[B]
كشفت مسودة حصلت عليها لمشروع خطة التنمية الخمسية للدولة 2009/2010-2013/2014 وهي المسودة التي يبحثها مجلس الوزراء حاليا ان الكويت تستعد لمنافسة دول الاقليم كي تكون مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة تحقيقا لرغبة سمو الامير عبر سلسلة من المشاريع الانشائية والتنفيذية بلغ عددها 1095 مشروعا، منها 809 مشاريع إنشائية و286 مشروعا تنفيذيا تبلغ كلفتها جميعا نحو 35 مليار دينار.
وتتضن خطة التنمية الخمسية التي تنشرها «الراي» على حلقات نظرا لضخامتها مشاريع متعددة تهدف الى تحقيق 7 اهداف استراتيجية هي: رفع الناتج المحلي الاجمالي وتنويع مصادره, جعل القطاع الخاص يقود الحياة الاقتصادية, ترسيخ آليات ونظم داعمة ومحفزة للقطاع الخاص, تعزيز التنمية البشرية وتوفير فرص العمل, توسيع مجالات وأنشطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لدعم التنمية وقطاع البحوث والتطويرو تعزيز الادارة الحكومية الفعالة , ترسيخ مقومات المجتمع الصالح , وهي الاهداف التي تتفرع منها أهداف صغرى تدعمها وتكفل تنفيذها بشكل واقعي وصحيح وبما يكفل نجاح خطة التنمية الخمسية.
وفضلا عن التطوير الشامل للكويت بنية تحتية وإنشاءات وتشريعات، تتضمن الخطة الخمسية ما أسمته بالمشاريع التنموية القائدة ومنها مشروع مدينة الحرير والذي يتضمن حسب الخطة منتجعات ومحميات طبيعية, ومناطق تجارية حره ,ومدينة أعمال, ومنتديات ومعارض دولية تجارية, ومدينة أكاديمية رياضية, ومدينة ثقافية, ومراكز سياحية تضم فنادق ومنتجعات, ومدينة بيئية وأخرى اعلامية ومدينة للافلام ومدنا صناعية وتعليمية وصحية اضافة الى حدائق عامة ومدن اسكانية وبرج مبارك الكبير الذي سيعتبر الاطول في العالم.
كما تتضمن الخطة مشاريع كبرى مرتبطة بمشروع مدينة الحرير كإنشاء شبكة سكك الحديد والمترو في الكويت, ومشروع ميناء بوبيان البحري وتنفيذ جسر جابر الاحمد.
وتراهن الخطة التنموية على إنشاء مدينة الحرير لجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة ولتوفير نحو 450 الف فرصة عمل للشباب الكويتي.
وفي قضية الاسكان تهدف الخطة التنموية الى توفير نحو 48.117 طلب اسكاني لتنخفض نسبة الطلبات الاسكانية خلال سنوات الخطة الى 34 الف طلب وبنسبة خفض مقدارها نحو 60 في المئة من نسبة الطلبات التي يتوقع ان يصل مجموعها الى نحو 86 الف طلب.
وتتكون مسودة خطة التنمية الخمسية من جزأين الاول يتضمن الخطة والاهداف الاستراتيجية بتفصيل في حين يتضمن الجزء الآخر قوائم مفصلة بالخطط التنفيذية للمشاريع محددة بالتكلفة والمواقيت.
الفصل السابع
الهدف الاستراتيجي السابع: ترسيخ مقومات المجتمع الصالح
تمهيد:
على الرغم من ان مؤشرات نمو الثروة، هي المؤشرات الاكثر اهمية لدى مناقشة خطط التنمية، الا ان حالة التماسك المجتمعي هي التي تلعب دور القاطرة التي تقود كل متغيرات عملية التنمية، والتكلفة التنموية لاي اختلال سوف تكون باهظة إلى حد بعيد، من هنا اهتمت الخطة بقضية ترسيخ مقومات المجتمع الصالح، هذا التعبير الذي يعني في ادبيات التنمية، انه المجتمع الذي تتحقق فيه المقومات التالية:
• استقرار حالة السلم الاجتماعي.
