[B]
عقد في الكويت أخيرا المؤتمر الدولي الأول لذوي الاحتياجات الخاصة: صعوبات التعلم واضطراب تشتت الانتباه/ فرط النشاط، الذي نظمه مركز تقويم وتعليم الطفل والجمعية الكويتية لاختلافات التعلم، وعرضت خلاله المعلومات والارشادات الجديدة التي تتعلق بصعوبات التعلم واضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط. وجمع المؤتمر كل المعنيين والمهتمين بصعوبات التعلم ورعاية هذه الفئة تحت سقف واحد، وذلك لتبادل الخبرات والمشاركة مع المؤسسات التي تعنى بالإعاقة والتعليم والتربية. وشارك في المؤتمر خبراء عالميون ومحليون أعطوا محاضرات حول مجالات صعوبات التعلم المختلفة، وخاصة: صعوبات تعلم الرياضيات، والاضطراب النمائي الحركي، واضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط، والدسلكسيا.
نتيجة انتشار التوعية، بات مصطلح «صعوبات التعلم» معروفا. ونتج من ذلك، لفت انتباه المدرسين واولياء الامور، الى أن الاطفال الذين يواجهون صعوبة في التعلم قد يعانون اضطرابات عصبية او عضوية. وأشارت د. هدى شعبان، خبيرة في صعوبات التعلم واستشارية تربوية ورئيس قسم التنمية والتطوير في الجمعية الكويتية لاختلافات التعلم (KALD) ورئيس جمعية صعوبات التعلم في الكويت (LDPA، الى أن الوعي ادى الى بطلان الارتباط الخاطئ ما بين صفات الغباء والكسل وعدم الاهتمام مع أي حالة يلحظ عليها صعوبة في التعلم.
ومن بين الحالات التي تسبب صعوبات التعلم حالة «تشتت الانتباه وفرط النشاط».
وبينت د. شعبان أن اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط ADHD هو اضطراب مرضي مزمن ولا يرجع ابدا الى عيب تربوي بل يعزى الى حدوث خلل في النمو والتطور العصبي، وسببه في 50 – %60 من الحالات يرجع الى عامل الوراثة. وغالبا ما يبدأ في مرحلة الطفولة وقد يستمر الى مرحلة الرشد. وترتفع نسبة الإصابة بين الذكور مقارنة بالإناث بما يعادل 3 الى 1. ولكن الدراسات الحديثة كشفت أن نسبة اصابة البنات بنوع تشتت الانتباه في ارتفاع، مما قد يغير هذه النسبة في المستقبل.
أنواعه ودرجاته
لكل مصاب خصوصيته، حيث تختلف سمات هذا الاضطراب بين كل مصاب وآخر باختلاف نوعه ودرجته. وبالإضافة الى تقسيم درجاته الى بسيطة ومتوسطة وشديدة، قسم «الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-IV» انواع اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:
1 – حالة نقص الانتباه لا يصاحبها فرط نشاط ADD.
2 – حالة فرط النشاط لا يرافقها اضطراب غير طبيعي في الانتباه HD/I
3 – نوع تتساوى فيه حدة الاضطرابين (قصور الانتباه وفرط النشاط) المفرطة ADHD.
كما قد يرافق هذا الاضطراب ايضا وجود سمات الاندفاعية.
اضطراب ينتقل بالوراثة
ينتقل هذا الاضطراب بالوراثة مثل خاصية طول القامة. وبينت الاحصائيات أن نسبة الاصابة في طفل عند وجود اصابة في احد الوالدين هي %50، وأن نسبة اصابة اخوة الطفل المصاب هي حوالي %29، فيما تصل نسبة الاصابة بين التوائم السيامية الى %80.
