[B]
يبدأ الأطفال بالتسنين مع بلوغهم الأشهر الستة، وعادة ما يكتمل بزوغ الأسنان اللبنية في الفك في عمر السنوات الثلاث، ومع بزوغها يجب أن يبدأ برنامج العناية بها. ونصح د. سعود فيصل الدوسري، طبيب أسنان الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، ببدء زيارة طبيب الأسنان بعد ظهور السن الاولى، أي خلال الربع الأخير من سنة الطفل الأولى. وسبب هذه الزيارة وقائي وإرشادي، فيقوم الطبيب بفحص فم الطفل وطبيعة وأعراض بزوغ الأسنان وأي أعراض جانبية. كما يعطي توجيهات وإرشادات للأم حول كيفية الاعتناء بصحة فم الطفل وتنظيف أسنانه، وبنوعية معجون الأسنان والفرشاة المناسبة.
يتم خلال الزيارة الدورية للطبيب فحص الأسنان وإزالة الجير من فوقها وعلاج المشاكل في بدايتها عندما يكون علاجها سهلا وبسيطا، ولا يستغرق وقتا أو جهدا. كما يجري وضع الحشوات الوقائية التي تسد أي فتحات موجودة في الأسنان، حيث تخفض من خطر تسوس الأسنان. ومن ثم توضع طبقة الفلورايد المركزة التي يعرف أثرها المفيد في الوقاية من التسوس. وينصح عموما بزيارة طبيب الأسنان كل 6 اشهر، لكن إذا تكررت مشاكل الأسنان، فهنا ينصح بالزيارة كل 3 أشهر.
فوائد مادة الفلورايد
لمادة الفلورايد محاسن كثيرة على صحة الأسنان، بيد ان فرط استعمالها في الأطفال يرتبط بمضاعفات صحية، مثل ظهور أعراض على الجهاز الهضمي، كالمغص وألم المعدة، وأعراض على السن، مثل ترقرق السن أو هشاشتها. لذا، شدّد د. الدوسري على أهمية استعمال معجون أسنان بتركيز مناسب لعمر الطفل.
أما بالنسبة الى وضع مادة الفلورايد الطبية في عيادة الأسنان، فيختار الطبيب التركيز المناسب لكل حالة. فلو كانت قابلية الطفل للتسوس كبيرة وتكررت إصابته، يستعمل له تركيزا مرتفعا من مادة الفلورايد الوقائية، أما لو ندرت إصابة الطفل بالتسوس، فيستخدم له تركيزا منخفضا نسبيا. وبشكل عام، ينصح بأن يضعها الأطفال كل 4 اشهر، أي 3 مرات سنويا.
ل.مَ الاهتمام بصحة الأسنان اللبنية؟
وحول أهمية الحفاظ على سلامة الأسنان اللبنية، قال د. الدوسري:
– بالإضافة إلى تفادي ومنع الألم الناتج عن تسوس الأسنان ومضاعفاته على اللثة، فإن تكوّن الخراج والتهابات جذور الأسنان يؤثر في صحة الأسنان الدائمة الموجودة تحتها. وتعتبر الأسنان اللبنية مثل «البروفة» للدائمة، لذا إن حصل لها اختلال أو اعوجاج أو التهابات، فغالبا ما يدل ذلك على أن الأسنان الدائمة ستصاب بالأمر ذاته، أيضا.
كما أن للأسنان أهمية جمالية للمظهر الخارجي، فالطفل الذي يفقد أسنانه يشعر بالحرج من مظهره وتنخفض ثقته بنفسه ويشعر بالحياء والانعزال. ويساهم فقدان الأسنان مبكرا في حدوث اضطرابات في شكل وزاوية بزوغ الأسنان الدائمة واصطفافها.
صحة الفم ترتبط بصحة الطفل
أثبتت الأبحاث أن تكرار إصابة الطفل بالأمراض قد يرجع في أحيان كثيرة إلى وجود بكتيريا فموية في أسنانه. وعليه، فمشاكل أسنان الطفل لها تأثير مباشر على صحته بشكل عام.
