[B] يرغب كثير من الناس في تعلم فنون التعامل مع ذوي الإعاقة السمعية، كتعلم لغة هذه الفئة المسماة «لغة الإشارة»، سواء في المنزل أو المدرسة أو حتى في بيئة العمل، في سبيل تسهيل التواصل والتفاهم معهم وتبادل الحوار. القبس، حرصت على لقاء أحد مترجمي لغة الإشارة بمدارس التربية الخاصة ووكيل مركز الارتقاء للصم يوسف الراشد للخوض أكثر في عالم الصم والتعرف على تفاصيله عن قرب. يدعو يوسف الراشد جميع وزارات الدولة إلى التوعية بلغة الإشارة والاهتمام بها وعدم إهمالها، لا سيما أن فئة المعاقين سمعيا جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي ينتمون إليه، لافتا إلى أن هذه اللغة تحظى باهتمام مجتمعي وإعلامي بسيط، وليس كما هو مطلوب. مناهج ويطالب الراشد بضرورة إدخال دروس عن فئة الصم ضمن مناهج التربية للتعرف على مجتمعهم عن قرب وكيفية التواصل معهم، فضلاً عن توفير جامعات أو معاهد خاصة لهذه الشريحة لحثها على مواصلة مسيرتها التعليمية بعد دبلوم التأهيل بما يتناسب مع طبيعة الصم. وفيما وصف قانون المعاقين الجديد 8 لسنة 2010 بالجيد، نظراً الى المزايا التي يوفرها لهذه الشريحة، انتقد الراشد عدم تفعيل معظم بنوده وعدم تطويره. وعن مراكز تعليم لغة الإشارة، قال إنها متوافرة ولكن الإقبال عليها ضعيف، وذلك نظراً الى ضآلة نسبة الاحتكاك بهذه الفئة، فضلاً عن انعدام التوعية بأهمية هذه اللغة وكيفية التواصل معها، بالإضافة إلى عدم وجود الحوافز المادية والمعنوية للتشجيع على معرفتها. صعوبات وأشار الراشد إلى أن وجود صعوبات تواجه شريحة الصم هذه عند مراجعاتهم للدوائر الحكومية وغيرها من المرافق العامة التي يترددون عليها لعدم وجود مترجمين للغة الإشارة، لمساعدتهم في إنجاز معاملتهم وإرشادهم في أعمالهم، بالإضافة إلى افتقار المساجد التي يصلون فيها إلى أجهزة حديثة ومطورة، بحيث تخدم متطلبات هذه الفئة. واعتبر الراشد أن فكرة دمج ضعاف السمع مع أقرانهم السامعين خطوة جيدة، ولكن بشرط مراعاة الفروق الفردية ووجود الكوادر المتخصصة من المترجمين، بالإضافة إلى توفير الأجهزة الحديثة والمتطورة والخاصة في توصيل المعلومات وتواصلهم مع الآخر. توظيف وفي ما يتعلق بتوظيف هذه الشريحة، أشار الراشد إلى توافر فرص العمل البسيطة بالنسبة الى الصم المواطنين، ولكن في الأماكن التي لا يوجد فيها اختلاط مع الناس، داعياً إلى أهمية اختلاط ودمج أبناء هذه الفئة بغيرهم من السامعين وعدم عزلهم وتمييزهم عن غيرهم، لا سيما أن هذه الفئة لا تختلف عن غيرها، ولكن ينقصها – فقط – توصيل المعلومات، وذلك اقتداء بالدول المتقدمة التي تحرص على تعزيز وجود هذه الفئة في شتى المجالات والاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم، حيث يُوظَّفون في وظائف مناسبة، فمنهم المهندس والأستاذ في الجامعة وغير ذلك من المهن القيادية. وفي السياق ذاته، لفت إلى أنه رغم الإمكانيات القوية التي يتمتع بها الأصم من غير الكويتيين سواء الوافد أو «البدون» فإن نصيبهم في إيجاد فرص العمل ينحصر في نطاق محدود، وغالباً في الشركات الخاصة. وعرّف الراشد لغة الإشارة بأنها سهلة وبسيطة تعتمد على