[B]لا تزال هموم المعاقين ومعاناتهم تعيش معهم وتغص بها حياتهم في كل لحظة، رغم مرور ما يقارب ثلاث سنوات على سنِّ قانونهم، الذي اعتبروه انفراجة كبيرة لهم منذ صدوره في العام 2010. ومنذ فترة وأخرى نحرص على متابعة ما تم تطبيقه من هذا القانون، وما لم يتم تطبيقه، والذي يسبب لهم معاناة لا تنتهي على حد تعبيرهم. وبدعوة من بعض الأعضاء في الرابطة الوطنية للجهات العاملة بمجال الإعاقة، وهم أولياء أمور لمعاقين أيضا كان لقاءات معهم، للوقوف على ما هو مُستجد وقديم من شكواهم، حيث أجمعوا على أن أول همومهم التي لم تنتهِ حتى الآن هو عدم وجود بيئة صالحة لهم مؤهلة تتماشى مع الإعاقات المختلفة، مستغربين أنهم، ومنذ أكثر من أربع سنوات، يقومون بحملات كبيرة تنادي بإيجاد بيئة صالحة للمعاقين، وقد شارك بعض الوزراء بهذه الحملة، وهم يجلسون على كراسي المعاقين، ليجربوا معاناتهم، مستغربين من أن مكاتب الوزراء ووكلاء الوزارة في معظم الوزرات غير مؤهلة لاستقبال المعاقين، ومن بينها وزارة التربية التي لا يوجد فيها مصعد لمكتب الوزير والوكيل، كما عبَّروا عن معاناتهم من عملية دمج المعاقين مع الأصحاء في المدارس، وعدم تأهيل الأجواء المناسبة لذلك، وعدم إعفاء المعاقين من الرسوم الخاصة بالخدم، إلى جانب عدم إشهار بعض الجمعيات التي قدموا طلباتها منذ سنوات، والأهم من ذلك عدم وجود مترجمين خاصين في لغة الإشارة في جميع الوزارات، ما يجعلهم يواجهون صعوبات في جميع الوزارات، إلى جانب العديد والعديد من الآلام التي يعيشونها، وإليكم التفاصيل: رئيس الجمعية الكويتية للإعاقة السمعية – تحت الإشهار – ورئيس لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة في الهيئة التنفيذية لاتحاد طلبة الكويت حمد المري، قال إنه منذ ثماني سنوات قدموا طلب إشهار الجمعية من أيام الوزير صباح الخالد، وانهم أخذوا موافقته على الإشهار، وتم تحويل أوراق الجمعية إلى مجلس الوزراء ولاتزال موجودة هناك ولم تشهر الجمعية. ولفت المري إلى أن الجمعية الكويتية للإعاقة السمعية قدمت نشاطات كثيرة ومتعددة وكبيرة، وشاركت في المؤتمرات الخارجية والمحافل الدولية، وقدمت مقترحا للجنة شؤون الإعاقة بمجلس الأمة وكثير من المقترحات الأخرى والمطالبات التي تشير إلى الجهود الواضحة للجمعية. ورغم مقابلتهم للنواب ووزراء الشؤون السابقين، فإنهم لم يجدوا حتى الآن اهتماما بهذا الموضوع. معاناة الصم وتحدَّث المري أيضا عن أهم المشاكل التي يعانيها أصحاب الإعاقة السمعية، وهي عدم وجود من يترجم لهم في الوزارات، وخصوصا وزارة الصحة، ولاسيما أن الأصم عندما يذهب للطبيب لا يستطيع التعبير عما بداخله إلا بلغة الإشارة، والأطباء غالبا لا يفهمونهم، ولا يعرفون ماذا يؤلمهم، وربما يعطيه الطبيب دواء أو حقنة بالخطأ تعرض حياته للخطر. وأضاف أن القنوات الفضائية كذلك لا تترجم للصم، ولا بد من توفير مترجمين بلغة الإشارة لكل القنوات الكويتية، وطالب كذلك بمترجم في بدالة وزارة الداخلية، لافتا إلى أن الدول الأخرى، وخصوصا في قطر والإمارات، يقومون بتدريب موظفي وموظفات العلاقات العامة، من خلال دورات خاصة ينظمونها لهم، للتعامل مع الصم، وبذلك يسهل على هذه الفئة من المعاقين مراجعة أي وزارة من دون صعوبة. وأضاف أنهم في الجمعية يشجعون على الابتعاث للدراسة في الخارج للصم، وخصوصا في أميركا وبريطانيا، ويقومون بتدريب أولياء الأمور الصم على كيفية التعامل معهم بلغة الإشارة، حتى يسافروا معهم للدراسة إذا لزم الأمر. ولفت المري إلى أن الصم أيضا محرومون من البعثات الدراسية، بسبب عدم وجود مترجمين لهم في البعثات، وقال «حتى هيئة المعاقين لا يوجد فيها مترجمون للصم، وهذه هي الطامة الكبرى!». وأضاف أن من قاموا بزراعة القوقعة لا يوجد لهم برامج تأهيلية إلا في جمعية الصم. وعبَّر عن