0 تعليق
717 المشاهدات

أمهات الصبر والنبل والعطاء المتدفق يروين تجاربهن مع أبنائهن المعاقين



[B]نهر العطاء يتدفق فتثمر على يديه الحياة.. وهنا يستلهم الكون حكايات للنبل والإيثار والتضحية بلا مقابل، لكنه قلب الأم الذي يغدق كرماً وحباً يسع الكون كله ويفتح آفاق الأمل ويمحو الألم ويعيد النبض للأركان المظلمة في جوانب نفوسنا.
إذا كانت الأم بلسمنا وهدية السماء لنا، فأمهات المعاقين أكثر تضحية وأشد معاناة من أمهات الأشخاص الطبيعيين، أم المعاق نهر عطاء يتدفق، وتستحق أكثر من شمعة لتضيء رحلة كفاحها، ولنبلها ألف وردة ولمعاناتها ألف ألف تحية تقديرا على صبرها وتفانيها وتحملها وتجلدها وحسن رعايتها لأبنائها.
إنهن أمهات عبرن مراحل أليمة وتحملن خلالها الصدمات وواجهنها بقوة الإرادة، ضاربات أروع الأمثلة في التضحية والعطاء المتدفق، هن أمهات صابرات على أبنائهن وتحملن ما اصاب صغارهن من إعاقات مختلفة، ولكنهن تحدين هذه الظروف القدرية ليصنعن مستقبلا أفضل لفلذات قلوبهن ووضعهم على الطريق الصحيح.
حكايات أمهات صامدات أمام إعاقات مختلفة، منهن من وجهن بوصلة اهتمامهن نحو أبنائهن للدفاع عن حقوقهم، وأخريات فضلن التفرغ لمتابعة مشكلات أبنائهن وانخرطن في العمل التطوعي، ليكون بوابة لمساعدة الابن المعاق.
هنا إضاءة على ذوات العطاء.. ولمسة وفاء لأمهات المعاقين، حيث كان لابد من تسليط الضوء على تجربتهن في الصبر والإرادة ليستلهم الآخرون منهن سيرة النبل والصفو والكفاح.

إلهام الفارس تروي تجربتها
ساعدت أبنائي المعاقين ذهنياً على الاندماج في الحياة

إلهام الفارس «حكاية في العطاء والصبر»، فهي أم لثلاثة أبناء من أصحاب الإعاقات الذهنية المختلفة.
عملت متطوعة في كثير من الجهات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة، وعن ذلك تقول: بداية، دخلت مجال التطوع عن طريق جريدة الأمل الالكترونية، حيث كانت تجربتي الأولى ولم تكن لدي حينذاك الرغبة أو الفكرة في الانضمام، خاصة أنني كنت موظفة في وزارة الصحة ولم يكن لدي وقت كافٍ، ولكن عقب التقاعد أدركت ضرورة الدخول في هذا المجال واستثمار وقت الفراغ في غرض يفيدني ويفيد أبنائي، ومن ثم التحقت بجريدة الأمل للعمل فيها كمتطوعة.
واضافت: لقد ساعدت ابنائي الثلاثة على الاندماج في الحياة وتجاوز إعاقاتهم، وذلك بالصبر والإرادة.

دروس مستفادة
وواصلت الفارس حديثها قائلة: وكان أهم ما يميز هذه الجريدة هو حرصها على توفير دورات تدريبية لذوي الاحتياجات الخاصة وأولياء أمورهم، لافتة إلى أن الدروس المستفادة من خوضها مجال التطوع كثيرة، منها: التعرف على أنواع الإعاقات المختلفة وكيفية التعامل مع الحالات وفقاً لكل إعاقة، فضلا عن الاستفادة من تجارب وخبرات من سبقونا والالتقاء بمسؤولين خليجيين، سواء في جمعيات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة أو المؤسسات، إلى جانب هذا، فعلى الرغم من أن التطوع غير ربحي وليس له مردود مادي، إلا أن له مردودا ثقافيا.