إشارات اليد وإيماءات الوجه وحركة الشفاه وكل كلمة لها إشارة لدى الصم، وهناك الحروف الهجائية للصم تتم من خلال اليد، كما أنها لغة للتفاهم مع فئة الإعاقة السمعية. طرق التواصل وتناول الراشد الحديث بالشرح عن طرق التواصل مع المعاق سمعياً، موضحاً أن هناك ثلاث طرق تُستخدم لتسهيل التجاوب والتفاهم معه، فالطريقة الأولى تتمثل في التواصل الشفوي وهي تعتمد على معرفة أفكار المتكلم بملاحظة حركات الفم ومخارج الحروف من الفم والشفاه واللسان من خلال الربط بين صوت معين وحركة الشفاه واللسان وترجمتها إلى أشكال صوتية معتمدة على الإدراك البصري، أما الطريقة الثانية فهي التواصل اليدوي من خلال لغة الإشارة الوصفية، وهي أسلوب بصري يدوي وإشارتها خليط من الأوضاع والكلمات وأخرى لغة إشارة أبجدية وتفيد في التعبير عن الأسماء والعناوين وهي تعتمد على السرعة في تحريك الأصابع. وأضاف: هناك طريقة ثالثة قائمة على التواصل الكلي، وهذا الأسلوب يعتمد على دمج الوسائل الممكنة من الإشارات الوصفية وتهجئة الأصابع والتدريب السمعي، بما يؤدي إلى إيجاد الأسلوب الأمثل للتكيف اجتماعيا ونفسياً مع المجتمع المحيط. وأشار الراشد إلى أن لغة الإشارة أصبحت لغة معترفاً بها في كثير من دول العالم وينظر إليها على أنها اللغة الطبيعية للأصم لاتصالها بأبعاد نفسية قوية لديه ولما تميزت به من قدرتها على التعبير بسهولة عن حاجات الأصم وتكوين مفاهيم لديه، لافتاً إلى أن المبدعين من الصم أصبح لديهم القدرة على الإبداع في كثير من الأمور. فهي تعتمد أساسا على الإيقاع الحركي للجسد، لا سيما اليدين اللتين تعتبران وسيلة رائعة للتعبير بالأصابع وتكويناتها، يمكن أن نضحك ونبكي ونفرح ونغضب ونبدي رغبة ما. لغة الجميع ووفق الراشد، فإن لغة الإشارة ليست قاصرة على الصم فقط، فجميعنا نستعملها ونستخدمها، خاصة إذا كنا في أماكن تحتاج إلى الهدوء والصمت، كما يستخدمها الطفل الرضيع الذي لم يصل إلى مرحلة الكلام، بأن يعطي إشارة الكوب في حالة طلبه للماء أو إشارة إلى الفم في حالة طلبه للطعام مع إضافة مقاطع صغيرة من الكلمات التي توضح المطلوب. وقال الراشد إن ثمة تصورا خاطئا وهو الأكثر انتشاراً حول أن لغات الإشارة جميعاً متشابهة أو موحدة أو دولية، وهذا ليس صحيحا، موضحاً أنها لغات متمايز كل منها عن الأخرى، مثلها مثل لغات الكلام المختلفة، وكثير منها مأخوذ من العادات والتقاليد المتنوعة لكل بلد. وظائف وذكر الراشد أن للغة مجموعة من الأشكال والوظائف تخدم من خلالها الفرد الأصم، كما تخدم الجماعة، منها التواصل بين الناس وتبادل المعرفة والمشاعر وإرساء دعائم التفاهم والحياة المشتركة، فضلاً عن التعبير عن حاجات الفرد المختلفة، إلى جانب أن النمو الذهني المرتبط بالنمو اللغوي وتعلم اللغة الشفوية أو الإشارية يولد لدى الفرد المفاهيم والصور الذهنية، أما الوظيفة الأخيرة وهي النفسية، حيث ان اللغة تنفِّس عن الإنسان وتخفف من حدة الضغوطات الداخلية التي تكبله، ويبدو ذلك في مواقف الانفعال والتأثر. وبين أن تطوير وسائل التعبير لدى الأصم وتذليل الصعوبات ليصل إلى التعبير عن ذاته وحاجاته وميوله، كل ذلك يساعده على