ألمه من عدم مشاركة جمعية الصم في المؤتمرات على مستوى دول الخليج والدول العربية، قائلا «لا يوجد أي تمثيل لهذه الفئة من دولة الكويت على الإطلاق، والسبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود جمعية رسمية»، لافتا إلى أنهم يسعون بعد إشهار الجمعية إلى تأسيس الاتحاد الخليجي العربي للصم، وهو مشروع تحت الدراسة، على أن يُشهر هذا المشروع برئاسة الكويت، ممثلة في جمعية الصم. قضية التعليم أما العضو في اللجنة الوطنية لمتابعة قضايا المعاقين نجاة الرياحي، فهمها الأكبر من خلال الواقع الذي تعيشه كولية أمر لمعاقة يتجسَّد بقضية التعليم بالنسبة للمعاقين، والتي بدأت تتفاقم بعد أن فتحوا مدارس الدمج في رياض الأطفال، وطلبوا من أولياء الأمور أن يأخذوا أبناءهم من المدارس الخاصة للمدارس الحكومية، وبعدما تم ذلك تدهور مستوى الأبناء بشكل كبير، وذلك بسبب عدم وجود فريق متخصص للتعامل مع بطيئي التعلم والداون في المدارس الحكومية، إضافة إلى عدم تقبُّل أولياء أمور الأولاد الطبيعين لوجود حالات الداون مع أولادهم، ما أدَّى لتدهور المعاقين. وتساءلت الرياحي: أين الدمج الذي يقولون عنه؟ مشيرة إلى أنها ساهمت في رسم منهج رياض الأطفال وكيفية الدمج، ومع ذلك لم ترَ أياً من الأمور التي وضعت في المنهج والبرنامج الخاصين به غير في طابور الصباح والأكل، أما الدمج في التعليم نفسه فلا يوجد، والمدرِّسات غير مؤهلات بنسبة مائة في المائة، مطالبة بفتح صفوف خاصة للداون وأخرى لبطيئي التعلم، لأن في هذه الفئة والأخرى نسبة كبيرة من المتميِّزين في المواد العلمية، ولا يوجد مدرسون متخصصون يستطيعون التعاون مع الموهوبين منهم في الكويت، كما لا توجد مدارس حكومية ولا خاصة مؤهلة تأهيلا كاملا لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى مباني المدارس لا يوجد فيها لجنة تتابع مدى صلاحيتها لاستقبال المعاقين من عدمها. مكاتب خاصة وطالبت الرياحي بتوفير كتب خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الخاصة، وأن يكون هناك تعاون بين مدارس التربية الخاصة والمدارس الحكومية، وذلك لمصلحة أولادهم، كما طالبت بخدم مؤهلين لذوي الاحتياجات الخاصة، على أن تكون هناك مكاتب خدم تختص بهذه الفئة. ختبارات الذكاء ولفتت إلى قضية مهمة يعانيها المعاقون وأولياء أمورهم، وهي طريقة اختبار معدلات الذكاء في مدارس الوزارة «ففي هذه الاختبارات يوجد أطفال بلهجات متعددة، منها اللهجة الكويتية والمصرية والسورية واللبنانية والفلسطينية، ومن يقومون بهذه الاختبارات لا يفهمون كل اللهجات، ما يحدث ظلما للأولاد، بسبب عدم فهمهم لهم، ويعتبرونهم غير لائقين»، مطالبة بأن يكون في اللجنة شخص يفهم لهجة الطفل، إضافة إلى وجود ولي الأمر مع ابنه أثناء الاختبار، ليشرح للجنة، في ظل عدم وجود أحد يعرف لغة الطفل. وأضافت الرياحي أن أصحاب الإعاقة الذهنية يفتقرون إلى نادٍ خاص بهم، وطالبت باسمهم بتعميم نشرات الأنشطة التي تصدر من وزارة التربية وتخص جميع المدارس الحكومية والخاصة، حيث يفاجأ أولياء أمور المعاقين الذين يدرسون في المدارس الخاصة بإقامة الأنشطة من دون علم المعاقين وأولياء أمورهم وعدم مشاركتهم، متسائلة: هل أولادنا ليسوا أولاد الديرة؟ متمنية تعميم النشرات، وطالبت بالعمل على صرف بدل للخادمة. تفعيل القانون أما رئيس العلاقات العامة والإعلام بنادي المعاقين منصور السرهيد، فيطالب الجهات الحكومية بتفعيل قانون المعاقين، لافتا إلى أنه في وزارة الداخلية لم يطبَّق للأن البند الخاص بالإعفاء من الرسوم، ومواقف المعاقين. وعن موضوع الرسوم، قال إن الطامة الكبرى بوزارة الداخلية أنهم فعلوها أسبوعا ثم أوقفوها، من دون أن يعرف أحد السبب. مباني الوزارة وانتقل السرهيد لنقطة أخرى مهمة جدا بالنسبة للمعاقين، وهي موضوع مباني