أميرة المشهود : لجان طبية تحوِّل الأصحاء إلى معاقين بالواسطة

[B]
بإرادتها وعزيمتها القوية، حطمت قيود إعاقتها، لم يطرق اليأس بابها، بل كان التحدي سلاحاً قوياً ضد الاستسلام وخرجت إلى نور الحياة، وقالت لا للمستحيل، رافعة شعاراً ظل ملازماً لها ولم يفارقها «أيها التصلب لن تصلبني».
ولم تكتف بهذا، بل خلقت من نفسها مارداً صلباً لتتعايش مع مرضها حتى تحولت من ضحية لهذا المرض إلى باحثة فيه، هي مؤسّسة ونائبة رئيس جمعية التصلب العصبي الكويتية وأول متطوعة في عملية القسطرة الوريدية أميرة المشهود، التي بادرت بتأسيس الجمعية بهدف نشر التوعية بالمرض وأهمية علاجه مبكراً، فضلاً عن مساعدة المرضى المحيطين بهم ودعمهم للتعايش مع المرض، فضلاً عن خلق قنوات اتصال بين المرضى للمناقشة وعرض تجربة كل منهم.
أكدت المشهود أن الاكتشاف والتشخيص المبكر لمرض التصلب العصبي يسهمان في الحد من الوصول إلى مرحلة الإعاقة، مشيرة إلى أنه يُدرج ضمن الإعاقات الشديدة الدائمة ويطلق عليه «الشلل التدريجي» لذلك، يحظى مرضى هذا الداء بالحقوق المتاحة ذاتها لذوي الاحتياجات الخاصة.

طالبت المشهود بضرورة إنشاء مركز متخصص كعلاج عضوي وطبيعي ونفسي لمرضى التصلب العصبي، بحيث يكون مزوداً بفريق طبي وهيئة تمريضية ذات خبرة في هذا المجال، فضلا عن العيادات وملتقى للأطباء والمرضى معاً اسوة بتجربة الدول الأخرى، موضحة أننا نعاني من فجوة بين الأطباء والمرضى، الأمر الذي دفعنا إلى إنشاء هذه الجمعية، ونفتقر إلى التخصص في كيفية إعادة تأهيل المرضى، لا سيما بعض تعرضهم لنوبات وانتكاسات المرض.
وشددت على خطورة تدخل الواسطة في لجان منح الشهادات الطبية للمعاقين، وهي بذلك تحول بعض المعاقين إلى أصحاء والعكس، وهذا تلاعب مؤسف!
ودعت الدولة بحكومتها المرتقبة متمثلة بوزير الصحة الجديد إلى إجراء دراسة بيئية محكمة حول سبب انتشار هذا المرض في بيئة حارة، مثل الكويت، ليست موطناً له، الأمر الذي يعطي مؤشراً خطيراً على مستقبل الطاقة الشبابية، متسائلة: هل المستقبل المنتظر هو شباب على كراسي متحركة؟!
وفي السياق ذاته، أشارت المشهود إلى أن الكويت تعد الدولة الوحيدة في العالم التي طبقت نظرية القسطرة الوريدية قانوناً بموافقة الكل من الدولة والوزير، علماً بأن صاحب الاكتشاف باولو زامبوني لم يطبقها قانوناً في إيطاليا، مطالبة الوزير الجديد بإيجاز عمليات قسطرة أوردة الدماغ، مثل قسطرة القلب كإحدى طرق علاج مرض التصلب العصبي، حيث إنها أجريت على 100 حالة كتجربة بحثية في مستشفى مبارك، وتكللت جميعها بالنجاح، بيد أنه تم إيقافها، لأن منظمة الصحة العالمية لم تجزها.