• تركيبة مجتمعية منسجمة سياسيا وثقافيا.
• استيعاب واع للفئات الحساسة اجتماعيا.
• مشاركة مجتمعية واسعة ومتنوعة وواعية.
• استقرار امني.
بناء على هذا التعريف لمقومات المجتمع الصالح سوف يعالج هذا الفصل الجوانب التالية:
• شبكة الأمان الاجتماعي.
• تعزيز ثقافة وقيم المواطنة.
• دعم الفئات الحساسة اجتماعية.
• الرعاية السكنية.
• معالجة القضايا الامنية.
• دعم البنية الثقافية والاعلامية.
• توسيع ادوار ومشاركة منظمات المجتمع المدني.
أولاً: شبكة الأمان الاجتماعي
تتكون شبكة الأمان الاجتماعي في دولة الكويت من العناصر التالية:
• نظام المساعدات الاجتماعية.
• نظام التأمينات الاجتماعية.
• نظام التعاون الاستهلاكي.
(1) نظام المساعدات الاجتماعية
يعتبر نظام المساعدات الاجتماعية في دولة الكويت من أقدم مكونات شبكة الأمان الاجتماعي. وقد نجح النظام في مواجهة الكثير من حالات الأسر المعرضة لمخاطر الفقر والحاجة، سواء بسبب فقدان عائلها أو تعرض الأسرة للتصدع بسبب المشكلات المترتبة على الطلاق. ويقوم النظام بصرف اعانات اجتماعية منتظمة للأسرة بكاملها أو لبعض افرادها الذين هم في حاجة ماسة للمساعدة مثل الطلاب، حتى يتمكنوا من إنهاء دراستهم والحصول على عمل.
ويشتمل نظام المساعدات الاجتماعية على سبيل الحصر الفئات التالية:
الشيخوخة – أسر الطلبة – العجز عن العمل – الأيتام – المطلقات – المرضى – الذي يعانون من عجز مادي – البنات غير المتزوجات – أسر المسجونين – عوز موقت ومعاقين تحت سن 18 سنة – متزوجات من غير محددي الجنسية.
ويتضح من بيانات الجدول المرفق التطور المتنامي في كل من نصيب الأسرة ونصيب الفرد من المساعدات الاجتماعية، ما يعكس مدى استجابة نظام المساعدات الاجتماعية لنمو احتياجات الفئات المستفيدة منه، ويعكس درجة عالية من المسؤولية الاجتماعية للنظام.
(2) نظام التأمينات الاجتماعية
يغطي نظام التأمينات الاجتماعية العاملين كافة بأجر من المواطنين الكويتيين. لذلك فإن النظام يغطي العاملين في الحكومة وفي القطاع الخاص، وكذلك يستوعب العسكريين. وهو نظام متعدد الاغراض التأمينية حيث يؤمن على الافراد ضد الشيخوخة والعجز والوفاة. ويسمح بانتقال معاش المؤمن عليه إلى ورثته حتى يصبحوا قادرين على الحصول على دخل. ويغطي نظام التأمينات الاجتماعية العاملين كافة بأجر كما يسمح للعاملين لحسابهم بالاشتراك فيه. أي ان النظام يمثل مظلة تأمينية شاملة.
