[B]قائمة طويلة من المعاناة، يسردها طلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصا المعاقين حركيا، حيث تبدأ معاناتهم من مواقف السيارات المخصصة لهم، والتي تبعد كثيرا عن مباني الدراسة، وتعترض طريقهم إليها العديد من العوائق، وتمر هذه المعاناة بالمصاعد المخصصة لهم، والتي غالبا لاتعمل، أو يستخدمها الجميع من طلبة وعمال ودكاترة، ولكن أقصى ما يحزن هؤلاء هو التهميش والاستهزاء والتحقير من قبل بعض الدكاترة لهم، وإنهم أقل شأنا من غيرهم.
التقينا مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن تغلبوا على ابتلائهم، وأرادوا أن يكملوا تعليمهم في «التطبيقي»، وكان الحديث التالي.
قال الطالب عادل السليطي، من معهد الاتصالات والملاحة، «تتركز مشاكلنا في عدم احترام إعاقاتنا، التي دائما ما تنتهك من قبل الغير، وعلى وجه الخصوص الأصحاء، ومن مميزاتنا هي مواقف السيارات المخصصة لنا، والمصاعد الخاصة للمعاقين والكراسي، والمدة الزمنية في الاختبارات».
وأضاف السليطي، « صحيح أن لدينا في الهيئة مواقف مخصصة للمعاقين، ولكن الغريب في الأمر أن المسافة بين الموقف والمبنى بعيدة جدا، ويوجد بها مئات العتبات التي تسبب عرقلة لنا، بسبب صعوبة الصعود والنزول، والمصيبة الأكبر أن بعض الدكاترة ينظرون لنا نظرة دونية، كوننا حسب وصفهم (ناقصين)، ولسنا مبتلين من خالقنا وسنعوض في الآخرة».
وزاد السليطي، «إعاقتي تتمثل في الجلوس على كرسي متنقل، واعاني من ثقل في اللسان، وفي إحدى المرات عانيت كثيرا من العنصرية ضدي من قبل دكتورة، التي تعمدت تهميشي بشكل كبير داخل القاعة، وعدم المشاركة في النقاش، بحجة أن صوتي ضعيف وكلامي بطيء، مما أثر على نفسيتي بشكل كبير».
بدوره، قال الطالب فهيد العنزي، من كلية الدراسات التكنولوجية، إن «أبرز مشاكلنا هي في حقوقنا المسلوبة، وخصوصا من من يدعون إنهم مهتمون بنا كذوي احتياجات خاصة، حيث يضعون لوحة عند المصعد بأنه مخصص للمعاقين، ولكنه أغلب الوقت معطل أو تحت الصيانة، وأنا طالب هندسة كمبيوتر، وأغلب وقتي في مبنى 8 المخصص لهندسة الكمبيوتر، الذي يوجد به مصعد متهالك لم يصمم لنقل المعاقين، بل لنقل المعدات الثقيلة ويعود تاريخه لأيام التسعينات».
وأضاف العنزي، «مؤخرا تجاوزوا مشكلة مواقف السيارات بأن سمحوا لنا بركن سياراتنا في مواقف الدكاترة، وللأسف فإن بعض الدكاترة تذمروا بأن (ليش جايبين المعاقين عندنا).
وزاد العنزي، «عند بدايتي في الكلية كنت أعاني من عدم مقدرتي على التنقل بشكل سلس، بسبب بعد المواقف وصعوبة التنقل، وكنت اتأخر عن موعد المحاضرة رغما عني، وكان مدرس المقرر كويتيا، وفي إحدى المرات ذهبت لأفسر له سبب تأخري الدائم وغيابي فرد علي (لا تفكر إنك راح تكسر خاطري)، وكأنني أشحذ منه، ولا أزال أسأل نفسي هل هذا تفكير شخص متخرج من أرقى الجامعات في الخارج».
وقال «عند توصيل معاناتنا لاتحاد الطلبة، نجد الوعود ولا نجد الأفعال، وكأننا لسنا من ضمن الطلبة الذين يمثلونهم».
وأضاف العنزي «أتمنى ان يعوا قليلا ما الابتلاء وما جزاؤه في الآخرة، وما هي حكمة الخالق من الابتلاء».
من جهة أخرى، قال الطالب سعد الرشيدي من كلية الدراسات التكنولوجية، «دائما ما نواجه بعدم الاهتمام، كوننا حالات خاصة، فدائما مواقف سيارتنا منتهكة، وامتيازاتنا منتهكة، وحتى في المراجعات في مكاتب التسجيل لا يضعون لنا امتيازات خاصة، وسهولة في تخليص الأوراق».
وأضاف الرشيدي، «على مستوى العالم يجبرون الدكتور أو المسؤول على أخذ كورس تمهيدي مسماه… كيف تتعامل مع المعاق، وهذا للأسف غير موجود في الكويت، ولذلك نرى كل هذه الأنواع من التهميش ضدنا».
