يصيب التصلب اللويحي حسبما يوضح الأطباء النساء الشابات خصوصاً، ويُعتبر هذا التصلب، الذي يُعرف أيضاً بالتصلب المتعدد، من أمراض الجهاز العصبي المركزي. فتتعرض الميالين، نوع من الغلاف يحيط بالأعصاب، لهجوم. وفي ثلثي الحالات تقريباً، يظهر هذا المرض بين سني 20 و35.
تختلف عوارض التصلب اللويحي باختلاف المنطقة المتضررة في الجهاز العصبي، وتشمل، في المراحل الأولى، وخزاً وتنميلاً في الساق أو الذراع، إنهاكاً ودواراً غير مبررين، وتشوشاً في الرؤية. وقد تتطور هذه العوارض لتتحول مع تقدم المرض إلى تقلصات وتشجنات عضلية، مشاكل في الجهاز الهضمي والبولي، اضطرابات في الرؤية والنطق، ومشاكل في الذاكرة وتشوش فكري. يذكر أن المريض يمر غالباً بفترات من التحسن قبل أن ينتكس مجدداً. إليك لمحة طبية شاملة عن هذا المرض.
هل التصلب اللويحي مرض نادر؟
كلا، يصيب التصلب اللويحي شخصاً من ألف في فرنسا وحدها، ما يعني أن في هذا البلد نحو 80 ألف مريض يعاني التصلب اللويحي. وبين هؤلاء المرضى يبلغ معدل النساء 3 مقابل كل رجل. وفي السنوات الأربعين الأخيرة، بدأ الأطباء يلاحظون أن عدداً أكبر من النساء يعانون نوع هذا المرض الذي يُدعى التصلب اللويحي الانتكاسي المتردد (ثمة نوع آخر من هذا المرض يتقدم ببطء أكبر) من دون أن يدركوا السبب.
هل تُعتبر الإعاقة نتيجة محتمة لا مفر منها؟
يختلف تقدم التصلب اللويحي باختلاف المرضى. ولا تُعتبر الإعاقة، على الأمد الطويل، نتيجة حتمية لا مفر منها. فلا يواجه ثلث المرضى مشكلة في المشي، رغم مرور 15 سنة على تشخيص حالتهم، علماً أننا لا نستطيع أن نجزم، بشكل قاطع، أن من الممكن وقف تقدم هذا المرض. فقد يعاني المريض اضطرابات في الذاكرة والقدرة على التركيز، ما يؤدي إلى خلل في حياته اليومية. لكن هذه الاضطرابات لا تُعتبر أيضاً نتيجة محتمة لا مفر منها.
هل يمكن أن ينتقل المرض من المريض إلى أولاده؟
كلا، ولكن يكون الأولاد أكثر عرضة لهذا المرض بسبب ما ورثوه من جينات. وفي 10% من الحالات، نلاحظ أن في العائلة الواحدة أكثر من شخص مصاب بمرض التصلب اللويحي. قد يعاني الشخص استعدادات جينية تجعله أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. ولكن يجب أن يتعرض، أيضاً، لعوامل بيئية محددة لا نملك عنها سوى فرضيات محدودة غير مثبتة كي يظهر لديه هذا المرض.
هل ينتقل مرض التصلب اللويحي بواسطة فيروس ما؟
لا نملك أي دليل علمي على أن عاملاً واحداً يساهم في انتقال هذا المرض. يجب أن تتوافر بالتأكيد عوامل عدة. ولكن من الممكن لفيروس إبشتاين-بار، الذي يسبب الوحيدات الخمجية، أن يساهم في ظهور هذا المرض. نتيجة لذلك، يُعتبر مَن يحملون هذا الفيروس أكثر عرضة للتصلب اللويحي بنحو خمسة أو ستة أضعاف.
هل يفاقم التدخين والتبغ خطر الإصابة بهذا المرض؟
نعم، يفاقم التدخين، إلى حد ما، خطر الإصابة بالتصلب المتعدد. لكننا لا نعرف، بالتحديد، عدد السجائر الذي يبدأ معها خطر هذا المرض بالازدياد. إلا أن هذا الواقع قد يعلل شيوع هذا المرض بين النساء، مقارنة بالرجال. فنسبة تزايد عدد المدخنات تتلاءم مع معدلات ارتفاع عدد المصابات بهذا المرض. إذاً، يشكل التدخين خصوصاً واستهلاك التبغ عموماً أحد العوامل التي تفاقم خطر الإصابة بمرض التصلب المتعدد.
هل يزداد هذا المرض شيوعاً في مناخات معينة؟
نعم، لاحظ العلماء والأطباء أن خطر الإصابة بالتصلب اللويحي يرتفع في المناطق التي يعاني فيها الناس من نقص الفيتامين D بسبب قلة الفترات المشمسة. لنتأمل في حالة فرنسا مثلاً. يُعتبر عدد مرضى التصلب اللويحي أكبر في الشمال والشمال الشرقي منه في الجنوب والجنوب الغربي. نتيجة لذلك، يُعتبر التصلب اللويحي مرض النصف الشمالي من الكرة الأرضية. بالإضافة إلى ذلك، تتبدل نسبة هذا المرض مع تبدل خطوط العرض. فهو، مثلاً، أقل انتشاراً في إسبانيا وإيطاليا، مقارنة ببريطانيا العظمى والدول الاسكندنافية. رغم ذلك، لم يتوصل الباحثون، بعد، إلى أدلة تبرهن أن تناول مكمل غذائي يحتوي على الفيتامين D قد يحدّ من خطر الإصابة بالتصلب اللويحي.
