0 تعليق
318 المشاهدات

عبدالكريم: نستقبل المنحرفين الصادر بحقهم «إيداع» وهناك عدة شروط وقواعد لقبول الحدث في الدار



قد يتساءل من يقوم بزيارة إدارة رعاية الأحداث والدور التابعة عن الأبناء النزلاء فيها كيف وصلوا إلى هذا المكان رغم صغر سنهم؟ انهم في عمر الزهور لم تتفتح بعد، ربما الظروف العائلية أو حب التمرد الشخصي أو رفقة السوء أو إهمال الوالدين أو تسلط الوالدين أو ابتعاد الوالدين عن الأبناء أو حب المغامرة أو رفض التقاليد والعادات أو ضعف الوازع الديني أو لفت نظر المحيطين بهم، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة وهي وجود أشبال في عمر الزهور خلف أسوار الإصلاحيات.

اليوم نكمل ما بدأناه في الحلقتين السابقتين عن الحالات الغريبة التي واجهتنا في هذا الملف الذي أرادت فتحه بعد صدور القانون الخاص بالأحداث، ومحطتنا الثالثة في دور الرعاية، كانت في دار الرعاية الاجتماعية (فتيان)، هذه الدار تستقبل الأحداث المنحرفين الصادر بحقهم أحكام بالإيداع وأن يكون الحدث أتم السبع سنوات ولم يتجاوز الـ 18 ويتم تسليمه إلى الدار عن طريق إدارة تنفيذ الأحكام، وأبرز القضايا المحكوم فيها على الأحداث المودعين بهذه الدار تتعلق بالسرقة وهتك العرض والمشاجرة.

وأغرب حالة واجهتنا في هذه الدار، كانت لحدث لم يتجاوز 12 عاما حاول قتل والدته ورغم ذلك فهو غير نادم ويرفض التحدث عن السبب، وحدث آخر عليه أكثر من 10 قضايا سرقة، وآخر في الـ 15 من عمره وعليه قضايا متعددة في هتك العرض والدافع الانتقام من الأسرة، والعجيب إصرار الحدث على الانتقام، واللافت وجود 4 أشقاء في قضايا مختلفة: خمر، مخدرات، سجائر.. الخ.

الأكبر منهم بلغ 19 سنة تم إخراجه بعد تعديل السلوك بينما اخوانه الثلاثة مازالوا في الدار، الأب متوفى والأم متزوجة وزوج الأم ليس له أي سلطة عليهم، معظم أوقاتهم كانت التسكع في الشوارع وكانوا صيدا سهلا لبعض الأشخاص الذين لا ضمير لديهم ولا دين، غرورا بهم في إغرائهم بالمال وأغرقوهم في وحل الخمر والمخدرات، والنهاية جميعهم محكوم عليهم داخل الدار ولا احد يسأل عنهم من الأسرة.

وحدث عمره لم يتجاوز الـ 14 سنة عليه 30 قضية سرقة وهتك عرض وخطف وتهديد بالقتل من أسرة غير كويتية، الوالد متوفى والأم ملتزمة، تعمل ما تستطيع لكنها عاجزة عن السيطرة على هذا الحدث.

وحالات كثيرة تدمي القلوب، كيف وصل هذا البرعم لهذا المستوى من الانحراف وإذا كان في هذا العمر بلغ هذا المستوى من الإجرام فأي مستقبل ينتظره؟! وهل تستطيع المؤسسات الإصلاحية تقويم سلوكه؟ .. هذا كله وأسئلة أخرى طرحناها على رئيس الدار أحمد عبدالكريم،

فإلى التفاصيل:

بما تختص دار الرعاية الاجتماعية؟

٭ الدار تقوم باستقبال الأحداث المنحرفين الذين تأمر محكمة الأحداث أو غيرها من المحاكم المختصة بإيداعهم في مؤسسة إصلاحية، ونقدم لهم برامج شاملة لتعديل سلوكهم ونركز على الناحية النفسية والاجتماعية، بالطبع إلى جانب التأهيل المهني والدراسي والوازع الديني وفق أساليب علمية مدروسة لكل حدث حسب حالته، كما نعمل على إعادة ترميم الثقة بين الحدث وأسرته وتعديل سلوك الاثنين، كما نعمل على معالجة سلوك الحدث وتهيئة البيئة المحيطة لاستقباله بعد الخروج بما يضمن تكيفه مع ذاته والمجتمع الخارجي والاعتماد على النفس ونحرص على ان يتابع الدراسة في مدرسة تابعة لوزارة التربية داخل الدار ومعهد ديني لحفظ القرآن وتقوية الإيمان خلال الفترات المسائية بالإضافة إلى وجود ورش مهنية متنوعة حسب ميول الحدث.

