[B]
قانون بلا تفعيل .. حقوق تعليمية منقوصة .. مطالب صحية مهضومة .. إعاقات مهمشة .. قصور حكومي ونيابي صريح.
بهكذا كلمات موجعة باح المعاقون وأولياء أمورهم وبثوا الهموم والشجون التي باتت تؤرق ذوي الإعاقات باختلاف أنواعها، وأضحت تعترض مسيرتهم الحياتية..
ومما لا شك فيه أن هذه الشريحة التي تجرعت آلاما لا حصر لها بسبب الإعاقة أحوج ما تكون إلى بيئة مناسبة للعطاء وقرارت عاجلة لتعويضهم عن إعاقتهم وعجزهم في إبراز دورهم في المجتمع، ومشاركته في كل فعالياته من دون أن تكون إعاقتهم عائقا أمامهم، ولا جدال في أن الاهتمام بهذه الشريحة وتحقيق مطالبهم، فضلا عن توفير الرعاية الصحية والتعليمية التي تناسب إعاقاتهم وتصنيفاتهم، يعد واجبا وطنيا وإنسانيا. حان الوقت لقرارات حكومية عاجلة وجادة من اجل خدمة المعاقين، وحل مشكلاتهم وإنصافهم.
التقينا بعدد من الإعاقات المختلفة، وذويهم الذين سردوا معاناتهم ومطالبهم، وعلى رأسها التوظيف والتأهيل والتدريب وتطوير التعليم وتفعيل القانون وزيادة الدعم.
وعقب المعاقون واهاليهم على الصمت الحكومي بالقول «لا حياة لمن تنادي»، فهذا هو حال بعض المسؤولين.
وشددوا على ضرورة الالتفات لهذه الشريحة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المجتمع الذي يعيشون فيه، وعنصرا مكملا له. وقالت منيرة الصيفي (لديها ابنة من فئة زراعة القوقعة – 14 عاما) إن هذه الشريحة تعاني من أمرين أولهما هضم الحقوق التعليمية، وثانيهما نقص العلاج والرعاية الصحية.
وانتقدت مدارس التربية الخاصة التي لا تقف في صف أولياء الأمور المهتمين بشؤون أبنائهم.
وتساءلت إلى متى حرمان أبنائنا من حقوقهم التعليمية، وتهميش دورهم. أما المكفوفون، فقد استطاعوا رغم إعاقتهم حجز مقاعد لهم في الجامعات، بل حققوا إنجازات كبيرة، وليس أدل على ذلك من حصول عدد من فاقدي البصر على شهادات الماجستير والدكتوراه، لكن كثيرا من الجهات الحكومية والخاصة ترفض توظيفهم، مما يزيد معاناتهم ويهدر مجهوداتهم.
وفيما يلي مزيد من البوح الموجع، والمطالب المهمشة علّ المسؤولين يستجيبون ويستمعون صرخات المعاقين المظلومين.
سارة المرهون:
الجهات الحكومية تهمل ظروف المعاقين حركياً
اعتبرت سارة المرهون – من ذوي الإعاقات الحركية – أن تأخير تطبيق القانون الجديد الخاص بالمعاقين يعد من أبرز الإشكاليات، التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف إعاقاتهم، لا سيما أنه يتضمن الكثير من المميزات التعليمية والوظيفية، فضلاً عن الخدمات الصحية التي تكفل حقوق هذه الشريحة، ولكنها «مكانك راوح»، داعية إلى ضرورة زيادة الوعي المجتمعي بهذه الفئة وتعزيز دورها من خلال دمجها، سواء في المدرسة أو العمل، والحرص على إشراكهم وعدم السخرية منهم، فضلاً عن الإيمان بقدراتهم.
وطالبت بإعداد المتخصصين والكوادر من المعلمين المؤهلة لتدريب هذه الفئة على أسس علمية ومدروسة، فضلاً عن توفير احتياجاتهم في المدارس، وفقاً لمتطلبات كل إعاقة، لافتة إلى دور الحكومة الفعّال في الكشف عن مدعي الإعاقة الذي ساهم في حماية حقوقنا وامتيازاتنا من التبدد، قائلة: «حكومتنا غير مقصرة في تقديم الدعم لنا مقارنة بالدول الأخرى، لكن بعض الجهات الحكومية لا تراعي ظروف المعاقين حركياً ولا توفر الصعدات، مما يدل على سوء التخطيط.