مصدر عضوي
من المهم ادراك أن الاعراض التي تظهر على المصاب سببها وجود خلل في منطقة دماغية، بالإضافة الى ما يعانيه من تأخر نمائي واجتماعي ومشاكل في النوم. ويعزى السبب العضوي لوجود اضطراب او خلل في منطقة دماغية موجودة في الفص الامامي. وينتج من ذلك، قصور في عمل بعض الناقلات العصبية المسؤولة عن نقل المعلومات وهي الدوبامين والنورابنيفرن. ولا يجب ان يخاف الاهل على صحة دماغ المصاب، فهو طبيعي باستثناء منطقة في الفص الامامي يعتقد أنها المسؤولة عن اتخاذ القرار وحل المشكلات والذاكرة الفورية.
لا يرتبط بالإعاقة الذهنية
ليس شرطا أن تترافق الاعاقة الذهنية مع الاصابة بفرط النشاط ونقص التركيز. حيث اكدت د. شعبان على ان معظم المصابين لديهم نسبة ذكاء عادية، بل وجد أن بعضهم لديه نسبة ذكاء مرتفعة ليعتبر من ضمن الفائقين. كما ليس شرطا ان ترتبط كل حالة تعاني من صعوبات في التعلم مع الاصابة بنقص التركيز وفرط النشاط، فمن الممكن ان تعاني من حالات اخرى. فيما وجد أن %50 من المصابين بهذه الحالة يعانون ايضا من صعوبات في التعلم.
آثار هذا الاضطراب السلبية
– ضعف دراسي
– خلل في العلاقات الاجتماعية
– إحباط وفقدان الثقة بالذات
أما تأثيره على الدراسة فيكون:
– %90 من طلبة ADHD يعانون من مشاكل دراسية.
– 30 – %50 يعانون صعوبات في التعلم
– %35 يتركون المدرسة في المرحلة الثانوية
– %11 يتم فصلهم من المدرسة بشكل متكرر
– %11 يتم طردهم من مدارسهم
العلاج
وحول العلاج الفعال، اشارت د. شعبان الى ان العلاج الناجح هو الذي يستخدم عدة تدخلات او طرق للتعامل مع هذه الحالة. وذلك من خلال الجوانب التالية:
– تسهيلات أكاديمية ضرورية لنجاح هؤلاء الطلبة.
– تكييف طرق التدريس لتتلاءم مع احتياجات الطالب وتقديم التسهيلات الأكاديمية الضرورية لنجاحه.
– تطوير المهارات الاجتماعية والانفعالية.
– بناء مناخ آمن، وتعديل بيئة الصف الدراسي.
– التعرف على الطالب وبناء علاقة إيجابية معه.
– العلاج السلوكي والإرشاد والعلاج النفسي.
– العلاج الطبي (العقاقير).
أساليب التدريس المناسبة
أهم عامل هو جعل عملية التعلم ملموسة ومرئية بقدر الإمكان:
– استخدام جهاز العرض الضوئي لشرح المفاهيم.
– استخدام الألوان لإبراز المعلومات المهمة.
– استخدام المخططات والرسوم لمساعدة الطلاب على تنظيم أفكارهم.
– توفير الأدوات التي قد تساعد الطالب على تعلم المفاهيم (آلة حاسبة…).
وفي عام 1991 صدرت عن وزارة التعليم ومكتب حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأميركية مذكرة بخصوص التسهيلات والتعديلات الواجب توفيرها للطلبة الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط/تشتت الانتباه تناولت أهمية:
– تعديل مهام العمل.
– استخدام التكنولوجيا المساعدة.
– تعديل مستوى الدعم والإشراف.
– التسهيلات أثناء الامتحانات.
العلاج الطبي العقاقيري
رغما عن فعالية العقاقير في السيطرة على المرض بنسبة 70 – %92، دلت الاحصائيات على ان %32 من المصابين يتناولون العلاج العقاقيري. ومن فوائد تناوله، دعم الجوانب والخواص التالية:
– تحفيز الذاكرة والوظائف الدماغية التنفيذية.
– القدرة على ضبط الانفعالات
– التناسق والتحكم الحركي
– القدرة على تنظيم الوقت والتفكير
– خفض السلوكيات السلبية
– النجاح الدراسي
سمات نقص الانتباه
– يفشل الطالب في تركيز انتباهه على التفاصيل الدقيقة ويقترف الكثير من الأخطاء.