الوزارات، ومدى تأهيلها لتلك الفئة، وقال «حدث ولا حرج، وخصوصا في وزارة التربية، حيث لا يوجد في مبنى رقم 1 الذي يضم مكتب الوزير ووكيل التعليم العام والخاص مصعد، ما يثير الاستغراب والتعجب من مشاركة الوزراء أكثر من مرة في حملة بيئة صالحة ذوي الإعاقة وجلوسهم على الكراسي، كي يتعايشوا مع معاناة المعاقين، ومع ذلك لم يقوموا بتأهيل الوزارات، لافتا إلى أنهم خاطبوا المسؤولين عن طريق لجنة متابعة قضايا المعاقين، وكذلك عن طريق جمعيات النفع العام، ولا توجد استجابة للآن، متمنيا أن تلتزم الوزارات بالبند الخاص ببيئة صالحة للمعاقين، من دون انتظارهم مخاطبة أحد. جهود خاصة وأضاف أن البند الخاص بإجازات المعاقين وأولياء أمورهم في جميع الوزارات لا تطبق، ولكن ذلك لا يمنع من توجيه شكر خاص لوزير الصحة على قراراته التي تصب جميعها في تطبيق قانون المعاقين منذ تسلمه منصبه، حيث أعفى الرسوم وفعل بند إجازات المعاقين وأولياء أمورهم. وانتقد السرهيد عدم التنسيق بين الهيئة العامة للمعاقين والوزارات، مطالبا بان يتم ذلك خلال الفترة المقبلة، خدمة لمصالح المعاقين. ولفت إلى أن هناك جهدا خاصا من قِبل بعض موظفي الهيئة في العمل لمصلحة المعاقين وإصرارا منهم على تيسير أمور المعاقين، مثل قسم خدمات المعاقين والوكيل المساعد للشؤون الطبية. مشكلة التصنيف أما نائب أمين سر اللجنة الوطنية لمتابعة قضايا المعاقين علي الثويني، فقد تناول التقارير الخاصة بتحديد نسب الإعلاقة الصادرة من قِبل اللجان، مشيرا إلى التضارب الكبير بين الشهادات التي أصدرتها اللجنة نفسها في كل مرة يتم فيها التجديد لشهادة المعاق وفق التصنيف، واستغرب من أن الكويت يفترض أنها طبَّقت التصنيف العالمي للمعاق، ومن البديهي أن يتم العمل بهذا التصنيف بين جميع اللجان في مستشفى العلاج الطبيعي التي يوجد بها خمس أو ست لجان، ولا بد أن يكون هناك تصنيف واحد وصياغة واحدة متطابقة مع التصنيف العالمي، قائلا «ومع ذلك، لا يوجد تطابق، والدليل أن تلك اللجان تختلف في تصنيفها للإعاقة من شديدة ودائمة لمتوسطة، حتى أحيانا يحولونها بقدرة قادر لإعاقة بسيطة جدا! ولو أنهم التزموا به، فسيخرجون من كل هذه الدوامة، وحتى المعاق سيأخذ حقه كاملا». وأضاف «ما يشفع للمعاق ويثبت إعاقته عند اللجنة دفاع ولي أمره إذا كان صوته عاليا ويأخذ حقه، بسبب خوف رؤساء اللجان من أي كلام ممكن أن يسيء لهم، واستشهد بحالة يتحدث فيها الأطباء أنفسهم بثلاثة تقارير مختلفة، أحدهم يصف الإعاقة بأنها سمعية شديدة، وآخر متوسطة، وفي التصنيف الثالث غير معاق، موضحا أن السبب في ذلك أنهم يعتمدون على الثروة اللغوية في تصنيف الإعاقة السمعية، بحيث إذا حاول المعاق أن يتحدَّى إعاقته ويعبِّر بجملة واحدة هي الوحيدة التي يعرفها لا تتعدى كلمتين أو ثلاث كلمات، يصنفوه بأنه يمتلك ثروة لغوية، وأنه غير معاق، مشددا على أنه من الظلم وضع الاختبار اللغوي في تشخيص الإعاقة السمعية، بل يجب الاعتماد على جهاز «الديسبل». نسبة ضئيلة أما عن نسبة تفعيل القانون الخاص بالمعاقين منذ صدوره وللآن، فيؤكد الثويني أن القانون مفعَّل بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة، ويصف هذا التفعيل بأنه أعرج، وخصوصا في بند طلب الخدم وشروطه اللا منتهية والتعجيزية، متسائلا: لماذا لا يصبح طلب الخادم مثل بدل الإيجار؟ مضيفا أنه حتى في تعليم المعاقين هناك أمور كثيرة ضد تعليمهم، ضاربا مثالا بمدرسة في مدارس التربية الخاصة بقدرة قادر «تكنسلت» من رياض أطفال لمدرسة ابتدائي وبعد أن صارت ابتدائي أحضروا مدرسين متخصصين لتلك المرحلة، ولكن غاب الطلاب، لأنهم كانوا يعتمدون على النظام القديم، كما أن المدرسين أصبح وضعهم محيرا أيضا، متسائلا: إلى متى هذا التضارب في الآراء والقرارات التي تضر في النهاية بمصلحة المعاقين؟[/B]