هل يمكن أن تؤدي اللقاحات إلى نوبة أو انتكاسة؟
أظهرت الدراسات والأبحاث أن مرضى التصلب اللويحي لا يعانون نوبات أو انتكاسات إضافية في الشهرين اللذين يليان أخذ اللقاح. لكنّ الأطباء والباحثين يملكون بعض الشكوك حول الحمى الصفراء. فيشير باحثون إلى أن هذا اللقاح، بالتحديد، قد يطلق نوبة أو انتكاسة في حالة مرضى التصلب اللويحي. ولكن لا نملك اليوم ما يكفي من المعطيات لنؤكد هذه الفرضية. بالإضافة إلى ذلك، هل يمكن اللقاح ما أن يكشف المرض، إن كان كامناً؟ طُرح هذا السؤال في ما يتعلق بلقاح التهاب الكبد ب ولقاح محاربة سرطان عنق الرحم Gardasil. ولكن لا تتوافر اليوم أي أدلة حازمة تؤكد الرابط بين التهاب الكبد ب وبداية مرض التصلب اللويحي. علاوة على ذلك، لا يُعتبر التصلب اللويحي مرضاً نادراً. لذلك نلاحظ وجود حالات كثيرة بين شرائح المجتمع التي تتلقى هذا اللقاح، غير أن من الصعب تحديد حالة معينة تثبت الرابط بين هذا المرض واللقاح. فتُعتبر كل حالة مميزة وفريدة. أما لقاح Gardasil، فيتناوله اليوم عدد من الدراسات التي لا تزال قيد الإعداد. صحيح أن هذه الدراسات لم تسْفِر بعد عن أدلة تثير القلق، ولكن علينا التزام الحذر في هذا الشأن.
هل تُنصح مريضات التصلب اللويحي بتفادي الحمل؟
كلا، على العكس. تُعتبر أشهر الحمل فترة مؤاتية بالنسبة إلى النساء المصابات بمرض التصلب اللويحي. فتتراجع النوبات أو الانتكاسات بنسبة 70% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. إلا أنها تعاود الظهور في 30% من الحالات خلال الشهرين اللذين يليان الوضع. في المقابل، تبين أن خطر الإصابة بإعاقة لا يرتفع بعد الحمل.
هل من الممكن العمل رغم الإصابة بالتصلب اللويحي؟
نعم، يتمتع المرضى بنوعية حياة أفضل عندما يتابعون العمل، مع أن التعب والمشاكل المعرفية (وخصوصاً اضطرابات التركيز) قد تبدل الحياة المهنية.
ما تأثير القنب العلاجي؟
لا شك في أن تشريع زراعة شجرة القنب لأهداف علاجية خطوة بالغة الأهمية. صحيح أن الباحثين حققوا تقدماً في مجال العلاجات والأدوية، لكن يشتكي المرضى دوماً من الاحمرار، الآلام، والعوارض اليومية التي تزعجهم. لذلك من الضروري التوصل إلى علاج يخفف التقلصات العضلية والآلام التي يعاني منها مرضى التصلب اللويحي. من هنا يجب رفع هالة الغموض التي تحيط بهذا المنتج. فيُعتبر معدل رباعي هيدرو كانابينول في هذا النوع من الكانابينويد ضعيفاً جداً.
العلاج يتطور بسرعة
ما من علاج شافٍ لمرض التصلب اللويحي اليوم. ولكن ثمة جزيئات مبتكرة تسمح بتأخير ظهور الإعاقات وتحدّ من تقدمه. فبغية التحكّم في نوبات أو انتكاسات هذا المرض، يُعالج المرضى بحقن من الأدوية المعدِّلة المناعية (مثل الإنترفيرون أو الكوباكسونيل). من الممكن لهذه الحقن التي تحدّ من تقدّم المرض، في 2015، أن تُستبدل بعلاج فموي (BG-12 أو Aubagio). ومن المتوقع في مطلع 2015 أن ينزل إلى الأسواق علاج Lemtrada، أجسام مضادة وحيد النسيلة، وسيكون مخصصاً للأشكال الحادة من هذا المرض.
حقائق عنه
التصلب اللويحي مرض ذاتي المناعة. في هذا المرض، ينقلب جهاز الدفاع في الجسم على ذاته ويهاجم الجهاز العصبي المركزي لأسباب لا تزال مجهولة.
بتحفيز من عوامل خارجية (مثل الفيروسات)، يختل جهاز المناعة في الجسم ويهاجم الجهاز العصبي المركزي: الدماغ والنخاع الشوكي.
نتيجة لذلك، تتبدل الميالين، غشاء بالغ الأهمية يعزل الألياف العصبية (الخلايا العصبية) ويحميها.
يسبب كل ذلك خللاً في الرسالة التي تنقلها الأعصاب إلى العضلات والأعضاء في الجسم، ما يؤدي إلى ظهور اضطرابات عصبية وإعاقات مرافقة لمرض التصلب اللويحي.