0 تعليق
472 المشاهدات

مكفوفون في قبضة المعاناة والحكومة لا تُبصرهم



[B]
ذوو الاحتياجات الخاصة فئة تستحق الرعاية والاهتمام وتقديم كل ما يسهم في تقليل تأثرهم الجسماني والنفسي والاجتماعي بإعاقتهم ودمجهم في المجتمع، فضلاً عن توفير جميع الوسائل التعليمية والوظيفية والبيئية المناسبة لهم، لكونهم جزءا لا يتجزأ منه ودورهم فيه مهم ومؤثر، ومن هذه الفئة من حرموا إما كليا وإما جزئيا من نعمة الإبصار، ألا وهم المكفوفون والمعاقون بصريا بشكل جزئي والذين يحتاجون إلى رعاية أكثر، بالإضافة إلى إشباع دوافع مهمة وعاجلة.
ورغم إيمانناً بهذه الحقيقية، لكنهم يعانون الأمرّين في الحصول على حقوقهم التعليمية والوظيفية كغيرهم من الأسوياء، علماً بأن أغلبهم من الكفاءات العليا، هذا ما كشف عنه عدد من المكفوفين الذين طالبوا بضرورة تنفيذ القانون الجديد الذي يكفل لهم حقوقهم، فضلاً عن تفعيل الدور الإعلامي في إبراز دورهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.

نوال حسن أحمد التي فقدت بصرها وهي في عمر الزهور (15 عاماً) ولم تدرك يوماً أن تتغير حياتها جذرياً ومن دون مقدمات من فتاة صغيرة تلهو وتمرح مع مثيلاتها في العمر بحرية من دون تقيد إلى أخرى تنتظر من يرافقها يساندها في أداء أعمالها، أباحت بهموم ومعاناة هذه الشريحة حول عدم إنصافهم وهضم حقوقهم، فضلا عن عدم اكتراث الدولة بتوصيل صوتهم إلى المسؤولين.
حقوق مهضومة
أكدت أحمد عدم تعاون المجلس الأعلى لشؤون ذوي الإعاقة في تفعيل مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوقهم، لا سيما شريحة المكفوفين، معتبرة أن حقوقهم مهضومة وأن القانون الجديد مجرد حبر على ورق، على حد وصفها.
وانتقدت عدم الدعم الحكومي للمبدعين والموهوبين المكفوفين والالتفاف إليهم، قائلة «الرسم يعتبر هوايتي المفضلة منذ الصغر وبعد أن فقدت بصري غلبني اليأس من عدم مواصلة هذه الهواية، خاصة أنني كفيفة، بيد أن الفضل يعود الى إحدى المدربات في جمعية المكفوفين الكويتية التي شجعتني وولدت لدي الحافز والتمسك بسلاح التحدي، فبدأت أعود الى الرسم مجددا بالاستعانة بمخيلتي وإحساسي ومن ثم الرسم، كما شاركت لوحاتي في عدد من المسابقات المحلية، ورغم كل هذا فلم أجد الجهات الداعمة لي، غير أسرتي».
أزمة سائق
وأشارت إلى أن هذه الشريحة تعاني من أزمة تتمثل في انعدام السائقين الموثوق بهم لتوصيلهم، سواء إلى الدوام أو الجامعة، لا سيما الإناث، مقترحة تعيين مرافقات أو مشرفات ليشرفن عليهن.

وظائف محدودة
وأشارت إلى حصر مجالات العمل وتوظيفهم في نطاقات محدودة، سواء في التدريس أو الطباعة أو البدالة، بما لا يتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وقدراتهم واهتماماتهم، مطالبة المسؤولين والجهات المعنية بالنظر إلى مطالب هذه الفئة وتطبيقها إلى أرض الواقع من دون تسويف أو تأجيل.
تقصير حكومي

وأيّدتها في الرأي فاطمة (19 عاما) الطالبة في كلية التربية الأساسية، مشددة على التقصير الحكومي حول الالتفاف الى هذه الشريحة وتهميش حقوقهم.
وسلّطت فاطمة الضوء على المآخذ في الجانب التعليمي، منها عدم توفير كتب برايل خاصة للمكفوفين وتأخير تسلمها، فضلاً عن عدم اكتمال الدروس، مما يشكل عبئا على الطلبة وعلى الأسرة.

