتيب الخامس على مستوى الذكور والـ ١٢ على مستوى دفعته لعام 2013، وهو الكفيف الوحيد فيها.
دورات
وزاد بالقول: التحقت بعد التخرج الجامعي بدورة تدريبية لحديثي التخرج نظمتها مؤسسة التأمينات الاجتماعية لمدة سبعة أشهر لتدريب القانونيين في شتى المجالات (وكان لها راتب وحوافز) وكانت بمنزلة تدريب فقط وليس تعيينا، مشيراً الى طموحه الشخصي للعمل كمحامي دولة في الفتوى والتشريع، حيث أعلنت وزارة العدل عن حاجتها إلى باحثين قانونيين لتعينهم في منصب وكيل نيابة، وبناء على ذلك تقدمت بطلب لهذه الوظيفة وتم قبول أوراقي.
مخالفة القوانين
وأضاف: وانتظرت 3 أشهر إلى أن تلقيت اتصالا لإجراء اختبار قبل التعيين، وذهبت بالفعل، غير انني فوجئت بقرار استبعادي بحجة اعاقتي البصرية وان الوظيفة ليست عادية، وفق قولهم، لافتا الى مخالفة هذا القرار القوانين والدستور الذي ينص على أن العدل والمساواة والحرية دعامات المجتمع فضلاً عن كونه يكفل مبدأ تكافؤ الفرص.
هنادي العماني: محاميان رفضا تدريبي بسبب إعاقتي البصرية!
هنادي العماني، هي أول كفيفة خليجية تخرجت في كلية الحقوق، حيث حصلت على مسمى «باحث قانوني وإداري»، غير أنها لم تحصل على فرصتها لممارسة المهنة.
وروت العماني جانباً من معاناتها ومحاولاتها الحثيثة في سبيل الالتحاق بالسلك القانوني، وقالت «عقب حصولي على ليسانس الحقوق من جامعة الكويت، حاولت الحصول على فرصة للتدريب عند اثنين من المحامين لمدة اسبوع، غير انهما رفضا مواصلة مسيرتي بسبب اعاقتي البصرية، ومن ثم قبلت في ادارة وزارة التربية الخاصة للعمل في وظيفة باحث قانوني وإداري.
وتابعت: حاولت بشتى الطرق للعمل في مجال تخصصي، غير أن الأبواب أغلقت ولم أجد مجالا لتحقيق هدفي، مشيرة إلى أن رئيس الخدمة المدنية آنذاك (عبدالعزيز الزبن) استدعاها للعمل في الشؤون القانونية بمرافقة سكرتيرة، كما استدعاني وزير التربية آنذاك المرحوم احمد الربعي للعمل في ادارة التربية الخاصة للعمل في مجال تخصصي، بعد افتتاح قسم للشؤون القانونية الذي كان مقرراً إنشاؤه، وبالفعل قمت بإنجاز الإجراءات المطلوبة للتعيين، وعندما التقيت مدير ادارة التربية الخاصة اقترح علي العمل في مهنة التدريس بشرط بقائي على مسماي كباحثة فقط.
وأضافت: وتوظفت بالفعل في التربية الخاصة، وتم إسناد بعض المهام البسيطة إليَّ، ورغم قدراتي فانهم لم يثقوا بها، ولم يفتتح مجال للشؤون القانونية وفق ما تم تبليغي به.
وزادت بالقول «عينت في ادارة التربية الخاصة عام 1992، ومن ثم التحقت بمطبعة النور لطباعة الكتب بطريقة برايل عام 1995، وحصلت على عدة دورات تدريبية في مجال الكمبيوتر في الدول الأوروبية، وتحولت مهنتي من المحاماة إلى عالم برمجة الكمبيوتر، الى ان أصبحت رئيسة المطبعة عام 2000، حيث أبدعت في مجال الكمبيوتر، وتحول المكفوف في تلك الفترة من شخص مهمش في المطبعة الى آخر يمكن الاعتماد عليه، ومن ثم تقاعدت عام 2011».
