[B]ارتقى ليصل القمة فكانت حلاوة الوصول أكبر من أن يصفها الواصفون، حتى اصبح لاعبا مثابرا في المبارزة لا يعرف الانكفاء أو التراجع، وواحدا من أهم الطاقات الرياضية في الكويت، .. ولو كانت الارادة وطنا لقلت انه عاصمتها ، يناديها كلما اشتد عليه الزمان »ارادتي مصدر قوتي«.
اللاعب المحترف في رياضة المبارزة طارق القلاف سعى باصرار في سبيل رفعة اسم بلده في شتى المحافل الدولية، والتي كان اخرها الفوز في بطولة كاس أميركا الكبري للمحترفين التي أقيمت في أوهايو سينسيناتي، حيث حصل على ثلاث ميداليات ذهبية والتي على أثرها قد حافظ اللاعب على لقبه للمرة الخامسة على التوالي وأفضل لاعب والمصنف الأول.
كما نجح ايضا في احتلال مركز المصنف الأول عالميا في رياضته، ولا تمثل له الاعاقة البدنية عائقا جديا يمنعه من الكفاح وتحقيق ما يعجز عنه الأصحاء، انه بطل الكويت ونجمها الرياضي، حضر ليتواصل مع مشجعيه عبر الهاتف، حيث تلقى سيلا من الاتصالات:
{ ماذا عن البداية؟
– خلال فترة علاجي في لندن لمدة ثلاث سنوات من شلل الأطفال كنت أحرص على مشاهدة الحرس الملكي البريطاني المشهورين بلباسهم الأحمر والقبعة السوداء الطويلة، مع السيف المميز الممسوك باليد، لذلك عندما التحقت بالنادي الرياضي الكويتي للمعاقين عام 1982 كانت تلك الذكريات وراء اختياري للعبة المبارزة، بينما فكرة دخول النادي كانت بمحض الصدفة.
ورأيتهم يحملون أسلحة متعددة منها اسلحة الشيش، وكنت في سن صغيرة جدا، وعندما رجعت الى الكويت رأيت الالعاب التي فيها رياضة المبارزة والتقيت بالاخ العزيز سعود الغانم رئيس نادي المعاقين وقتها والمسؤول عن رياضات المعاقين، كان هذا عام 1982.
{ سعود الحربي: اول بطولة لك متى كانت؟
– اول بطولة كانت عام 1984 في لندن، رغم ان المفترض ان تكون في لوس انجلوس مع الاصدقاء.. لقد قمت بأكثر من 80 بطولة، واخر بطولة بعدما حصلت على ثلاث ميداليات ذهبية في كأس اميركا، وذلك كأفضل لاعب ببطولة اوهايو، ومنها حافظت على لقبي بالمرة الخامسة على التوالي.
{ دائما يكون هناك بطولة من نوع خاص مختلف عن باقي البطولات، نريد ان نعرف اهم بطولة كان لها التأثير على شخصيتك وحياتك عن بقية البطولات؟
– كلهم افخر بهم لاني امثل بلدي الكويت وبالتالي اشعر بنفس الفخر والسعادة، ولكن الاولمبياد لها وقع كبير في نفسي، وبطولة بطل ابطال العالم، هي البطولة الاصعب والله وفقني وفزت وكانت بطولة ميلانو.
{ منى الهاجري: احترافك للمبارزة متى بدأ وبالذات مرحلة انضمامك للنادي الرياضي؟
السبب الرئيسي لدخولي مجال رياضة المبارزة كما قلت اثناء فترة علاجي في لندن كانت الحافز الاقوى، وبعدها التحقت عند عودتي للكويت بالنادي الرياضي الكويتي للمعاقين، وشجعني الوالد على هذا.