اللجان الطبية
وانتقدت دور اللجان الطبية، لافتة إلى أن المرضى باتوا يعانون من تظلم هذه اللجان، لا سيما في ظل الامتيازات الممنوحة لذوى الإعاقة بمن فيهم مرضى التصلب العصبي، حيث تحول هذه اللجان الإعاقات الشديدة والدائمة إلى متوسطة، والمتوسطة إلى ضعيفة، ناهيك عن العرف الجديد الذي انتهجته هذه اللجان بشأن تحويل مرضى «إم إس» إلى مستشفى الطب النفسي إلى جانب الطب الحركي والعيون.
ودعت هذه اللجان الطبية إلى عدم تقييم المعاق مادياً، بل تقييمه إنسانياً والترحم مع مرضى التصلب العصبي عن التعسف، مشيرة إلى أن مدير عام الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة د. جاسم التمار وعدنا بأنه سوف يتولى مهمة الإشراف وجلب لجنة طبية عالمية متخصصة للأمراض العصبية.

تعاون
وحول مدى التعاون مع الجمعيات والمنظمات المحلية ونظيرتها المماثلة في الخارج، أشادت بالتعاون المتواصل مع جمعية الهلال الأحمر ودورها الحثيث في توفير قاعة لهم للاجتماع مرة اسبوعيا، لخلق قنوات التواصل بين المرضى للمناقشة وعرض تجربة كل منهم، بالإضافة إلى التعاون الدولي مع الفدرالية لمرضى التصلب في بريطانيا والاتحاد العربي للتصلب في مصر وكذلك المنتدى السعودي الخليجي.

التصلب العصبي
وعرَّفت المشهود مرض التصلب العصبي المنتشر بأنه من أكثر أمراض الجهاز العصبي (المخ – المخيخ – الحبل الشوكي) شيوعاً، وهو مرض التهابي، يعتبر من الأمراض المزمنة، مزيل لصفائح المايلين (النخاعين) المغطية والحامية للأعصاب، التي تعد مادة دهنية تحمي وتساعد على سرعة إيصال الإشارات العصبية من المخ إلى أجزاء الجسم، مما يساعد على تحركه بشكل طبيعي، مشيرةً إلى أنه في حالة الإصابة يتأثر محور العصب، وهو الذراع الطويلة للخلية العصبية، ويضطرب نقل أوامر الدماغ إلى أقسام الجسم الأخرى.

إصابة الدماغ
وأضافت : يصيب هذا المرض مناطق مبعثرة في الدماغ والنخاع الشوكي، مكوناً غطاء ليفياً صلباً يظهر في الصور الشعاعية (الرنين المغناطيسي) كأجزاء ملتهبة على شكل بقع بيضاء، أو بأخذ عينة من السائل المحيط بالحبل الشوكي عن طريق إبرة الظهر لتوضيح ما إذا كان الالتهاب قد أصاب بعض الخلايا.

أسباب المرض
وحول أسباب المرض، ألمحت المشهود إلى أنها مجهولة حتى يومنا هذا. ولكن الدراسات والأبحاث العلمية تشير إلى الكثير من العوامل التي تؤثر وتؤدي إلى حدوثه، منها المناعة الذاتية، حيث يقوم الجسم بمهاجمة خلاياه وأنسجته المتمثلة في «المايلين»، الالتهابات الفيروسية، حيث تقوم فيروسات غير محددة النوع بالتأثير في الجهاز المناعي، ومن ثم يهاجم ويدمر غشاء المايلين، أي يسبب رد فعل غير طبيعي لمناعة الجسم محفزاً للخلايا البيضاء (الليمفاوية)، التي تضعف دفاعات الدماغ، إلى جانب العوامل البيئية، حيث لوحظت سرعة تفشيه وتزايده في الآونة الأخيرة في منطقة الخليج، بما فيها الكويت، تحديداً بعد الغزو العراقي، وفي ظل وجود بحيرات نفطية لم تردم حتى الآن، فضلاً عن سوء التغذية المتمثل في الكالسيوم العشوائي، وأخيراً عامل الوراثة، وهو ذو تأثير قليل، لا يتعدى %2 إلى %3.