هل من شروط خاصة للإيداع غير حكم المحكمة؟ وهل كل حالة يتم الحكم فيها تحول مباشرة إلى الدار؟

٭ حكم المحكمة أساسي، ولكن هناك شروطا أخرى بجانب الحكم، منها ألا يكون الحدث مدمنا على المخدرات والمسكرات، وإذا ثبت ذلك بناء على تقارير طبية وملاحظات الجهاز الفني يتم إخطار الجهات المعنية لاتخاذ الإجراء اللازم بنقل الحالة إلى المكان المناسب لتلقي العلاج الطبي، وهناك شرط آخر بأن يكون الحدث خاليا من أي أمراض معدية أو اضطرابات عقلية ونفسية وعصبية، ففي هذه الحالات لا نتسلم الحدث بموجب حكم الإيداع ويتم تكليف الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين بمتابعة الحدث وإعداد تقارير دورية عن حالته ومدى تجاوبه مع خطة العلاج التي وضعتها اللجنة الفنية لتعديل سلوكه.

كيف توزعون الأحداث على الورش والمدرسة والمعهد الديني؟

٭ المدرسة إلزامية للجميع خلال فترة الصباح وبعد الظهر هناك أيام محددة للمعهد الديني وأخرى للورش الفنية، وأستطيع التأكيد على أن هناك أحداثا خرجوا من الدار حافظين القرآن الكريم ومتميزين في الأعمال المهنية في المهنة التي اختاروها، وبعضهم أيضا تابع دراسته بعد خروجه ودخلوا جامعات.

هل تقول إن الدار استطاعت تغيير سلوك جميع من دخل إلى الدار؟

٭ لا يوجد شيء في المطلق نستطيع القول إننا نجحنا مع أكثرية الحالات التي دخلت الدار وخرجت أشخاصا مختلفة كليا وهذا بفضل الله ثم عمل المشرفين وتعاون الأسر، وللأسف هناك حالات عدلت سلوكها ولكن بعد خروجهم وبعد مرور فترة زمنية عادت إلى السلوك المنحرف، ومنهم الآن موجودون في السجون، هؤلاء نحزن عليهم لأنهم لم يجدوا الاحتضان من الأسرة والبيئة المحيطة ورجعوا إلى الشارع ورفقة السوء.

إلى أي مدى تتقبل الأسر وضع ولدها ونحن نعيش في مجتمع شرقي ملتزم لا يرحم، بالأخص في حالات أنت تعرفها هتك عرض أو جرائم مشابهة؟

٭ صحيح لكن هنا دور الدار في إعادة ترميم الثقة بين الحدث وأسرته وإذا نجحنا في ذلك نقطع نصف الطريق والباقي بالتعاون مع الأسرة، والحدث يستطيع فرض نفسه في صورة مختلفة على المجتمع، نحن مجتمعات متسامحة والتسامح، وللحمد الله، من تعاليم ديننا الحنيف.

ما البرامج المتبعة مع الأحداث للمساهمة في تعديل سلوكياتهم الخطأ؟

٭ الحدث متابع على مدار الـ 24 ساعة من قبل جهاز إشرافي متخصص وهو يضع برنامج عمل يوميا للحدث يبدأ بالمدرسة، إذ لدينا مدرسة من مرحلتين متوسطة وثانوية تابعة لوزارة التربية وشهاداتها من وزارة التربية والشكر لهم على تعاونهم مع إدارة الأحداث.

والمركز الديني (مركز الرشد) وهو جزء أساسي من برنامج تعديل السلوك والورش الفنية كما قلت سابقا النجارة والميكانيكا ومطبعة الأحداث، وأيضا لدينا نشاط رياضي يومي في صالات داخلية وملاعب كرة قدم وكرة سلة كلها موجهة ضمن برامج تعديل السلوك.

أين الأسرة ودورها؟ وهل يسمح بالزيارة؟

٭ الأسرة أساس في برنامج تعديل سلوك الحدث، ولدينا زيارات أسبوعية كل يوم أربعاء ينفرد الحدث مع أسرته في غرف مخصصة للزيارة مستقلة كليا، كما أن الجهاز الفني على تواصل دائم مع الأسر، وهناك أسر متعاونة إلى أقصى درجة وتعمل مع المختصين من أجل ولدها، وللأسف هناك أيضا أسر لا تتجاوب ونجد صعوبة في الاتصال بها بالأخص تغيير أرقام الهواتف والعنوان وفي هذه الحالة نتعاون مع جهات أخرى للوصول إلى الأسر.

