[COLOR=#090909][B]كتب – راكان السعايدة – احتاجت لجنة التحقيق والتقييم في ملف دور الرعاية الاجتماعية إلى جرعة إضافية من الدعم ليتسنى لها اقتحام ملفات غاية في الحساسية ويمكن وصف بعضها بـ»الصادمة»، فكان للجنة ما أرادت من دعم وتحفيز سمعته مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني عندما التقاها أمس.
والقضايا الرئيسية التي أشر إليها جلالة الملك واعتبرتها اللجنة عوامل ستحدث فرقا في منهجية عملها، والقضايا هذه:
أولا: التشديد على تنفيذ توصيات تقرير «التحقيق والتقييم» في ملف الانتهاكات التي تعرض لها ذوو الإعاقة بإشراف لجنة التحقيق كضمانة لالتزام الأطراف الرسمية المعنية بالتفيذ المجدول زمنيا.
ثانيا: فتح ملفات كل دور الرعاية الاجتماعية، بلا استثناء، مع تركيز مضاعف على دور رعاية الخاصة بالمسنين والأيتام لمواءمة عملها مع المعايير الوطنية والدولية، إنسانياً وقانونياً، منعاً لتكرار ما رصد من إساءات وانتهاكات وممارسات غير إنسانية.
وأخيرا: تأكيد الملك على تسهيل مهمة اللجنة في متابعة ما أوصت به في تقريرها الأول عن الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة، وما سيلي ذلك من تقارير حول دور الرعاية الأخرى..
والإشارة الملكية هنا كانت واضحة إلى الجهات الحكومية، وغير الحكومية، بتسهيل مهمة اللجنة والاستجابة لمطالبها وضرورات عملها لإنجاز المهمة، بوصفها مهمة إنسانية من جهة وقانونية من جهة أخرى.
لجنة التحقيق والتقييم وجدت في الموقف الملكي الحاسم والحازم لتصويب الاختلالات والانتهاكات الواضحة والفاضحة في قطاع الرعاية الاجتماعية أساسا مهما في تحقيق سلسلة من الأهداف: وقف الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، واقتراح مضامين وآليات إصلاح الخلل البنيوي في المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بهذا القطاع.
إذ بنتيجة التحقيق حسبما ظهر في تقرير «ذوي الإعاقة» أن أزمة قطاع رعاية المعاقين يتركز في تقصير، لا يحتمل اللبس أو التبرير، ارتكبته جهتان أساسيتان تعتبران المظلة القانونية والإدارية لرعاية شؤون ذوي الإعاقة هما: المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة ووزارة التنمية الاجتماعية.
وتجلى الخلل في عمل هاتين الجهتين، في ضعف دورهما الرقابي والإشرافي، وسوء التنسيق بينهما إلى حد التصادم احيانا، وهذا ما ظهر في تقارير التفتيش لكل جهة منهما وكان يبدو واضحا التناقض في التقييم ، وفي كثير من الأحيان هذه التقارير لا تعكس الواقع.
وما لفت هنا، أن المجلس الأعلى والوزارة تحركا لتصحيح المسار وكأنهما ولدا في رحم الإدارة العامة للتو، ما أثار تساؤلات اللجنة ومن تابع عملها، كيف تمكنت لجنة عملت مدة أربعة عشر يوما ورصدت كل هذا الخلل وكل هذا الانتهاكات وأحالت من أحالت إلى القضاء وأغلقت وأنذرت عشرات المراكز فيما المجلس والوزارة لسنوات من العمل لم يضعا أيديهما على الجرح.وعلى قدر صدمة لجنة التحقيق والتقييم من حجم الإساءات والانتهاكات والممارسات غير الإنسانية في مراكز ذوي الإعاقة، يتوقع أعضاء في اللجنة أن تكون الصدمة اشد في جولة التحقيق الثانية.
فبالأمس، وفور انتهاء اجتماع اللجنة بجلالة الملك فتحت ملفا شائكا ومعقدا ولهول ما فيه من معلومات عن انتهاكات غير متصورة تتوقع اللجنة أن تكون نتائج التحقيق في تقريرها الثاني حول هذا الملف (نمسك عن تحديده للمحافظة على سرية التحقيق) أكثر صدمة وإيلاما من سابقه.
إلى الدرجة التي فكرت اللجنة أن تحيل ما لديها من معلومات وشهادات فورا إلى النائب العام غير أنها رأت التريث وإجراء مزيد من التحقيقات وإعداد تقرير مفصل ومن ثم الطلب إلى النائب العام تولي الأمر.
إن لجنة التحقيق مصرة على أن تسمي الأشياء بمسمياتها، وتحمّل المسؤوليات، دون مواربة، لكل من طرف قصر في واجباته واهمال في وظيفته، مستندة على إصرار ملكي يريد بشكل قاطع معالجة جذرية لكل الاختلالات في قطاع الرعاية الاجتماعية.
واكثر من ذلك، يريد الملك إطلاعه بصورة مستمرة عن سير عمليات التحقيق وإنفاذ توصياتها وصولا إلى رفع سوية الرعاية الاجتماعية وتخليصها من عيوبها وضمان تطبيق المعايير الناظمة لهذا القطاع.
تؤكد لجنة التحقيق والتقييم أن مقبل الأيام سيشهد تطورات هامة على صعيد التحقيقات التي تمت، وتلك التي تعمل عليها حاليا، على نحو تتوقع معه إحداث تغييرات جذرية في القطاع.
وانها (اللجنة) لن تتوانى ولن تتساهل، بحسبها، عن كشف أي تقصير أو تراخ في تنفيذ توصياتها وكل ما من شأنه رفع الظلم عن المنتفعين من دور الرعاية..[/B][/COLOR]