[B]
أكدت الأمانة العامة للجان الزكاة بجمعية الإصلاح ان الله كرّم بني آدم وعظم الشرع حرمة النفس واعتنى بها، وخص بالرعاية والعناية كبار السن فحث على احترامهم وتوقيرهم ورعايتهم والبر بهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا». وفي رواية: «ويوقر كبيرنا». وقالت الأمانة في تصريح صحافي ان رعاية كبار السن في الإسلام يقوم على أسس عدة، لعل ابرزها ان الإنسان مخلوق مكرم ومكانته محترمة في الإسلام: يقول الله عز وجل: (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء ـ 70، فالمسن له منزلته ومكانته في الإسلام بشكل عام.
وأضافت: تأتي رعاية المسن من باب كون المجتمع المسلم مجتمعا متراحما متماسكا متوادا، قال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) الفتح ـ 29، وقال تعالى واصفا المؤمنين: (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) البلد ـ 17، ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين بأنهم كالجسد الواحد، ففي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، كما ان رعاية المسن من الأعمال التي تدخل في باب الإحسان الذي ليس له جزاء إلا الإحسان، قال تعالى: (هل جزاء الإحسان الا الإحسان) أي: هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق، ونفع عبيده، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير والعيش السليم.وزادت الأمانة: لا يخفى ان الرعاية في موضوع كبار السن من الأمور في هذه الدنيا التي تجري وفق سنن الله تعالى في كونه والتي منها ان الجزاء من جنس العمل (جزاء وفاقا) النبأ ـ 26، فإذا أحسن الشباب للشيوخ كان ذلك سببا لأن يقيض الله لهؤلاء من يكرمهم عند كبرهم.
وأشارت الى ان جهود مساعدة كبار السن يعتبر الركيزة الأولى نحو إنشاء العديد من البرامج التي تستهدف النهوض بأوضاع كبار السن كترجمة لاهتمامات الشريعة بهذه الفئة، المستندة الى قيمنا الدينية والعربية الأصيلة والمتمثلة بالاحترام والمودة وصلة الرحم والتكافل بين الأجيال وحفظ الجميل والوفاء والتي يجب المحافظة عليها لبناء مستقبل واعد لأبنائنا ملؤه الأمان والاستقرار. وقالت: تتركز جهود مساعدة كبار السن في اتجاه تأمين الرعاية الطبية والتمريضية المنزلية، وزيادة عدد العيادات والمراكز الصحية المؤهلة، وتأسيس أقسام متخصصة لتقديم خدمات شاملة لهم في المستشفيات والمراكز الصحية، كما تعمل الجهود لتصب في تحسين موارد كبار السن وما يلحق ذلك من مساعدتهم دعمهم في تحمل تكاليف سكنهم الخاص، ومرافقه وذلك من خلال توفير الأدوات المساندة في تلك المرافق لتسهيل حركتهم بأمان ولتتلاءم مع حالتهم الصحية وقدراتهم عبر مشاريع مساندة أخرى. وأوردت الأمانة بعض الإحصاءات التي رصدتها كل من منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ووفقا لبعض الدراسات فإن كبير السن هو من بلغ عمر الشيخوخة والذي يبدأ في عمر 65 عاما، ويبلغ عدد كبار السن 60 سنة فأكثر حسب إحصائية عام 2006 حوالي 688 مليونا ومن المتوقع ان يصل عددهم الى مليارين بحلول 2050 وعندها للمرة الأولى في التاريخ يتعدى عدد كبار السن عدد الأطفال.
وأوضحت ان الزيادة في أعداد المسنين أخذت ترتفع بين سكان العالم المتقدم منه والنامي، حيث تشير الإحصائيات الدولية الى ان أعداد المسنين الذين بلغوا 60 سنة فما فوق قدر في عام 1960 بـ 250 مليون شخص ثم ارتفع هذا العدد الى 376 مليون شخص عام 1980 ويقدر ان يصل العدد في عام 2020 الى 950 مليون شخص.
ولقد صاحب هذه الزيادة في أعداد المسنين كذلك ارتفاع متوسط عمر الفرد الذي زاد على 70 سنة في كثير من الدول وخاصة الدول الصناعية المتقدمة، وهذا بلاشك ستكون له آثار وانعكاسات على مختلف جوانب الحياة والعلاقات الاجتماعية، وبكل ما يتعلق ويتعامل مع المسنين، كالأطباء وأجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع وأفراد الأسرة وغيرهم، لأن هذه الزيادة ستزيد من معدل احتياجاتهم، وبالتالي زيادة أعبائهم وتكاليف الرعاية بهم على الدولة وأفراد المجتمع.
وقالت الأمانة ان في مجتمع كالمجتمع الكويتي يرى الاجتماعيون ان الخدمات التي تقدمها دور الرعاية والجمعيات المعنية برعاية المسنين خدمات كبيرة ومهمة خاصة انها تعمل على توفير احتياجاتهم من مأكل ومأوى وخدمات صحية اضافة الى الخدمات التي تقدمها الأندية النهارية والمقاهي لكبار السن والتي يقضون أوقات فراغهم بها ويعودون الى أسرهم.