(3) نظام التعاون الاستهلاكي
يقوم نظام التعاون الاستهلاكي ممثلا بالجمعيات التعاونية الاستهلاكية بأدوار مهمة في التخفيف من حدة تأثير التضخم في اسعار السلع الاستهلاكية في المجتمعات بصفة عامة، وهو نفسه الدور المنوط بالجمعيات التعاونية في دولة الكويت، لذا، ترى أهمية وجود شبكة قوية ومتماسكة من الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في مراحل التغيرات الاقتصادية المهمة، خصوصا تلك التغيرات التي يترتب عليها احداث تغيرات مهمة في هياكل الملكية مثل تطبيق سياسات الخصخصة، ويرجع سبب ذلك إلى تعرض الاسواق لتغيرات جذرية في آليات عملها ما ينعكس على حركة الاسعار، كما ان دخول منتجين جدد إلى الاسواق يحدث في الغالب مبالغات في معدلات العائد على المبيعات ما يرفع من اسعار السلع الاستهلاكية. لذلك تقوم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بدورها كأحد مكونات شبكة الامان الاجتماعي في التخفيف من حدة هذه التغيرات لصالح الفئات الاجتماعية منخفضة الدخول أو ذات الدخول غير المرنة مثل فئات العاملين بأجور ثابتة وهم اغلبية المجتمع.
في دولة الكويت توجد شبكة واسعة من الجمعيات التعاونية الاستهلاكية يبلغ عدد وحداتها 49 وحدة في عام 2006 كما يبلغ عدد الاعضاء المشاركين في هذه الجمعيات من السكان الكويتيين 362061 عضوا أي حوالي 35.9 في المئة من عدد السكان في العام نفسه. هذا الاتساع لقاعدة العضوية يمكن الجمعيات من القيام بأدوار متعددة، ومرونة عالية في مواجهة التغيرات الاقتصادية.
بلغت جملة مبيعات الجمعيات 442.298 مليون دينار في عام 2006 وهو ما يماثل 31 في المئة من جملة مبيعات السلع الغذائية والمشروبات وسلع الاستهلاك المنزلي في السوق الكويتي في العام نفسه. وقد حققت الجمعيات عن هذه المبيعات ارباح متاجرة بلغت 11.37 في المئة. وتعد هذه النسبة من الارباح عالية بالنسبة لمبادئ الحركة التعاونية، لأنها تنافس مستوى الارباح التي تحققها أي مؤسسة تجارية هادفة للربح. لقد بلغت ارباح بعض الجمعيات في السنة نفسها نسبا تجاوزت 14 في المئة. لقد بلغ عدد الجمعيات التي حققت ارباح متاجرة تزيد على نسبة 12 في المئة عدد 13 جمعية أي حوالي 26.5 في المئة من عدد الجمعيات حقق ارباحا تزيد كثيرا عن هذا المتوسط العام المبالغ فيه بالنسبة لما ينبغي ان يكون عليه ارباح المنشآت التعاونية، تلك التي تحددت مبدئيا طبقا لمبادئ التعاون بألا تزيد على 7 في المئة.
لذلك يمكن القول ان الجمعيات التعاونية الاستهلاكية قد خرجت بهذه المبادئ التجارية عن اهداف التعاون، وحولت انشطتها إلى انشطة تجارية، ما يعد قصورا في مكونات شبكة الامان الاجتماعي.
مما سبق يتضح توافر عناصر قوية لشبكة الامان الاجتماعية في دولة الكويت، ولكن يؤخذ عليها نقص تكامل هذه الشبكة مع جهود منظمات المجتمع المدني في هذا الصدد. وليس المقصود بالتكامل مع جهود المجتمع المدني ان تشمل شبكة الامان الاجتماعي الجهود خيرية. لان شبكة الامان الاجتماعي حق قانوني يكفله الدستور والمواثيق الدولية، ولا ينبغي ان يخضع للمبادرات الخيرية لبعض الموسرين، ولكنها جزء لا يتجزء من النظام العام. لذلك لم نناقش مع شبكة الامان الاجتماعي كل من بيت الزكاة والمشاريع الخيرية لامانة الاوقاف.
