[B]
هل تشعرين انك تبذلين مجهوداً خياليا وجباراً مع ابنك في الدراسة غير ان كل هذا الجهد يذهب هباء منثورا ودون التماس اي فائدة مرجوة؟! هل تلاحظين ان ابنك لا ينقصه الذكاء في كل نواحي الحياة لكن مستواه الدراسي متدنٍ؟، هل تكثر المدرسات الشكوى من ابنك ويؤكدن لك انه قليل الانتباه والتركيز وغير قادر على «تسميع وحفظ تلك الآية القرآنية التي بذلت مجهوداً وساعات طوالاً لتدريبه على حفظها»؟!، هل يقضي ابنك معظم ساعات اليوم في كتابة واجب مدرسي قد يحله احد اقرانه في ظرف ساعة واحدة؟! اذا لاحظت بعضا من هذه المظاهر فذلك يدعوك جديا كولية امر للتفكير بعرض ابنك على المختصين في مجال تشخيص صعوبات التعلم، فقد يعاني فعلاً من هذه الصعوبات التي يعاني منها في الكويت ما يوازي 10 – %15 من الطلبة، وفي هذا اللقاء مع مساعد المدير التنفيذي لمركز تقويم وتعليم الطفل عبير عبدالله الشرهان، نسلط الضوء اكثر على هذه «الاعاقة» الخفية لدى بعض الابناء، والتي قد نسيء التعامل معها بتجاهلها او عدم الوعي بكيفية علاجها ما يؤدي الى فشل دراسي ذريع للابن وتسربه مبكرا من التعليم..
«ما صعوبات التعلم؟»
توضح لنا عبير الشرهان مساعد المدير التنفيذي للمركز ما هي صعوبات التعلم بداية، وتشير الى انها مجموعة من الاضطرابات النمائية المختلفة الراجعة لقصور وظيفي في الجهاز العصبي المركزي ما يؤثر سلبا على قدرة من يعاني منه على استقبال المعلومات والتعامل معها والتعبير عنها ما يؤدي لصعوبة ايضا في الكلام والاصغاء والقراءة والكتابة والفهم والتهجئة والحساب والاستدلال كما يؤثر ذلك على الانتباه والذاكرة والمهارات الاجتماعية وخلافه..
طبيعي .. لكن مختلف
< هل صعوبات التعلم هي نوع من انواع التخلف العقلي؟!
– مطلقاً .. لا يجب الخلط بين هذا وذاك، وللاسف الجهل بطبيعة حالات صعوبات التعلم يؤدي الى وصف الآباء والامهات وحتى المدرسات للطفل بأوصاف ظالمة له كأن يقولون عنه «كسلان» او «غبي وفاشل» وغيرها من اوصاف تؤثر تأثيرا سلبيا على الطفل، فالطفل الذي يعاني من الصعوبات طفل طبيعي ليس متخلفا، بل ان ذكاءه قد يكون مرتفعاً، فالطفل الذي يعاني من هذه الصعوبات طفل عادي كأقرانه الآخرين لا يختلف عنهم بالمظهر او السلوك، وعندما نقول انه يعاني من صعوبات التعلم بسبب قصور وظيفي في الجهاز العصبي فهذا لا يعني ابدا انه طفل مختل، هو فقط طفل مختلف يحتاج لاساليب خاصة في التدريس والتعامل حتى نعبر به الى بر الأمان.
< كيف يمكن لولي الامر ان يعرف ان طفله يعاني من احدى صعوبات التعلم؟!
– هناك مظاهر وسلوكيات لكن المظاهر وحدها لا تكفي، فلابد من تشخيص واختبارات معينة تجزم بوجود هذه المشكلة لدى الطفل من عدمه.
مثلاً قد يشعر ولي الامر ان ابنه ذكي جداً ولماح ولكن كلما حاول تدريسه او افهامه لنقطة معينة يذهب جهده هباءً ولا يخرج بنتيجة، قد تلمس احدى الامهات ان ابنها ذكي بالرياضيات ولكنه بالمقابل لا يعرف القراءة ومستوى قراءته اقل من عمره بعدة مراحل، قد تمضي الام ساعات مع ابنها لكي يحفظ آية او نشيداً ما لكن دون جدوى، هذه كلها مؤشرات لابد وان تدفع ولي الامر للتفكير جديا يعرض ابنه على المختصين لتشخصي حالته، ونحن في مركز تقويم وتعليم الطفل احدى الجهات المختصة يعمل هذه الاختبارات.
< هل لابد وان تتم احالة الطفل من المدرسة اليكم لعمل التشخيص ام انه يمكن لولي الامر الذي لديه مثل هذا الشك احضار ابنه مباشرة؟!
– نستقبل الاثنين معا، هناك حالات تحال الينا من قبل مدارس التربية، وهناك اولياء امور واعون لا يجدون حرجا من الاعتراف بوجود مشكلة ما لدى ابنهم فيأتون به الينا لنشخص حالته..
