[B]قد يرى الكثيرون من أصحاب القلوب المريضة والعقول الرجعية ان المعاقين أقل منهم درجات ومحل شفقة أو سخرية والعياذ بالله ويتناسون قدرة الله عز وجل على الاطاحة بهم ومسخهم لأنهم تكبروا على فئة ابتليت بالمرض وحرمت من بعض الصفات الجسدية، لكن الله وهبها بعض القدرات العجيبة لممارسة دورها في الحياة على اكمل وجه.. في التحقيق التالي سنبحر مع عدد من المعاقين الذين تحدوا العوائق وكسروا الحواجز وصنعوا الانجازات للكويت وسنتعرف على آرائهم حول زواج المعاقين.
تيسير الأور
في البداية رأى عبدالعزيز العنزي ان زواج المعاقين حركيا يعد ناجحا ولا تشوبه شائبة، وربما يشبه زواج الفرد السليم كونه قادراً على اتخاذ القرارات وتربية الأولاد وعدم الاعتماد على الغير في مسألة تيسير أمور عائلته، موضحا ان المعاق حركيا بات يمارس حياته على اكمل وجه نتيجة تطور الأجهزة التي تساعده في تنقلاته، كما ان الكثير من الأسر يزوجون بناتهم لهذه الفئة من المعاقين بسبب سلامة عقولهم.
واكد «انه شخصيا ضد زواج المعاقين ذهنيا و«الداون» لان زواج هذه الفئة سيجلب المشاكل ويفيد بعض الأسر الجشعة ممن باعوا ضمائرهم من اجل الاستفادة من المميزات التي تمنحها الدولة للمعاقين»، مبينا ان غالبية أولاد المعاقين ذهنيا ضاعوا، لأنهم تربوا في بيئة غير صحية فآبائهم لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون مساعدتهم وحمايتهم وهكذا اصبحوا ضحايا لمن باركوا زواجهم بهدف المال والاستفادة.
وبين العنزي ان الدولة لم تقصر مع المعاقين بل على العكس ساعدتهم وخدمتهم ووفرت الكثير من احتياجاتهم، وخاصة أنها تمنح قرض الزواج للمعاق الذي يريد الاقتران بغير كويتية فضلا عن منح القرض الاسكاني البالغ 70 الف دينار الى جانب 10 آلاف دينار مساعدة، لافتا الى انه على الرغم من كل المساعدات المذكورة الا ان الحكومة غفلت عن التفريق بين فئات المعاقين وكان الأجدر بها عدم منح المعاقين ذهنيا نفس المميزات حماية لهم من النصب والتلاعب، وايضا حماية لأطفالهم ايضا ممن سيعيشون في كنف اسرة غير مؤهلة.. وهذا بحد ذاته يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف الذي اشترط سلامة العقل عند الاقدام على الزواج لضمان سلامة الرباط المقدس.
أمراض وراثية
من جهته أكد طارق القلاف صاحب الانجازات الرياضية الكبيرة ورافع اسم الكويت في المحافل العالمية ان نظرة التعالي للمعاق مازالت موجودة، والكثير من الأسر لا يحبذون مسألة تزويج بناتهم للمعاقين والعكس صحيح.. وخاصة اذا ثبت وجود الامراض الوراثية في هذا الجانب، مضيفا ان بعض الاسر يشعر بالخجل والحزن في حال تم الارتباط بين ابنتهم وأحد المعاقين وهذه هي الحقيقة المرة وكأن المعاق سيجلب العار لهم!
ورأى القلاف ان مسألة فشل زواج المعاقين ونجاحها تعتمد على بعض العوامل وأهمها مدى تقبل الطرفين لبعضهما البعض ومدى تفاهمهما.. فإذا كان الزواج مبنيا على الحب والعقل بدون العاطفة سينجح لا محالة، مشيرا الى ان هناك بعض الفتيات يعايرن رجالهن المعاقين – والعكس صحيح – بأنهم غير أصحاء وهنا تزيد المشاكل ويفشل الزواج.
وأوضح القلاف ان الدولة يجب ان توفر مؤسسات للتوعية الاجتماعية بخصوص زواج المعاقين وتوصيل رسالة مفادها ان المعاق فرد منتج في مجتمعه طالما كان خاليا من الأمراض العقلية، حتى يشعر جميع أفراد الوطن بأهميته وتقبله وعدم الشعور بالضجر منه، لافتا الى ان البلاد تعاني من وضع الخطط والحلول الترقيعية السريعة وتتحرك فور وقوع المشاكل فقط ولكنها في الغالب لا تضع في عين الاعتبار هذه القضية أو القضايا الأخرى لمعرفة مكامن الخلل وكيفية التغلب عليها.