ثانوية للمكفوفين
وطالبت بتخصيص مدرسة للثانوية للمكفوفين، مشيرة إلى أن الطلبة يواجهون أزمة في المرحلة الثانوية، خاصة بعد التخرج في المرحلة المتوسطة في مدرسة النور، حيث يتم تحويلهم إلى مدرسة الرجاء، وهي خاصة لذوي الإعاقات الحركية، حيث ينصبّ اهتمام المدرسات على المعاقين جسدياً – فقط – دون غيرهم، مما يؤثر في المكفوفين نفسياً ومعنوياً.

أجهزة باهظة
وألقت اللوم على الدولة في عدم توفير أجهزة التكنولوجيا الحديثة بما يواكب احتياجاتهم ومتطلباتهم الدراسية، لا سيما أنها مكلفة للغاية، وليست في متناول الجميع، لافتة إلى المبادرة السباقة للدول الخليجية المجاورة في توفير هذه الأجهزة لأبنائها من المكفوفين مجاناً.

كلية موحدة
وتحدثت فاطمة عن تحديد مجالات الدراسة في الكليات لهذه الشريحة، لا سيما كلية التربية الأساسية التي أقرت بأنها خارج أجندتها المستقبلية بخلاف «إدارة الأعمال»، الذي كان وما زال حلمها الذي يراودها، مشيرة إلى أنها تعد الكلية الموحدة والقبلة الرئيسية لهذه الفئة إلى جانب مهنتي التدريس والطباعة من دون النظر إلى اهتماماتهم.

الوعي المجتمعي
وأشارت إلى عدم الوعي المجتمعي بالتعامل مع هذه الشريحة التي تعد جزءا لا يتجزأ منه، حيث إنهم لا يدركون أن ثمة مدارس خاصة لذوي الإعاقات البصرية، مقترحة تبادل الزيارات بين مدارس التعليم العالي والتربية الخاصة، بحيث يتم غرس هذه التوعية منذ الصغر.

وسائل الإعلام
وسلّطت الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام في إبراز دور ذوي الإعاقات المختلفة عموما، والمكفوفين على وجه الخصوص، من خلال مشاركتهم في البرامج المقدمة، سواء في الإعداد أو الإخراج أو التقديم، وكذلك الأمر في الجرائد، بحيث تستقطب ذوي الهوايات الصحفية وتعيينهم.

محرومون من الدراسات العليا
ناشدت عائشة المطيري – الطالبة في كلية التربية الأساسية بجامعة الكويت – المسؤولين أحقية ذوي الإعاقات البصرية في الحصول على الدراسات العليا مثل غيرهم من الأسوياء، لافتة إلى ضعف اهتمام الدولة في دعم المبدعين منهم، حيث لا يوجد موظفون مكفوفون في القطاع الخاص إلا حالات نادرة جدّا عملت خارج نطاق وزارة التربية.
وقالت المطيري إن المشاكل التعليمة تعد من أبرز القضايا، التي تواجه هذه الفئة، لا سيما في المرحلة الأكاديمية (الجامعة)، حيث إننا نعاني بدءاً من القبول بالجامعة، وهو أمر غير يسير، حيث إن كلية التربية الأساسية هي المجال المفتوح أمامنا، ويتم تحويلنا إلى لجنة خاصة، نظراً الى أن ضمن شروطها سلامة حاستي السمع والبصر، إلى جانب أن المناهج غير مناسبة لنا، حيث تفرض الجامعة علينا دراسة مواد علمية، مثل القياس والتقويم والإحصاء والحاسوب.