نسبة الإصابة
وفي ما يتعلق بنسبة حدوثه، أشارت المشهود إلى أنه يصيب الكبار والصغار والنساء أكثر من الرجال (2 – 3) وعادة ما يلاحظ بين البالغين (25 – 40 عاماً)، كما أنه يصيب العرق الأبيض أكثر من العرق الأسود، موضحة انه يعد من الأمراض النادرة، وهو أكثر شيوعاً في أوروبا وأميركا الشمالية ما فوق دائرة عرض 23 درجة شمال الكرة الأرضية وأعلى معدل في المملكة المتحدة والدول الإسكندنافية، أي المناطق الباردة أكثر من الحارة، ولوحظ انتشاره في الدول العربية مؤخراً.
ولفتت إلى أن السيدات يتعرضن للإصابة بهذا المرض أكثر من الرجال، نظراً الى تكوينها العاطفي، بيد أنه يقف في فترة الحمل، نظراً الى إفراز الكورتيزون الطبيعي في الجسم، مما يشكل حماية لها.

أعراض
ولفتت إلى أن أعراضه تختلف من مريض الى آخر وتتمثل في الإرهاق والتعب وتشنج العضلات إلى جانب مشاكل في التوازن ونوبات ألم الوجه المتكررة والتنميل في الأطراف، بالإضافة إلى مشاكل بصرية(ازدواجية النظر والحول المفاجئ والعمى)، وكذلك مشاكل إدراكية (صعوبة التركيز ونسيان وضعف الذاكرة)، فضلاً عن المشاكل النفسية، مثل الاكتئاب والغضب السريع، علاوة على المشاكل الجنسية والتَّبوُّل اللاإرادي.

نظرة المجتمع إعاقة أيضاً
دعت أميرة المشهود إلى ضرورة تغيير نظرة المجتمع الدونية إلى أخرى جدية، تجاه هذه الفئة، الأمر الذي يؤدي إلى العزوف عن الاختلاط بالآخرين أو التقدم للزواج، خوفاً من أسرة الشريك أو الشريكة، لافتة إلى أن التعفف الاجتماعي يمنع المريض من التسجيل في الجمعية ويقتصر على استقبال التعليمات عبر الهاتف. وأضافت إن نظرة المجتمع إعاقة أخرى!
الطب البديل
بيَّنت المشهود أن الطب البديل يعد علاجا رديفا ومساندا لمرضى التصلب العصبي، حيث انها تطرد السموم من داخل الجسم، مسلطة الضوء على أهمية الحجامة وفائدتها الجوهرية بالنسبة الى المرضى.
منتجات الألبان
لفتت المشهود إلى أن منتجات الألبان ومشتقاتها تدرج ضمن قائمة الممنوعات لمرضى «إم إس»، لأنه يزيد من نسبة الكالسيوم المتحجر، إلى جانب عدم التعرض للحرارة، لا سيما في فصل الصيف، لأنه يعمل على زيادة التهاب العصب.

خطأ شائع
أشارت المشهود إلى أن ثَمَّة خطأ شائعا بين الناس حول أن هذا المرض له علاقة بالسحر والشعوذة، الأمر الذي يؤخر العلاج من هذا الداء.

الأكواريوم
أوضحت المشهود أن التمارين المائية (الأكواريوم) تعتبر من أفضل التمارين لمرضى التصلب العصبي المنتشر.

مرض العسكريين!
أشارت أميرة المشهود إلى تفشي هذا المرض على نحو كبير بين فئة «البدون» بحكم المناطق الحدودية، التي تجمعهم بالعراق، لافتة إلى أنه يطلق عليه «مرض العسكريين»، حيث إنهم يتعرَّضون لليورانيوم.

من مريضة إلى باحثة في التصلب
أحرزت أميرة المشهود إنجازات عدة، رغم إصابتها بالتصلب العصبي وهزمت ظروفها الصعبة حتى تحولت من ضحية لهذا المرض إلى باحثة فيه، وهي مؤسّ.سة ونائبة رئيس جمعية التصلب العصبي الكويتية وأول متطوعة في عملية القسطرة.

[/B]