[B]تزاحم وطابور من الانتظار الطويل.. مواقف محدودة.. قلة مصاعد وغياب صعدات.. تعسف الموظفين.
لم يكن يدرك أحد أن ذوي الاحتياجات الخاصة أول الشاكين من البيروقراطية الظالمة، وافتقار الخدمات الجيدة المقدمة لهم عند إنجاز معاملاتهم في المصالح الحكومية التي يترددون عليها.
للأسف، رغم إدراك ووعي المجتمع بأن هذه الفئة جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي ينتمون ويعيشون فيه، إلا أن القصور الحكومي في تفعيل القرارات الخاصة بتيسير إجراء المعاملات في المصالح الحكومية مازال جليا، فالمراجع من هذه الشريحة يستغرق وقتا طويلا عند إتمام معاملته كغيره من المراجعين من دون مراعاة لحالته الصحية أو إعطائه الأولوية، فضلا عن طريقة تعامل الموظفين التي تتسم بالجفاء.
التقت بعدد من ذوي الإعاقة، ورصدت معاناتهم التي لمستها في الدوائر الحكومية.
تقول نائب رئيسة الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون حصة البالول إن معاناة ذوي الإعاقة الذهنية أخف ممن يعانون من إعاقات حركية، من حيث افتقار الدوائر الحكومية للصعدات الملائمة المرصوفة لهذه الفئة، فضلا عن صغر اتساع المصاعد التي لا تكفي إلا لكرسي متحرك واحد، بالإضافة إلى المواقف المختطفة من قبل الآخرين.
وأضافت البالول: بحكم تجربتي كولية أمر طفلة من ذوي الإعاقة الذهنية، أجد أن أولياء أمور هذه الشريحة يعانون أكثر من أبنائهم عند إنجاز معاملاتهم في الدوائر الحكومية، حيث إنه يتم التعامل معهم مثل أي مراجع عادي ينتظر دوره من دون مراعاة حالة أبنائهم الصحية.
لفتة إنسانية
وأشارت إلى اللفتة الإنسانية التي توفرها المستشفيات لهذه الفئة، مشيدة في السياق ذاته بخطوة الهيئة العامة للمعلومات المدنية من خلال تخصيص مكتب لانهاء معاملات ذوي الاحتياجات الخاصة.
وانتقدت البالول افتقار المكاتب المتخصصة للعمالة المنزلية الخاصة لخدمة ذوي الإعاقة الذهنية، مشيرة إلى أحد مكاتب العمالة المنزلية الذي يتسم بالأسعار المرتفعة، حيث يصل سعر الخادمة إلى 1200 دينار.
وشددت على أهمية توعية الدوائر الحكومية حول كيفية التعامل مع كل إعاقة وفق حالتها الصحية وتصنيفها ودرجتها.
مواقف منتهكة
ومن جانبها، أكدت رئيسة جمعية أولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي على ضرورة وضوح خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة في أي مكان، مسلطة الضوء على المواقف المنتهكة وغير المؤهلة لخدمة ذوي الإعاقة، من حيث ضيق الموقف أو افتقار الممرات التي توصل ذا الإعاقة الحركي من الموقف إلى المبنى المقصود، فضلا عن الصعدات.
وأشارت إلى معاناة فئة الصم في هذه المصالح، نظرا إلى عدم وجود مترجمي إشارة لهم كوسيلة للتبادل والتفاهم مع غيرهم، علما بأن القانون يفرض وجود مترجم للغة الإشارة في كل وزارة، بالإضافة إلى معاناة أقرانهم المكفوفين لعدم استخدام لغة برايل في معاملاتهم، وخاصة إذا كانت قانونية، وفيها نزاع وتحتاج لنوع من السرية، موضحة أنه في هذه الحالة يضطر صاحب المعاملة من هذه الفئة إلى أن يستعين بمرافق له لمعرفة صحة ومضمون الكتاب أو المعاملة التي تسلمها.
وأشارت إلى أهمية وجود مكتب متخصص لاستقبال مهام ومعاملات هذه الفئة وتسهيلها، وذلك وفقا للقانون من دون النظرة العاطفية، موضحة أن الإدارة الحكومية لم تبلغ بوجود قانون يكفل الخدمات الحكومية لهم، سواء مجانا أو تقديم التسهيلات المطلوبة.
واعتبرت أن طريقة تعامل الموظفين في الدوائر الحكومية مع ذوي الاحتياجات تتسم بالرقي والتقدير، مستبعدة فكرة إنجاز المعاملات الكترونيا، نظرا إلى أن بعض هذه المعاملات يحتاج إلى توقيع صاحبها.
وطالبت المجتمع باحترام خصوصية وحقوق ذوي الإعاقة انطلاقا من الشريعة الإسلامية التي أوصت بها.
معاناة
وأقر رئيس التجمع الوطني لتعديل قانون المسنين علي المولي، بأن هذه الشريحة سلبت الكثير من حقوقها، لافتا إلى أن القانون الجديد 2010/8 الخاص بذوي الإعاقة أوجب على جميع المؤسسات الحكومية والدوائر تخصيص مواقف مع كل منشأة لذوي الاحتياجات الخاصة، بما فيها شركة النقل للمواصلات، غير أن البند لم يتم تنفيذه.