وناشدت المرهون النواب الذين يمثلون الشعب ضرورة الالتفاف إلى قضايا ومشاكل الديرة، لا سيما أولويات شريحة المعاقين الذين هم جزء لا يتجزأ منه بدلاً من تصويب اهتماماتهم بالاستجوابات، متسائلة في الوقت ذاته: إلى متى هذه الاعتصامات والتأزيمات في دولة، من المفترض أنها تنعم بالديموقراطية والعدالة؟!
عنود الحربي: مبنى هيئة الإعاقة «معاق»!
مدربة تطوير الذات من ذوي الإعاقات الحركية عنود الحربي انتقدت تأخير تفعيل قانون المعاقين، مما يمثل حجر عثرة في حياة هذه الفئة، منتقدة تأخير إنجاز إجراءاتنا ومعاملاتنا، فضلاً عن مبنى ذوي الإعاقة غير المهيأ للمراجعين – على حد وصفها – حيث إن المبنى يفتقر الى الموظفين المعنيين بإنجاز خدمات هذه الشريحة ومعاملاتها، كما أن إجراءات الحصول على الكراسي المتحركة تستغرق وقتا طويلا، ووصفت المبنى بأنه «معاق»، فكيف يخدم المعاقين؟!
وأشارت إلى مشكلة انتهاك مواقف المعاقين في المجمعات والجمعيات التعاونية، سواء من الأسوياء أو من قبل رجال المرور، معتبرة أنهم غير متعاونين معهم في حماية أبسط حقوقهم.
وأشادت الحربي بالخدمات الصحية التي توفرها الدولة لهم، معتبرة أنها لا تقل عن تلك المتوافرة في الدول الأخرى، مشددة على أهمية التعاون من دون تسويف أو تعطيل، علاوة على إسراع وتيرة الإجراءات المتبعة.
أولياء أمور ذوي الإعاقات السمعية:
زراعة القوقعة تفوق قدرات محدودي الدخل
رئيسة نادي أولياء أمور زراعة القوقعة المنبعث من وزارة الصحة سهام الفجي، انتهزت الفرصة وأفرغت هموم هذه الشريحة وشجونها التي تكاد تكون «منسية»ُ فلا حقوق مكفولة ولا كيان أو جمعية تمثلهم أو تنقل صوتهم الى المسؤولين، رغم أنهم من أكثر شرائح ذوي الاحتياجات الخاصة!
وأشارت الفجي إلى أن قضية التعليم والأجهزة التعويضية من أهم الأمور التي يعاني منها مرضى زراعة القوقعة، موضحة ان سماعات القوقعة غير متوافرة، كما أن توصيات القرار الوزاري 2008 بشأن تعليم مرضى زراعة القوقعة ما زالت حبيسة الأدراج، الأمر الذي جعل حياتهم صعبة، فهم غير قادرين على تلقي تعليمهم ولا على التأقلم مع غيرهم من الأسوياء، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة الى فئة الصم، حيث أصبح النطق أمرا غير يسير والإشارة غير مفهومة.
ولفتت إلى أن النادي تأسس بفضل اجتهادات أولياء الأمور، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن النادي غير مشهر، لكن هدفنا هو تحقيق مطالب أبنائنا وخدمتهم وليس النظر إلى التبرعات والكسب المادي.
وقالت إن زراعة القوقعة تفوق قدرة محدودي الدخل. وانتقدت الفجي عدم وجود قياديين حريصين على حل مشاكل البلاد، مثمنة دور أصحاب القرارات في تسليط الضوء على هذه الشريحة من أمثال وزيرة التعليم السابقة نورية الصبيح، التي وضعت قراراً وزارياً ينص على تعليم هذه الشريحة، إلى جانب النائبة معصومة المبارك التي ساهمت في وضع حجر الأساس للنادي وتوفير الخدمات، بالإضافة إلى الكشف عن الأخطاء الطبية، آملة في الاحتذاء بالنموذجين في تعزيز مكانة المعاق والاهتمام بقضاياه ومعاناته.
الثويني: تحريك الأدوات الرقابية لتطبيق قانون المعاقين
أكد أمين سر الجمعية الكويتية لمتابعة شؤون ذوي الإعاقة علي الثويني ان التقصير في تفعيل القانون الجديد يعد من أهم القضايا وأبرزها، التي تعترض هذه الفئة بمختلف الإعاقات، مشيراً إلى سوء التشخيص في اللجان الطبية والتعليمية والافتقار إلى المتخصصين، الأمر الذي أربك المعاق نفسياً من حيث تغيير تصنيفات الإعاقة وتخفيض نسبتها من إعاقة شديدة إلى متوسطة أو بسيطة، فضلاً عن اعتبار مريض صعوبات التعلم معاقا ذهنياً.
