لا يخفى على أي أنسان أن أي قصة نجاح في حياة أحدنا لا بد وأن يكون هناك من يقف خلفها، وما قصة نجاح علي الجغبير (23 عاماً) الذي يعاني من إعاقة عقلية توصف بـ”البسيطة جداً”، ويعاني من تشوه في القدمين، إلا إحدى تلك القصص المميزة.
وقصة نجاح الجغبير، بدأت منذ قرر في سن الثانية عشرة أن يلتحق بمركز الأمل للتربية الخاصة، ليتعلم فيه المهارات التعليمية لذوي الإعاقة، والتي تتمثل بتعلم الكتابة والقراءة، كل حسب قدرته.
وفي كل خطوة يخطوها، يرجئ الجغبير الفضل في حياته التي جعلت منه الآن شخصا قادرا على العمل والعطاء إلى أهله ووالديه، وكذلك لمعلمات وإدارة مركز الأمل، الذي كان الدافع الكبير له ليستمر في التعلم والتدرج في كل مراحل حياته.
إلا أن الإعاقة التي كان يعاني منها الجغبير في قدميه والتي تعيق قدرته على التحرك، كانت هي العقبة الأولى التي تقف في طريقه، إلا أن أسرته عملت جهدها لمعالجة ذلك التشوه، من خلال عملية خاصة له، بالإضافة إلى تفصيل حذاء خاص له ليتمكن من الحركة، وهذا ما كان بالفعل، إلا أن الإعاقة لم تفارقه سواء “العقلية البسيطة جدا”، أو عدم قدرته على المشي بطريقة طبيعية.
وبعد ذلك، انطلق علي الجغبير ليتعلم كل ما يقدر على تعلمه من مهارات وفنون، ومن خلال التعاون الذي قدمه مركزه “مركز الأمل” مع مركز روح الشرق في مدينة الفحيص، فقد تم إرساله إلى هناك ما يقارب الثلاثة أيام في سبيل تعلم تلك الفنون.
وخلال فترة وجيزة، استطاع علي أن يتقن فنون التطريز وعمل الإكسسوارات والخزف في مركز روح الشرق، حتى أصبح ماهراً فيها، ويتقنها بدقة، لكن ولاءه وحبه لمركز الأمل دفعه للعودة إليه ليكون شخصاً منتجاً ويساعد في تطوير مهارات زملائه أو الطلاب الجدد.
وانطلق علي في المركز ليساعد المدرسات والمدربات في تعليم الطلاب العديد من المهارات اليدوية، فهو يقوم بتدريبهم في عمل الخزف والنسيج وصناعة الإكسسوارات، بحسب قدرتهم البدنية والذهنية، كون علي من أكثر الطلاب القدامى في المركز، ويعرف كل التفاصيل فيه، وكيف يتعامل مع كل طالب فيه بمختلف أعمارهم.
ولإخلاص علي في انتمائه لبيته الثاني “مركز الأمل”، فقد أصر على البقاء فيه ليكون أحد أفراد هذا المركز، فهو الآن يعمل كـ”موظف مراسلات” داخل المركز وبشكل تطوعي لخدمة الموجودين، ويشعر بالكثير من الفرح في كل خطوة يخطوها داخله.
بيد أن مساعدة مديرة المركز سوار النابلسي، فقالت إن إدارة المركز تسعى للتعاون مع الاتحاد العام للجمعيات الخيرية، ليتم توظيف علي داخل المركز مقابل أجر مادي، ليكون مصدر رزق له في حياته، رغم أن أسرة علي تؤكد أن كل ما تتوق إليه هو أن يكون علي مستقلاً في حياته ولديه الثقة الكاملة بالمستقبل.
ومع ذلك، يتمنى علي أن يكون لديه العمل الخاص أو الوظيفة الرسمية التي تكون له عوناً في حياته، كأي شاب آخر يسعى إلى تأمين نفسه من خلال العمل، خاصةً وأنه لديه القدرة على التعامل مع الآخرين بكل ثقة واحترام، ويتمتع بشخصية خجولة ومحبة للناس.
ويقول علي إنه حاول مراراً وتكراراً أن يحصل على عمل وظيفي، إلا أنه ومن خلال تقديمه لطلب توظيف في البلديات، تم إدراجه للعمل في مجال تنظيف المباني مثل “الشطف والكنس”، بيد أن هذا العمل لا يتناسب وقدراته الحركية.
كما حاول علي أن يحصل على ترخيص عمل “كشك” خاص به ليتمكن من البيع من خلاله، ويكون مصدر رزق ماديا واجتماعيا له في الوقت ذاته، إلا أن القوانين منعته من ذلك بحجة أن هناك نية لوقف ترخيص الإكشاك على الطرقات.
ويعتقد علي أن الأبواب ما تزال مفتوحة أمامه ليكون فرداً كفؤاً وقادراً على إعالة نفسه على المدى البعيد.
وفي نهاية حديثه، يقول علي إنه لا ينسى دائماً أن يُرجع الفضل في حياته وتطوره إلى أهله وإدارة “مركز الأمل” وكذلك “مركز روح الشرق” الذين هم أول من كانوا يُشعرونه بأنه شخص قادر ومنحوه الثقة بنفسه ليتطلع إلى الأمام ويكون له العديد من الطموحات والأمنيات.