فئة مثمرة
وطالب القلاف بضرورة تضافر جهود وزارتي «الاعلام» و«الأوقاف» لايصال رسالة الى افراد المجتمع بان المعاقين فئة مثمرة ولها دور بارز وليست اقل من الآخرين وليست محل عطف او شفقة وسخرية.
في حين عارضت أميرة الشمري رئيسة مجموعة الفرحة والأمل في مشروع زواج المعاقين ذهنيا لما له من عقبات وخيمة جدا فضلا عن تعارضه مع الدين لفقدان احد الزوجين للأهلية وتربية الابناء، موضحة أنه في السابق كان زواج المعاقين حركيا يتم بصعوبة ويتلاشى بين المعاق الحركي والفتاة السليمة والعكس صحيح.. بيد ان الامور تغيرت اليوم وخاصة مع توافر اجهزة التعويض التي قللت الصعاب والحرج ايضا وجعلت حركة المعاق من هذا النوع غير صعبة ولا تقف حجر عثرة امام القيام بالواجبات الزوجية والعائلية.
واكدت الشمري ان المرأة التي تريد السند – على حد تعبير النسوة – فعليها معرفة حقيقة مفادها ان هذه الكلمة الكبيرة لا تعني الأرجل والأيادي أو احد اعضاء الجسم بل تعني الافعال والاخلاق والحب والحرص.. وليس ذلك فحسب بل تكمن عبر قيام الزوج بكافة واجباته تجاه اسرته، لافتة الى ان مسألة نجاح زواج الفئة المذكورة مشابه الى حد ما زواج الأصحاء من حيث ايجاد المرأة الصالحة والرجل الطيب المعطاء والقناعة قبل كل شيء ولا يجوز ان تغير المرأة السليمة رأيها في المعاق بعد الزواج وتنهي حياتها معه بذريعة اعاقته وعليها ان تقف معه وتشجعه والعكس صحيح حتى يبارك لهما الله حياتهما.
وشكرت الشمري دولة الكويت على دعمها المستمر للمعاقين وعلى رأس الجميع قائد نهضتنا أبونا الشيخ صباح الأحمد الذي ذلل كل المعوقات، موضحة ان قانون المعاقين وضع ولكن تطبيقه خطأ كون الحكومة تمنح الأسرة التي لديها معاق مبلغ 10 آلاف دينار وفي الوقت نفسه تعطي الاسرة نفس المبلغ حتى لو كان لديها أكثر من معاق وهذا يتنافى مع مبدأ المساواة، على حد تعبيرها، كما ان المبلغ المرصود لا يكفي المعاقة المتزوجة التي تسعى لارضاء زوجها من خلال عمل مطبخ خاص للمعاقين واداة متطورة للمعاقين وحمام خاص لها يساعدها على توفير كل رغبات زوجها السليم والكلام ينطبق على الرجال المعاقين المقترنين بنسوة أنعم الله عليهن بالعافية.
خجل اجتماعي
وقالت الشمري ان مسألة الخجل الاجتماعي قلّت عما كانت عليه في السابق ولكن هناك بعض الاسر يتحاشون هذا النوع من الزواج لنظرتهم الاستعلائية وهذا ما نبذه ديننا الحنيف، مضيفة انه حصل ذات مرة موقفا من احدى الاسر الكويتية وهو ان شاباً سليماً تقدم لفتاة سليمة ولكن شقيقته مصابة بالاعاقة الحركية وما كان من الأب الا طمس هوية الثانية وكأنها ليست على قيد الحياة عندما قال ان لديه السليمة فقط وحبس الثانية في السرداب فأين العدالة وخوف الله؟.
اكد رئيس جمعية مقومات حقوق الانسان الدكتور عادل الدمخي ان هناك صعوبة في الزواج بالنسبة لذوي الاعاقة الذهنية الشديدة وذلك بحسب آراء الخبراء والمتخصصين في هذا المجال ورأى ان يكون البديل لهم برامج متكاملة تساعد على تفريغ طاقتهم، يقوم بوضعها أهل اختصاص من عدة مجالات وبالنسبة لباقي الاعاقات او الاعاقة الذهنية الخفيفة، قال: أتصور انه لا توجد مشكلة في زواجهم سواء كانت الاعاقة بصرية أو سمعية أو حركية فنحن نشاهد حالات زواج طبيعية والحمد لله سواء من بعضهم أو خارج شريحتهم.