وعن الأثر النفسي قال الرشيدي، «كنت طالبا سابقا في جامعة الكويت، وبسبب صعوبة تنقلي بين العلوم والهندسة، والمسافة بينهما طويلة كنت اتأخر دائما عن المحاضرة، ولا أجد تقبلا من الدكاترة كوني معاقا، ولا يتعاملون باللوائح العالمية المخصصة للمعاقين، مما جعل معدلي ينزل إلى ما دون الواحد، ففصلت من الجامعة».
وعن أبرز المشاكل التي تواجهه شخصيا قال الرشيدي، «أبرزها في أول وصولي إلى الكلية، فأنا أحتاج لمن ينزل لي الكرسي لكي أستطيع الجلوس عليه، وأنتظر في بعض الأحيان ما بين ربع ساعة إلى الساعة في المواقف لأجد شخصا يساندني وينزل لي الكرسي، لكي أستطيع الذهاب لمحاضرتي، وأتمنى من الجهات المعنية أن يوفروا لنا عاملا يساند المعاقين في إنزال الكرسي وجلوسهم عليه، وصعود العتبات الكثيرة التي تعيق تحركنا بالكرسي المتحرك».
وقال الطالب فهد الحربي، من كلية الدراسات التجارية، «سأتحدث براحتي، وأحكي كيف نزل معدلي من 3 نقاط إلى ما دون النقطة الواحدة».
وأضاف «في البداية كانت مشكلة المصاعد، حيث يوجد في كليتي اثنان، أحدهما معطل دائما، والثاني يقال بأنه مخصص للمعاقين، واكتشفت أنه للاستعمال العام للدكاترة والطلبة والعمال والمعدات والطاولات والكراسي… والقائمة طويلة، ودائما ما كانوا لا يحترمون إعاقتي ويجعلونني أستخدم المصعد، وفي إحدى المرات ضغطت على زر المصعد الذي أغلق بابه للتو ففتح مرة أخرى، وكان داخله دكتور فقال لي بنبرة التوبيخ (ليش فتحت الأصنصير)، فقلت له أنا معاق ولا استطيع التحرك بسهولة، فقال لي: عندك الدرج تقدر تمشي، وبعد الصعود وقف المصعد بنا نحو الساعتين، فبدأ في سلسلة من العبارات القبيحة لي، بأنني السبب، وأننا عالة على الكلية ووجودنا في الكلية شيء سلبي».
وزاد الحربي، «أعاني من عيب خلقي في يديّ بالإضافة لصعوبة التحرك، وحركتي بطيئة، فيصعب علي حمل أكثر من كتاب في يدي، ودائما ما كنت أحمل نوتة صغيرة معي لأسجل الملاحظات، واعود إلى المنزل وأفرغ الملاحظات في الكتب المعنية، وفي إحدى المرات وبخني أحد الدكاترة بأنني يجب أن أحضر كل الكتب للمادة، فقلت له بانني لا أستطيع حملها، فلم يعر إعاقتي أي إهتمام، وظل يهددني بأنني سأرسب بالمادة، فقلت له (الله لا يحوجني لغيره، وما راح أذل نفسي عند الناس)، واستطعت العبور من المادة بصعوبة وبدرجة متندية، وفي إحدى المواد وفي أول محاضرة، وانا بسبب إعاقتي كتابتي بطيئة نوعا ما، وكان الدكتور يتحدث عن آلية الامتحانات وكيف سيكون شديدا في وضع الامتحان، فنظر لي وقال: وليييه إنت تعرف تكتب ولا لا؟ في عبارة مفادها أنني أشكل ثقلا عليه ويتمنى التخلص مني».
وأكمل الحربي، «في فترات السحب والإضافة أعاني من صعوبة الوصول للدكاترة لأطلب إضافتي بالشعبة بسبب بعد مكاتب الدكاترة ووجود عتبات كثيرة أمامي، فكنت انتظر أي شخص لينادي لي على الدكتور ويكون الرد بأن: عندك رجول وتقدر تجيني، ولا يستطيعون أن يروا كيف هي حركتي صعبة جدا، ومما جعل معدلي ينزل بشكل كبير جدا هو صعوبة تنقلي، فأكثر من مرة كنت أريد أن اوقف قيدي للعلاج بالخارج، وأجد صعوبة في الإجراءات بسبب كثرتها، وبعدها عن بعضها مما سبب لي إرهاقا كبيرا، فنزل معدلي من 3 نقاط إلى ما دون النقطة».
وأضاف «عند مواجهتم قالوا لي بأن أجمع عددا من المعاقين لنوصل الشكوى، وقمت بالفعل بجمع عدد من المعاقين في الكلية واجتمعنا مع الشخص المسؤول، وللأسف فإن كلام الليل يمحوه النهار، وأنا لن أذل نفسي لأحد، وإعاقتي فخر لي، وأتمنى من المسؤولين أن يحترموا إعاقتنا فقط لا غير».
[/B]