غير ان الجهد التنموي لشبكة الامان الاجتماعي في دولة الكويت واجه ما يلي:
• نظام المساعدات الاجتماعية يقتصر على تقديم المعونات المالية فقط مما يجعل المستفيدين من هذا النظام، ومرتبطين به للابد دون امل في الاعتماد على النفس، ويزيد من اعباء المساعدات الاجتماعية على الدولة، استمرار اداء النظام على هذا النحو لن يسمح بتطوره، كما سوف يحد من قدرات النظام على تقديم المستوى الراهن للمساعدات، لذلك ينبغي ان يبتكر نظام المساعدات طرقا اخرى لتقديم المساعدات تسمح للمستفيدين القادرين على العمل ان يستقلوا عن النظام بعد فترة معينة، وهذا الجانب سوف يعالج من خلال مشروع تنفيذي بعنوان (تطوير نظام المساعدات العامة).
• رغم عناصر القوة الاقتصادية التي تتوافر للجمعيات التعاونية الاستهلاكية، واقبال اعداد كبيرة من المواطنين على عضويتها، الا ان الجمعيات اتبعت مبادئ غير تعاونية في عملها مما يهدد دورها التعاوني، وينقص من قوة مساهمتها في التخفيف من حدة ارتفاع الاسعار، وقد عالجت الخطة هذا من خلال مشروع تنفيذي بعنوان (توسيع دور الحركة التعاونية في اطار شبكة الامان الاجتماعي).
بناء على هذا العرض لعناصر شبكة الامان الاجتماعي، تتقدم الخطة بعدد من المشاريع التنفيذية لتصحيح بعض الاختلالات في شبكة الامان الاجتماعي.
ثانيا: تعزيز ثقافة التسامح وقيم المواطنة
لقد صهر اتون المواجهات زمن غزو النظام العراقي البائد عناصر المجتمع الكويتي في بوتقة وطنية واحدة، وحدت النسيج الوطني وكانت اختبارا تاريخيا لقدرات المجتمع على الصمود امام اقدار السياسة الدولية، غير ان بعض المظاهر السالبة بدأت تطفو على السطح مما ينذر بتعكير صفو هذا التماسك المجتمعي، متمثلا فيما يلي:
• ظهور بعض المشاعر الطائفية والقبلية، وتهدف الخطة إلى معالجتها من خلال المشروع التنفيذي «تعزيز قيم ومفاهيم المواطنة المرتبطة بالديموقراطية والحرية وسيادة القانون، وثقافة التسامح والقبول بالآخر، وحقوق الانسان».
• ظهور بعض الأفكار المتطرفة والبعيدة عن فكر الوسطية الذي يعكس حقيقة الاتجاهات الايمانية في المجتمع الكويتي، وقد ترافق مع افكار الغلو والتطرف تلك، بعض مظاهر التعصب والتطرف، لذلك تعمل الخطة على مواجهة ذلك من خلال المشروع التنفيذي «تفعيل التدابير الوقائية لتجنب التعصب والعنف».
ثالثا: دعم الفئات الحساسة اجتماعيا
الفئات المهددة اجتماعيا في العادة، هي المرأة والاطفال والمسنون، اما الفئات المهمشة فهي فئة كبار السن، والمعاقون وقد سبق تناول قضايا المرأة والشباب في اطار اهداف التمكين الاجتماعي والتنموي، لذا نتناول في هذا القسم مشكلات رعاية وحقوق الطفل، ورعاية المسنين، ورعاية المعاقين، ورعاية الأحداث والجانحين.
(1) حقوق الطفل
تعتبر اوضاع الطفل الكويتي جيدة بصفة عامة، فهو طفل لا يعاني من الحرمان من الطعام، ولا من نقص او انعدام فرص التعلم، ولا قصور او استحالة الرعاية الصحية، فضلا عن ان ظاهرة عمالة الاطفال غائبة تماما عن المجتمع الكويتي.
المتوسط العام المرتفع للمستوى المعيشي في دولة الكويت، يضمن للطفل الكويتي العيش بلا حرمان، وهو اهم حقوق الطفل، حيث يتنوع الحرمان ما بين العوز إلى الطعام إلى نقص او انعدام الرعاية الصحية، او الحرمان من الفرص التعليمية.
