0 تعليق
465 المشاهدات

الكفيف خضر نصر الله أعاد العز للمعوق متحدياً الحواجز



[COLOR=#000000][B]
على الرغم من أن القدر سرق منه عينيه في صغره، لكنه لم يتمكن من سرقة عزيمة النضال من أجل الحياة، وابتسامة الأمل والتفاؤل بالغد التي لا تُفارقه.

هذا حال ابن بلدة قانا الجنوبية خضر نصر الله الكفيف الذي حوّل الإعاقة والانكسار، إلى تحدٍ وعمل، بعدما دخل إلى عالم صب المفاتيح بآلاته الحادة وتشعباته الخطيرة، مفتخراً بأنه هو مفتاح الحياة ، وخصوصاً عندما يفتح أصعب غال، وأعقد مفتاح من السيارات الحديثة، مقدماً نموذجاً فريدا يحتذى به "الإرادة تصنع المعجزات"، فقام بتحويل طاقته إلى إبداع متحرر من ظلمة البصر، إذ هي الإعاقة التي تحوّلت إلى طاقة عملاقة تفجرت بعبقرية، أعاد فيها "العز" للمعوق متحدياً كل الحواجز..

لقد حاك نصر الله لوحة عبقرية بفن اسمه المفتاح ، وخلق حالة فريدة خارجة عن إطارها موجدا مفاتيح على أنواعها وأشكالها بأحجام مختلفة ومتعددة: الحديث منها والقديم، كلها وجدت طريقها الى المحل الذي يعتبره خزنته الكبرى التي تحفظ كل أسرار عمل لا يدركه سواه..
لـواء صيدا والجنوب التقى خضر نصر الله، الذي بدّل كل المفاهيم، من خلال عمله الشاق والخطر، مجسّداً نموذجاً فريداً عن كفيف في ميدان صب المفاتيح.

مستوصف مفاتيح
داخل قانا الجنوبية تمر بمحلات كثيرة، ولكن محل خضر نصر الله الذي يشبه كما يقال عنه مستوصف مفاتيح تجد داخله شتّى أنواعها من القديم حتى الحديث، وفق ما يقول نصر الله، الذي يبدو خبيراً وملماً بكل ما يحويه مستوصفه، ويدرك مكانه "تحوّلت إلى فارج العبء عمن يتعطل مفتاح يختص به أو بخزنته ولا يجد من يُعالجها .

وحدها صوت الحاجة أم علي يقطع عليه عمله أريد أن تصب لي مفتاح هي 2 دقيقة، ويسلمها النسخة الجديدة، قبل أن تطلب أخرى نسختين من مفتاح قديم، وإذ به يشير يقصدونني كثر لأصلح مفاتيحهم من كافة أرجاء الجنوب، لقد نلت شهرة واسعة لأنني صادق في عملي.

فهو يعمل في محله الصغير طيلة النهار، هنا المفاتيح على مد العين مُعلقة على ألواح خشبية، تكاد أن تخدش بصيرة نصر الله فيراها، يعرف مكنوناتها، تفاصيلها بدقة متناهية، ما أضعه في مكانه لا أبدله، لقد قسمت محلي أقساماً، أدوات الحدادين في مكان، والنجارين في مكان، والكهرباء في مكان، والمفاتيح الحديثة في مكان وكذلك آلة المفاتيح .

تأقلمت مع الصعاب
وبكل ثقة يقول: أثبتّ كفاءة عالية في مهنة صب المفاتيح التي دخلتها عنوة عن بعض الأشخاص الذين تحدوني، مبدداً كل الهواجس التي تقلل من قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويشير تأقلمت مع الشيء الصعب، فقد قدمت أدلة دامغة على كفاءتي حين قطعت خاتم لأحد المواطنين كان قد علق في إصبعه وتورم، وكاد أن يبتره الطبيب، وعجز عن إخراجه كل الميكانيكية، قصدني شقيقه لمساعدته، التقطته بعصب اليد وقصصته بالصاروخ، قال شقيقه: أرضى بـ 3 قطب – أجبته: لن يخدش أبداً، وقد تحولت عملية نزعه إلى صندوق فرجة للأهالي الذين تجمهروا لرؤية ما يحصل.

وأضاف: لقد دخلت عالم المفاتيح صدفة، كنت ذاهباً برفقة زوجتي لنصب مفتاح للمنزل فطلب ثمنه 3 آلاف ليرة، وكان ذلك في العام 1999، فامتعضت من السعر وقلت له سأعمل بها، وأبيع المفاتح بـ 1000 ليرة، فهزأ مني، وقال: الله يشفق عليك.