اختيار شريك الحياة
وعن الخجل الاجتماعي في قبول هذا الزواج قال الدمخي: الخجل الاجتماعي يلعب دورا كبيرا، وفي واقع الامر يحتاج المجتع لتوعية كافية بحق ذوي الاعاقة وكيفية اختيار شريك الحياة من المجتمع طالما هناك امكانية الايجاب وقبول من الطرفين، ووجود الاعاقة من عدمها يجب الا يكون حجر عثرة في طريق هذا الزواج مادامت الاعاقة تسمح بالقدر الكافي لمواصلة الحياة.
تأثيرات ايجابية وأخرى سلبية
وحول المخاوف التي تكمن وراء زواج المعاقين قال: في الحقيقة التخوف من انتقال الأمراض الوراثية حق مشروع لكل انسان، ولكن بحمد الله ومع تقدم العلم والطب وبوجود الفحص الوراثي قبل الزواج وفحص الجنين المبكر يعتبر ذلك اجراء احترازيا لو التزم به الجميع لوفرنا على أنفسنا معاناة محتملة سواء في زواج المعاقين او الاصحاء.
وبسؤاله: هل ترون ان هذا النوع من الزاوج قد يؤثر ايجابا ام سلبا في مجتمعنا اجاب: اذا كان الزواج وفق الرؤية التي ذكرناها فاننا نعتقد بأنه سيؤثر ايجابيا، فالمعاق انسان قبل كل شيء وله حاجات انسانية يجب توفيرها له، ومتى توافرت له هذه الحاجات سينعكس ذلك على نفسيته وعلى بيئته وبالتالي على مجتمعه بشكل ايجابي.
تعزيز الألفة والتكافل
وتابع: كذلك فان زواج ذوي الاعاقة من غيرهم يساعد في دمج ذوي الاعاقة في المجتمع كجزء لا يتجزأ من مجتمعنا الانساني، وبالتالي يتعايش الجميع بكل محبة وسلام وتعاون، فحينما يعتاد أفراد المجتمع على رؤية ذوي الاعاقة في كافة المناشط والملتقيات الاجتماعية والعلمية والسياسية والاقتصادية ويسيرون جنبا الى جنب مع أخوانهم غير المعاقين في المجتمع فان ذلك يعزز الألفة والتكافل واللحمة والتراحم ويؤكد ان المجتمع يحترم حقوق ذوي الاعاقة في ممارسة أدوراهم المتنوعة في المجتمع عكس تلك المجتمعات التي ربما تعزل ذوي الاعاقة اجتماعياً، فانها من الصعب ان تتقبل وجودهم وربما تسبب لهم الأذى النفسي والاجتماعي.
وللعلم الأمثلة في الحياة كثيرة على مكفوفين ومعاقين حركيا وصم تزوجوا من خارج ذوي الاعاقة وحققوا نجاحات يفتخرون بها بل ويفتخر بها مجتمعهم.. ولعل في هذا المقام تحضرنا المقولة الرائعة «تقاس حضارة الأمم بمدى احترامها لحقوق ذوي الاعاقة».
والزواج سنة الحياة وهو حق لكل إنسان، ولكن ضمن ضوابط وشروط صاغ حدودها قانون الأحوال الشخصية معتمدا على الفقه الإسلامي ولا تتعلق بمؤهلات الإنسان الجسدية، ولا فرق في ذلك بين سوي ومعاق، ما دامت الاستطاعة حاصلة والقدرة حاضرة، الا ان المعاق يصطدم بعوائق كثيرة في حياته تجعله اما طموحا يتحدى العقبة ويصل الى المبتغى، أو يائسا مهزوما مدحورا عازفا عن الزواج.
فصاحب الإعاقة إنسان يجب ان يتمتع بكامل حقوقه، ومن ابسط حقوقه على المجتمع ان تُهيأ له الظروف الملائمة والارشاد النفسي اللازمين لعيش حياة كريمة هادئة، ومن ضمن هذه الحقوق حق في بناء أسرة وحق التمتع بانجاب الأطفال.