وقد صدرت توصيات عدة من أطباء قلب الأطفال حول أهمية الحفاظ على صحة الفم والأسنان لتفادي حدوث التهابات ومشاكل في القلب. فقد أثبتت الدراسات أن مصدر البكتيريا المضرة بعضلة القلب غالبا ما يكون من التهابات الأسنان واللثة. لذا، يعتبر الحفاظ على سلامة ونظافة الفم من الأمور المهمة للحفاظ على صحة الطفل.
الجهاز المؤقت لتعديل الأسنان المبكر
قد تظهر الأسنان الدائمة بشكل غير مستقيم أو منظم، ونظرا لعدم صلاحية تركيب جهاز تقويم الأسنان إلا بعد عمر 12 سنة، فهنالك حل ثان يشير له د. الدوسري موضحا:
– من يعاني من عدم صف أو انطباق الفكين بعضهما على بعض يعاني من خلل في العضة، ومن شكل الفك الخارجي، وفي هذه الحالة يمكن تركيب جهاز يسمى «التقويم الوقائي» لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، ويمكن تركيبه منذ اكتمال ظهور الأسنان الدائمة (عمر السبع سنوات) لتحسين اصطفاف الأسنان وانطباق الفكين، وبالتالي تعديل عضة الطفل، ويتفادى استخدام هذا الجهاز بروز الفك إلى الأمام والتشوه الخارجي في مظهر الفك.
خيارات العلاج في عيادات الأسنان
جو عيادة الأسنان الخاصة بالأطفال يكون مختلفا عن عيادات البالغين، ويتميز بعلامات الترحيب والمرح، وتعلق على جدرانه صور شخصيات كرتونية يحبها الأطفال، وتحتوي غرفة العيادة على تلفزيون ومكتبة فيديو، يمكن للطفل أن يختار منها فيلمه المفضل ليعرض عليه أثناء فترة العلاج.
وعن طرق التعامل مع الطفل أثناء علاجه، اشار د. الدوسري إلى وجود 3 اختيارات يمكن للأهل اختيار الأنسب منها للطفل، وهي:
1 – إذا كان متعاونا: يجلس على الكرسي العادي ويشاهد ما يفضله على التلفاز. ويضع الطبيب كريم (جل) على اللثة ليخدرها قليلا، ثم يستخدم جهازا حديثا جدا يحتوي على حقنة ضعيفة جدا تقوم بحقن جرعات صغيرة من البنج الموضعي ببطء شديد، مما يقلل الألم المرافق للحقن بحيث لا يشعر به.
2 – إذا كان متوترا: يمكن استخدام الغاز الواعي الضاحك، وهو مادة نايترس اوكسيد، الذي يستنشقه الطفل من خلال الماسك فيعمل على تهدئته ولن يسبب نومه، ويمكن استخدامه لكل من تعدى عمر الخمس سنوات من دون أي آثار جانبية. ورغما عن أمانه، لا ينصح باستخدامه لمن يتطلب علاجه أكثر من 3 جلسات، والسبب يرجع فقط لارتفاع كلفته المادية. فتكلفة استعماله في أربع زيارات أكثر من تكلفة جلسة واحدة بالبنج العام.
3 – إذا كان الطفل غير متعاون نهائيا، ولن يجلس بهدوء على الكرسي: لا ينصح بعلاجه على الكرسي أو باستخدام الأربطة أو أدوات التقييد.
ونبه د. الدوسري إلى مضار استخدام أي أداة لتقييد الطفل وتثبيته على الكرسي، نظرا لما تسببه من صدمة نفسية وتعذيب له، وللعلم، يعتبر استخدامها أمرا غير قانوني بحسب القوانين البريطانية.
سلبيات علاج الطفل غير المتعاون
وتابع د. الدوسري قائلا:
– طبعا يفضل علاج المريض على كرسي الفحص في العيادة، لكن في حالة الطفل غير المتعاون ومن لا يمكن السيطرة على حركته، فهو معرض لمخاطر عديدة عند علاجه على كرسي العيادة. ومن أهم سلبيات ذلك:
– خطر إيذاء نفسه، نظرا لاستعمال الطبيب أدوات حادة. فمن الممكن أن تؤدي حركة مفاجئة للطفل إلى جرحه أو جرح أحد العاملين.