الخروج من عالم العزلة والخوف والإحباط إلى عالم منفتح على الناس، وعلى المحيط، مما يؤدي به الى التوازن والتكيف وتنمية قدراته للمساهمة في الحياة الاجتماعية وعلى البذل والعطاء في المجالات المعرفية والمهنية والثقافية، مشدداً على ضرورة مراعاة الاستعداد الطبيعي للأصم وتلقائيته وعدم فرض وسيلة للتواصل وإلغاء الوسائل الأخرى التي فيها ارتياح ومتنفس لعزلته النفسية والاجتماعية. تطور وحول مدى تطور هذه اللغة، قال إنها لغة طبيعية، مستقلة عن اللغات المحلية، لأنها تتطور تطوراً طبيعياً مع الزمن لدى طائفة مستخدميها ولأن الأطفال الذين يكتسبونها يفعلون ذلك بالطريقة ذاتها بالنسبة الى لغة أخرى، ولأن مبادئ بنيتها هي ذات المبادئ لكل اللغات الإنسانية، ولكنها تمتلك خصوصية مستقلة في نظامها تجعل كل لغة إشارة وحيدة. وسرد الراشد إرشادات حول كيفية التعامل مع الأصم في بيئة العمل، لافتاً إلى ضرورة معاملته بطريقة عادية وبلطف واحترام، سواء بالابتسامة أو الترحيب، فضلاً عن الحرص على المبادرة في عرض المساعدة، خاصة أنه يشعر بالخجل، إلى جانب الصبر عند التحدث معه واستخدام اليد في التعبير قدر الاستطاعة، ولا بأس من استخدام الكتابة إذا أمكن للحصول على المعلومات منه. وأضاف: في حالة وجود مترجم إشارة، على السامع ألا يتحدث أو يوجه أي استفسارات له وكذلك عدم مخاطبته من مسافة بعيدة أو أثناء السير، لأن ذلك لا يمكنه من رؤية الشفاه أو العينين واليدين. واستعرض الراشد بعض الجوانب اللغوية الخاصة بالصم في كتابة الرسائل الهاتفية، مبيناً أن الكثير من هذه الشريحة يقرأون الجملة العربية ولا يفهمون معظم معاني كلماتها، كما أن الثروة اللغوية المكتسبة محدودة، لافتاً إلى أن الأصم يكتب بطريقة مبسطة وبلغة سليمة بالنسبة الى الناطقين بالعربية، وكأنه شخص غير ناطق باللغة العربية، علاوة على ذلك فإن ترتيب كلمات الجملة الإشارية يختلف بنيوياً عن الجملة المنطوقة. ومضى بالقول: إن كتابات بعض الصم تتسم بالركاكة والضعف، حيث انها تفتقر الى أدوات الربط وترتيب الجملة المكتوبة غير صحيح وأحيانا عشوائية مقارنة بقواعد اللغة العربية. الجرعة الإعلامية انتقد الراشد الجرعة الإعلامية التي تقدّم للصم والبكم، وقال: هي قليلة جدا، لافتاً إلى أن هذه الفئة لا تريد أن يعاملها المجتمع كفرد في فئة خاصة، بل تسعى إلى الاندماج، وإلى أن تعامل معاملة الشخص العادي سليم الحواس. علاقات اجتماعية بيّن الراشد أن المعاق سمعياً يفضل إقامة علاقات اجتماعية وصداقات مع الصم، حيث إن تفاعله مع أقرانه الصم يفوق تفاعله مع العاديين، بالإضافة إلى أنه يفضل المدرسة والنادي وأماكن تجمع الصم لسهولة التواصل معهم. تواصل بصري دعا الراشد إلى أهمية الحرص على أن يكون هناك تواصل بصري بين السامع والشخص الأصم، فضلاً عن عدم توجيه أسئلة شخصية تمس الأصم عند إنجاز الموظف لمعاملته. خصوصية قال الراشد إن عالم الصم له خصوصيته، ومجتمعه محدود جدا ينحصر في نطاق ضيق، داعيا إلى ضرورة تكثيف التواصل مع أبناء هذه الفئة ودمجهم مع غيرهم من السامعين، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع الذي ينتمون إليه.[/B]