[B]يتفق الجميع على أن شريحة ذوي الإعاقة تعتبر من أهم الشرائح ذات الحضور الفعال والمؤثر في المجتمع الذي يعيشون فيه، كما أن لهم مساهماتهم المتميزة في كل ما يتعلق بالأحداث الجارية، الأمر الذي يؤكد حق هؤلاء الأشخاص في ممارسة حقوقهم الانتخابية وانخراطهم في العمل السياسي بما كفله لهم الدستور.
ولعل خوض المرشحين الثلاثة من هذه الفئة للمعترك الانتخابي الأخير بجرأة، كان خير دليل على الممارسة الديموقراطية الحقيقية التي تنادي بها كل الدساتير وتقرها المنظمات الدولية، وإن لم يحالفهم الحظ للوصول إلى الكرسي البرلماني، بيد أن مشاركتهم في هذا الحراك ساهمت في دمجهم في مجتمعهم وتعزيز إحساسهم بوطنيتهم، وزجهم في عمق الممارسات والتجارب التي من شأنها تنمية قدراتهم والارتقاء بمهاراتهم الحياتية على اختلاف أشكالها.
حرصت على التواصل مع المرشحين بعد انتهاء العرس الانتخابي والاطلاع على أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة وكانت آراؤهم كالتالي:
ثمّن مرشح الدائرة الثالثة السابق هزاع العتيبي (كفيف) مشاركة ذوي الإعاقة في العرس الانتخابي، معتبراً أنها مرحلة تاريخية، أثبتت وجود هذه الفئة ودورها الفعال والمكمّل في المجتمع الذي يعيشون فيه، فضلاً عن قدرتهم في إرسال صوتهم ورسالتهم المنشودة.
وبرر العتيبي إخفاق المرشحين من ذوي الإعاقة في هذه التجربة بانعدام الدعمين المعنوي والمادي، سواء من الناحبين أو من قبل جمعيات النفع المعنية بهذه الفئة، لافتاً إلى تجاوب الناخبين معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر والواتس آب على نحو ملحوظ ولاسيما في ظل افتقاره للمقر الانتخابي. ولفت العتيبي إلى أنه حصل على 35 صوتاً في مشاركته الانتخابية الأخيرة، آملاً تحقيق مطالب هذه الشريحة في ظل المجلس الجديد، أبرزها إقرار قانون المعاقين إلى جانب قانون البدون. واعتبر العتيبي أن تضمين اللجنة البرلمانية المعنية بشؤون ذوي الإعاقة لها دور كبير في تفعيل القوانين الخاصة بهذه الفئة.
قضية مهمّشة
من جانبه، اعتبر مرشح الدائرة الرابعة السابق ورئيس فريق «همتنا ديرتنا» التطوعي إبراهيم المشوطي (إعاقة حركية) أن قضية ذوي الإعاقة «مهمشة» مجتمعياً وإعلامياً رغم أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع.
وانتقد غياب الدعم المادي والمعنوي من قبل أصحاب المقرات الفارهة، سواء من حيث المقرات أو البوفيهات، قائلاً «للأسف نجد دعم المعارض يفوق دعم قضايانا، فالكل يتاجر بها، حيث إن تكاليف المقرات والبوفيهات كلها من حسابنا الخاص».
وأشار المشوطي إلى أنه حصد 137 صوتاً خلال مشاركته التي اعتبرها إنجازاً وفخراً له، حيث استطاع من خلالها توصيل رسالته لأكبر عدد من الناخبين في دائرة صعبة محسومة للمطران والرشايدة، لافتا إلى أن مشاركة ذوي الإعاقة في هذا العرس الانتخابي أثبت قدرتهم على تمثل إخوانهم من هذه الشريحة والتواصل مع الإعلام في طرح قضيتهم، فضلاً عن التفاف عدد من النواب السابقين وتعهدهم لتبني قضيتنا في حال وصولهم للكرسي البرلماني.