وتحدث عن معاناة الصم والبكم من حيث انعدام مترجمي الإشارات في المصالح الحكومية والمستوصفات، ناهيك عن معاناة إخوانهم المكفوفين في تلك الدوائر، منتقداً مبنى المعاقين الذي اعتبره أزمة كبيرة تواجه هذه الفئة، على حد قوله، من حيث المصاعد التي لا تكفي إلا لكرسي متحرك واحد، فضلاً عن المواقف المنتهكة.
وأضاف بالقول: لا يوجد مكتب متخصص لهذه الفئة لإنهاء معاملاتهم، لذا اقترحت إنشاء شركة غير ربحية تنجز معاملات ذوي الإعاقة من الباب إلى الباب وبسعر رمزي، وطرحت الفكرة على وكيل هيئة الإعاقة عصام بن حيدر للحصول على ترخيص لإقامة هذه المنشأة.
استياء
ومن ناحيتها، أعربت رئيسة الجمعية الكويتية لمرضى التصلب العصبي أميرة المشهود، عن استيائها من عدم تفهم وتعاون بعض الإدارات في الدوائر الحكومية لمعاناة مرضى التصلب العصبي، لافتة إلى أن مريض التصلب قد لا يكون جالسا على كرسي متحرك، ولكنه يعاني الأعراض والإرهاق الشديد، وهذا ما يجهله الموظفون، الأمر الذي يضطره للانتظار في الطابور حتى يأتي دوره.
وناشدت وزارة الداخلية المتمثلة في الدوريات عدم التعسف تجاه مرضى التصلب، مشيرة إلى أن الشرطة لا تعرف أن الترنح وعدم الاتزان من أعراض هذا المرض، الأمر الذي يقودهم للاشتباه بهم، مطالبة بتخصيص مكتب لإنجاز معاملات هذه الفئة ومنحهم الأولوية، أسوة بالمطار لتخفيف المعاناة لحاملي بطاقة الإعاقة.
وتمنت المشهود إنجاز معاملات ذوي الاحتياجات الخاصة إلكترونياً عبر الانترنت، ولاسيما في ظل توافر الإمكانات المادية والتكنولوجيا المتاحة، أسوة بالدول الأخرى، مطالبة بالتسريع في التسهيلات بشأن معاملات ذوي الإعاقة حتى نكون في مصاف الدول المتقدمة.
تطور
ومن جانبها، وصفت رئيسة لجنة زواج المعاقين صفية الشمري مستوى الخدمات في الوزرات الجديدة بـ«فوق الممتازة »، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظا من حيث تخصيص المكاتب الخاصة لإنجاز معاملات ذوي الإعاقة، باستثناء بعض الأمور منها قرار مجمع الوزارات الذي لا يسمح إلا بدخول ذوي الإعاقة ممن هم على كراسي متحركة إلى المواقف، في حين أن هناك إعاقات أخرى تحتاج لمواقف قريبة مثل الشلل النصفي أو ذوي الإعاقة البصرية.
وانتقدت الشمري الأفرع الخارجية للوزارات التي تفتقر إلى الخدمات والمكان المناسب، ولاسيما من حيث كثرة المنحنيات والسلالم بين الأقسام والغرف، آملة تأهيل هذه الأفرع وتزويد مجمع الوزارات ببوابة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة امتثالا بوزارة الأشغال التي وصفتها بالنموذجية من حيث المواقف والبوابة الخاصة، فضلاً عن المصاعد الواسعة والمريحة.
وفي ما يتعلق بتعامل الموظفين، رأت الشمري أن تعاملهم جيد، ولكن للأسف لا يحترمون عقليتنا، مستشهدة بمواقف واجهتها بهذا الشأن في العديد من المصالح الحكومية، حيث يتعمد الموظف أو الموظفة المسؤول توجيه الكلام للمرافقين.
تصرفات فردية
وواصلت بالقول: إن هذه التصرفات فردية، لذا لا يمكن الحكم عليها، ولكن يجب أن ترتقي نظرتهم تجاهنا، معتبرة أن الخدمات الالكترونية أمر غير مجد لأنها تعد تهميشا لذوي الإعاقة في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى الاعتماد على النفس ومباشرة معترك الحياة.
وأشارت الشمري إلى أن الدلال الزائد يفسد شخصية ذوي الإعاقة ويجعل الشخص انطوائيا، داعية الحكومة إلى تيسير الأمور وتقديم التسهيلات لهذه الفئة بحيث تساعدها على مباشرة مهامها.
هاجس وظيفي
أشار المولى إلى وجود هاجس وظيفي يواجه فئة ذوي الاحتياجات من حيث عدم تطبيق النسبة المئوية التي حددها القانون لتوظيفهم.
الحكومة الالكترونية
لفت عدد من أولياء الأمور إلى أهمية الحكومة الالكترونية في تيسير معاملات ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تسهم في إنهاء معاملات المعاق الحركي أو السمعي أو اللفظي بسهولة دون مواجهة مشاكل، سواء في الانتقال أو التفاهم مع الموظفين.
غصة
تقاس حضارة الأمم بما تقدمه من خدمات لذوي الإعاقة، ويعتبر المجتمع هو المعاق أو العاجز إذا لم يوفر الخدمات الخاصة بهم، والواجب تسهيل حياتهم وتذليل أمورهم لا تصعيبها.[/B]