مسيرة كفاح
وتابعت: لم تتوقف مسيرتي عند هذا الحد، بل واصلت عملي التطوعي والتحقت بجمعية أولياء أمور المعاقين كعضو ونائب مجلس الإدارة وكانت تجربتي الأولى معهم في أحد الملتقيات الخليجية، ومن ثم في مؤتمر الدمج، هذا إلى جانب تطوعي في صندوق إعانة المرضى، حيث اطلعت على أهم الخدمات التي يقدمها الصندوق للأجانب وكذلك الأمراض التي يتكفلون بعلاجها، وأخيراً أصبحت عضو جماعة الدعم في بوابة التدريب العالمية، وهي نقلة نوعية في حياتي، حيث تعلمت منها كثيرا، حيث إنها أتاحت لنا فرصة الحديث عن مشاكلنا وخصوصياتنا من دون تردد.

سميرة أبل:
تغلبت على إعاقة ابني التوحُّدي بالإيمان والإرادة

سردت عضوة بوابة التدريب العالمية عضوة جمعية أولياء أمور المعاقين سميرة أبل – وهي ولية أمر طفل توحدي يبلغ من العمر 25 عاماً – تجربتها مع حالة ابنها، التي اكتشفتها في سن مبكرة، فقالت: «كنت قلقة جداً من عدم تجاوب ابنى معي خلال فترة الرضاعة مثل باقي أبنائي، وشعرت بأن هناك خللا ما، خاصة أنني لم ألاحظ أي تطور في حالته، وبدأت أبحث عن أطباء متخصصين حتى تم التشخيص ومن هنا كانت أكبر صدمة في حياتي كلها، ولكنني سرعان ما تغلبت عليها بالإيمان بالقضاء والقدر وبالأمل الذي لم يفارق حياتي».
وحول كيفية دخولها مجال التطوع، أشارت إلى أنها كانت تعمل في مجال التدريس وتقاعدت لترعى حالة ابنها كما أنها كانت تواظب على المشاركة والحضور في الندوات الخاصة بذوي الإعاقة، «وفي إحدى الفعاليات تعرفت بالصدفة على رئيسة أولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي وسجلت اسمي وزوجي في العضوية، وإلى جانب هذا اطلاعي على القانون الجديد كان حافزاً مشجعا للخوض في هذا المجال، خاصة أنه عطاء بلا مقابل وفرصة جيدة لخلق علاقات مع جميع شرائح المجتمع».

حصة البالول
ابنتي سارة أعطتني الدافع للعمل الإنساني ومساندة أبناء «الداون»

