[B]استكمالا للقضية التي أثارت حول عدم رضا %85 من الكويتيين عن الخدمات التعليمية التي تقدمها مدارس وزارة التربية، وفق استبانة أجراها فريق حكومي شمل 58 ألف مواطن ومواطنة، تكشفت تفاصيل جديدة تفيد بتجاهل قياديي الوزارة لنتائج الاستبانة، ورفض توفير الميزانية الكافية لمثل هذا المشروع، أو تعميم نتائجها على قطاعات الوزارة كافة.
هذه المعلومات تحدثت عنها مديرة ادارة التطوير والتنمية عبلة العيسى، التي تتولى رئاسة فريق تطوير الادارات التربوية وتحقيق التنمية المهنية، كشفت فيه عن إجماع %10 فقط من أصل 16 ألف طالب شاركوا في الاستبانة على أن المدارس تستخدم الحاسب الآلي في عمليات التعليم والتطوير، و%17 فقط من الطلبة يعتبرون المواد الدراسية التي يدرسونها تحفزهم على التعلم.
واعتبرت العيسى أن نتائج الاستبيان منطقية، نظرا لما تعانيه الوزارة من مشاكل مستديمة في المناهج وطرق التقويم وخلل في الهيكل التنظيمي في المدارس، مشددة على ضرورة إعادة النظر في التشريعات الخاصة في التقويم وقياس الأداء والترقي للوظائف الاشرافية.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
• ما تقييمك للنتائج التي خلصت اليها الاستبانة؟
ــــ لا شك أن نتائج الاستبانة تعكس رأي الــ58 ألف مشارك فيها، من طلبة وأولياء أمور وإداريين ومعلمين، الذين أبدوا رأيهم بصراحة في الخدمات التعليمية.
وهي المرة الأولى في تاريخ وزارة التربية، التي تعتمد فيها مثل هذه الاستبانة، بهدف إشراك المجتمع في تقييم خدمات الوزارة وتشخيص المشاكل ووضع الحلول.
وأعتقد أن نتائج الاستبيان جاءت صادمة في بعض جوانبها، تحديدا عندما نسمع أهل الميدان يتحدثون عن افتقار المدارس للعيادات المدرسية والكافتريات، فيما يتم توزيع وجبات التغذية في مدارس الابتدائي في الممرات لعدم وجود أماكن تتسع للطلبة.
ومن موقعي الحالي كمسؤولة عن التطوير والتنمية وخبراتي السابقة التي عملت فيها مديرة للمناهج، ومديرة للتخطيط، ألاحظ أن المشاكل التي تعانيها المناهج هي نفسها منذ عام 2000، وهذه حقيقة مؤسفة للغاية.
أضف إلى ذلك أننا لمسنا معاناة عدد كبير من المعلمين الذي أكدوا أن التواجيه الفنية تمنعهم من إعداد الدروس على الحاسب الآلي، في الوقت الذي تستعد فيه الوزارة لتطبيق نظام برامج الفصول الذكية والمدارس الذكية.
وأعتقد انه لا بد أن تكون هناك نظرة جذرية في التطوير صحيحة، وما يصرف من ميزانيات في البرنامج الحكومي، فالأموال التي تخصص في برامج التطوير في المباني والتجهيزات ليست بقليلة، وتتساوى مع ميزانية دول في أفريقيا.
تقويم الكفاءة
• الاستبيان عكس نتائج معاكسة لتقارير تقويم الكفاءة في وزارة التربية. ما تعليقكم؟
أعتقد أن تقويم الكفاءة الحالي، المعمم من ديوان الخدمة المدنية، هو الخلل الأكبر، لأنه صمم وفصل على أن يتلاءم ويطبق على جميع مؤسسات الدولة، بينما يجب أن يفصل على طبيعة الوزارة، فلا يعقل استخدام القوائم نفسها التي يقيّم بها المعلم والمهندس والطبيب، فكل وظيفة لها معدلات أداء ومواصفات.
وإذا نظرنا الى معظم تقارير الكفاءة سواء في وزارة التربية أو باقي الوزارات، نجد أن جميع التقارير تخلص الى أن نتيجة واحدة وهي امتياز أو امتياز عالي بينما نجد المخرجات ضعيفة.
• ما رؤيتكم لواقع المدارس في الكويت؟
ــــ أعتقد أن هناك تخبطا وفوضى في آلية عمل الادارات المدرسية الحكومية. والدليل، انه عندما خاطبنا المدارس على مستوى المناطق التعليمية، لتزويدنا بالشكل التنظيمي للمدارس وإجراءات عملها، والآليات والمسميات الوظيفية في المدارس، وجدنا بعد تجميع البيانات، أن هناك تباينا واختلافات، فهناك مناطق تعليمية، يختلف الهيكل التنظيمي لمدارسها عن مناطق أخرى، وهذا خطأ، كما وجدنا في المنطقة التعليمية نفسها، هناك مدارس تختلف بهيكلها التنظيمي عن مدارس أخرى، وهذا يعني أن الاختصاصات مختلفة بين مدرسة وأخرى، وإجراءات العمل تتباين، والقرارات تتخذ على مستوى المدارس. كما لاحظنا أن أغلب مديري المدارس يجهلون مستوى الصلاحيات المخولة لهم.