خُذوا بأيديهم وساندوهم
دعت أمهات المكفوفين إلى ضرورة الاهتمام بالمكفوفين ومساندتهم لتحقيق رغباتهم وأحلامهم من دون زعزعة عزيمتهم وهمتهم، اقتداءً بغيرهم من الأسوياء، لافتة إلى معاناتهم، لا سيما الفتيات منهم في وسائل النقل «باصات الكلية»، حيث لا توجد مرافقات أو مشرفات يتولين مهمة الإشراف والتأمين عليهن، الأمر الذي يضطرني الى مرافقة ابنتي إلى محاضراتها للتأكد من سلامتها ومتابعتها عن كثب.

العجمي:
أوبريتات المكفوفين خارج اهتمام التلفزيون !
سحر العجمي موهوبة في الغناء والموسيقى ولم تمنعها إعاقتها البصرية من التفوق.
تشكو سحر من إهدار حقوق المكفوفين وعدم توافر الدعم الحكومي للمبدعين منهم، مشيرة إلى أنها على الرغم من مشاركاتها في عدد من الأوبريتات المحلية، لكنها لم تر هذه الأعمال في التلفزيون الكويتي، رغم تكرار بث وإذاعة حفلات وأوبريتات «الحفلات» الخاصة بمدارس التعليم العالي بجميع مراحله.
وسردت العجمي مسيرتها الغنائية، فقالت «الغناء هو هوايتي المفضلة منذ نعومة أظفاري، والفضل يعود الى دعم الأهل المتواصل في تنمية هذه الملكة الصوتية»، لافتة إلى حرصها على الغناء الوطني الهادف.
وأشارت إلى عدم التحاقها بمعهد الموسيقى لتعزيز مهاراتها الصوتية، اعتقادا بعدم الجدوى من هذا المؤهل العلمي، لا سيما لذوي الإعاقات البصرية، حيث ان حقوقهم التعليمية والوظيفية «مهمشة»، على حد وصفها.
وتساءلت في الوقت ذاته عن سبب التمييز الواضح بين ذوي الإعاقات وأقرانهم الأسوياء رغم وجود الكفاءات العليا، بل المتميزة – أيضا – لافتة إلى محدودية الوظائف لهذه الشريحة وحصرها في مجالات التدريس والطباعة وأخيراً في الشؤون، فمنهم من يتخرج في كلية الحقوق ويعمل في مجال آخر.
وأشارت إلى سوء تعامل بعض أعضاء الهيئة التدريسية والأكاديمية مع الطلبة المكفوفين من دون مراعاة لظروفهم وقدراتهم، حيث إن تجاوبهم مع المبصرين أسرع بخلاف الكفيف الذي يتحمل على نفقته طباعة الكتب، بالإضافة إلى أن غالبية المدرسين لا يعرفون طريقة «برايل».

أم فاطمة تسرد معاناة طفليها:
مدارس التربية الخاصة مقصرة بحق المكفوفين
لخّصت أم فاطمة وحمد – وهما طفلان من ذوي الإعاقات البصرية – أهم قضايا ومعاناة هذه الفئة في سطور، أبرزها الإشكالية التعليمية، التي تمثل حجر عثرة أمام أبنائها وأقرانهم، حيث لا توجد مدرسة للمكفوفين غير مدرسة النور للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، أما المرحلة الثانوية فيتم إدماجهم مع أقرانهم من ذوي الإعاقات الحركية في مدرسة الرجاء.
وألقت اللوم على مدير مدارس التربية الخاصة دخيل العنزي، الذي لا يولي اهتماما بالمكفوفين، من حيث الكتب الدراسية المطبوعة بالطريقة العادية وليست بطريقة «برايل»، الأمر الذي يشكل صعوبة على الطالب، فضلاً عن أنه يحتاج إلى جهد ووقت مضاعفين من قبل الطلبة وأولياء أمورهم، كما تتم طباعة هذه الكتب على نفقتنا لتسهيل مهمة الدراسة لأبنائنا.
وأضافت أم الطفلين: إلى جانب هذا نجد أن مدارس التربية الخاصة لا تهتم بتكريم الفائقين منهم من خلال حفلات التخرج بما يليق بهم، مثل أقرانهم الأسوياء، مطالبة وزارة التربية بتفقد مدارس التربية الخاصة التي من المفترض أن تكون في دولة متقدمة مثل الكويت والنظر إلى مبانيها المتهالكة خارجياً، فضلاً عن المظلات والمواقف المحدودة، التي لا تسع غير سيارات الهيئة التدريسية، ناهيك عن موقعها غير المناسب!
وتحدثت عن التعليم الأكاديمي، منتقدة أسلوب التعامل غير اللائق، الذي يسلكه بعض الأساتذة تجاه الطلبة المكفوفين من دون مراعاة ظروفهم ومعاناتهم من خلال إحباطهم وعدم تشجيعهم، وهذا ما حدث لابنتي في كلية التربية الأساسية، حيث إنها كانت تدرس اللغة الإنكليزية لشغفها بها، لكن أحد الأساتذة أحبطها وأثر فيها للتحويل إلى اللغة العربية.