هل تجد أن قانون الأحداث سيكون رادعا للأسر لحماية أبنائها ورعايتهم بالأخص أن هناك مادة تعاقب المتسبب في انحراف حدث؟

٭ بالطبع، وهذا أول بند يجب أن يتم تفعيله لأنه للأسف ونقولها بحرقة ان بعض أولياء الأمور في معظم الحالات السبب في انحراف الحدث.

هل الكادر العامل كاف؟ وهل البدلات التي تم اعتمادها ساهمت في الإقبال على العمل؟

٭ عدد الإخصائيين والمشرفين يحتاج إلى زيادة لاسيما أننا نعمل وفق نظام المناوبة وعلى مدار الساعة، ووعد المسؤولون بزيادة الكادر الوظيفي وسد النقص قريبا، علما أن الكادر يعمل بكل طاقاته ويقوم بواجبه الوظيفي على أكمل وجه والحمد لله، أما بالنسبة للبدلات، فالعمل في هذا المجال عمل إنساني وليس ماديا، ومهما بلغت البدلات تبقى قليلة قياسا للمسؤولية الكبيرة في العمل ونأمل ان تأخذ في عين الاعتبار حجم مسؤولية العاملين.

أما المحطة الأخيرة فكانت في دار التقويم الاجتماعي، في دار تختلف إلى حد ما عن الدور الأخرى، فهو سجن للمحكومين في قضايا وليس إيداعا كما هو حال الدور الأخرى، جميع النزلاء صدرت في حقهم أحكام قضائية بالسجن لفترات مختلفة، والعجيب في هذه الدار كثرة جرائم هتك العرض والقتل وإتلاف أملاك الغير، حالات قليلة مخدرات ويتم تسلم الأحداث المحكومين من قبل شرطة الأحداث بعد صدور حكم الحبس من المحكمة او من جهة معنية أخرى في وزارة الداخلية.

هذا وقد تزامن إعداد الموضوع مع يوم الزيارة الأسبوعية للأسر، الأمر الذي ساعدنا على لقاء بعض الأسر والتحدث اليهم ولكن للأسف الجميع لا يعتبر ولده مذنبا، بل مظلوم وتم الافتراء عليه، والغريب أن أحد الآباء يتوعد الضحية ويقول إن والده يتاجر بعرضه ويسلطه على التحرش بالأحداث ومن ثم يرفع قضية هتك عرض، ويصر على براءة ولده رغم وجود أكثر من حكم عليه في قضايا هتك عرض.

بينما ولي أمر آخر يقول: هل ابني عمل الفاحشة منفردا؟ لماذا يتم سجنه؟ واعتبر البنت الضحية هي من تحرشت به وهو مراهق.

وآخر يبرر فعل ولده في إتلاف أملاك الغير على انه ضحية ناس خربوا أملاكهم واتهموا ولدي.

ولي أمر واحد كان متقبلا للأمر، وقال الله «يصلح حال ولدي فتى مراهق وطائش لا يدري ماذا يفعل إن شاء الله هذا السجن درس له ليتعلم ان الحياة ليست لعبا ولهوا بل هناك مسؤولية». وأكد انه مستعد لعمل أي شيء يطلب منه لتعديل سلوك ولده حتى يخرج من المحنة شخصا مختلفا.

أما الأحداث فمنهم من يتلو فعل الندامة ويقول يوم داخل هذا المكان بالعمر كله ويتمنى ان يخرج في حسن سلوك على نصف المدة المحكوم بها.

ويقول للشباب المراهقين في الخارج انتبهوا الى تصرفاتكم ولا تتركوا الأهواء تتحكم بكم الحرية لا تعوض وقضاء ساعة مع الأسرة يساوي العمر.

ردود الفعل هذه حملناها إلى رئيس دار التقويم الاجتماعي غنيم العازمي وغيرها من الأسئلة عن الدار وسألناه عن خطة عملها وأسلوب التعامل مع النزلاء وأسرهم،

فإلى التفاصيل:

ما دار التقويم؟ وما الفرق بينها وبين الدور الأخرى؟

٭ دار التقويم إحدى دور رعاية الأحداث وإعادة تأهيل سلوك الأحداث المنحرفين والصادرة فيهم أحكام قضائية في الحبس لفترة زمنية ويقضون فترة الحبس داخل الدار، ولا يحق لهم الخروج في زيارات مثل بقية الدور، كما انهم في حكم المساجين في السجون العادية، ونتيجة صغر سنهم يقضون تنفيذ الحكم في دار للتقويم حتى بلوغ سن الـ18 وبعدها يحولون إلى السجن المركزي لاستكمال مدة الحكم ويحق لهم استقبال أسرهم مرة في الأسبوع في غرف مخصصة للزيارة تحت الرقابة الأمنية ولا يدخل الدار إلا الحدث المحكوم في قضية أو قضايا ويكون قد أتم الـ15 سنة.

