[B]
سُئل أحد السياسيين عن رأيه في مستقبل أمة، فقال:
ضعوا أمامي مناهجها أنبئكم بمستقبلها.
لا شك أن ذوي الإعاقات الذهنية لديهم الحق في التعليم واختيار مسار حياتهم والاندماج مع أقرانهم العاديين تعليمياً واجتماعياً، فضلاً عن إعطائهم الفرصة لإثبات قدراتهم وإنجازاتهم وإبرازها، وذلك تحقيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية للمعاقين، التي كفلها الإسلام والدستور الكويتي.
وتعد مدارس النبراس واحدة من أبرز المدارس التي استطاعت أن تساهم في الارتقاء بالخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير فرص التدريب والتعليم للعاملين في هذا المجال من خلال إعداد المنهج التربوي التعليمي وتصميمه للأفراد الذين لديهم إعاقة ذهنية «بسيطة – متوسطة»، بناءً على المعايير العلمية العالمية بجانب الاستعانة بالخبرات العربية، التي لها تاريخ علمي، وهذا المجال إيماناً منها بفلسفة الدمج، لكونها تجسيداً لمبادئ الخير والمساواة وقبول الآخر.
وأكدت مؤسّس، مدير عام مدارس النبراس د. نورة الظاهري، وجود فجوة بين مخرجات التعليم في الكويت والمستجدات العالمية، خاصة في مجال الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة وآليات تطبيق الحديث من المستجدات العالمية في مجال الدمج، وذلك انطلاقا من دراسة مسحية لواقع حال مخرجات التعليم في الكويت أو في دول مجلس التعاون الخليجي والعربي، مشددة في الوقت ذاته، على أهمية الدمج التعليمي للمعاقين في المدارس مع أقرانهم مع تقديم خدمات التربية الخاصة، وذلك لإتاحة الفرصة لهم في الانخراط والتفاعل مع المجتمع وتعزيز مبدأ الثقة لديهم، معتبرة أنه المدخل الرئيسي لتطوير التعليم.
رؤية
وقالت الظاهري: كانت للقائمين على مدارس النبراس النموذجية والدولية منذ تأسيسها رؤية واضحة، وهي أن الدمج بمفهومه الصحيح وخطواته المدروسة مدخل رئيسي لتطوير التعليم، ولأننا نتطلع بشكل دائم وفقا لرؤيتنا وفلسفتنا إلى البحث والتطوير في مختلف قطاعات المعرفة وتقديم أفضل المناهج التعليمية، وفي إطار الاهتمام العالمي للارتقاء بالخدمات الشاملة المقدمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضا توفير فرص التدريب والتعليم للعاملين معهم، قمنا بإعداد المنهج التربوي التعليمي التأهيلي وتصميمه للأفراد الذين لديهم اعاقة ذهنية «بسيطة – متوسطة»، لافتة إلى أنه يعمل على اعداد الطلبة نفسيا واجتماعيا وتأهيلهم ميدانيا للعمل في مجتمعهم الكبير.
الأسباب
وعددت الظاهري أبرز الأسباب التي دفعتهم الى تصميم هذا المنهج، المتمثلة في الحاجة الماسة والملحة لوجود منهج عربي يلبي حاجة الأفراد المعاقين ذهنيا، وتطلعات أولياء أمورهم لوجود منهج بين أيديهم يساعدهم ويوجههم في اكتشاف طاقات أبنائهم وتفعيلها. بجانب إثراء المكتبة العربية بهذا النوع من المناهج المتكاملة في مجال التربية الخاصة، تحديدا مجال الإعاقة الذهنية، كما أن هناك حاجة إلى منهج عربي، أُع.د بأيد عربية ليناسب الطفل العربي ويرسخ لديه الثقافة العربية والقيم الإسلامية والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى حاجة التربويين والمعلمين العاملين في مجال التربية الخاصة – تحديدا – إلى منهج عربي مبني بطريقة سليمة وعلى أسس علمية يبعدهم عن التخبط والارتجال في كثير من المواقف الصفية، والأهم أن المناهج لا تستورد من الخارج، فلكل امة ثقافتها وخصوصيتها وعاداتها ولها أساليبها في تربية أبنائها وتنشئتهم.
نقطة الانطلاق
وتطرقت بالحديث عن باكورة تطبيق الرؤية، قائلة «منذ عام 2004 تم تطبيق خطة منهجية في مدارس النبراس لفلسفة الدمج التي نؤمن بها ونعمل لأجلها، ولم نكتف برسم السياسات التعليمية، بل دخلنا الميدان التربوي بشكل عملي، وانتقلنا من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق، فكانت مدرسة النبراس النموذجية، التي تعنى بالطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة (إعاقة ذهنية بسيطة – متوسطة)، التي تعمل على إعداد الطالب نفسيا واجتماعيا، وتأهيله ميدانيا للعمل في المجتمع الكبير».
وأضافت: استكمالا للخطة المنهجية لتطبيق فلسفة الدمج، كانت مدرسة النبراس الدولية ثنائية اللغة، تعنى بالطلبة العاديين والموهوبين والطلبة، مما يجدون بطئًا أو صعوبات في التعلم. وبذلك، أخضعت النظريات والسياسات التربوية الخاصة بالدمج إلى اختبار عملي يسهم في التطوير والتحديث، ويساعد على تطوير تلك النظريات العالمية، لتكون أكثر قربا من طالبنا العربي ومجتمعه.