وأضاف الثويني ان تصنيف حالات الإعاقة غير موحد في اللجان، إلى جانب إسقاط الهوية على بعض المعاقين، أحد هذه الهموم، لافتاً إلى قضية التعليم التي باتت تؤرق المعاقين ذهنيا ومرضى زراعة القوقعة، حيث إن حقوقهم التعليمة مظلومة ومهضومة، لا سيما أن بعض مدارس التربية الخاصة لا تعترف بشهاداتهم، إلى جانب عدم وجود مناهج خاصة بهم مثل مدارس الوفاء، وإنما هي مناهج اجتهادية بمساعدة مدرسين بروح رياض الأطفال، فضلاً عن عدم وجود مدرسين متخصصين في لغة الإشارة بالنسبة الى ذوي الإعاقات السمعية.
وأشار إلى أن التشديد على تطبيق الضوابط والشروط الصعبة والمستحيلة – على حد تعبيره – حرم شريحة من المعاقين في الحصول على الامتيازات التي وفرها القانون، مطالباً بضرورة تشكيل لجنة أصدقاء المعاقين، المذكور في القانون المتخصص بمراقبة المخالفات.
وأشار الثويني إلى وجود جمعيات في الهيئة العامة ومجلس الإدارة، التي لا تمثل المعاقين وهي مستفيدة مادياً من الهيئة، مثل جمعيات التوحد ورعاية المعاقين، وهو ما يخالف المادتين 49 و50 من القانون.
ودعا الحكومة – متمثلة في الهيئة – الى تحقيق مطالب المعاقين والنظر فيها، مهيباً بهم تحريك الأدوات الرقابية لمجلس الأمة لإجبار الهيئة على تنفيذ القانون بحذافيره.
عمليات باهظة التكاليف!
اشتكى أولياء أمور الأطفال المعاقين سمعياً من «قصور الدولة في توفير الأجهزة التعويضية لأبنائنا، الأمر الذي يقودنا إلى شرائها من الخارج»، فضلاً عن عملية البرمجة، التي يجرونها على نفقتهم الشخصية لتحسين نتائج عملية زراعة القوقعة، وهي باهظة التكاليف.
وأشاروا إلى أن توفير قطع الغيار – فضلاً عن التعليم الجيد وإجراء عملية زراعة القوقعة في سن مبكرة، إلى جانب توفير برنامج التخاطب – من أهم المطالب، منتقدين أداء هيئة المعاقين.
أعباء مضاعفة
قالت رئيسة نادي زراعة القوقعة سهام الفجي إن الدستور ينص على التعليم والخدمات الصحية التي لا بد من توفيرها للمعاق.
واشارت إلى ضرورة تكاتف الجهات المتخصصة من اجل تقديم المزيد من الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة وتخفيف الأعباء من فوق كاهل أهاليهم.
المطلوب مكتب لخدمة المكفوفين
طالب ذوو الاحتياجات الخاصة واهاليهم بتخصيص مكتب لخدمة المكفوفين في كل الوزارات والمراكز، بالإضافة إلى مترجم إشارة، لا سيما في المرور.
إنجاز معاملاتنا.. «معاناة»!
أشار عدد من المعاقين وأولياء أمورهم إلى معاناتهم في إنجاز معاملاتهم، الأمر الذي يثقل على كاهلهم ويحرمهم من الحصول على امتيازاتهم.
مُدرّسات لا يتقنَّ طريقة «برايل».. فكيف يُعلمن الكفيفات؟!
عدّدت أم هاجر المطيري التي تعاني ابنتها من إعاقة بصرية أهم المشاكل التي تعترض طريق هذه الشريحة المتمثلة في عدم تخصيص صفوف معزولة للمكفوفين، لا سيما أن الصفوف تتضمن أكثر من إعاقة، مما يشكل صعوبة وعبئا عليهم في التواصل مع زملائهم والمدرسين، علاوة على أنهم محرومون من استخدام الآلات والأجهزة التقنية.
كما أن الكتب لا تصل الى المكفوفين بسهولة، فضلاً عن عدم إتقان المدرسات لطريقة «برايل»، مطالبة بضرورة تخصيص مرحلة ثانوية في مدرسة النور.
[/B]