[B]
تساهم مجموعة من الحيوانات الافتراضية الثلاثية الأبعاد، التي تستطيع السباحة وتناول الحشرات والطيران في تعزيز مهارات القراءة في حالة الأولاد الذين يعانون التوحد في مدرسة أودوبون بارك الابتدائية في أورلاندو بفلوريدا.
رتّب كريستوفر غوميز البالغ من العمر أربع سنوات مجموعة بطاقات خاصة تحتوي على كلمات وصور حيوانات، بما فيها صورة لإغوانا، تحت الكاميرا ليشكّل جملة «تستطيع الإغوانا تناول الطعام».
حوّل كريستوفر عينيه نحو شاشة عرض، ابتسم، وقال: «أحب الإغوانا». ثم ما لبث أن خرج هذا الحيوان الزاحف من البطاقة إلى الشاشة ليلتهم حشرة. كذلك، علا في الوقت عينه صوت امرأة رددت العبارة الواردة فوق الشاشة.
يوضح الأساتذة في مدرسة بولدوين بارك العامة أن Letters Alive (أحرف حية)، برنامج إلكتروني يجمع التكنولوجيا التفاعلية الثلاثية الأبعاد مع الأصوات والكلمات وحركات الحيوان الفعلية، فيساعد خمسين تلميذاً في هذه المدرسة مصابين بالتوحد في التغلب على التحديات التي يواجهونها خلال تعلمهم.
تذكر ماري إليزابيث لانغستون، مدرسة في أودوبون بارك الابتدائية لذوي الاحتياجات الخاصة: «لا تحمل صورة جامدة أي معنى لكريستوفر. إلا أن الصورة الثلاثية الأبعاد التي تتفاعل معه من خلال الصوت والحركة تترك لديه انطباعاً يدوم لأنها عملية. أسمع الأولاد طوال النهار يكررون الأصوات التي تعلموها».
تُعتبر مدرسة أودوبون بارك الأولى التي تختبر برنامج مرحلة الحضانة هذا الذي طورته Logical Choice Technologies، شركة تربوية مقرها في جورجيا بالولايات المتحدة الأميركية.
تطوير المهارات
بلغت كلفة البرنامج 995 دولاراً، وهو يتألف من برنامج إلكتروني، كاميرا وثائقية (document camera) 26 بطاقة عليها أحرف الأبجدية الإنكليزية ورسوم حيوانات، ومجموعة من 94 بطاقة تحمل أسماء شائعة وصفات وأدوات وصل وأحرف جر وأفعالاً ضرورية لتطوير مهارات القراءة قبل وصول الولد إلى المرحلة الابتدائية.
عندما توضع بطاقة حيوان مع بطاقات كلمات لتؤلف جملة تحت الكاميرا، يؤدي الحيوان الحركة، شرط أن يكون هذا المخلوق قادراً على ذلك. على سبيل المثل، إذا شكلت البطاقات جملة «تستطيع الزرافة الطيران»، تهز الزرافة الثلاثية الأبعاد رأسها من اليسار إلى اليمين لتُظهر أنها عاجزة عن ذلك.
توضح أودرا سرفي، مدرسة متخصصة في تطوير مهارات القراءة في هذه المدرسة: «يتعلم التلامذة معاني هذه الأفعال وكيفية أدائها وطريقة كتابتها بالاستعانة بحيوانات حقيقية في مواطنها الطبيعية».
يستطيع المستخدم قلب بطاقة الحيوان لرؤية جوانبه كافة، وإذا ضغط المدرّس على مربع ملون على البطاقة، يحل حرف ثلاثي الأبعاد محل الحيوان. يمكن للمدرس أن يري تلميذه الحرف من جهاته كلها. تلائم هذه الخصائص الأولاد الذين يعانون التوحد لأنهم يركزون أكثر على التفاصيل البصرية خلال تعلمهم اللغة.
يذكر المدرسون في أودوبون بارك، التي حصلت على هذا البرنامج في شهر أكتوبر الماضي، أنهم لم يلحظوا حتى اليوم تحسناً كبيراً في مهارات تلامذتهم. إلا أن لانغستون تؤكد أنهم صاروا أكثر انفتاحاً من الناحية الاجتماعية منذ إطلاق هذه التكنولوجيا.
تتابع موضحة: «بدأنا نرى الفارق في طريقة تعبيرهم عن الأصوات وتشكيلهم الكلمات. كذلك، لاحظت أنهم بدأوا ينظرون أكثر إلى أعين بعضهم البعض، ويعربون عن استعداد للتعلم لم يسبق له مثيل».
ليست هذه التكنولوجيا الوحيدة التي تُستخدم في مساعدة الأولاد المتوحدين. فقد أطلقت شركة غوغل عام 2007 مشروع Project Spectrum، الذي يستخدم برنامجها للنماذج الثلاثية الأبعاد SketchUp بغية مساعدة التلامذة المتوحدين على تعمل كيفية تشييد أبنية افتراضية. وقد حقق هذا المشروع نجاحاً كبيراً لأنه يعتمد على نظرة التلامذة المتوحدين الخاصة إلى المساحة والواقع.
لكن Letters Alive الثلاثي الأبعاد يُعتبر أول برنامج يطوّر مهارات القراءة في حالة المصابين بالتوحد. يقول خبراء التوحد أن البحث مستمر لتحديد المفاهيم التي يكونها الولد المتوحد عن محيطه. ويمكن للتكنولوجيا أن تعود بالفائدة على هؤلاء الأولاد، إن نجحت في سد الفجوات في الفهم والتعلم، التي تحول دون تعلمهم اللغة بفاعلية.
توضح هيلين ليونارد، مديرة «باراغون»، مدرسة خاصة في أورلندو بالولايات المتحدة تُعنى بالأولاد المتوحدين: «تحتاج التكنولوجيا إلى العمل على مستوى مجرد يشغل عدداً من الحواس. فيجب أن تشغل الولد المتوحد بأشكال بصرية وحركات واقعية وأصوات كي تبني أسس تعلّم القراءة».
[/B]