مؤيد ومعارض
وأصبح زواج المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا الوقت من أهم القضايا التي فرضت نفسها في العصر الحديث على كافة المجتمعات ما بين مؤيد لهذا الزواج باعتباره حقاً لكل إنسان، ومعارض على خلفية احتمالية انجاب أطفال مصابين بإعاقة، وأكثر فئة تعاني من الضغوطات النفسية هو المعاق سواء كان طفلا صغيرا أو كبيرا حيث يبدو لكثير من الناس ان هذا شخص غريب فلا تكاد أنظار الناس المندهشة والمشفقة والمستهزئة تبتعد عنهم.
ويبدو الأمر أكثر صعوبة عند ما يقبل هذا الشخص على الزواج ليكون أسرة، فيلقى الرفض والأبواب المسدودة في وجهه، فهل حكم على المعاق بالاعدام وهل ذنبه أنه ولد هكذا؟ وربما يبدو الأمر أقل صعوبة أمام الرجل، أما المرأة فكونها (الحلقة الأضعف) فلا تجد من يناصرها ويأخذ بهمومها.
لماذا لا نصحح نظرتنا لزواج المعاق في مجتمعنا فهو إنسان يفكر ولديه مشاعر يحس بها اذا كانت اعاقته عيبا ونقصا في نظر البعض ونحن نعلم ان الكمال لله عز وجل فلننظر الى انفسنا اين يكمن عيبنا ونقصنا…فهم ايضا يحق لهم الحب والزواج..
لكن كما هو معلوم هناك قصور في ناحية أو أخرى من نواحي حياة ذلك الشخص، حسب ما تمليه الإعاقة التي يعاني منها، فالإعاقة العقلية تتفاوت في شدتها وقد تؤثر بشكل أو بآخر على قدرة ذلك الشخص على الكسب أولاً، ثم على بناء أسرة وتربية أطفال، كذلك هناك تخوف لدى المعاق من احتمالية انجاب أطفال مصابين بإعاقة، وللأسف الشديد لا تزال نظرة المجتمع قاصرة ازاء زواج المعاقين، مما يعرقل حلمهم في تكوين أسرة وانجاب أبناء، والاستقرار النفسي والاجتماعي، هذا الحلم غالبا ما يواجه العديد من المعوقات المادية والاجتماعية.
حلم جميل
ومما لا شك فيه أن الزواج حق طبيعي لكل إنسان أقره الشرع والقانون، وحلم جميل لكل شاب وفتاة، لكن كثيرين يرفضون الارتباط بشاب أو فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة اعتقادا بانهم عاجزون عن الاستقرار الاسري ورعاية أبنائهم، وقلة يوافقون على الزواج منهم من باب الشفقة والعطف عليهم لا غير، على الرغم من ان المعاق طموح وقادر على الانجاز والتفوق في كل المجالات، وكثير من المعاقين تزوجوا ونجحوا في تأسيس اسرة مستقرة.
الى جانب هذا يواجه المعاق متاعب جمة تعترض طريقه حينما يفكر في الزواج والاستقرار الاجتماعي والنفسي، ولعل ابرزها نظرة المجتمع السلبية تجاهه ومحاولة تهميش دوره في الحياة، وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا كل هذا؟ أليس من حق المعاق ان ينعم بحياة طبيعية ويتمتع بالحقوق التي منّ الله بها على البشرية؟
واللافت للنظر عند التمعن في هذا الموضوع نجد ان فرصة الشاب المعاق في الزواج أيسر كثيرا عن الفتاة المعاقة فان وجد الشاب الفتاة السليمة التي تقبل الارتباط به، نجد ان فرصة الفتاة المعاقة في الارتباط تكاد تكون نادرة حتى ولو كانت اعاقتها بسيطة.
والإعاقة في الزوجين اما ان تكون موجودة قبل الزواج، واما ان تحدث بعده، وفي كل هذه الأحوال فان لإعاقة أحد الزوجين آثاراً هامة في نفسية الزوجين، تنعكس على حياتهما الزوجية وتشكل تحدياً لها، اما ان تغلبه وتنتصر عليه، واما ان يغلبها فيجعلها تعيسة أو قد يقضي عليها ويعجل بنهايتها.
لا أريد زوجة تشفق علي!