غير ان حقوقا اخرى مثل الحق في الالتحاق بالاقران، والحق في الترفيه واللعب والثقافة، ربما تكون حقوقا يفقدها الطفل في الاسرة، ولا يرجع ذلك إلى اهمال الاسر الكويتية لاطفالها، بل على العكس بسبب الاهتمام الكبير بالطفل، ولكنه الاهتمام غير الواعي. حيث يترك الطفل للمربية التي تحاصره بعناية غير منهجية، ويفقد خلالها الطفل اهم حق من حقوقه وهو حق النمو في ثقافته الوطنية لان المربية من جنسية اخرى.
المستوى المعيشي المرتفع في دولة الكويت ينعكس في زيادة مستويات الاستهلاك بصفة عامة، مما يؤثر على استهلاك الطفل، خاصة الغذائي، لكن الاستهلاك الغذائي يحتوي على كميات من الاغذية غير المفيدة (اغلبها الوجبات السريعة) وكثرة استهلاك الدهون والسكريات، فضلا عن احتواء الوجبات والحلوى لمواد ملونة كيمائية المصدر تمثل ضررا حقيقيا على الصحة العامة للاطفال، كما اظهرت احصاءات وزارة الصحة ان هناك نحو 4 في المئة من الاطفال كويتيين تحت سن خمس سنوات يعانون من البدانة.
يضاف إلى ذلك مشكلات تعرض الاطفال للعقاب البدني، وكذلك العنف الذي يمارس ضد بعضهم، لكن لا تتوافر احصاءات ذات مصداقية حول هذه المتغيرات مما يجعل العمل التخطيطي في مجال حقوق الطفل عملا غير محدد المعالم للنقص الشديد في المعلومات.
اما عن نوادي الاطفال فهي لا تتجاوز 9 نوادي في دولة الكويت، يتركز 8 نوادي منها في منطقة العاصمة. ولا تزيد نسبة المستفيدين من نوادي الاطفال بين الذكور على 20 في المئة في العامين الاخيرين، اما بين الاناث فالنسبة في تدن حقيقي، فبعد ان كانت 5 في المئة انخفضت إلى 1 في المئة فقط في السنوات الثلاث الاخيرة.
نخلص من ذلك، إلى انه رغم حصيلة الجهود التنموية في دولة الكويت قد نجحت في توفير عناصر حياة كريمة للطفل الكويتي، الا ان الطفل الكويتي يواجه بالتالي:
• نقص فرص اللعب مع الاقران والاستمتاع بفترة الطفولة على اسس منهجية وعلمية مناسبة. وقد عالجت الخطة ذلك من خلال المشروع التنفيذي «التأكيد على حق الطفل في التعليم واللعب».
• المشكلات الصحية الناتجة عن الاعتماد على الوجبات السريعة، والافراط في الاغذية المصنعة غير الطبيعية. ما ترتب عليه معاناة نسبة عالية من الاطفال من خطر البدانة. وتعمل الخطة على معالجة ذلك من خلال المشروع التنفيذي «حق الطفل في الرعاية الصحية».
• تعرض بعض الاطفال للعنف والاستغلال البدني
والمعنوي، وتحاول الخطة معالجة ذلك من خلال المشروع التنفيذي «حماية الطفل من العنف والاستغلال».
-2 رعاية المسنين
ظلت فئة المسنين بعيدة عن الاهتمام الاجتماعي العام لفترات طويلة. اذ كانت الاسر هي التي تقوم برعاية مسنيها من باب الوفاء الاسري نحو الاباء والاجداد. وعاشت المجتمعات لقرون طويلة ترى في المسن شخصا انهى دوره المجتمعي، وعليه انتظار النهاية المحتومة في طمأنينة.
في دولة الكويت، تتخذ نظم رعاية المسنين سبيلا متقدما إلى حد ما في مسار الجمع بين مفهوم الرعاية ودعم المشروع التنفيذي المجتمعية وتطويرها. لكن الامر الطبيعي ان تكون جوانب الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية هي الاغلب في مجال رعاية المسنين بحكم المرحلة العمرية.
