[B]بمساعدة إحدى الأمهات تمكّن باحث من كشف رابطة مشتركة بين ظهور أعراض التوحد واحتمالات الإصابة بمرض عظمي مدمر.
ففي سنة 2003 تلقى الباحث في علوم داء السكري يو ياماغوشي مكالمة هاتفية غيّرت مستقبله المهني. وفي تلك الفترة عكف العالم في معهد البحوث الطبية في سانفورد – بيرنهام على دراسة كبريتات الكبد التي تنشط في كل أنواع الخلايا الحيوانية، وتبيّن له أنها تتركز بعد تطورها بصورة تامة حول نقطة الاشتباك العصبي.
وعندما علمت الأم سارة زيغلر بأن ابنها مصاب بمرض عظمي نادر يدعى العرن (نامية عظمية فوق العظم)، وهو ورم حميد يُفضي إلى ألم في عظام الطفل إذا لم تتم معالجته، اتصلت بياماغوشي، لأنها ظنت أن بحوثه قد تساعد ابنها في مواجهة المرض، وسألته عما إذا كان يعلم بأن عمله في مجال السكر العدادي يرتبط بهذا المرض المهلك.
ويقول ياماغوشي إنه كان يعلم بذلك الاحتمال، ولكنه لم يكترث كثيراً بالأمر “إذ ما علاقة اضطراب في نمو العظم بنقاط الاشتباك العصبي في الدماغ؟” غير أن الأم كانت تشتبه في أن ابنها مصاب بمرض التوحد أيضاً، وهو ما اعتبره ياماغوشي ارتباطاً يستحق المتابعة العلمية.
لذا عمد ياماغوشي إلى حقن مجموعة من الفئران بمواد تُفضي إلى إحداث ذلك المرض العظمي (العرن) ليتحقق من الأعراض التي قد تنتج عنه. ولأنه لم يكن متخصصاً في متابعة الجوانب السلوكية، بدت الفئران طبيعية بالنسبة إليه، إلا أنه لاحظ أنها بعد نضوجها الجنسي لم تعمد إلى بناء جحور للتزاوج مثل الفئران العادية، كما كشفت اختبارات سلوكية أكثر تعقيداً (استعان لرصدها بإحدى المتخصصات في السلوك) 3 أعراض أساسية للتوحد: الفأر لم يغن للفأرة – وهي إشارة إلى وجود مشاكل في الاتصالات – ولم يهتم بالاستكشاف بل كان يكرر الحركات ذاتها مراراً وتكراراً، رغم علم الباحث بأن هذه الفئران غير مصابة بالتوحد. ولاحظ ياماغوشي أن هذه المجموعة من الفئران، خلال التفاعل الاجتماعي، كانت أقل نشاطاً بصورة كبيرة في منطقة الدماغ المرتبطة بالعاطفة والذاكرة، وهو الأمر الذي مكّنه من تحديد مشكلة في وضع المستقبلات الأمينية لدى تلك الفئران.
وتشير الدراسات إلى أن التغير في سلوك الفئران يرتبط بمشاكل في كبريتات الكبد، وتقول كارولين بلانشارد، وهي عالمة أعصاب من جامعة هاواي، إن “هذه الفئران تعاني مشكلة في كبريتات الكبد، ولست أعلم ما إذا كانت تلك الكبريتات ستتحول إلى منطلق أساسي أم لا، غير أنها دفعتنا إلى تركيز اهتمامنا على إمكانية تتعلق بآلية مشتركة يمكن أن تفضي إلى تأثيرات مهمة تمثل المدخل إلى مزيد من البحوث حول أعراض مرض التوحد”.
الجدير بالذكر أن التغير في كبريتات الكبد جاء كنتيجة مباشرة لتعريض الفئران لمرض العرن العظمي، وهو الاكتشاف العلمي الجدير بالمتابعة، وخصوصاً لفرز حالات التوحد الحقيقية من تلك التي تعاني فقط أعراض التوحد الناتجة عن هذا المرض العظمي.[/B]