وتحدثت العماني عن جهودها المبذولة ومحاولاتها غير المجدية في سبيل حصولها على رخصة لمزاولة المهنة القانونية، حيث لم تسنح لها الفرصة للحصول عليها، لكونها موظفة حكومية في التربية الخاصة، وأثناء وظيفتها على رأس عملها في التربية الخاصة نزل كادر القانونيين ومسماه «باحث قانوني» حيث رفضوا منحها الكادر القانوني لعدم ممارسة المهنة القانونية، كما رفضوا منحها الفرصة للعمل في هذا المجال نظرا لإعاقتها البصرية.
رخصة المحامين
واسترسلت بالقول «عقب التقاعد مؤخراً، تقدمت لجمعية المحامين بطلب رخصة لمزاولة المهنة، لكنهم رفضوا في البداية بسبب ظروفي الصحية، حسب تعليلهم، وحاولت مقابلة احد المسؤولين هناك وشرحت له قضيتي، ووافق في نهاية المطاف على منحي الكتاب، وطلب مني إنهاء الإجراءات وبالفعل تم ذلك، لكن حتى الآن لم احصل على الكتاب النهائي للحصول على الرخصة بعد أداء القسم».
الإماراتية منار الحمادي
أول كفيفة في إدارة قضايا الدولة
درست الإماراتية الكفيفة منار الحمادي القانون وتخرجت في عام 2007 في جامعة الشارقة، لتعين بعدها بوظيفة محام اول بادارة قضايا الدولة بمحكمة الشارقة ونجحت في كسب كل القضايا التي تولتها في الدفاع عن الدولة، لتنال بعدها وسام رئيس مجلس الوزراء لفئة الموظفين المتميزين الجدد بعد تكريمها من القيادة السياسية.
أثبتت نجاحا اخر في عملها التطوعي من خلال عضويتها بجمعية الامارات لرعاية المكفوفين من خلال مناصرة قضايا ذوي الاعاقة والمكفوفين بهدف افساح المجال لهم في الحياة العامة في إطار من العدالة والضمان لحقوقهم.
ابتعاث المكفوفين
بعض دول الخليج تبتعث مجموعة من أبنائها المكفوفين على نفقتها للدراسة في كلية
royal national college for the blind
الخاصة بالمكفوفين في إنكلترا، ومدة الكورس 6 أشهر لتعليم لغة برمجة الحاسب الآلي، وتعلم المهارات الحركية، واستخدام العصا البيضاء، لتأهيلهم في تنمية قدراتهم في الاعتماد على أنفسهم من دون مساعدة من الآخرين، ومن ثم يقومون بتعليم غيرهم.
في الكويت، وبسبب عدم تأهيلهم نجدهم لا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، ويعزلون عن المجتمع ومن إظهار إمكاناتهم.
فلماذا لا تقوم الكويت بدور مماثل وابتعاث بعض أبنائها في هذه الكلية؟
استفيدوا منا في النيابات
لفت موسى كاكولي إلى عدم وجود شرط لقانون تنظيم القضاء يمنع تولي ذوي الاعاقة الوظيفة، معتبرا ان القرار مخالف لقانون المعاقين والتي تنص على تعيين %4 من ذوي العلاقة في جهات الدولة الحكومية والنفط، الى جانب مخالفتها للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة والمصدقة عليها من قبل الكويت.
.. ونايف الخربوش
أول محامٍ سعودي من المكفوفين
في يوم ما سأحصل على الدكتوراه في القانون.. جملة دائما يرددها نايف الخربوش أول مواطن سعودي كفيف يحصل على رخصة من السلطات القضائية بممارسة مهنة المحاماة، وقد بدأ بالفعل في التخطيط للحصول على الماجستير وسط صعاب عديدة عليه ان يتخطاها ليصل الى حلمه الدراسي.
كليات للتأهيل
طالبت هنادي العماني بمنح ذوي الاعاقة البصرية فرصة الالتحاق بكليات التأهيل المتوافرة بالدول الأوروبية، لتعزيز الاعتماد على النفس والتواصل مع الآخرين، آملة افتتاح كليات تأهيل في الكويت بحيث تضم كادرا تدريسيا وتدريبيا متخصصا