تعتبر الأسرة الخلية الرئيسية في المجتمع، وتلعب دورا محوريا في إعداد وتأهيل الأبناء خاصة من ذوي الاعاقة وتكوينهم اجتماعيا ونفسيا.
ولا شك في أن الاستقرار الأسري يلقي بظلاله الإيجابية في حياة هذه الشريحة، لا سيما في ظل المتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ عليهم في مرحلة المراهقة المؤدية إلى طريق الصلاح والفلاح، بخلاف التفكك الأسري الذي قد يقودهم الى الانحراف وارتكاب الجرائم ويجعلهم الحلقة الأكثر ضعفاً في المجتمع.
نحن قصدنا دار الأحداث والتقينا بالاختصاصية النفسية في دار الرعاية الاجتماعية للفتيان إيمان محمود، لتسليط الضوء على ابرز قضايا الأحداث من هذه الفئة والتعرف على الدوافع التي تقودهم إلى طريق الانحراف.
تشدد الاختصاصية إيمان محمود، على أهمية دور الاسرة في خلق بيئة سوية لأبنائها وحمايتهم من الانحراف وارتكاب الجرائم فضلا عن تعديل سلوكهم، مشيرة إلى أن دور رعاية الاحداث يولي اهتماما كبيرا في خدمة النزلاء، بمن فيهم ذوو الاعاقة بالاضافة الى حرصها على تعديل سلوكهم وليس علاجهم.
وتقول إن حصيلة الحالات التي التحقت بالدار من الأحداث ذوي الاعاقة محدودة جدا قد تصل إلى حالتين من الجنسين، مبينة ان الدار تستقبل الفئات العمرية ما بين 7 و21 عاما.
ولفتت محمود إلى آليه التعامل مع النزلاء من ذوي الاعاقة، حيث يتم عزلهم عن أقرانهم الأسوياء في غرفة خاصة تحت رقابة المشرفين لتجنب استغلال اعاقتهم وحمايتهم، إلى جانب إخضاعهم لاختبارات شخصية وتحديد مستوى الذكاء والرسم فضلا عن مشاركتهم في الانشطة التي تناسب ظروفهم الصحية وقدراتهم الذاتية.
شهادة الإعاقة
وعن إجراءات قبول الحالات من ذوي الاحتياجات الخاصة، أوضحت ايمان محمود اهمية إرفاق شهادة الاعاقة بطلب من مدير الأحداث يخاطب فيها الطب النفسي لعمل الفحوصات الإكلينيكية وتشخيص الحالة لمدة 15 يوما لمعرفة ما إذا كانت الحالة تعاني اعاقة أم لا، مبينة انه في حال ثبوت الاعاقة يتم تسلم التقرير من مستشفى الطب النفسي لرفعه إلى النيابة، ومن ثم يتم تحويلها إلى مأوى علاجي بناء على تقارير المستشفى.
وأشارت إلى دمج الأحداث من هذه الفئة في فصول معينة مثل اداء العبادات، وكذلك في الدورات الدينية التي يوفرها مركز الرشد للنزلاء.
حالات
واستعرضت محمود نبذة عن ثلاث حالات من الأحداث لذوي الاعاقة، ممن كانوا في ضيافة الدار، تعود الحالة الأولى لمعاق كويتي (يعاني من شلل رباعي)، حيث دخل الدار وعمره 14 سنة على خلفية السرقة، ولم يعفه القاضي من ارتكاب الجريمة، لانه مسؤول عن افعاله، حيث ان إعاقته حركية وليست ذهنية.
اما الحالة الثانية، فلضحية تفكك أسري وعدم استقرار اجتماعي ونفسي، بطلها حدث من الجنسية الإيرانية (12 عاما) والده منفصل عن والدته غير المتفرغة لرعايته وتربيته بشكل سوي، فاحترف سرقة الأموال والأسلحة البيضاء (السكاكين) إلى أن تصدرت جرائمه صفحات الصحف ولقب بــ «اللص المحترف».
حب المال
وزادت بالقول: كانت تصرفاته غير طبيعية، بالاضافة إلى حبه لتجميع الأموال بالطرق غير الشرعية، علاوة على التدخين وخضوعه للاعتداءات الجنسية المتكررة، إلى جانب صعوبة التواصل معه نظرا لاستخدامه اللغة الفارسية من الامور التي أدت الى تحويله الى «المأوى العلاجي» في مستشفى الطب النفسي للاشتباه بانه معاق ذهنيا.
واسترسلت بالقول: وعلى الرغم من مواصلته دراسته بناء على مخاطبات وزارة التربية ونجاحه في اجتياز عامين دراسيين في مدرسته الإيرانية، فانه لم يستطع التكيف مع أقرانه الأسوياء.
وألمحت محمود إلى الحالة الثالثة، وهي لمواطنة تعاني من تخلف عقلي بسيط بتهمة الهروب من المنزل، وتم تحويلها إلى رعاية المعاقين بموجب شهادة إعاقتها.
تشويه الطفولة
سلط الناشط فواز الحصبان الضوء على تأثير العمالة المنزلية (الخدم) واستغلالهم للمعاق الذهني جسديا وجنسيا، مشيرا الى عدم التفات الاسرة لأبنائها من هذه الفئة يؤدي الى تشويه الطفولة.
لجنة شؤون القصَّر
طالب خبير التنمية البشرية د. مساعد الوقيان بتخصيص لجنة لرعاية ذوي الاعاقة وأمورهم امتثالا بلجنة شؤون القصر حتى لا نجعل من ذوي الاعاقة منحرفين يودعون في السجون المركزية.
أسباب واعتبارات
أرجعت الاخصائية النفسية ايمان محمود اسباب ارتكاب الاحداث للجرائم الى عدة اعتبارات، منها إهمال أولياء الامور والتفكك الأسري وتعدد الزوجات فضلا عن غياب النزعة الدينية.