نظرة المعاقين في سن الزواج تختلف حسب الذكر والأنثى، فمن الاناث من لا تجد نفسها مؤهلة للزواج، وتعتبر الإعاقة حاجزا أمام تحقيقه وتقول لنفسها الزواج أضحى معضلة كبرى في صفوف الأسوياء، فكيف الحال بالنسبة للأشخاص المعاقين، فقد أضحت نسبة العنوسة مرتفعة في مجتمعاتنا العربية، ولا يمكن ان يقبل إنسان بمعاقة الا اذا كان معاقا فهي لا تحلم يوما أنها ستتزوج، وان حصل فسيكون من معاق في حين يرى بعض الشباب المعاق ان من حقه ان يتزوج ويكون أسرة، وأنه لا فرق بينه وبين السوي، فكل إنسان خلق للقيام بوظيفة محددة.
فالنظرة السلبية التي ينظر بها الى الشخص المعاق يجب تجاوزها، واذا أراد المعاق الزواج فإنه يسعى لإنسانة لا تشفق عليه، بل يريدها مقتنعة به زوجا يستطيع تأدية حقوق وواجبات الحياة الزوجية، ولم لا فقد يتحقق التوافق الاجتماعي والعاطفي والاقتصادي.
فالمشكلة التي يمكن ان يصطدم بها في الزواج هي أسرة الفتاة، فقد يحصل التوافق بينه وبين فتاة، غير ان أهل الفتاة يرفضون، ولكن هذا لا يعني خلو المجتمع من نماذج تقدر الشخص المعاق وتختلف النظرات الى الشخص المعاق من فرد الى فرد ومن أسرة الى أسرة، غير ان الغالب هو الدونية والاشفاق البارد في أحسن الأحوال، ونادرا ما يقفز الناس فوق الحواجز الوهمية وتكريم المعاقين كما كرّم الله تعالى كل بني آدم وحملهم في البر والبحر وفضلهم على كثير مما خلق تفضيلا.
والأسر يجب ان تساهم بشكل كبير، في مساعدة المعاق لتحدي كل العراقيل التي تحول دون تحقيق حقه في الزواج لأن المعاق إنسان خلق لأداء رسالة الاستخلاف في الأرض، ولم يخلق عبثا، ولابد من نبذ عقلية التصنيف والتفرقة بين «السوي و«المعاق».
الفحص الطبي
وعلى الرغم من مخاطر زواج المعاقين من بعضهم البعض، فان هناك حالات توافق جسدي ونفسي بين طرفي العلاقة، وهذا ما يفتقده كثير من الازواج الاصحاء، اما اذا كانت حالة الإعاقة وراثية في الطرفين فاكثر الفقهاء لا يؤيدون هذا الزواج ما لم تتم عملية الفحص الطبي قبل ذلك.
واذا كان أحد الطرفين يعاني إعاقة والطرف الآخر سليما فيجب على الطرف الآخر التحمل والتضحية من اجل استمرارية الحياة الزوجية والرضا بالمكتوب والقضاء والقدر.
دور الأسرة
تلعب الأسرة دورا كبيرا في تحديد مصير الفتاة او الشاب المقبلين على الزواج من فئة المعاقين، خشية انتقال الإعاقة وتوارثها للأبناء، فبعض المعاقين ترفض اسرهم تزويجهم لمن يتقدمون اليهم.
ومن ثم التوجس من الاقتران بشخص معاق من اكثر العقبات التي تقف حجر عثرة أمام المعاقين في مرحلة الارتباط بشريك الحياة والتكوين الاسري رفض اهل اي من الطرفين تقبل واقع المعاق والزواج منه، وخاصة أنهم يتمنون الأفضل لأبنائهم، فضلا عن الخوف من عجز المعاق عن توفير المتطلبات المادية لأسرته اذا كانت الإعاقة شديدة.
ان المعاق مثله مثل غيره له مشاعر وأحاسيس وله الحق في الزواج، فهذا الحق إنساني وشرعي، وكم من معاقين تزوّجوا وأنجبوا ابناء وعاشوا حياة اسرية مستقرة.
فالإعاقة ليست بالضرورة ان تكون وراثية، بل قد يصاب بها الفرد نتيجة تعرّضه لحادث عرضي او خطأ طبي ولا احد يتحكم في اختيار مصيره.
فلابد على المجتمع من تغيير النظرة السلبية تجاه المعاق وتسخير امكاناته، وتشجيعه على الانخراط والاندماج في المجتمع الذي يعيش فيه بعيدا عن العزلة والتقوقع.