تشخيص
< كيف يتم تشخيص صعوبات التعلم؟!
– عن طريق سلسلة من الاختبارات، واؤكد على انها عدة اختبارات وذلك لان هناك جهات للاسف تستسهل عملية التشخيص بعمل اختبار واحد لا يكون على درجة عالية من الدقة والكفاءة لتشخيص واقع الطفل، انه مستقبل ابنائنا لذلك لا يمكن التهاون فيه والحكم على طفل ما بأنه يعاني من صعوبات التعلم دون ان نكون متأكدين %100، نحن نخضع الطفل لسلسلة اختبارات نفسية وتربوية، منها ما هو بالعربي وبالانجليزي واختبار في الرياضيات لتحديد نقاط الضعف والقوة لدى الطفل، نهتم بتفاصيل اخرى دقيقة في حياة الطفل، منذ الحمل والولادة وحالة الاسرة كلها امور مرتبطة ببعضها وعند تحليلها يمكن الوصول للنتيجة الاكيدة.
عسر القراءة
< ما هي انواع صعوبات التعلم واكثرها شيوعا في الكويت؟
– نسبة من يعاني بصعوبات التعلم في الكويت تتراوح ما بين 10 – %15 وهناك %6 من ابنائنا يعانون من احد انواع صعوبات التعلم المسماة بـ«الديسلكيسا» اي عسر القراءة فهي اكثر انواع صعوبات التعلم انتشاراً في الكويت.
اما الانواع الاخرى منذ صعوبات التعلم فهناك ما يسمى بـ«الدسكلكوليا» او عسر الحساب وهي صعوبة متعلقة بفهم الارقام والمسائل الحسابية.
وهناك «الدسغرافيا» وهي صعوبة عسر الكتابة حيث نجد ان الطفل هنا يواجه صعوبة في تشكيل الحروف وكتابتها، ولدينا ايضا اضطراب نقص الانتباه ونقص الانتباه المصحوب بفرط النشاط وهي نلاحظها على الابناء عندما نلمح انهم غير قادرين على التركيز والانتباه والتخطيط والتنظيم، واخيراً هناك صعوبة التآزر الحركي «الدسبراكسيا» وفيها يجد الطفل صعوبة في اكتساب المهارات الحركية وتنظيمها لاسيما المهارات الحركية الدقيقة «مثل ربط خيط الحذاء واحكام ازرار الملابس» وكل هذه الانواع من الصعوبات بعد تشخيصها تحتاج لوضع خطة علاجية لاجل مساعدة الطفل على تجاوزها.
< هل هناك من يعانون بصمت من هذه الصعوبات دون ان يدرك الآباء والبيئة المحيطة بهم حقيقة وضعهم؟!
– للاسف هذا واقع، البعض يظن ان الطفل «مخه في اللعب والشطانه» فقط ويظن ان طفله عنيد ويتعمد عدم التجاوب لكرهه الدراسة ولانه يود ان يلعب فقط، ومع كثرة الجهد المبذول من ولي الامر دون جدوى وتدني المستوى العلمي بالتحصيل وربما الرسوب قد يفقد الاب او الام صوابهما وينهالان بالضرب على الابن دون وعي منهم ان لديه مشكلة ما، وفي احسن الاحوال نجد ان الطفل يتلقى وابلا يوميا من السباب والشتائم والمقارنة باقرانه..
تفاوت
< هل من يعاني من صعوبات التعلم لايمكنه اكمال دراسته في المدارس العادية؟!
– لا طبعا، هناك درجات متفاوته من صعوبات التعلم ومن لديه صعوبات بسيطة يمكنه اكمال دراسته في مراحل التعليم العام، لكن لابد للجهة التي قامت بتشخيص حالته من ان تقوم بزيارة للمدرسة ولقاء المدرسات والاخصائية الاجتماعية لتوضيح الحالة، فالطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم يحتاج وقتا اكبر من غيره للكتابة من على السبورة ويحتاج وقتا اطول للاجابة بالاختبارات ويحتاج لمن يقرأ له الاسئلة عدة مرات، لذلك يأتي دور مختصينا الذين يقومون بزيارة المدرسة لتوضيح الحالة والطلب من المدرسات منح الطفل وقتا اطول وغالبا ما يوضع بلجنة خاصة ونطلب منهم الابتعاد عن المصطلحات المحبطة التي تؤثر على الطفل مثل «انت ماتفهم» و «انت راح تسقط» او انت بالصف الرابع لكن مستواك مستوى طفل بالصف الاول.
وتستطرد عبير الشرهان قائلة: نوضح للمعلمات ان الطفل بهذه الحالة يحتاج لاهتمام اكبر وطريقة مختلفة في التدريس، اما من لديه صعوبات تعلم شديدة فهؤلاء فقط هم من لن يستطيعوا الاستمرار في المدارس العادية.