• ما ابرز المؤشرات التي حازت على اهتمامكم في نتائج الاستبيان؟
ــــ عندما سألنا الطلبة عن مدى استخدام الحاسب الآلي في عمليات التعليم والتطوير، جاء الرد من قبل الطلبة، وعددهم الإجمالي يقارب 16 ألفا، ممن شاركوا في الاستبيان، ان %10 منهم فقط يرون أن المدارس تستخدم الحاسب الآلي لهذه الغاية، في الوقت الذي تستعد فيه الوزارة للتعليم الالكتروني.
فيما أعرب %15 فقط من إجمالي الطلبة المشاركين في الاستبيان عن قناعتهم بأن الوزارة قامت بتزويد المدارس بالتجهيزات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، مع العلم أن هناك مشاريع دمج تنفذ في المدارس، ومن هنا نسأل: الا يتوجب على الوزارة التمهل في تطبيق هذه المشاريع قبل تجهيز المدارس وتوفير البيئة المناسبة لاستقبال طلبة الإعاقات.
ومن النتائج اللافتة أيضا، ما أكده %17 فقط من الطلبة أن المواد الدراسية التي يدرسونها تحفزهم على التعلم، فيما يعتقد %27 منهم أن الاختبارات التي يؤدونها تعتمد على الحفظ والاسترجاع، و%15 فقط يعترفون بأن المدارس تنظم رحلات مدرسية بشكل مستمر، مما يعني أن الأنشطة المرتبطة بالمنهج الدراسي محدودة للغاية، وهذا بحد ذاته خلل يستدعي التحرك من قبل وزارة التربية.
• هل قمتم بعرض نتائج الاستبيان على قيادات وزارة التربية؟
كان يفترض تنظيم مؤتمر تعلن فيه هذه النتائج، الا أن ذلك لم يحصل. وعليه رفعنا كتاباً لمقابلة الوزير السابق احمد المليفي بحضور القيادات جميعها، وذلك في شهر ديسمبر الماضي من دون أن يلقى طلبنا أي رد. ومن ثم التقينا بالفريق الاستشاري التنسيقي المسؤول عن الفرق التربوية المنبثقة عن البرنامج الإنمائي الحكومي، الذي ترأسه وكيلة الوزارة تماضر السديراوي، وقدمنا شرحا وافرا عن الاستبانة، بحضور وكلاء مساعدين ورؤساء الفرق وأساتذة جامعيين، حيث لقينا استحسانا من الجميع رغم صدمتهم من بعض النتائج.
وكان المفترض أن تعلن هذه النتائج وتوزع نتائج الاستبانة على رؤساء الفرق العاملين على خطط التنمية الخاصة بوزارة التربية، لقراءة المؤشرات للاستبانة والاستفادة منها، الا أن ذلك أيضا لم يحصل.
وللأسف، لم يقم أحد من قياديي وزارة التربية بالاتصال بي للوقوف عند هذه النتيجة، رغم أن الاستبانة صدر عن فريق رسمي شُكّل بقرار وزاري.
البنك الدولي
• هل اطلعتم جهات خارجية على نتائج الاستبانة؟
ــــ ننسق حاليا مع البنك الدولي، الذي اطلع على نتائج الاستبيان، وذهل من النتائج لا سيما أن نسبة المشاركة برأيهم كبيرة. وشددوا على ضرورة توزيع النتائج على جميع فرق العمل الحكومية الخاصة بوزارة التربية.
والفرق تعمل حاليا على دراسة مكونات المدرسة وطرق الخروج بنموذج جديد للمدرسة وقياداتها، عبر الاستعانة بالخبرات الدولية. وسيشارك فريق من مديري المدارس في دورة تدريبية في هذا الإطار نهاية الشهر الجاري في بوسطن بأميركا، كي يصبحوا النواة لاحقا. وفي السنة الأخيرة من المشروع في عام 2014، سنصدر ما يعرف بوثيقة المدرسة، وهي بمنزلة هيكل تنظيمي، وإعادة النظر في التشريعات الخاصة في التقويم وقياس الأداء والترقي للوظائف الإشرافية وبالأسلوب الصحيح، إذا كنا حقاً ننشد التطوير.
• هل عممتم هذه الاستبانة على قطاعات وزارة التربية والوكلاء المساعدين؟
ــــ خاطبنا وكيل قطاع التخطيط والمعلومات بهذا الشأن، وإلى اليوم لم نحصل على أي جواب، كما طلب مدير المركز الوطني لتطوير التعليم د. رضا الخياط الاطلاع على الاستبانة، ولكننا في انتظار موافقة الوكيل أيضاً.
