[B]تستضيف «غاليري سلوى زيدان» في أبو ظبي حتى 31 مارس الجاري معرضاً فنياً بعنوان «طرق التمكين» للمصوّرة العربية – الأميركية ليلي بندك، بالتعاون مع جامعة زايد. يضم المعرض أبرز أعمال المصورة، ويسلّط الضوء على مكافحتها المذهلة لمرض التصلب العصبي المتعدد الذي شلّ قدراتها.
كانت المصوّرة ليلي بندك في أوج عطائها عندمــــا أُصيبـــت بمرض التصلب العصبي فتوقّفت عن العمل بسبب عجزها الجسدي الحادّ، وهي التي ما ظنت طوال سبع سنوات، أنّها ستتمكّن مجدداً من ممارسة العمل الذي تحبّه.
تقول بندك: «عندما أُصِبتُ بمرض التصلّب العصبي، فقدت الأمل وأمضيت ثلاث سنوات أفكّر في أنني لن أتمكن أبداً من العمل مجدداً، وعندها أدركت أن العالم لا يأبه لمرضي ولا يكترث أحد لأمري، كان عليّ إما أن أستجمع قواي وأقاوم المرض أو أن أبقى بعيدة عن الأنظار. فاتخذت قراري وعزمت على أن أعيش حياتي بأفضل ما يكون، على رغم المرض».
انتصرت بندك على المرض من خلال ممارسة التصوير بعد نحو سنتين من الإصابة محققة كثيراً من النجاح عبر إثراء رصيدها المهني بصور جميلة، لتتنقل بعد عودتها إلى العمل في كثير من الدول العربية والغربية، وهي مجهزة بالآلات والتقنيات كافة التي تسهل عليها عملية التقاط الصور. فصممت لها كاميرا متصلة بالكرسي المتحرك تسهل عليها عملية التقاط الصور، هكذا تمكنت من إقامة معارض كثيرة أبهرت الزوار ودفعت بهم إلى التقرب منها لمعرفة الكيفية التي تلتقط بها صورها الجميلة.
سيرة
وُلدت ليلي بندك في عمان في الأردن، والتحقت بالمدرسة في بيت لحم في الضفة الغربية. عاشت في الولايات المتحدة منذ عام 1960 في نيويورك، وتابعت دروسها في أكاديمية «دو لا غراند شوميي» في باريس، وفي مدرسة «فيلادلفيا» للفنون في جامعة ديلاوير وفي مدرسة «آنتونيللي» للتصوير.
عملت مع شخصيات عامة كبرى في منطقة الشرق الأوسط وكانت المصورة الشخصية للرئيس الراحل أنور السادات والملك حسين في الأردن. في عام 1978، دعتها الحكومة المصرية لتوثيق الناس والآثار في ذلك البلد، ثم عرضت الصور في مصر وأميركا وجمعت في كتاب «صور من مصر».
في بداية الثمانينات، بلغت أعمال بندك ذروة تميزها، وعُرضت في معارض دولية، بما فيها معرض في متحف كاليفورنيا للعلوم والصناعة الذي أقبل عليه أكثر من ثلث مليون نسمة خلال أربعة أسابيع. صورت الفنانة مجازر صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982 عندما كانت تعمل لمجلة «نيوزويك» ورأت الوحشية الإسرائيلية عن قرب، وربما كان لها تأثيرها القوي في مرضها في ما بعد.
في عام 1983، افتتحت بندك قسماً للصحافة المصوّرة في جامعة «اليرموك» في الأردن، وبدأت تعليم فنّ التصوير. في عام 1984، أُصيبت بمرض التصلب العصبي المتعدد، فتوقّفت عن العمل بسبب عجزها الجسدي. حاربت المرض لسبع سنوات وبحثت عن علاج في عدد كبير من البلدان، بما فيها الولايات المتحدة والصين (عن الوخز بالإبر والأعشاب) وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط. واجهت بعد الإعاقة عقبات كثيرة، أهمها صعوبة الاندماج في المجتمع مجدداً، والعزلة والانطواء، لكنها تمكنت من تجاوز ذلك بقوة عزيمتها، فتغلبت على الصعوبات وتمكنت من الرجوع إلى الحياة والانطلاق في عملها بإرادة قوية، لأنها أدركت أن الحياة متواصلة، ولا يمكن لها أن تتوقف عند أي عقبة، فأثبتت لكل من حولها أنها مصورة ناجحة قوية لا تزال قادرة على العطاء وإكمال المسيرة التي بدأتها قبل الإعاقة.
في عام 1994، أنشأت المصورة مؤسسة بندك التي تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على دخول سوق العمل والانخراط في المجتمع. وفي أغسطس عام 1996، تمّ اختيارها للمشاركة في الجانب الثقافي من ألعاب «البارا- أولمبياد»، وهي البطولة الأولمبية المخصصة لذوي الإعاقة، لعرض أعمالها الفنية الخاصّة بالعالم العربي في أتلانتا في جورجيا. ومنذ عام 1996، بدأت بعرض أعمالها على نطاق عالمي واسع، وكرمها عدد من كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية والمؤسسات الثقافية.
أنشأت بندك في عام 2009 المؤسسة غير الربحيةATMIA لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط كي يكونوا أكثر استقلالية من خلال التعليم والعمل، تماماً كما ساعدها التصوير الفوتوغرافي.
لدى ليلي بندك أعمال مهمة تعرض الآن في متاحف العالم بوصفها صوراً فوتوغرافية متميزة، فيعرض لها متحف ديترويت أعمالاً تمثل الواقع العربي وتتوسط صورها جدران المواقع المهمة في عواصم مختلفة أوروبية.[/B]