نظرا لتقدم المستويات الصحية في دولة الكويت فان مؤشر العمر المتوقع عند الميلاد يصل إلى 74 عاما. لذلك فان قمة الهرم العمري للسكان منبسطة إلى حد ما وهي اقرب لشكل قمة الهرم العمري للسكان في البلاد الصناعية المتقدمة. اي ان اعداد المسنين (السكان 60 سنة فأكثر) تعد كبيرة نسبيا، مقارنة بالبلدان النامية الاخرى.
يلاحظ من بيانات الجدول المرفق ان فئة المسنين (60 عاما فأكثر) في تزايد مستمر سواء من ناحية الارقام المطلقة او من ناحية النسبة إلى اجمالي السكان. هذه الزيادة المطردة تعبير عن استمرار تحسن الوضع الصحي من ناحية، كما انها تعني زيادة مطردة في حجم الفئة المستهدفة بخدمات رعاية المسنين. لقد زادت نسبة المسنين في المجتمع الكويتي من 4.3 في المئة
عام 2000 إلى 4.75 في المئة عام 2006 وزادت اعدادهم من نحو 35.5 الف إلى 49.3 الف خلال الفترة نفسها.
نظم رعاية المسنين في دولة الكويت:
هناك ثلاثة نظم رئيسية لرعاية المسنين في دولة الكويت، نعرضها بايجاز فيما يلي:
• الرعاية الايوائية للمسنين:
هي رعاية شاملة من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية والمعيشية. ويقدم هذا النوع من الرعاية لكبار السن الذين لا اسر لهم، او هؤلاء الذين لا تملك اسرهم المقدرة على رعايتهم بعد استيفاء البحث الاجتماعي اللازم لذلك. وفي هذه الحالة يقيم المسن اقامة كاملة في دار الرعاية. لكن الدار تعمل على عدم انعزاله عن المجتمع وتساعده على الاتصال بذويه ومعارفه، فضلا عن برامج الانشطة الاجتماعية والثقافية والدينية والترفيهية المقدمة له بواسطة الاخصائيين.
اعداد المستفيدين من الرعاية الايوائية محدودة للغاية بسبب طبيعة الترابط الاسري في المجتمع الكويتي وارتفاع المستويات المعيشية لغالبية السكان. حيث ان عدد المستفيدين من هذه الخدمة في تناقص فقد كان 57 فردا عام 2001، وتراجع إلى 45 فردا عام 2006.
• الرعاية النهارية للمسنين:
حيث يقيم المسن في دار الرعاية فترة النهار فقط ثم يعود إلى ذويه في نهاية النهار حتى لا يعزل عن المجتمع الخارجي وهذا النوع من الرعاية من الانواع المفضلة في التعامل مع كبار السن الذين تسمح حالتهم الصحية والبدنية بهذه التنقلات وكذلك ظروفهم الاسرية وتتاح هذه الخدمة لتلك الاسر التي يثبت احقيتها في الحصول عليها بعد اجراءات البحث الاجتماعي.
• خدمات الرعاية المتنقلة:
هذا المجال من خدمات رعاية المسنين هو المجال الاوسع انتشارا وهو متاح لكل من يطلب هذه الخدمة من كبار السن الذين يعانون من مشاكل صحية او نفسية او اجتماعية ويصعب نقلهم إلى مراكز الرعاية الصحية الاولية او إلى المستشفيات لذلك تتعدد انواع الخدمات المقدمة طبقا لهذا النظام ويغطي عددا كبيرا من المستفيدين.
وتتعدد الزيارات لكل مستفيد من هذه الخدمة ويلاحظ ان زيارات الفرق الطبية هي الاكثر عددا تليها زيارات العلاج الطبيعي ثم زيارات الباحث الاجتماعي والنفسي تليها زيارات الارشاد الديني واخيرا زيارات الطبيب النفسي خدمات الارشاد الغذائي حديثة نسبيا فقد بدأت فقط العام 2004.