دعم
• من وفر الدعم المالي لهذه الاستبانة؟
ــــ المشروع نفذ في السنة الأولى، عام 2010، وفوجئنا بالميزانية المتواضعة التي خصصت لنا كفريق تطوير الإدارات التربوية وتحقيق التنمية المهنية، والتي بلغت ميزانيته 44 ألف دينار في السنة الأولى، معتمدة من وزارة المالية للفريق، وهي ميزانية لا تنسجم مع حجم العمل الذي خططنا لإنجازه، من حيث الفلاشات الإعلامية وحملات دعائية، وبوسترات، حيث تجاوزت الميزانية المعدة عتبة الـ 80 ألف دينار، إلا أن وزارة التربية أبلغتنا أنه لا ميزانية متوافرة.
وأود الإشارة هنا إلى أن وزير الإسكان وزير التخطيط السابق الشيخ أحمد الفهد دعم المشروع شخصياً ورعاه بشكل كامل. فيما وفرت الوزارة مبلغ 6 آلاف دينار فقط.
• هل اطلعتم الشيخ أحمد الفهد على نتائج الاستبانة؟
ــــ أردت بداية أن أعلن النتائج عبر القنوات الرسمية أي وزارة التربية، ولكن هذه النتائج يبدو أنها لم تعجب بعض المسؤولين، وبعد أن استنفدت كل الوسائل الرسمية من دون أن أتلقى رداً واضحاً من الوزارة، فإنني أرى أنه بات لي الحق في إعلان هذه النتائج كي لا نستمر في خداع أنفسنا وممارسة سياسة التضليل.
بين الكويت والهند
قالت مدير مركز التطوير والتنمية إن الهند وبإمكاناتها المتواضعة استطاعت أن تحقق مراكز متقدمة في التعليم، رغم أن الفصل الدراسي فيه من 40 إلى 50 طالباً.
واستدركت: نحن في الكويت، قمنا بتخفيض عدد الطلبة في الفصل الدراسي الواحد إلى 25 طالباً، من دون الاستناد إلى دراسة توصي بذلك، أو تؤكد أن حجم الفصل الدراسي ينعكس على تحصيل الطلبة.
طالب علمي في الصف 12: لم أدخل مختبرا طوال أيام الدراسة!
تنقل مديرة إدارة التطوير والتنمية في وزارة التربية عبلة العيسى عن طالب ثانوي في الصف الثاني عشر قسم علمي، اعترافه بأنه لم يدخل مختبرا طوال عامه الدراسي، وقالت إن حديث الطالب جاء خلال لقاء تعريفي نظمه فريق تطوير الإدارات المدرسية وتحقيق التنمية المهنية لإحدى المدارس لحث الطلبة والمعلمين على المشاركة في الاستبيان، حيث أشارت الى ان الطالب عكس حجم معاناة طلبة المستقبل من التخبط الذي تعاني منه المدارس.
اختبارات دولية
قالت مديرة مركز التطوير والتنمية عبلة العيسى إن الكويت هي الأولى عربياً بنسبة المشاركة في المسابقات الدولية، وتحديداً اختبارات بيرلز وتيمز.
وأضافت أن الكويت تدفع المال للمشاركة في هذه الاختبارات، بهدف تشخيص المشكلة، ولكن طوال هذه السنوات لم يتم حل المشكلة، وما يقال عن اكتساب الخبرة غير دقيق.
وقالت: طوال المشاركات الخمس للكويت في هذه الاختبارات لا بد أن نسأل: متى ستطبق هذه الخبرة، وإلى الآن لم يستطع أحد أن يشخص المشكلات التي يعاني منها أسلوب التعليم في الكويت؟
الوظائف الإشرافية
انتقدت مديرة إدارة التنمية والتطوير عبلة العيسى الآلية المتبعة في الترقي للوظائف الإشرافية، والتي تعتمد على الخبرة وتقارير الكفاءة. مشيرة إلى أن المئات يتقدمون للوظائف الإشرافية لشغر 10 مناصب فقط، ومن يفشل في الفوز بالمنصب، ينتظر أي مكان شاغر لشغره، حتى لو استمر في الانتظار سنة أو أكثر.
وقالت إنه لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن كفاءة أي موظف نجح في الوظائف الإشرافية لن تبقى كما هي عليه بعد سنتين أو ثلاث من الانتظار، كما أن إحساسه بأنه ناجح في الوظائف الإشرافية سينعكس سلباً.
وزادت: مفهوم الدورات التدريبية المرتبطة بالوظائف الإشرافية خاطئ، ويشوبه عيوب كثيرة. والجدير ذكره، أنه لم يدخل أي تربوي الدورات التدريبية للوظائف الإشرافية ورسب فيها.
ميزانية
قالت عبلة العيسى إنه من المضحك أن وزارة التربية لا تعتبر ما حققه فريق تطوير الإدارات التربوية وتحقيق التنمية المهنية بمنزلة إنجازات خلال السنة الأولى من عمله، عبر ما قام به من جهود وما توصل إليه من نتائج ظهرت في الاستبيان. وأضافت العيسى: الوزارة تقيس عمل أي فريق وفق ما يصرفه من ميزانية، وبما إننا لم نصرف الميزانية المخصصة لنا، فهذا يعني أننا لم نعمل![/B]