– ارتفاع نسبة القلق والتوتر عند الوالدين والطفل نتيجة لصراخه وبكائه ومقاومته للعلاج.
– كلما كان الطفل متعاونا وسمح للطبيب بمتابعة العلاج، تكون جودة العمل أفضل. فمن المنطقي ان يستعجل الطبيب في علاج الطفل غير المتعاون.
– قد تسبب كثرة حركته وعدم تركه المجال لإتمام عملية العلاج بسرعة إلى زيادة خطر دخول انتان إلى الجرح المفتوح لمدة طويلة، وبالتالي إصابته بالتهاب وانتفاخ.
لا طعام بعد غسل الفم ليلاً
المشكلة الشائعة في الكويت، والتي تسبب ارتفاع قابلية إصابة الأطفال الصغار بالتسوس هي تناول الحليب أو استخدام قنينة الرضاعة ليلا. فيجب على الأهل أن يدركوا أهمية تنظيف أسنان الطفل قبل النوم ومنعه من شرب أو تناول أي شيء ما عدا الماء بعدها، حيث يعتبر وضع قنينة الحليب أو العصير ليشربها الطفل ليلا، وترسب بقاياها السكرية على الأسنان واللثة خلال ساعات النوم الطويلة، من أكثر الأمور ضررا بالأسنان.
ولا يغفل هنا أثر انخفاض اللعاب وجفاف الفم في توفير بيئة أكثر خصوبة لنمو وتكاثر البكتيريا، ما يرفع خطر التسوس ونخر أسنان الطفل ليلا.
وينصح الأطباء بضرورة تناول الماء بعد شرب الحليب والعصير عموما، لتنظيف الفم من بقاياها. ويفضل استخدام «الماصة» عند شربهما، حتى يتم البلع مباشرة مع تفادي تلوث الأسنان.
كيف تحببه في عادة تنظيف الأسنان؟
من الخطأ أن يعطي الوالدان أوامر تنظيف الفم إلى الطفل من دون شرح أهمية ذلك وفائدته، أو إعطائه خيارات وجعله نشاطا مرحا. ولتحبيب الطفل في اتباع عادة تنظيف الأسنان، ذكر د.الدوسري عدة نقاط يمكن للأم اتباعها، مثل:
– أخذ الطفل إلى الجمعية والمرور على الأرفف التي تضم مختلف أنواع فرشات ومعاجين الأسنان، حتى يختار الشكل الذي يفضله وأنواع من نكهات معجون الأسنان المناسبة لعمره. فذلك سيولّد لديه حب استخدامهما، لأنه اختارهما.
– جعله يشاهد الوالدين والإخوة أثناء تنظيفهم الأسنان، حتى يتبع هذه العادة من باب التقليد.
– إدخاله مع إخوته أو مع أمه إلى الحمام وإشراكه في نشاط تنظيفهم للأسنان، ليكون أشبه بنشاط أسري محبب يقومون به جميعا للحفاظ على النظافة.
– الطلب منه أن يجرب نكهات المعجون التي اختارها، حتى يكتشف الطعم المفضل، والتعود على شرائه في المستقبل.
– في البداية لابد من مساعدة الأهل للطفل وتعليمه الطريقة الصحيحة لتفريش الأسنان، وبخاصة الأسنان الخلفية، وتنصح الأم بمساعدة الطفل على تفريشها.
الجبن والشاي مفيدان لصحة الأسنان
أكدت الأبحاث الحديثة على فائدة تناول الجبن على صحة أسنان الطفل، وانخفاض نسبة الإصابة بالتسوس عند من يتناولونها يوميا. لكن لا ينصح د.الدوسري بتناول نوع الجبن الكريمي يوميا (جبن الأكواب)، نظرا لاحتوائه على نسبة مرتفعة من الدهون والسعرات الحرارية، بل بتناول الأنواع منخفضة الدسم.