زواج المعاقين في الفقه الإسلامي
الإعاقة أنواع متفاوتة ولكن القول الجامع فيها ان كل إعاقة لا يكون العقل فيها زائلاً مثل الصمم، والبكم، وشلل اليد أو الرجل، فهذه يجوز لصاحبها الزواج، وحكمه حكم الصحيح سواء، الا أنه يشترط ان يطلع الطرف الآخر على الإعاقة ويرضى بها حتى ولو كان مصاباً بمثل تلك الإعاقة، فان اصابته بإعاقة مماثلة لا تكفي عن أخذ رأيه في الزواج من معاق.
أما المتخلف عقلياً وصاحب الإعاقة التي تزيل العقل، فالمصاب بها حكمه حكم المجنون، والمجنون يجوز له الزواج، لكن يشترط في زواجه مع شروط الزواج المعلومة شروط أخرى هي:
– اطلاع الطرف الآخر على حاله ومعرفته بوضعه تماماً فان عدم اطلاعه غش له وخيانة محرمة.
– ألا يكون الطرف الآخر مجنوناً ولا زائل العقل، بل يتزوج المتخلف عقلياً امرأة سليمة العقل، وتتزوج المتخلفة عقلياً برجل سليم العقل وسبب ذلك ان اجتماع زائلي العقل لا يحقق أي مصلحة، وهو مع ذلك سبب لضرر بينهما كما هو ظاهر.
– أن يكون سقيم العقل منهما مأموناً، أما الذي يتصف بالعدوانية بالضرب أو الافساد فلا يجوز له الزواج لأن زواجه سبب لحصول الضرر والضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية.
– وآخر الشروط ان يرضى أولياء المرأة بهذا الزواج.
مسموح وممنوع!
يعتمد زواج المعاق على:
-1 نوع الاعاقة ودرجتها.
2- الاصابة العضوية وكيفية حدوثها.
3- النتائج التي أحدثتها الاعاقة للشخص.
ويسمح بالزواج في الحالات التالية:
-1 الاعاقة السمعية.
-2 الاعاقة البصرية.
-3 الاعاقة النطقية.
-4 الاعاقة الحركية (يد، رجل، عضو آخر) غير الشلل الذي يؤثر في المنطقة التناسلية.
-5 المنغولية (داون سندروم).
-6 الاعاقة العقلية بدرجة بسيطة.
-7 الاعاقة الانفعالية (إلا في الحالات الشديدة) التي تحتاج الى معالجة نفسية لمدة طويلة في المستشفى.
حالات لا ينصح بزواجها:
-1 الاعاقة العقلية.
-2 الشلل النصفي مع اصابة المنطقة التناسلية.
-3 تشوهات خلقية (المنغولية) من الذكور منهم.
المعاقون في قانون الأحوال الشخصية
حددت المواد 24، 25 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي رقم 51 لسنة 1984 الشروط الواجب توافرها من ناحية الأهلية في الزواج فأعطى لكل انسان الحق في الزواج بقصد تكوين أسرة، وانجاب أبناء، وفي هذا المجال اشترط القانون شرطاً بأن يكون طرفا عقد الزواج عاقلين، وهنا لابد من الاشارة الى ان المعاق بصرياً أو سمعياً أو حركياً يستوي حكمه مع العاديين اذا كانت ظروف الاعاقة وطبيعتها تسمح بالزواج، واذا انطبقت عليه شروط المادة 24 من قانون الأحوال الشخصية، أهمها ان يكون عاقلاً، حتى ان الفقرة الثانية من المادة 24 أعطت للقاضي ان يأذن بزواج المجنون أو المعتوه ذكرا كان أو أنثى اذا ثبت بتقرير طبي ان زواجه يفيد في شفائه ورضي الطرف الآخر بحالته وأوردت الفقرة (ج) من المادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية الكويتي حالة ان يكون احد الزوجين أو كليهما عاجزا، وأوضحت انه اذا كان احد العاقدين عاجزا عن النطق يصح ايجابه وقبوله بكتابته فان تعثرت فباشاراته المفهمة ويشمل التعذر ما اذا كان الموجب أو القابل لا يكتب أصلا أو كان يكتب ولكنه عجز عن الكتابة لشلل أو نحوه.
[/B]