أزمات
وتطلع إلى خلق روح التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والنأي عن التأزيمات، لافتاً إلى وجود رموز في المجلس يلوحون بالاستجوابات، الأمر الذي نتخوف منه من إثارة الأزمات في البلاد، ونريد أن تعود الكويت كما كانت في سابق عهدها والدفع بعجلة التنمية نحو الأمام.
غياب الدعم
أما مرشح الدائرة الخامسة، وليد العنزي (كفيف)، فأرجع السبب في إخفاق المرشحين الثلاثة من ذوي الإعاقة إلى عدم الدعم الكافي لهذه الفئة من قبل الجمعيات المعنية بحقوق المعاقين، فضلاً عن انتشار سياسية الرشوة التي باتت سمة النجاح في العملية الانتخابية الأمر الذي يرفض انتهاجه، لافتا إلى أن عدد الأصوات التي حصل عليها بلغت 354 صوتاً، وهي النسبة الأعلى بين المرشحين الثلاثة. وأعرب عن سعادته من خوضه غمار الانتخابات البرلمانية في سابقة تُعد الأولى من نوعها في تاريخ الكويت، معتبراً أنها فرصة جيدة ومشرفة لتبادل التواصل بيننا وبين الناخبين، بالإضافة إلى توصيل صوتنا ورسالتنا. وسلم العنزي بما حققه قائلاً: الحمد لله على هذه النتيجة، فلم أخسر شيئا من هذه التجربة، ولكن عرفت الصديق من العدو، آملاً أن يجتهد الأعضاء الجدد في سبيل تحقيق ما يخدم مصلحة البلاد والمواطنين، لاسيما أن المجالس المتعاقبة عرقلت الأمور ومسيرة التنمية على حد تعبيره.
نظرات الشفقة
أشار فهد المويزري (إعاقة حركية) إلى أن ثمة أسباب عديدة ساهمت في إخفاق المرشحين الثلاثة من ذوي الإعاقات، منها عدم الدعم الكافي، سواء من قبل وسائل الإعلام أو من جمعيات النفع العام المعنية بهذه الفئة، فضلاً عن ضعف برامجهم الانتخابية وتواصلهم مع الناخبين، ناهيك عن نظرات الشفقة والعطف التي ما زالت موجودة والتشكيك في قدراتهم.
مطالب
ونادى الحكومة الجديدة بأن تكون جادة في تحقيق مطالب هذه الفئة في مقدمتها تهيئة مبنى لشؤون ذوي الإعاقة، مطالباً وزير التربية الجديد بتخفيف المناهج الدراسية للطلبة الدارسين في الجامعات والمعاهد، تقديراً لظروفهم الخاصة، فضلاً عن إنشاء جامعة لذوي الإعاقات البصرية بحيث تكون مزودة بكل متطلباتهم، بالإضافة إلى صرف المكافآة الجامعية للطلبة من هذه الفئة وفقاً للقانون.
وأشاد المويزري بمشاركة المرشحين الثلاثة من ذوي الإعاقة وخوضهم غمار الانتخابات بجرأة في سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الكويت، معتبراً أن هذه الخطوة ساهمت في فتح الطريق للكثير من ذوي الإعاقة لتمثيل هذه الفئة وتوصيل رسالتهم. وتطلع إلى تعزيز وسيادة مبادئ العدل والمساواة واحترام القوانين في البلاد، فضلاً عن الدفع بعجلة التنمية نحو الأمام.
خبرة
وشاطره في الرأي صديقه فهد عجيل الحربي (إعاقة حركية)، مشيراً إلى أن تسليط الضوء على قضيتهم من دون غيرها، فضلاً عن افتقار الدعم المادي والإعلامي وقلة الخبرة البرلمانية إلى جانب تشتيت أصواتهم في الدوائر الخمس عد من أهم العوامل التي حالت فوزهم في التجربة الانتخابية. وتمنى الحربي تخصيص مقعد لذوي الإعاقة في المجلس ليكون لسان حال أقرانه من هذه الفئة، لأنه أكثر دراية بهمومهم ومطالبهم، مثمنا جهود بعض الأعضاء ممن ساهموا في تفعيل المعاقين، فضلاً عن مبادرة المرشحين الثلاثة لخوض هذه العرس الديموقراطي.