ماهية المنهج
وأوضحت أن المنهج التربوي التعليمي التأهيلي لذوي الاحتياجات الخاصة للأفراد الذين لديهم إعاقة ذهنية «بسيطة – متوسطة» تم تصميمه بناءً على المناهج والمعايير العلمية العالمية الأجنبية الحديثة المتطورة، في إطار قيم المجتمع العربي وتقاليده وباللغة العربية، وذلك بعد دراسة نماذج متعددة لمناهج تعليمية خاصة بالإعاقة الذهنية (عربية وعالمية) ورصد لواقع العمل التعليمي التأهيلي في المعاهد والمراكز والمدارس – سواء كانت حكومية أو قطاعا أهليا – في دولة الكويت وفي المنطقة العربية والخليجية وبعض الدول الأجنبية، وبناءً على خبرة الباحثين والاختصاصيين بمدارس النبراس.
أهداف
وأشارت إلى أن الأهداف – التي يسعى المنهج إلى تحقيقها – والمتمثلة في تنمية قدرات الأفراد الذين لديهم إعاقة ذهنية «بسيطة – متوسطة» ومهاراتهم الأساسية في المجالات التربوية والتعليمية والتأهيلية ومساعدتهم في الوصول بهم إلى أقصى درجة من التفاعل، فضلاً عن المشاركة والدمج مع المجتمع المدرسي والعائلي والخارجي، باعتبارهم أفراداً مشاركين في الحياة والمجتمع، وليسوا – فقط – مستقبلين لكل الخدمات، علاوة على أنه استثمار لقدراتهم.
مميزات
وأردفت بالقول: إن المنهج يتميز منذ الوهلة الأولى بتعدد مصادره، الأمر الذي انعكس إيجاباً على ثراء محتواه وتعدد محاوره وغناه بالمعلومات لكل من الطالب والمعلم، كما أنه علمي ومتكامل، وشامل من حيث إنه يغطي معظم المراحل الأساسية للتعليم ويشمل معظم مجالات المهارات الحياتية، فضلاً عن أنه متوائم مع البيئة المحلية وثقافتا ولغتنا العربية. إلى جانب هذا، يتسم المنهج بأنه «وظيفي» من خلال تنمية المهارات الحياتية بما يحقق للفرد أفضل مستوى ممكن من الاستقلالية في حدود إمكانات كل طالب للاندماج بشكل طبيعي في المجتمع والتكيف الاجتماعي معه، بالإضافة إلى قابليته للتحديث في ضوء المستجدات المحلية والدولية.
المراحل العمرية لمنهج المعاقين
تطرقت نورة الظاهري إلى المراحل العمرية التي يغطيها منهج المعاقين، حيث انه يغطي المرحلة العمرية من سن 3 سنوات إلى سن 21 سنة.
وينقسم المنهج إلى قسمين: الأول هو المرحلة التأسيسية وتشمل أربع مراحل، وتضم المرحلة الأولى من سن 3 سنوات إلى 6 سنوات، و الثانية من 6 إلى 9 سنوات، والثالثة من سن 9 إلى 12 سنة، والرابعة من 12 إلى 15 سنة.
أما القسم الثاني، فيشمل المرحلة التأهيلية وتشمل مرحلة ما قبل الإعداد وهي تغطي المرحلة العمرية من 15 إلى 18 سنة ومرحلة الإعداد للعمل والتي تغطي المرحلة العمرية من 18 إلى 21 سنة.
فلسفة المنهج
شرحت الظاهري الفلسفة التي يقوم عليها المنهج، ومنها مفهوم الفرد ككل متكامل، أي ضرورة الاهتمام بالنمو الكلي للفرد، واللعب الذي يسهم في تطور جميع مظاهر النمو الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي والتواصلي، والمشاركة النشطة والفعالة للوالدين، ودعمهم من خلال فاعلية العلاقات مع أولياء الأمور، بالإضافة إلى التعامل مع التباين والفروق الفردية بايجابية.
اكتشاف الميول
لفتت الظاهري إلى أن المنهج زود الطالب بالعديد من الكتيبات التي تغطي مجالات كل مرحلة عمرية تدريبية، تعليمية ومصممة بطريقة جاذبة، بحيث تناسب الطلبة في كل مرحلة، وأيضا تعمل على اكتشاف ميولهم.
مشاركة الأسرة
اعتبرت الظاهري مشاركة الأسرة في تدريب الطالب وتعليمه وتأهيله بالتعاون مع المدرسة قضية أساسية، فضلا عن تدريب المعلمين والمعلمات.
دليل لمعلمي المعاقين
أعلنت مؤسسة مدارس النبراس لذوي الاحتياجات الخاصة نورة الظاهري عن دليل للمعلم يحتوي على العديد من النماذج والأنشطة التعليمية ومحكات التقييم مع ترك مساحة واسعة لإبداع المعلم في التعامل الفردي مع الطلبة المعاقين داخل الصف.
[/B]