دور منشود
واستطرد قائلة: بالرغم من هذه الخدمات الا ان المسن لايزال يحتاج الى اهتمام ورعاية داخل أسرته خاصة ان هناك مسنين يتم الحاقهم بدور الرعاية بسبب عدم رغبة أبنائهم او بناتهم في الاعتناء بهم فهذا السلوك يمثل أذى نفسيا لكبار السن الذين يبتعدون به قسرا عن أبنائهم وبناتهم ويحرمون من الراحة النفسية التي لا تتوافر لهم إلا بوجودهم بجانب أبنائهم وأحفادهم، ولابد من ان سعي الأبناء للاستفادة من وجود آبائهم وأمهاتهم بجانبهم في تربية أطفالهم لأهمية تنشيط دور الأسرة الممتدة فدور الأجداد دور مهم يؤثر ايجابيا في حياة أطفالهم خاصة إذا كان الأجداد والجدات يتمتعون بصحة جيدة.
وأشارت الى ان الأم التي نذرت حياتها لتربية أبنائها والأب الذي قدم لأبنائه العطف ووفّر لهم الحياة الكريمة بحاجة لمن يرعاهم عند الكبر ويحتاجون الى الشعور بالأمن والاطمئنان بوجودهم قرب أبنائهم وبناتهم، فدموع الحزن على أوضاعهم وهم يحدقون بسنوات أعمارهم من نوافذ دور الرعاية ولا يجدون من يخفف عنهم آلامهم وتبقى دموع كبيرة ومؤلمة بحجم هذا العمر، فلابد الا تقتصر علاقة الآباء والأمهات بأبنائهم وبناتهم بزيارة سنوية لدور الرعاية فهذا أمر محزن يضعنا أمام تساؤل مشروع كيف سيكون الحال بهؤلاء الأبناء بعد ان يصلوا لعمر آبائهم وأمهاتهم وهل ينتظرون من أبنائهم ان يعطفوا عليهم ويبقونهم بجانبهم وهم الذين تنكروا لآبائهم وأمهاتهم واعتبروا واجب رعايتهم حملا ثقيلا بادروا بالتخلص منه؟ ولقد فطنت الأمانة العامة ولجانها لأهمية موضوع رعاية كبار السن فكان ان خصصت بندا في مساعداتها لكبار السن ورعايتهم وتقديم سبل الدعم اللازم لهم بما يحقق حاجتهم ويرفع من معاناتهم ويخفف من ضنكهم سواء فيما يتعلق بالحاجة او بالجحود، وفي هذا السياق طرحت الأمانة العامة للجان الزكاة وقفية تنفق من ريعها على حالات الضعف والحاجة بعنوان وقفية «صنائع المعروف» وهي وقفية تستثمر أصل تبرعات المحسنين الكرام لتنفق من ريعها على حالات الحاجة من المرضى كبار السن والمعاقين وهي شرائح تشكل في مجملها حالات ضعف في المجتمع استلهاما للحديث الشريف «انما ترزقون بضعافكم» كما ان كثيرا من اللجان التابعة للأمانة تجمع التبرعات لصالح فئة كبار السن وخصصت مشاريع خاصة لهذه الشريحة ويكفي للتدليل على الأهمية التي تعطيها الأمانة لفئة كبار السن معرفة بعض الأرقام التي تعبر عن انفاق الأمانة بما يخدم هذه الشريحة حيث بلغ اجمالي ما أنفقته الأمانة لهذه الشريحة نحو 100000 دينار خلال السنتين الماضيتين وقد استفاد منها نحو 2000 حالة عبارة عن مساعدات شهرية ومقطوعة.
كما تبنت الأمانة برامج وقفية أخرى تعزز قيمة الوفاء في المجتمع كوقفية (ربح ارحمهما وفاء لهما) التي تنادي بصيانة الأسرة «فالابن البار يود ان يعظم لأبيه الهدية وتراه يسعى لاختيار موفق في هذا المجال فكان من الأمانة العامة للجان الزكاة ان اختارت الوقف أسلوبا من أساليب الهدية كون أجره ممتدا في الحياة ولما بعد الممات وبما يحمله هذا العمل من مرامي الوفاء وإشارات حفظ الجميل والتعبير عن الشكر والعاطفة.
ومن خلال مشروع «وفاء لوالديك» تضع الأمانة الابن في قالب التربية الحسنة والبر بالوالدين وتفتح المجال رحبا أمامه ليرد بعضا من أفضالهما عليه، وبهذا يكون هذا الوقف معينا لهما وللابن يدر الأجر والمثوبة تمتينا لمجتمعنا وصولا لمجتمع أكثر تماسكا. كما يأتي هذا الوقف ليعين أبناء العائلة الواحدة على تعليم أبنائها على فعل الخيرات وتربيتهم على نمط الإحسان وتقدير المعروف، فالدال على الخير كفاعله وبهذا يمكن للاخوة في العائلة المشاركة في وقف «رب ارحمهما» لتقديم هدية قيمة لأحد الوالدين او كلاهما.
[/B]