[B]اهتم الاسلام بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وقواهم بالصبر والعزيمة واعتبر السخرية منهم والهمز واللمز من كبائر الذنوب
ينص قرار الامم المتحدة رقم 47/88 الذي تم اعلانه في 1992 ان اليوم الثالث من شهر ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي للمعاقين, وعليه يجب الاهتمام بالمعاقين واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين حالته واتاحة الفرص لهم على قدم المساواة مع الآخرين.
ونحن اذ نشير الى قرار الامم المتحدة الذي تم اعلانه قبل 19 سنة فقط, نؤكد ان الاسلام سبق الامم المتحدة ب¯ 1433 سنة بالاهتمام بالمعاقين الى اقصى درجات الاهتمام والاحترام والرعاية والتمكين, واذا كان العالم قد خصص يوما واحدا كل عام للاهتمام بالمعاقين واطلق عليه اليوم العالمي للمعاقين, فالاسلام قد وضع المعاقين في عيون الجميع وشدد على الاهتمام بهم في كل وقت وحين وكفل لهم كل فرص التقدم والمساواة مع الاخرين على الدوام وفي كل الاحوال.
عموما هذه جولة حول الموضوع نشارك به العالم احتفالاته بيوم المعاقين »ذوو الاحتياجات الخاصة« نسلط الضوء على تعريف المعاق, والاحصائيات المختلفة عن المعاقين, ونظرة الاسلام للمعاقين وكيف اهتم بهم واحترمهم وانزلهم اسمى منازل التقدير والرعاية والتكريم. نقول وبالله التوفيق:
ما الاعاقة ومن هو المعاق?
الاعاقة والمعاق في اللغة من عوق يعني الحبس والتثبيط, وعاقه عن كذا يعني حبسه عنه, وكانوا يسمون المعاقين بالمقعدين ثم اطلق عليهم ذوو العاهات ثم العاجزين, ثم اكتشف المجتمع اخيرا بأن هؤلاء ليسوا عاجزين, لأن المجتمع هو العاجز عن الاعتراف بهم, وعاجز عن تقبلهم والاستفادة من مواهبهم وقدراتهم التي يمكن تنميتها وتدريبها, وعندما ادرك المجتمع انه هو السبب في تلك العوائق التي تمنع المعاقين من التكيف معه, غير نظرته تجاه المعاقين عن التكيف والاندماج مع المجتمع, ومن هنا اصبح يطلق حضاريا على المعاقين اسم »ذوو الاحتياجات الخاصة« او اصحاب الصعوبات, وكان الاسلام قد سبق كل ذلك بكفالته ورعايته لهذه الفئة وادمجهم في الحياة وألزم المجتمع باحترامهم وتكريمهم بجملة ارشادات وتوجيهات حازمة وشديدة.
تشير احصائيات الامم المتحدة ان هناك اكثر من 700 مليون معاق في العالم منهم اكثر من 21 مليون معاق في الدول العربية, وان هناك اكثر من 200 سبب للاعاقة منها العامل الوراثي, وحوادث المرور الى جانب اصابة العامل الوراثي, وحوادث المرور الى جانب اصابة الام الحامل بالحصبة الالمانية, او ادمانها الخمور والتدخين والمخدرات ثم شلل الاطفال وغير ذلك.
نظرة الاسلام للمعاقين
لقد كفل الاسلام بتعاليمه السمحة العظيمة حقوق المعاقين وحفظ لهم اعتبارهم الادبي واحترمهم غاية الاحترام, فإذا رجعنا الى تلك التعاليم العظيمة نجد هذا التكريم والاحترام يتجسد في ذلك التوجيه الالهي لانزال الناس منازلهم تبعا لما يتصفون به من تقوى وايمان, يقول الله تعالى في كتابه العزيز (إن اكرمكم عند الله اتقاكم…), ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينظر الى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم).
مما سبق عرضه نستنتج ان الاسلام امر بتكريم الانسان عموما وبتكريم ذوي المواهب والتقوى والايمان خصوصا, وجاء صراحة في تفضيل الله للأكثر تقوى وايمانا وان هذا الاكرام الخاص يشمل الأسوياء والمعاقين.
فالمعاقين وذوي الحاجات الخاصة مكرمين محترمين في نظر الاسلام وان قيمتهم الادبية والاجتماعية مكفولة تماما بل ومميزة غاية التمييز بما يقدمونه من اعمال وانتاج ادبي او علمي او غير ذلك, ان الله لا ينظر الى اجسامكم وصوركم انما ينظر الى اعمالكم.
حقا لقد حفظ الاسلام للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة, حقوقهم الادبية واعتبارهم العظيم, ثم يأتي الاحترام العام للمعاقين, وذوو الاحتياجات الخاصة في تحريم السخرية والاستهزاء بهم تحريما جازما حاسما وكبيرا.
نعم, لقد اعتبر الاسلام الاستهزاء والسخرية وتعريض كرامة الانسان للاهانة, من الكبائر حتى الهمز واللمز والغمز بالآخرين جاء تحريمه في الاسلام تحريما كبيراً.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) – سورة الحجرات/.11
الله اكبر هل هناك اعظم واعظم من هذا التكريم الالهي للانسان عامة وللمعاق وذوي العاهات خاصة, هل هناك قانون من قوانين الامم يضمن للانسان كرامته واحترامه مثل الاسلام? حتى التنابز بالالقاب مثل يا أعور يا أعرج يا كذا يا كذا.. الخ, حرمه الاسلام وجعله كبيرة من كبائر الذنوب.
لقد اعطى الاسلام للمعاقين حقوقهم كاملة وحرص على دمجهم في المجتمع, فهذا ام مكتوم »الاعمي« رضي الله عنه, قد رفع الله قدره في القرآن, واعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمى منزلة وتقدير عندما ولاه على المدينة حين خرج في احدى غزواته, وها هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي المعاقين حقوقهم ويصدر تشريعا يقضي بمسؤولية بيت المال الانفاق على ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين, وها هو الاسلام يقوي من عزيمة المعاقين وينصحهم بالصبر والتقوى, والآيات القرآنية والاحاديث النبوية كثيرة حول هذا الامر, في حديث قدسي يقول رب العزة والجلال »اذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضه الجنة« حبيبتيه يعني اعاقة العينين وكذلك الاطراف…. الخ.
الوقاية من الاعاقة
ارشد الاسلام الى الوقاية من الاعاقة بالآتي:
1- الحد من عامل الوراثة بانتقاء الاصل الجيد, والتأكد من سلامة الجينات بالكشف قبل الزواج. (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس).
2- تحريم الزنا لأن الفوضى الاخلاقية والجنسية تنتج ذرية سيئة من خلال الامراض الخطيرة كالزهري الذي يسبب العمى والشلل والتشوهات المختلفة. »(… ولا تقربوا الزنا..).
3- تحريم الخمور والمخدرات والادمان اثناء الحمل وتحريم الاختلاط والتبرج لأن كل ذلك اسباب تقود الى الفاحشة التي تنقل الامراض الوراثية الخطيرة.. الحديث طويل والمساحة محدودة.
نسأل الله العفو والعافية والتقوى والايمان الذي يجنبنا المهالك والوقوع في الآثام.
/[/B]