التمييز الطائفي
وأردف بالقول: للأسف المشاكل التي تحدث في البلاد ما هي إلا فتنة بذريعة الدفاع عن هذه الأرض، ولكن الحقيقة واضحة فجميعنا نعرف الصديق من العدو في هذه اللعبة السياسية، لافتة إلى ظاهرة التمييز الطائفي التي ظهرت في السنوات الأخيرة (سنّي وشيعي وحضري وبدوي)، علماً بأننا في النهاية شعب ووطن واحد، ولعل خير دليل على ذلك المحنة التي ألمّت بنا إبان الغزو العراقي الغاشم والتي أظهرت معدن الكويتي الأصيل.
وطالب فهد الرشيدي، وهو يعاني من إعاقة حركية بتخصيص مقعدين لهذه الفئة عن طريق التعيين وليس الترشيح أو إجراء انتخابات خاصة لهم، مرجعاً السبب في إخفاق المرشحين الثلاثة إلى عدم تقبّل المجتمع للمعاق كنائب لهم، فضلاً عن عدم تنظيم توزيعهم في الدوائر الخمس.
واعتبر أن مشاركة ذوي الإعاقة في الانتخابات تجربة جليلة ساهمت في تشجيع العديد من أبناء هذه الفئة لخوض هذه التجربة من دون تردد، ملمحاً إلى أن ذوي الإعاقة بحاجة ماسة إلى الاندماج بالمجتمع الذي يعيش فيه أكثر من المادة.
الثويني: فرصة جيدة لطرح قضيتهم
أشاد أمين سر الجمعية الكويتية لمتابعة حقوق المعاقين علي الثويني بالتجربة البرلمانية التي خاضها المرشحون الثلاثة من ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أنها فرصة جيدة لهم لطرح قضيتهم في ظل الصراعات التي صاحبت العملية الانتخابية وإن لم يحصلوا على الأرقام المتوقعة.
بورسلي: الانخراط في العمل السياسي أحد أوجه الدمج المجتمعي
وصفت رئيس جمعية أولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي مبادرة ومشاركة ذوي الإعاقة في العمل البرلماني والسياسي بالمؤشر الإيجابي والحضاري، لاسيما أنهم خير من يمثلهم إلى جانب أولياء أمورهم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تعد أول أوجه الدمج المجتمعي الذي ننادي به.
ولفتت إلى أهمية الدعم المعنوي لهذه الفئة والإيمان بمشاركتهم في خوض العملية الانتخابية، موضحة أن ترشيحهم يحتاج إلى جهود بشرية أكثر من الدعم المادي.
وعلقت بورسلي على أسباب عدم وصول المرشحين الثلاثة للكرسي البرلماني، لافتة إلى أن ثمة معطيات كثيرة لعبت دوراً في هذا، فضلاً عن قناعات المجتمع والنظرات العاطفية لا الاجتماعية السليمة تجاههم، إلى جانب هذا يبقى حالهم حال المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ لعدة أسباب، منها: عدم انضمامهم تحت تيار يتبناهم، كما أنهم لا يمثلون توجها معينا، لذلك حظوظ الأشخاص المستقلين اقل من غيرهم، بالإضافة إلى عدم بروزهم وتواصلهم سياسياً في الأيام العادية.
وطالبت بورسلي المجلس الحالي، المتمثل في الجانب الرقابي، بالنظر بجدية وتفعيل قانون المعاقين بصورة فاعلة، مشيرة إلى أن ثمة قضايا كثيرة مازالت عالقة، وعلى رأسها مبنى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة.[/B]