أول كأس
{ كبطل عالمي بماذا شعرت حين حصلت على أول كأس؟
– كنت كلما رأيت الفائزين يصعدون المنصة لاستلام جوائزهم، وتعزف لهم الاناشيد الوطنية ويقبلون سمو الامير، تتحرك مشاعري وكنت اعرف ان هؤلاء مجتهدون ويستحقون ما هم في من تكريم، لذلك سعيت واجتهدت للوصول الى تلك المرتبة المشرفة، وبالتالي تعلمنا الكثير خصوصا مرحلة التطوير من انفسنا، والاستماع الى توجيهات من كانوا مسؤولين عن الاندية الرياضية في السابق، كم كانت روحهم رياضية ووطنية عالية، لذلك كنا نحب التمرين بالنادي والجلوس فيه لساعات اطول.
{ هبة الرشيد: ما قوانين هذه اللعبة وما انواعها ؟ وكيف تفوز في المباراة؟
– المبارزة رياضة الهجوم والدفاع بين متنافسين يحاول كل منهما أن يسجل لمسة على الآخر بسلاح معين، اما اهم قوانينها القدرة على التحمل، سرعة رد الفعل، التوافق العضلي العصبي، اللياقة البدنية، الصدق والذكاء وقوة الملاحظة وسرعة البديهة، قوة الارادة، القدرة على تقدير الموقف واتخاذ القرار المناسب، كما أن لاعب المبارزة، ويعتقد البعض خطورة لعبة المبارزة.. في المجموعات عدد لمسات، المباراة الواحدة خمس لمسات وزمن المباراة أربع دقائق ملعوبة، وفي جدول خروج المغلوب عدد اللمسات خمس عشرة لمسة وزمن المباراة تسع دقائق على ثلاث جولات، كل جولة ثلاث دقائق و يمنح اللاعبون دقيقة راحة بعد كل جولة.
ومن مبادئ اللعبة
عندما تقام المباريات على ملعب يصنع من معدن عازل للمسات الأرضية طوله 14 مترا وعرضه متران. وهناك جهاز كهربائي يساعد الحكم، حيث تضاء لمبة حمراء أو خضراء عندما تكون اللمسة صحيحة، عن طريق سلك كهربائي ملصق بنصل السيف، ويمر تحت ملابس المبارز الواقية، بخيط معلق من خلف اللاعب ومتصل بجهاز التحكيم الكهربائي.
{ احمد اليوسف: لهذه اللعبة مخاطر كثيرة، الم تخف من الاصابات التي ممكن ان تتعرض لها اثناء ممارستك لها ؟
– كل لعبة رياضية لها مخاطرها، ولكن خطر عن خطر يفرق، يعني مثلا لعبة التنس ايضا فيها خطر وشد عضلي او التواء واحيانا اللاعب يطيح على حافة الطاولة، ولكن بممارسة اللعبة وحبك لها لا تفكر بهذه المخاوف، ولا تفكر الا في حبك للعبتك، وبكل تأكيد تعرضت لاصابات.
{ هل صادف خلال مشوارك البطولي ان تعرضت لظلم ما او صعوبات كانت عائقا في طريقك ؟
– لا اعرف لماذا دائما يثار عن الابطال اللاعبين انهم يثيرون المشاكل انتهز هذه الفرصة لتوضيح ان اللاعب عندما يصل لمرحلة البطولات والانجازات، بكل تاكيد سيحاول جاهدا الحفاظ على ما بناه، وبالتاكيد اثارة المشاكل ليست في صالحه، وليس طبيعي ان يهدم ما بناه، رغم انه يحتاج الدعم والاهتمام الكافي من الهيئات والجهات، ولكن ما نراه ان الدعم والاهتمام هو لاناس دون اخرين، لذلك من الطبيعي ان يتعرض اللاعب الى ظلم ومشاكل وكلام وما الى ذلك، الامر ليس بالضرورة ان يكون هو من يثير هذه المشاكل، ولكن من حوله يختلقها حتى يعيق تلك المسيرة الناجحة ويحبطها، وكثير من المرات حاولت الحفاظ على تصنيفي باللحاق بالبطولات العالمية وللاسف لم اجد من يدعمني الا من رحم ربي، كنت دائما اجتهد وجهودي فردية بحتة.. في النهاية لا اريد ان اتحدث عن سلبيات هذه المرحلة، اريد ان انظر للايجابيات فقط واتحدث عن ايجابيات فقط.لاكون شخصا متفائلا.
