أكد منتخبنا الوطني لكرة القدم لذوي الإعاقة الذهنية جدارته وأحقيته في اللقب الثالث لكأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة «إيناس» المقامة في البرازيل علماً أنهُ قد سبق أن حقق كأس العالم مرتين متتاليتين عامي 2006م في ألمانيا و2010م في جنوب إفريقيا وتأتي الكأس الثالثة تأكيداً على طموح هذه الفئة وإثبات الوجود ورسم خارطة طريق لذوي الإعاقة الذهنية بأنهم فئة قادرة على العطاء في المجتمع وهذا حلم لم يتحقق لغيرهم ويجب الآن أن تكون النظرة لما بعد هذا الإنجاز.
أثبت ذوو الإعاقة الذهنية قدرتهم الخارقة بعطائهم الكبير في خدمة وطنهم وعليه يجب أن تكون النظرة المستقبلية على قدر هذا الحدث وكما أنهم الأكثر عدداً من ذوي الإعاقات الأخرى فهم يحتاجون إلى التعليم والتدريب والتأهيل ومن ثم التوظيف؛ ليعتمدوا على أنفسهم ودفع عجلة التنمية، كما أنهم قادرون على الزواج وتحمل المسؤولية، وهذا لا يأتي إلا من خلال خطة تعليمية وتدريبية وتأهيلية واضحة المعالم بعيدة عن الاجتهادات الفردية، كما هو الآن، وهو عبارة عن التعليم التقليدي ابتدائي ومتوسط وثانوي وبعدها يتخرج دون حرفة يدوية علماً بأن الأعمال المكتبية لا تناسب قدراتهم الذهنية فيظل معتمداً على مكافأة الضمان الاجتماعي ومركز التأهيل الشامل للمعاقين.
إنهم طاقة بشرية مهدرة لا يستفاد منهم في سوق العمل وما تعلموه يختلف عن الواقع الذي يعيشونه، ما تعلموه في مدارس الدمج هو تعليم نظري وتدريب خجول على أعمال وحرف يدوية قد لا تنسجم مع متطلبات سوق العمل مما يضطرهم إلى العمل بمهن تقليدية وروتينية تعرض عليهم وبالتالي عدم قناعة صاحب العمل بقدراتهم لكثرة أخطائهم بسبب وضعهم في أماكن لا تناسبهم وغير مدربين عليها ومما اضطر بعض أصحاب العمل ومن باب الشفقة إلى إعطائهم الراتب الشهري وهم في منزلهم من باب الإحسان كما لا يوكل لهم أي عمل.
وبعض الشركات تقوم بطلب توظيف ذوي الإعاقة لرفع نسبة السعودة دون إلزامهم بدوام رسمي بغرض الاستفادة من بطاقة الإعاقة حيث يحتسب الموظف ذو الإعاقة بأربعة سعوديين وتحسين موقع الشركة في نظام «نطاقات»، وكل هذا ناتج عن عدم التخطيط السليم والمنظم لدمجهم في سوق العمل.
فهل سيتم توظيف هذه الطاقات البشرية في مجتمعنا واكتشاف مواهب أخرى غير رياضية وإعطاؤهم الثقة في النفس والمساحات المناسبة للتعبير عن ميولهم وتوجيهها في المسار الصحيح أم سنكتفي بالمكافأة المالية والاحتفاء بالإنجاز فقط..! لذا على الجهات المعنية والمشرفة على ذوي الإعاقة وضع منهج يناسب قدراتهم الذهنية باكتشاف مواهبهم جديدة مبكراً وصقلها.
لذا يعد تدريب وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من أكبر التحديات التي تواجه الجهات المختصة بشؤونهم سواء كانت رسمية أو خاصة، ولاسيما أن نسبة البطالة تصل إلى أعلى مستوياتها بين هذه الفئات وترتفع بشكل أكبر لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، والوصول إلى حل هذه المشكلة ملائمة التعليم والتدريب بالبيئة المحيطة بهم مثلا: من الصعب تدريبهم على الصناعة في بيئة زراعية أو العكس، فما تحقق الآن من إنجاز كروي عالمي يضع ذوي الإعاقة الذهنية على المحك وإيجاد كل الحلول للارتقاء بمتطلبات حياتهم ودمجهم من خلال التدريب الواقعي لمتطلبات سوق العمل وأن يكون بمنزلة رد الجميل لما قدموه لرفع اسم بلادهم عالياً في كافة المحافل الدولية.