[B]
يحتفل العالم في الثالث من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة. ويهدف هذا اليوم الذي بدأت الأمم المتحدة الاحتفال به عام 1993، إلى تعزيز فهم القضايا ذات العلاقة بالإعاقة وتحريك الدعم لحصول ذوي الاحتياجات الخاصة على حقوقهم في كل أنحاء العالم. وتعميق التفاهم بين القضايا الخاصة بالإعاقة البدنية، أو العقلية، والحفاظ على كرامة هؤلاء المصابين. وفي الوقت نفسه، يحتفل العالم العربي بالعقد العربي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي انطلق عام 2003، ويستمر حتى عام 2012. وقد أعطى الإسلام لهذه الفئة من المعاقين، أو ما يطلق عليهم اليوم ذوي الاحتياجات الخاصة، حقوقهم واهتم بشأنهم، فحرص على دمج المعاق في مجتمعه، وأثبت لهم كثيراً من الحقوق، فمن ذلك حق العيش باحترام وتقدير من الآخرين، وحق التعلم قدر إمكاناته، وحق الرعاية الصحية والاجتماعية، وحق العمل في المجالات التي تعلمها، وحق التملك، وحق الزواج والإنجاب، وحق المشاركة في الحديث والمناقشة، والأخذ برأيه كلما أمكن ذلك. وللإسلام نظرة خاصة في رعاية المرضى وذوي الاحتياجات، تبدأ من التخفيف عليهم في بعض الالتزامات الشرعية، وذلك كما في قوله تعالى «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَج. حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَر.يض. حَرَجٌ»، وتنتهي ببث الأمل في نفوسهم، ومراعاة حقوقهم الجسمانية والنفسية، كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو للمريض، ويبشره بالأجر والمثوبة نتيجة المرض الذي لحق به، فيهون بذلك عليه الأمر، ويرضيه به.
كما يتجه الإسلام إلى المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المعاق، فيعلمهم ويربيهم على السلوك الذي يجب عليهم أن يسلكوه في معاملتهم لإخوانهم وأهليهم من ذوي الإعاقات، فيؤكد أن ما حل بإخوانهم من بلاء لا ينقص قدرهم، ولا ينال من قيمتهم في المجتمع، فهم جميعاً سواء لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى، فقد يكون صاحب العاهة أفضل وأكرم عند الله من الصحيح المعافى فقال تعالى «إ.نَّ أَكْرَمَكُمْ ع.نْدَ اللَّه. أَتْقَاكُمْ»، وعاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في قصة عبدالله بن أم مكتوم الصحابي الأعمى، الذي حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليجلس معه، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لانشغاله بدعوة كفار قريش وسادتها، وأدار وجهه عنه والتفت إليهم، فجاء عتاب الله لنبيه «عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى»، فكان صلى الله عليه وسلم بعد هذا العتاب، كلما رآه، هش له ورحب، وقال: «أهلاً بمن عاتبني فيه ربي»، وقد ولاه رسول الله صلى الله وسلم على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته.
الصبر
وقد دعا الإسلام المبتلى إلى الصبر على ما يواجهه من نكبات وكوارث تحل في جسمه أو ماله أو أهله، قال تعالى: «مَا أَصَابَ م.نْ مُص.يبَةٍ ف.ي الْأَرْض. وَلَا ف.ي أَنْفُس.كُمْ إ.لَّا ف.ي ك.تَابٍ م.نْ قَبْل. أَنْ نَبْرَأَهَا إ.نَّ ذَل.كَ عَلَى اللَّه. يَس.يرٌ (22) ل.كَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا ب.مَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُح.بُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)» وقال صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له». وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة»، أي عينيه.
لا يسخر قوم من قوم
ومن حقوق هذه الفئة عدم السخرية منهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذ.ينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ م.نْ قَوْمٍ}.. فالمجتمع الذي يزدري الأصحاء فيه أهل البلاء يكون مصدر شقاء وألم لهؤلاء قد يفوق ألم المصيبة، فكم من ذوي البلاء من حمل عاهته ورضي بواقعه، إلا أنه لا يمكن أن ينسى كلمة جارحة أو نظرة احتقار.
جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان
والإسلام يبين للأصحاء أن ما يرفلون فيه من صحة ونعمة ليس الا من فضل الله {وَمَا ب.كُمْ م.نْ ن.عْمَةٍ فَم.نَ اللَّه.} وان الذي وهبهم هذه النعم قادر على سلبها منهم، واعطائها لمن كانت اعينهم تزدريهم، {قُل. اللَّهُمَّ مَال.كَ الْمُلْك. تُؤْت.ي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْز.عُ الْمُلْكَ م.مَّنْ تَشَاءُ وَتُع.زُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذ.لُّ مَنْ تَشَاءُ ب.يَد.كَ الْخَيْرُ إ.نَّكَ عَلَى كُلّ. شَيْءٍ قَد.يرٌ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «هل تُنصرون، وتُرزقون إلا بضعفائكم»، وقال: «إنما نصر الله هذه الأمة بضَعَفَتهم: بدعواتهم وصلواتهم وإخلاصهم، لأن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعليق بزخرف الدنيا.
[/B]