روت نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون حصة البالوال تجربتها مع ابنتها سارة (من فئة متلازمة الدوان) التي أنجبتها بعد انتظار طويل، وقالت: كانت فرحتي ومازالت بأن رزقت ببنت أكبر من أن أصدم بالمرض الذي ولدت به ابنتي، وكنت أعمل في مركز قيادي بوزارة التربية، ولم أكن اعرف عن مرض الداون سوى أنهم المنغوليون.
وأشارت إلى أنها في البداية بحثت عن معنى هذا المرض، فكانت مقابلتي آنذاك للأسف مع مسؤولة في المعاهد الخاصة، تحديدا قبل عشرين عاما التي صدمتني اجابتها غير المسؤولة بقولها «هذول مشوهين ما عندهم عقل ما منهم فايده مالهم دور عندنا إلا عرضهم للزوار». ليتها تقرأ كلماتي لترى أبناء هذه الفئة وإنجازاتهم التي تقدمها الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون، وأصبحت مثلا يحتذى بهم.
وأضافت بالقول: فكان لهذه الاجابة القاسية الأثر الأكبر في تغير مجرى حياتي العملية، حيث تركت مجال عملي لأتقصى وأبحث عن هذه الحالة، وكانت أولى انطلاقاتي مركز الأمراض الوراثية عند د. صديقة العوضي التي هي النبراس التي أنارت خطواتي في رعاية ابنتي، وكانت زياراتي الأولى لها، حيث رأت حيرتي وتساؤلاتي، فأدارت رقم التلفون، وطلبت مني التحدث إلى الطرف الآخر من دون أن تخبرني من هو المتحدث، وطلبت مني الحوار معه، وبعد الانتهاء من المكالمة سألتني ماذا تعلقين على هذا المتحدث؟ فقلت لها انه تكلم معي بوضوح، فقالت لي هذا ابني من فئة متلازمة داون الذي قمت برعايته والاهتمام به حتى وصل الى ما وصل اليه، فكانت الثقة بالانطلاق بيدي.
وتابعت: كثرت زياراتي إليها مع كثير من الأمهات بصفة دورية، لتبادل الخبرات بيننا، حتى اقترحت علينا احدى السيدات الفاضلات بأن يكون الاجتماع في بيتها، بصورة أوسع، وكان العدد في ازدياد واستمرارية، وكانت الاستفادة واضحة في كيفية رعاية ابنائنا بما نرى في هذه الاجتماعات من امهات مميزات لهم أبناء أكبر من أبنائنا، قاموا بتطوير سلوكياتهم، لافتة إلى أن د. صديقة العوضي اقترحت بأن يكون لنا مقر خاص بنا، نتوسع فيه في خدمة أبناء متلازمة الداون، وكان لهذه الفكرة مساندة ودعم من د. عبد الرحمن العوضى والجمعية الخيرية للتضامن الاجتماعي، فكان ميلاد مركز الداون في الخالدية في روضة السيد عمر.
ومضت بالقول: في هذه الفترة مرض ابني البكر بمرض خطير، فكنت بين نارين من رعاية ابني ورعاية ابنتي المعاقة التي رافقتني خارج البلاد، وكانت مرحلة أليمة على نفسي حتى أثقل الأمر كاهلي، وحاول الأب بدوره الأبوي في إعادة سارة إلى الكويت، حتى نستطيع متابعة ابننا المريض، وتذوقت مرارة الأمرين والحمد لله كانت ابنتي برعاية اخي وزوجته اللذين لم يقصرا في رعايتها ومتابعتها، حتى توفي ابني الأكبر، وعدت إلى الكويت، فكان لابد من أن استعيد عافيتي، فانخرطت في العمل التطوعي داخل مركز الداون بكل همتي، حتى أتناسى مرارة فراق الابن، والحمد لله بفضل من الله وبتعاون كثير من الامهات، تمكنا من تنظيم العمل داخل مركز الداون منذ عام 1995 الى الآن.
وبينت أن عضويتها في مجلس الإدارة حتى أصبحت نائبة للرئيس، كان لها دور كبير في التوسع بالعمل داخل الجمعية، من حيث الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى الأنشطة التربوية والتأهيلية للأبناء وأمهاتهم.

مجاميع تطوعية
أشارت إلهام الفارس إلى أن المجاميع التطوعية فتحت لها أبواباً واسعة للتحدث عن قضيتها مع أبنائها المعاقين والدفاع عنها، وغيرت مجرى حياتها للأفضل، كما علمتها الصبر والهدوء إضافة إلى التعرف على مجتمعات غريبة وجديدة، فضلاً عن التعامل مع المسؤولين في الدولة.

إعاقات أصعب
قالت أمل الدمخي: استمر عملي التطوعي 5 سنوات وحاولت التوفيق والتنسيق بيني وبين طفليَّ وخصوصا أنني موظفة في احدى الوزارات، إلى جانب هذا انخرط ولدي في هذا المجال لأنهما وجدا حالات إعاقة أصعب منهما.

تجربة مثمرة
حول الدروس المستفادة من تجربة ابنيها المعاقين، اعتبرت الدمخي أن تكوين علاقات مع الناس أهم هذه الدروس، لافتة الى أن خبرتها جعلتها مرجعاً للعديد من أولياء الأمور من دون استثناء في زراعة القوقعة، كما أن قصتها طرحت في العديد من الصحف واحد المواقع الكويتية.