كيف تتعاملون مع الحدث؟ وهل تطبقون برنامجا خاصا أسوة بالدور الأخرى؟

٭ بالطبع مهمة الدار إصلاحية وليست مؤسسة سجن فقط، ونحن نعمل وفق برنامج شامل تم وضعه من قبل اخصائيين وينفذ من قبل جهاز فني متخصص، يعمل على تعديل سلوك الحدث وزرع نبتة الخير في داخله ويتم توفير جميع الخدمات الأساسية للحدث ونعمل على تعزيز صلته مع أسرته، كما نعمل على تشجيع النزلاء لتحسين سلوكهم عبر تفعيل المدة الخاصة بمخاطبة الجهات المختصة للإفراج عن الحدث المحكوم لحسن سلوكه بعد قضاء نصف المدة.

هل يتابع الحدث دراسته أو يتدرب مهنيا؟

٭ يتابع الحدث دراسته داخل الدار وبالتعاون مع وزارة التربية بمرحلتي المتوسط والثانوي وهناك معهد ديني لحفظ القرآن الكريم والفقه من قبل أساتذة مختصين، وورش مهنية متنوعة نجارة وميكانيك وكهرباء، والحدث ملزم بأن يداوم في المدرسة ويتعلم مهنة ويومين في الأسبوع وفترة العصر معهد ديني ولا عذر لأحد في عدم الحضور والالتزام ويمنح الحدث شهادة معتمدة من وزارة التربية والمعاهد التطبيقية.

لاحظنا وجود أسر في الزيارة لكن ليس مع الجميع، فلماذا؟

٭ من اجل تجنب الازدحام وليتسنى لكل أسرة قضاء وقت كاف بحرية مع ولدها هناك قسمان من الزيارة على يومين وفق الأسر، الأربعاء والخميس.

هل جميع الأسر متعاونة وملتزمة في الزيارة؟

٭ الحمد الله معظم الأسر متعاونة وملتزمة في زيارة الحدث، ربما في بداية سجن الحدث بعض الأسر ترفض الزيارة ولكن مع مرور الوقت وإصرار الاخصائيين المكلفين بمتابعة الحالة والعمل مع تستجيب الأسرة وتلتزم، وهناك عدد قليل يبقى على موقفه في عدم الزيارة وهذا الذي يشكل نوعا من الأزمة النفسية للحدث وينعكس سلبا على سلوكه.

هل من إجراءات تتخذ في حق الأسر؟ وهل قانون الأحداث الجديد عالج هذه الثغرة؟

٭ أتمنى ان يكون هناك تفعيل للمواد القانونية التي تعاقب المتسبب في انحراف الحدث ومعاقبة من يترك ولده لقدره دون عناية.

هل من حالات خرجت ثم عادت في قضايا أخرى؟

٭ دار التقويم تختلف عن الدور الأخرى، فنحن لدينا من عمر 15 الى 18 سنة بمعنى ان من يدخل حدثا يخرج شابا، وبالتالي في حال ارتكابه أي فعل إجرامي يدخل السجن المركزي، وجميع المحكومين في الدار لا يقل حكمهم عن الـ3 سنوات.

هل من متابعة للحدث اذا خرج في منتصف الحكم؟

٭ المتابعة تكون من قبل جهاز مختص من قبل المحكمة لان الخروج مشروط، ويفهم الحدث وولي أمره ذلك، وإذا ارتكب اي جرم يعاقب عليه ويحرم من الإعفاء خلال المدة المحددة في الإفراج المشروط.

هل الكادر الوظيفي كاف او هناك نقص؟

٭ مثل حال بقية الدور للأسف تعتبر المؤسسات الإصلاحية من الجهات الطاردة للموظفين نتيجة حجم المسؤولية وقلة الحوافز، صحيح تم صرف بدل نوبة ولكنه زهيد ونحن منذ فترة نطالب بصرف بدل سهر أسوة بالوافدين العاملين في مثل هذه المؤسسات، وكلها وعود نأمل ان تدرس وتحقق لصالح العمل علما أن الكادر الوظيفي لا ينظر على انه عمل مادي بل عمل إنساني.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4153 0
خالد العرافة
2017/07/05 4693 0