– يعجز عن مواصلة التركيز على النشاط أو العمل الذي يقوم به.
– لا يبدو أنه يستمع لما يقال له.
– يجد صعوبة في تنفيذ تعليمات الآخرين أو استكمال أداء المهمات الروتينية اليومية.
– غالبا ما يتردد أو يكره الدخول في نشاطات تتطلب منه بذل مجهود فكري.
– كثيرا ما يفقد أشياء ضرورية للقيام بالمهام أو ما يطلب منه (أقلامه، كتبه، لعبه، واجباته..).
– يسهل إلهاؤه وجذب اهتمامه لأي منبه عرضي حتى لو كان بسيطا.
– كثيرا ما ينسى المطلوب منه.
سمات فرط النشاط
– يظل في حركة مستمرة ولا قدرة لديه على الاستمرار في الجلوس او الهدوء.
– يبدي حركات عصبية قلقة إما من خلال يديه وإما قدميه أو جلسته المتململة دائما.
– يعاني صعوبة في اللعب بهدوء وسكينة.
– دائم الانتقال من نشاط إلى آخر دون أن ينهي ما بدأه من الكلام.
وقد ترافق الاعراض سمات الاندفاعية:
– يهرع إلى تقديم الأجوبة عن أسئلة قبل ان يستكمل طرحها.
– يعاني صعوبة في انتظار دوره في الأنشطة الجماعية.
– يتدخل عنوة في ألعاب الآخرين ويقاطع أحاديثهم ويتطفل عليهم.
– كثيرا ما يتورط ويجد نفسه في اوضاع خطرة ليس حبا في المخاطرة، بل نتيجة لتهوره واندفاعه.
التشخيص
يشخص الطفل على أنه يعاني «اضطرابا في نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD» استنادا الى التشخيص الإكلينيكي وتاريخ الاعراض، كما قد تستخدم بعض الاختبارات. ومن المهم جدا، ان يخضع الطفل لاختبار نسبة الذكاء لتقييم حالته الذهنية. وللتفرقة ما بين الحالة المصابة بالمرض وتلك المصابة بالاضطرابات السلوكية، يجب ان تتوافر فيها خمسة شروط رئيسية، وهي:
– أن تستمر سمات هذا الاضطراب لفترة لا تقل عن 6 أشهر.
– أن يستمر ظهور السمات في جميع الاماكن والاوقات (في المدرسة، البيت، الشارع…)
– أن تظهر السمات قبل بلوغ الطفل سن السابعة.
– أن لا تتناسب سلوكياته مع تطوره النمائي والاجتماعي والدراسي، فيتصرف كأنه اصغر من سنه.
– أن لا تكون ناتجة من أي اضطراب عقلي أو نمائي آخر.
من يشخص الحالة؟ ومتى؟
من المهم ان تلجأ الحالات المشكوك فيها الى ذوي الاختصاص، لتشخيص الحالة بدقة. والمؤهلون لذلك هم: الأطباء النفسيون وأطباء الأطفال المتخصصون في الاضطرابات العصبية واختصاصي علم النفس الاكلينيكي ممن يقومون بالاختبارات المتخصصة، بينما لا يعتبر اختصاصي علم النفس التربوي مؤهلا لتشخيص الاصابة. وفي السابق، كان لا ينصح بتشخيص الاصابة قبل بلوغ الطفل عمر سبع سنوات، لكن الارشادات الجديدة سمحت ببدء التشخيص بعد عمر اربع سنوات، لكن من قبل المتخصصين.
وبينت د. شعبان اهمية التشخيص المبكر، قائلة:
– كلما شخصت اصابة الطفل مبكرا، جرى التعامل مع حالته في وقت مبكر وبالتالي تفادي حدوث المشاكل السلوكية والنفسية والدراسية. كما يعطي ذلك فرصة اكبر للطفل بأن يتغلب على هذه الحالة مع تقدم العمر به.
[/B]