0 تعليق
449 المشاهدات

الكويت ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة للكاتب / د. عبد المحسن الجار الله الخرافي



[COLOR=#000000][B]مصطلح «ذوو الاحتياجات الخاصة» من المصطلحات المستحدثة، وقد يشار اليه بمصطلح: «المعوقون»، والاعاقة – كما تعرفها منظمة الصحة العالمية: «حالة من القصور أو الخلل في القدرات الجسدية او الذهنية، ترجع الى عوامل وراثية او بيئية، تعوق الفرد عن تعلّم بعض الأنشطة التي يقوم بها الفرد السليم المشابه في السِّن».

وفي دولة الكويت عرّف القانون رقم 8 لسنة 2010 الشخص ذا الاعاقة بأنه: «كل من يعاني اعتلالات دائمة كلية أو جزئية، تؤدي الى قصور في قدراته البدنية او العقلية او الحسية، قد تمنعه من تأمين مستلزمات حياته او المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين».

وفي الإسلام التسمية التي تقابل المصطلح الحديث «ذوو الاحتياجات الخاصة» هي: «أولي الضرر» على حد التعبير القرآني، أو «أهل الأعذار»، و«أهل البلوى والزمنى» كما اصطلح عليهم العلماء.

وقد اعتنى الاسلام بأهل الاعذار اعتناء شاملا لهم جميعا من دون استثناء، فخفف عنهم، ويسر عليهم، ويتضح ذلك – على سبيل المثال – من إعفائهم من الجهاد مع حصول المخلصين منهم على الأجر كاملا، مصداقا لقوله تعالى: «لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم..» (سورة النساء: جزء من الآية 95)، وكذلك قوله تعالى: «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج» (سورة الفتح: من الآية 17).

وقد ورد هذا التوجيه نفسه في مقام النهي عن مقاطعة الاعمى والاعرج والمريض وعزلهم، وذلك في قوله تعالى: «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم» (سورة التوبة: آية 27).

بل وعاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم في رجل كفيف (وهو الصحابي الجليل ابن ام مكتوم)، وأنزل قوله تعالى: «عبس وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكّى، أو يذكّر فتنفعه الذكرى» إلى آخر الآيات من سورة عبس، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك – يقابل هذا الصحابي الضرير، فيهش له ويبش، ويبسط له الفراش، ويقول له: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي»! بل واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما (تفسير القرطبي 213/19).

وجاء في صحيح البخاري عن مصعب بن سعد، قال: رأى سعد رضي الله عنه، أن له فضلا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم»؟! وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم – وفق ما جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر – أراد ان يعلم سعد ابن ابي وقاص – رضي الله عنه – أن سهام المقاتلة سواء، فإن كان القوي يترجح بفضل شجاعته، فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه.

وعلى نهج النبي صلى الله عليه وسلم في رعاية اهل البلوى سار صحابته والتابعون وعامة المسلمين، فسبقوا العالم اجمع الذي لم يعترف بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة الا في العصر الحديث.

وانطلاقا من تلك الاصول لم تألُ دولة الكويت جهدا، سواء على المستوى الرسمي او غير الرسمي، في رعايتها لذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يبلغ عددهم داخل الكويت حوالي خمسة وعشرين ألف شخص معاق، فقامت بتوحيد الجهود المبذولة في مجال رعاية المعاقين من كل من الجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، فأصدرت القانون 49 لسنة 1996 بشأن رعاية المعاقين، وقامت بإنشاء هيئة مستقلة تسمى «المجلس الأعلى لشؤون المعاقين» يرأسها وزير الشؤون الاجتماعية، ثم استبدلت بها «الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة» بموجب القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وجعلتها تحت اشراف النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، ومنحها الاختصاص بالقيام بجميع الاعمال والمهام الكفيلة برعاية الاشخاص ذوي الاعاقة وتأهيلهم وتشغيلهم، ودمجهم في المجتمع.

كما قامت الكويت – عن طريق الأمانة العامة للأوقاف – بإنشاء «الصندوق الوقفي لرعاية المعاقين والفئات الخاصة» بالقرار الوزاري رقم 12 / 1994، ليقوم هذا الصندوق بتمويل المشاريع التي تخدم المعاق، سواء كانت هذه المشاريع مقدمة من مؤسسات حكومية، أو جمعيات نفع عام.

وقامت كذلك – عن طريق التعاون بين الأمانة ووزارة التربية وأهل الخير الكرام – بتأسيس «مركز الكويت للتوحد»، في سبتمبر من عام 1995، وهو أحد المشاريع المهمة التي تُعنى بمرضى التوحد، ويعتبر اول مركز تربوي وتعليمي واجتماعي للأطفال المصابين بإعاقة التوحد، فضلا عن دعمها لعدد كبير من المشاريع المهمة التي تسهم في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل، مشاريع النادي الكويتي الرياضي للصم، وساحات الانشطة الحركية، والتي يتولاها مركز الخرافي لأنشطة الاطفال.

والأمانة الآن بصدد التصدي لجمع الشتات المتعلق بمرض الشلل الدماغي، بالتنسيق مع كل الوزارات والجهات المعنية بشؤون المصابين بهذا المرض.

ادع الله أن يحفظ الكويت وأهلها، وأن يبارك لها في جهدها، في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

د. عبد المحسن الجار الله الخرافي [/B][/COLOR]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0