أستاذ القانون الدولي مدويس الرشيدي يرى الدنيا ببصيرته:
المكفوفون قادرون على التفوّق والإبداع.. رغم تهميشهم!
أستاذ القانون الدولي مدويس الرشيدي واحد من المكفوفين أصحاب الإنجازات العظيمة، فقد قهر الإعاقة بالإرادة، واشار إلى أن المكفوفين قادرون على الإنجاز، لكن الحكومة لا تدعمهم.
وعن معاناة المكفوفين يقول: على الرغم من صدور القانون الدولي رقم 8 لسنة 2010 – الذي يتضمن الكثير من الميزات لذوي الإعاقات بشكل عام وللمكفوفين بشكل خاص – فإن المشكلة تكمن في عدم تطبيق نصوصه، منها مسألة توظيف المعاقين، حيث إن هناك نصوص قانون تلزم كل مؤسسة بتعيين نسبة من المعاقين، غير أن المشكلة تكمن في عدم قناعة المسؤولين بقدراتهم، علماً بأنهم أثبتوا جدارتهم في مجالات عدة، من أمثال طه حسين ووزير إنكلترا السابق في حكومة بلير وغيرهما، حتى ارتقوا قمة الإفتاء، مثل مفتي المملكة العربية السعودية ابن الباز، معرباً عن أسفه الشديد من عدم الاحتذاء بالتجارب الأخرى، رغم توافر الكفاءات!
وأضاف الرشيدي: هناك من يرفض تطبيق القانون الذي يمثل سيادة الدولة وصادقت عليه السلطتان التنفيذية والتشريعية، مشيراً إلى التمييز الإداري الصريح في البيئة المادية للتعليم مثل اتخاذ مدرجات للكراسي المتحركة واستخدام الأجهزة التسجيلية للمكفوفين أو الحاسب الآلي الناطق، وحتى في الوظائف التعليمية هناك أساتذة في شتى التخصصات لا تقبلهم جامعة الكويت وتلتمس الأعذار والأسباب للتخلص من تطبيق النص القانوني.
وناقش قضية أخرى يعاني منها المكفوفون في المرافق العامة، حيث نجد أن الشوارع والأسواق ووسائل النقل العام لا يمكن أن يطبق فيها قانون المعاقين من حيث تهيئتها لاستخدامات المعاق، فضلاً عن القصور الإعلامي في نشر الثقافة حول هذه الفئة، سواء على مستوى الدولة من خلال السلطتين التنفيذية والتشريعية أو القضائية.
وأضاف الرشيدي ان المكفوف عندما يتخرج في كلية الحقوق يواجه عقبات جمة لاستخراج ترخيص المحاماة من جمعية المحامين الكويتيين، مطالباً بوجود قرار سياسي واضح لتفعيل قانون المعاقين.

أين المساواة؟!
طالب المكفوفون بالمساواة بينهم وغيرهم من الأسوياء في التعليم والتوظيف، امتثالا بتجارب الدول العربية – مثل مصر – وتنشيط الدور الإعلامي وتعزيزه من خلال عرض أعمال المبدعين ومشاركاتهم ومنحهم الفرصة في إظهار مهاراتهم وكفاءاتهم.

[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0