ويكمل قصدت بيروت لأشتري مكنة الصب، عاجلت الأمر بتوزيع منشورات وإعلانات حتى قبل أن أشترى مكنة وأتعلم المهنة.

يضحك قبل أن يكمل أول زبون دخل المحل طلب صب 3 مفاتيح، قلت له لم أتعلم بعد، أجابني: أنا أساعدك، فصب أول مفتاح، وانطلقت وما زلت أحتفظ بأول مكنة للذكرى.

قصص وحكايات
وتابع: أريد أن أثبت للجميع أن ابن الجنوب لا يتوقف عند أي إعاقة كانت أو عجز، بل يُمكن أن يخرج منها بقوة إبداعية.. كلمات نصر الله كانت متماسكة كما صلابة عمله، الذي لم يخل من قصص وحكايات البعض منها جرحني – وفق ما يشير: هناك كثر من الزبائن كانوا يقصودنني ويسألون عن المعلم، لا يثقون إنني معلم المفاتيح، وهناك من يقللون من قدرتي على العمل، قصدني يوماً أحد الأشخاص لكي أصب له مفتاح BMW موديل 2008 كان قد كسر في غال السيارة، وحين قصدني، قال: مع المبصرين لم يمشِ الحال، كيف مع العميان، ولكن أريد تجربتك ؟. صببت له المفتاح ومشي الحال، وأصبح من زبائني الدائمين.

كفاءة وقدرة
وحين تسأله عن صعوبات تواجهه خاصة أن عمله يحتاج للبصر؟ بثقة يقول: أنا لا أبصر، ولكن أملك بصيرة مكنتني من أن أبدع في عملي، أملك كفاءة وقدرة على صب المفاتيح لا يملكها البصير.. بهذه الشجاعة والثقة الكبيرة يتحدث نصر الله وهو منهمك في إخراج مفتاح كُسر في غال إحدى السيارات لا يهم كم من الوقت أستغرقه لانتزعه، المهم أن أحافظ عليه، لأن فكه يعني نهايته، فهذه الغالات الجديدة دقيقة وحساسة، ولكن إذا لم تنجح عملية استئصاله بنجاح علينا بالكي، ولا ينكر نصر الله حاجته للنظر لكي أنظر كيف يبرم المفتاح، ولكنني أعوّضه بالصبر واللمس".

متعة وتحدٍ
لدى نصر الله طريقة خاصة في كيفية التعامل مع المفاتيح وغالاتها، فيقول: أفتح بطريقة البالون هناك متعة وتحدٍ للأخر أمارسه في عملي، الذي لا يتوقف على صب المفاتيح، بل يتعداها الى فتح الخزنات، فكم من واحدة عصت على أصحابها، فلجأوا إليّ.
ويقدم براهين على الأمر بالقول: قصدني وفد من الوحدة الفيجية في قوات الطوارئ الدولية ذات يوم يريدون فتح خزنة، عجز كثر ممن قصدوهم على فتحها، كانوا قد أضاعوا أرقامها السرية، وبعدما فقدوا الأمل بفتحها، قصدونني، فاشترطت 80 $ لفتحها، وقد نجحت في الأمر، وهذا زاد في رصيدي.

ونصر الله صنع هوية خاصة لعمله الخطر الممتع في آن ، إذ يشير الى أن الإعاقة علمتني كيفية برمجة حياتي بطريقة منظمة بعيدة عن ضوضاء الفوضى ، تقلب في كثير من الأعمال سبعّت الكارات ، عملت في صناعة الخيزران، وتقشيش الكراسي، وصناعة السلل، والسجّاد والحُصَر، لكن "هذه المهن لا تُطعم خبزاً ولا تبني عائلة، حتى رسيت على رصيف مرفأ المفاتيح فهي كلمة سر الحياة .

ويملك نصر الله "memory قوي في عقله يقول: داخلها أحفظ كل شيء، أخزن فيها كل المعلومات التي أريدها، أبرمجها بشكل ثابت ودقيقة جداً، يعتمد نظام ترميز الكلمات أدونها على أوراق ألمنيوم وأضعها بقرب كل منها، تحوي تفاصيل كل المفاتيح والمكنات والآلات.

[/B][/COLOR]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0