{ هل حدث انك لم تحصل على حقك في بطولة معينة بسبب الظلم؟
– اكيد وحدث هذا بشكل مفجع ومؤلم عندما كان فيه مجموعة من الشركاء الذين دبروا لهذا الظلم، والدليل انهم سكتوا ولم يتخذوا الاجراءات اللازمة تجاهنا، وكان هذا اثناء تجهيزنا لاولمبياد بكين 2008 كل الامم والعالم تجهزت واستعدت لها ودفعت الملايين للوصول الى هناك، ونحن تم تدريبنا في النادي الرياضي للمعاقين الكويتي، للاستعداد لاولمبياد في معسكر بداخل مخفر شرطة وزنزانة مساجين، وطبعا لم نجد من يهتم بالامر ولم نسمع سوى الصمت، وهذا ادى في النهاية لعدم تمكننا من الوصول لنهائي الاولمبياد لضعف الامكانيات، وطبعا كنت واحدا من الذين تدربوا في زنزانة المساجين، وارسلت الصور للمسؤولين لكنهم لم يتخذوا أي اجراء، وبالطبع لا اعرف السبب الرئيسي لهذا الاهمال، ربما لزيادة التكاليف في توفير مكان جيد للتدريب، ولذلك اقول كل من سكت وقتها هو شريك في هذا الحدث.
{ ما رأيك بدور الاعلام و اهتمامه برياضة المعاقين؟
– الواقع اني كلاعب معاق أقوم بنفسي بتزويد أخباري من مشاركات خارجية أو تتويجات وغير ذلك لوسائل الاعلام، مسؤولية الضعف الاعلامي في مجال تغطية رياضة المعاقين لا يجب أن تُلقى على أجهزة الاعلام بل على النادي الذي يُفترض أن يُزوّد هذه الأجهزة بالأخبار والتغطيات، بحيث يعمل على انتشار أخبار رياضة المعاقين اعلاميا وعدم هضم حقهم بالتقدير..
{ على اعتبار انك عاصرت اكثر من فترة في النادي الرياضي للمعاقين هل السابق افضل ام الحالي؟
– برغم ان المتواجدين في الوقت الحالي منهم بكل تأكيد الاكفاء الا ان الادارة السابقة افضل، ذلك بسبب ان هناك قلة يطالبون بتعديل ولا يجدون الفرص الكافية، الاغلبية هي التي تسيطر والقرار بيدها، والادارة السابقة افضل بحكم الاكاديمية وبحكم الفكر والروح الابوية وشجاعة الكلمة والتطوير الدائم، والوسيلة التعليمية والتثقيفية التي يمتلكونها بالاضافة لمهارات عدة ادت الى تطوير الكويت.
{ لماذا في اعتقادك يقال عنك »القلاف راعي مشاكل«!
– ارد على هذا بالمثل القائل »كل يرى الناس بعين طبعه« سبق وحدث توقيفك من قبل نادي المعاقين هل هذا كان سبب في حصولك على التكريم العالمي؟
تم توقيفي من قبل النادي بسبب الغيرة والحسد، وخلق بداخلي التحدي للحفاظ على القابي عالميا، واحافظ على لياقتي واجتهادي لأصل الى ماانا عليه الان.
{ البعض يتهم الهيئة العامة للشباب والرياضة انها مقصرة في دعم اعضاء النادي الرياضي للمعاقين.. ما رأيك ؟
– على حد علمي ان الهيئة العامة للشباب والرياضة لا تقصر في أي شيء، بالعكس توفر الميزانيات، فالنادي له رعاية خاصة من المسؤولين والاعلاميين ويملك الكم الهائل من المبالغ من خلال المتبرعين اعتقد ان بهذا الاموال يستطيع ان يبني ناديا ثانيا بها!!