هناء الصانع:
توظيف ابني المعاق أبرز العقبات

نائب رئيس جمعية أولياء أمور المعاقين، هناء الصانع، ولية أمر شاب من ذوي الإعاقات الذهنية، يبلغ من العمر 27 عاما.
روت تجربتها لـ القبس قائلة: إن حالة ابنها تعد سببا رئيسيا لانضمامها للجمعية، وانخراطها في العمل التطوعي، وذلك سعياً لتوصيل رسالتها ومعرفة حقوقه وواجباته والدفاع عنها، فضلاً عن كيفية مساعدته والتعرف على الخدمات التي تقدَّم له ولغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشارت إلى مشاركاتها في أنشطة الجمعية، سواء خارج الكويت أو داخلها، فضلاً عن برامجها، لافتة إلى أنها استفادت الكثير من هذه التجربة، منها كسب مهارات وثقافة التعامل مع هذه الفئة بجميع مراحلها، فضلاً عن الدفاع عن حقوقهم بلسانهم، وخاصة ذوي الإعاقات الذهنية .
ولفتت الصانع إلى أنه في السابق كان يتم حجب المعاق عن الدفاع عن نفسه، بخلاف الدول الغربية التي تحرص على منح هذه الفئة الفرصة لشق طريقها والدفاع عن نفسها، أما الآن فالأمر اختلف، خاصة في ظل وجود أولياء الأمور ذوي العقول الواعية والمستنيرة، فضلاً عن دور جمعيات النفع العام المعنية بذوي الإعاقة، ملمحة إلى فكرة مجموعة الدعم التي تبنتها جمعية أولياء أمور المعاقين بشأن الأشخاص البالغين 21 عاما فما فوق من ذوي الإعاقات الذهنية، حيث تقوم بتربيهم وصقل مواهبهم بالإضافة إلى إعطائهم جرعات تؤهلهم للدفاع عن حقوقهم ومالهم.
وحول أبرز الصعوبات التي اعترضتها، لفتت إلى أن التدريب العملي في المدارس لا يتماشى مع متطلبات العمل الحقيقي، إلى جانب صعوبة حصول المعاق ذهنياً على الوظيفة التي تتلاءم مع إعاقته بعد تخرجه.

أمل الدمخي تروي تجربتها مع طفليها:
أملي في الله لم يخب.. واستعاد طفلاي السمع بالقوقعة

بإصرارها وعزيمتها التي لا تنكسر، استطاعت أن تتجاوز تجربتها المريرة وتحويل ألمها إلى معجزة، إنها «أم زراعة القوقعة» كما يلقبها كثيرون «الناشطة في مجال زراعة القوقعة» عضو الجمعية العمومية لجمعية أولياء أمور المعاقين أمل الدمخي، وهي ولية أمر لطفلين يعانيان من إعاقات سمعية وأول حالتي زراعة قوقعة أجريتا داخل الكويت.
وقالت انه على الرغم من أن تجربتي صعبة، إلا أنها ناجحة، حيث لم يكن طفلاي يسمعان ويتكلمان بشكل طبيعي، كما أنهما كانا يعانيان من خلل في اللغة، وكانت عمليا زراعة القوقعة غير موجودة في الكويت، حيث رفض الأطباء إجراءها لطفليّ، ولكن كان لدي بصيص من الأمل على تخطي هذا الألم المرير بإجراء هذه العملية وكانت قصتي حافزا لي للتطوع.
وقالت: املي في الله لم يخب واستعاد طفلاي سمعيهما بعد زراعة القوقعة لهما.
وحول بداية دخولها العمل التطوعي، قالت الدمخي إن رئيسة جمعية أولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي طرحت عليها فكرة الانضمام للجمعية كعضو بعدما سمعت عن حالة ابنيها، خاصة أنهما من أوائل حالات زراعة القوقعة.

غصة
رسالة إلى أولياء أمور ذوي الإعاقة: لا تترددوا في الإيمان بقدرات أبنائكم واحرصوا على منحهم الثقة بأنفسهم لمواجهة الجمهور وخوض معترك الحياة والاعتماد على النفس بعيداً عن الخوف الزائد عليهم.
[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4693 0