لكن نظم رعاية المسنين مازالت بحاجة إلى الدعم التشريعي والى زيادة الموارد حتى تتسع شريحة المستفيدين منها اذ لم تزد فئة المستفيدين من هذه الخدمات على 2.2 في المئة من جملة عدد المسنين في دولة الكويت العام 2006 لذلك لا يزال النظام في مراحله الاولى ويحتاج إلى المزيد من الدعم والتوعية باهميته.
رغم ما تحقق من نمو في مجال رعاية المسنين الا ان النظام لا يزال بحاجة إلى تدعيم وقد عالجته الخطة من خلال المشروع التنفيذي «التوسع في خدمات رعاية المسنين».
3) رعاية المعاقين
في العام 1996 صدر القانون رقم 46 بشأن رعاية المعاقين وقد حرص المشرع في هذا القانون على حماية حقوق المعاق في الرعاية والعمل والمساعدة الاجتماعية إلى جانب حقه في الحماية من جميع صور الاستغلال وحقه في الرعاية السكنية وفي استخدام الخدمات المقدمة له من قبل المؤسسات الحكومية دون ربط ذلك بمستويات معينة للاعاقة ولا بنوع الاعاقة كما فعلت بعض القوانين في بلدان اخرى حيث يترتب للمعاق حقوق عندما تصل الاعاقة إلى نسبة معينة او يكون نوع الاعاقة مؤديا لإصابته بنوع من العجز في حدود تعيقه عن العمل لكن القانون الكويتي كان انسانيا إلى حد كبير ولم يضع اي اشتراطات لمستوى ونوع الاعاقة.
تتوزع مسؤولية رعاية المعاقين في دولة الكويت موزعة على جهات حكومية متعددة كالصحة وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي جهات لا ترتبط بعلاقات تنسيقية فيما بينها وكل جهة لها طريقتها في كيفية التعامل مع المعاق.
وقد اتجهت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نحو تقديم الرعاية للمعاقين وتأهيل من يحتاج التأهيل منهم، لإعداده للعمل من خلال نظام الورش المحمية وهذا النظام للورش المحمية يضمن للمعاق التدريب على العمل المنتج وفي الوقت نفسه يحميه من التعرض للاصابة لتكيف تجهيزات الورشة مع قدرات المعاق.
يتضح من الجدول محدودية المستفيدين من خدمات الرعاية الاجتماعية الموجهة لهم فقد بلغ اكبر عدد للمعاقين المستفيدين من هذه الخدمات 837 معاقا في العام 2002 وتراجعت الاعداد بعد ذلك حتى اصبح عددهم 657 معاقا في العام 2007.
المستفيدون من مركز التأهيل، اعدادهم محدودة للغاية فلم تزد في افضل الاحوال على 339 معاقا ما بين ذكور وإناث، اما مركز الرعاية النهارية فهو الاقل في استقبال الحالات.
تتبنى حاليا، وزارة التربية مشروعا طموحا لدمج المعاقين في المدارس. وتحاول الوزارة البدء بذوي الاعاقات الحركية فقط. ومن ناحية أخرى، خصصت الوزارة عددا من المدارس لذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين). غير ان عدد التلاميذ في هذه المدارس لا يعكس العدد الحقيقي للمعاقين بين الأطفال في سن التعليم.
ويوضح العدد المتدني للطلاب المعاقين الملتحقين بمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، تأثير العادات الاجتماعية في التعامل مع الطفل المعاق. حيث تشعر الأسرة بالخجل منه مما يؤدي الى حرمانه من فرصة التعليم. هذا الوضع يوضح التأثير الطاغي للعادات الاجتماعية، والسلبي في نفس الوقت.
4 – رعاية الأحداث والجانحين
الحدث هو كل من هو تحت سن 18 سنة، وهو يحاكي الطفل حسب تعريف اليونيسيف، رعاية الأحداث في دولة الكويت تشمل رعاية كل من الاحداث والجانحين، والمنحرفين والمعرضين للانحراف من الاحداث ذكورا واناثا.