ولهذا نحن نؤكد على اهمية الكشف المبكر لان عدم التعامل على اهمية الكشف المبكر لان عدم التعامل الجيد مع الطفل الذي لديه صعوبات قد يؤدي لتسربه من التعليم، قد يرى ولي الامر ان ابنه فاشل والمجهود ضايع معه فيخرجه من المرحلة المتوسطة ليجلس في البيت..
هؤلاء الاطفال لديهم نسبة ذكاء مرتفعة على الرغم من معاناتهم من صعوبات التعلم، لذا اذا لم نحتوهم فسيخسر المجتمع افرادا نابغين في مهارات اخرى قد تكون غائبة عن ولي الامر.
قلة المؤهلين
< هل معلمو التربية وفقا لملاحظاتكم مؤهلون للتعامل مع حالات صعوبات التعليم؟!
– للاسف لا، المؤهلون مازلوا قلة، لدينا اتفاقية مع وزارة التربية نقوم بمقتضاها هنا بالمركز بتدريب المعلمين لكيفية تدريس الطالب الذي لديه صعوبات التعلم، طوال العام الدراسي نقيم 4 دورات تدريبية لمدرس وزارة الربية لتأهيل المعلمين وكل دورة يحضرها ما لا يقل عن 50 معلماً، وتستمر لمدة اسبوعين، لكن هذه الفترات المتقطعة ليست كافية لتأهيل المعلم تماما ليكيفة التعامل مع صعوبات التعلم، ومع ذلك فجهودنا مستمرة وهناك تعاون كبير بينا وبين الوزارة نأمل ان يفضي لتأسيس نخبة لا بأس بها من المعلمين الكويتيين الذين يعتمد عليهم في التعامل مع الطالب الذي لديه صعوبات في التعلم.
< بماذا تختلف طريقه تدريس الطالب العادي عن من يعاني صعوبات في التعلم؟!
– ساحدثك عن الكيفية التي يتبعها معلمونا هنا في المركز مع بعض الطلاب الملتحقين بالبرنامج العلاجي الصباحي او المسائي، هناك طلاب كثر في مدارس وزارة التربية يحضرون برامجنا لمدة سنة او سنتين بحسب الحالة، الصف الخاص بطلبة صعوبات التعلم لابد ان لا يزيد عدد الطلاب فيه عن 6 كحد اقصى، الطريقة المستخدمة بالتدريس مختلفة، فمعلم صعوبات التعلم يستخدم اسلوب تدريس يعتمد على تعدد الحواس، مثلاً: المعلومة يقولها للطالب ثم يمثلها ثم يغنيها، ثم يكتبها، ويستخدم وسائل سمعية بصرية وحسية متعددة تجعل المعلومة ترسخ بعقل الطالب وهذه الطريقة في التدريس هي التي نحاول تدريب معلمي وزارة التربية عليها.
خلل وليس مرضاً
< هل يمكن الشفاء من صعوبات التعلم؟!
– هو ليس بمرض يصاب به الفرد حتى يمكن الشفاء منه، هو خلل لابد وان يتكيف الفرد معه، يظل معه طوال حياته ، لكن عندما يعرف الفرد نقاط قوته ونقاط ضعفة، نوصيه بان يركز على نقاط القوة لديه، وهذا هو دورنا ومعظم طلابنا ولله الحمد يتخرجون بمؤهلات اما جامعية او دبلوم وبعضهم نجح في نيل الماجستير والدكتوراه ايضا، فمن يعاني صعوبات التعلم لايحتاج الا للتشخيص الجيد والتدريب بالاضافة لوجود مجتمع واهل يتفهمون خصوصية حالته وعلى الاخص ولي امر متفهم ويرغب بدعم ومساعدة ابنه في تخطى هذه الصعوبات.
< ما الانشطة التي يقوم بها مركز تقويم وتعليم الطفل لتوعية المجتمع اكثر بصعوبات التعلم؟!
– نبذل جهودا بالغة على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي لاجل ذلك، فنحن جمعية نفع عام غير ربحية هدفها الاساسي خدمة الافراد الذين يعانون من صعوبات التعلم وكل من يهتم بهم سواء مدرسون او اولياء امور، وبالاضافة لخدمات التشخيص وتدريب المعلمين، هناك دورات لاولياء الامور التعامل الصحيح مع ابنائهم الذين يعانون هذه الصعوبات وهناك وحدة للأبحاث لنشر المعرفة بهذا الجانب ولدينا بحوث لخبرائنا نشرت بمجلات عالمية، ولدينا قسم لتطوير الاختبارات لتصميم اختبارات تشخيص ملائمة الطفل الكويتي وليست مترجمة كما يحدث في بعض الجهات، ولدينا برامج علاجية وندوات عامة يحاضر فيها خبراء مختصون من داخل وخارج الكويت. [/B]