ولكن يبقى الفكر اين يتم صرف هذه المبالغ ومتى ولا توجد هذه العقلية من القيادات . السؤال الذي يجب طرحه هو هل توقفت الهيئة عن صرف الميزانيات للاتحادات والأندية الرياضية؟ والجواب هو بالطبع لا، فالهيئة تصرف الميزانيات للأندية الرياضية لكن العيب يكمن في كيفية تعامل هذه الأندية مع الميزانيات، مثلا رب الأسرة يستلم مرتبه الشهري وباستطاعته أن يُضيع هذا المال على أمور هامشية تجعله مقصرا بنظر أبنائه، في المقابل بامكانه أيضا توفير احتياجات أبنائه الضرورية ان أحسن التدبر بالقدر نفسه من المال، لذلك كان الأولى الاهتمام باللاعبين من قبل مسؤولي النادي وحسن التصرف بالميزانية قدر الامكان، وذلك قبل أن تأتي مطالبات زيادة الدعم المادي والتوسع بدعمه وتطويره، فغياب البرنامج الواضح والتخطيط المدروس بالنادي أصبح ظاهرا.
اذا تحدثنا عن مستوى الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة بالكويت فهناك من اجتهدوا ولكن تبقى هناك بعض السلبيات ..
{ هل انت مع او ضد توفير أفرع أخرى للنادي الرياضي الكويتي للمعاقين؟
– ضد فكرة انشاء أندية رياضية جديدة خاصة بالمعاقين، البعض للأسف يريد الأندية الجديدة المختصة بالمعاقين لزيادة السيطرة عليها أنا ضد هذه الفكرة تماما، ولأمور شخصانية كالمناصب وغيرها من الأهداف التي تعود سلبا على البلد قبل اللاعبين، أرى أن مطلبنا يكمن باندماج المعاقين مع الأصحّاء، أي أن يكون لكل ناد رياضي كويتي فرق للمعاقين بعد الدراسة المسبقة بالطبع،عمل ذلك يعزز من عملية تكيّف المعاقين مع الأصحّاء والمجتمع حولهم بدلا من حكرهم في أندية مقتصرة عليهم.
الى متى والمعاق الكويتي يعيش في سجنه الخاص والضيق مع غيره من المعاقين؟ أرى أن المطلوب هو تشجيع المعاقين على الاندماج مع المجتمع وبيان أهمية دورهم في المشاركة فيه.
{ اتصال من فاطمة دشتي تبارك للقلاف على فوزه مؤخرا في كاس اميركا وطلبت منه ايضا التقدم اكثر واكثر وتسأله عن مدى تواصله مع جمهوره ؟
– جمهوري الذين يشجعونني هم مملكتي التي استند عليها لاتقدم اكثر، وهم يكفونني لأنني لم اجد مرة مسؤول حكومي او شخصية تعمل في مجال الرياضة دعمتني بمثل هذا الدعم الذي اتلقاه من جمهوري الغالي. ولم يسبق وطلب احد من المسؤولين ان ارجع لأمثل بلدي الكويت مرة اخرى!! يكفيني جمهوري الذي يشجعني من خلال وسائل الاعلام والانترنت والفيس بوك والمنتديات والتويتر و…
اما الانجازات والجوائز فهم من حصلوا عليها وليس انا الذي حصلت عليها، جوائزي التي حصلت عليها اغلى هدية لشعب الكويت.
{ في النهاية هل من بارقة أمل لرياضة المعاقين؟
– بالعكس من يجب أن نحزن عليه هو من تعرض للصعاب وتوقف عن مواصلة المشوار، أما أنا وزملائي الرياضيين المعاقين من المفترض أن تسعدوا لتمكننا من مواجهة الصعاب والتغلب عليها واستمرارنا رغم الظروف، كُلّي أمل بتطور مستوى رياضة المعاقين ورفع اسم الكويت عاليا خفاقا بالمحافل الدولية من خلالها، ولا يتحقق ذلك الا ان تمكن الوسط الرياضي من العمل باخلاص وتعاون من أجل الكويت.
[/B]