تتم رعاية الحدث اثناء فترة أدائه العقوبة بدور الأحداث وبعد انتهاء العقوبة فيما يعرف بالرعاية اللاحقة. وهي الرعاية الايوائية والرعاية النهارية. وبعد ذلك اما ان يسلم الحدث لأسرته، أو لجهات الاختصاص.
يوازي دور الاحداث نظام الضيافة الاجتماعية للاناث، الذي يوفر الرعاية الايوائية، ويتبعها رعاية لاحقة وقد تكون رعاية نهارية اذا قام الأهل باستلام الفتاة.
تشمل نظم الرعاية الاحداث من الذكور والاناث المعرضين للانحراف، حتى تتحسن ظروفهم الاسرية، او ظهور من يتحمل مسؤولية رعايتهم من الأهل، لحمايته من الانحراف، او العودة الى ارتكاب الاعمال المخالفة للقانون اذا كانوا ممن دينوا من محاكم الاحداث، وقضوا فترات العقوبة. وينطبق ذلك ايضا على الجانحين، وهم هؤلاء الأحداث القابلين لممارسة الجريمة.
يمكن القول ان فئات الجانحين والمعرضين للانحراف، هم في الغالب من ضحايا التفكك الاسري، لعدة أسباب، وهي:
• الطلاق.
• زواج الأب من أخرى وإهمال أسرته الأولى.
• الطلاق وزواج كل من الأب والأم وتكوين أسر جديدة واهمال ابنائهم من الزواج السابق.
• الانهيار المادي للأسرة.
خلافا لذلك هناك أسباب أخرى للانحراف لا تتعلق باستقرار الاسرة، ولكنها تعود للتدليل الزائد وعدم تعويد الطفل منذ صغره على تحمل مسؤولية أفعاله. ومثل هذا النوع من مسببات الانحراف ينشأ في الغالب من ترك الاطفال لتربية الخدم.
تتولي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نظاما لرعاية الاحداث والجانحين والمعرضين للانحراف.
يتضح من الجدول انخفاض أعداد المستفيدين من خدمات رعاية الاحداث من 1169 عام 2000 الى 800 فرد عام 2007 وقد كان 750 في عام 2005. كذلك تراجع اعداد كل من المعرضين للانحراف والمنحرفين الذين انخفضت اعدادهم من 1112 عام 2000 الى 751 عام 2007. وقد يرجع ذلك الى انخفاض معدلات جريمة الاحداث وزيادة وسائل الضبط الاجتماعي، وفي نفس الوقت قد يعود الى تراجع دور نظام رعاية الأحداث.
نفس الامر يمكن ملاحظته بالنسبة لدار الطفولة ودار الفتيات الذين تراجعت اعداد المستفيدين منهم بشكل كبير.
اما المستفيدون من خدمات الحضانة العائلية فهم في تزايد من 669 عام 2001 حتى 711 عام 2007، وهي زيادة ليست كبيرة، لكنها تعني ان ظواهر الانحراف بين الاحداث من ذكور واناث لا تزال مطردة.
الجدول السابق الموضح يظهر تناقضا واضحا في تقديم خدمات رعاية الاحداث والجانحين مما يعكس خللا ما في نظم الرعاية محل النقاش.
نخلص من ذلك، ان هذه الانجازات التنموية قد واجهت ما يلي:
• تقليدية المعالجة واقتصارها على الدور الحكومي فقط. لذلك وضعت الخطة المشروع التنفيذي (رعاية الاحداث ودمجهم في المجتمع مرة أخرى) لمعالجة هذه القضية.
• عزل الاطفال عن بيئة مجتمعية طبيعية، يؤثر كثيرا على نموهم السوي في مجتمعهم، لذلك اتجهت الخطة الى تطوير نظم الحضانة العائلية من خلال المشروع التنفيذي (التوسع في خدمات الرعاية الاجتماعية لأبناء الحضانة الاجتماعية).
[/B]