كما وجدت الأبحاث أن تناول الشاي الأسود مفيد أيضا لصحة الأسنان، لكن قورن الإكثار في تناوله بأثر تصبغ الأسنان.
التخدير العام آمن
لتفادي سلبيات التعامل مع طفل غير متعاون، نصح د. الدوسري باستعمال التخدير العام، ويستخدم الطبيب خلاله جرعة قليلة جدا من المخدر، ويتم العلاج بحضور طبيب الأسنان وطاقم التمريض مع استشاري تخدير أطفال متخصص. وأضاف:
– هي مثل أي زيارة طبيعية لطبيب الأسنان، لكن مدتها تكون أطول، فغالبا ما تمتد إلى 4 ساعات. وخلال هذه الزيارة، يتم أولا فحص صحة الطفل العامة للتأكد من سلامته وأمن خضوعه للتخدير العام، ثم يعطى شرابا يسبب له «الدوخة» حتى يغط في سبات عميق. وبعدها ينقل إلى داخل غرفة العلاج من دون ان يشعر أو يرى طبيب الأسنان أو أي طبيب، وهناك يعطى جرعة منخفضة جدا من التخدير العام، بحيث يشعر أنه كان نائما. وعادة ما تمتد فترة التخدير لحوالي الساعة أو اقل بقليل، ثم يفيق بعدها بشكل طبيعي.
وحول الفكرة الخاطئة والمخيفة التي التصقت باستعمال التخدير العام، فسر د. الدوسري قائلا:
– كان الأطباء سابقا يستعملون جرعات كبيرة من المخدر وعقاقير قوية التأثير. أما الآن، فقد طور الطب الحديث عقاقير ليس لها آثار جانبية، كما نستخدم جرعات منخفضة جدا. وقد عملت لمدة طويلة في بريطانيا، وفي كل يوم كان لدي حوالي 4-5 حالات أطفال تتم تحت تأثير التخدير العام، فهي من الوسائل الجيدة والآمنة جدا، وليس لها آثار جانبية على المدى القصير أو البعيد.
فوائده
1 – أمان الطفل من جرح نفسه بأدوات الطبيب الحادة.
2 – تقليل عامل التوتر والقلق على الوالدين والطبيب، وتفادي عملية تثبيت الطفل التي قد تسبب الصدمة ورعبه من طبيب الأسنان.
3 – يتمكن الطبيب من علاج جميع أسنان الطفل خلال جلسة واحدة، مما يوفر الجهد والوقت.
4 – عدم شعور الطفل بأنه زار طبيب الأسنان أو بألم الحقن.
5 – يرجع الطفل إلى المنزل بعد 4 ساعات ويتناول الطعام بشكل طبيعي.
6 – تمكن المعالج من اخذ الوقت الكافي للعلاج مما يضمن جودة عمله
.سبب تكرار إصابة البعض بالتسوس
يلحظ أن بعض الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالتسوّس مقارنة بأقرانهم، ويعتقد العديد بأن ذلك يرجع للعامل الوراثي، ولكن د.الدوسري بيّن أن %88 من ذلك يعزو لأسباب أسرية وبيئية، وبخاصة قلة اهتمام الأهل بنظافة وسلامة أسنان الأطفال.
التدرج في تعليم الطفل
يجب أن يتدرج الوالدان في تعويد أطفالهم على اتباع خطوات تنظيف الأسنان، فلا يبدأون بأمرهم بتنظيف الأسنان مرتين يوميا على الأقل، بل يشجعونهم على تعلم تنظيف الأسنان بطريقة جيدة مرة واحد يوميا قبل النوم. وألا يتناولوا بعد ذلك أي طعام حتى يحافظوا على نظافة الأسنان أثناء فترة النوم. ثم يعودونهم على تنظيف الأسنان بعد الوجبات الرئيسية بعد الغداء والعشاء. وليس من المنطقي أن يؤمر الطفل بالامتناع عن تناول الشوكولاتة والحلويات والبسكويت، بل يكتفى بنصحه بتناول ما يشتهيه بكميات معقولة، وخلال الوجبات الرئيسية مع تنظيف الأسنان بعدها.
[/B]