[B]لدى دخولك أقسام الشرطة والمراكز التجارية، تطالع كرسياً للمعاقين، وعندما تهم بصف سيارتك في أماكن الانتظار تجد موضعاً مخصصاً لهم أيضاً، يسمح لهم بركن سياراتهم بعيداً عن المعاناة التي قد يجدها غيرهم، كذلك الحال في المطارات والمنشآت العامة الموجودة في الدولة والتي أقيمت على أحدث الطرز المعمارية، وبلدية أبوظبي التي تحرص دائماً على تقديم أفضل الخدمات لكل الأفراد المقيمين في الدولة بمن فيهم المعاقون.
يقول عباس الشميلي (43 سنة) إن المعاقين من الفئات المهمة في المجتمع وينبغي الأخذ بيدهم ليصبحوا أشخاصاً فاعلين وقادرين على العطاء والبذل للوطن مثل أي شخص آخر، وهو ما تقوم به الدولة بالفعل عبر مؤسساتها العامة والخاصة، حيث نجد أن الجميع يحرصون على توفير أفضل سبل الحياة للمعاقين، ويسعون إلى خلق أجواء مريحة لهم سواء عند قضاء أعمالهم الخارجية في المجتمع أو حتى في حياتهم الخاصة، ولعل من أبرز ما يدل على ذلك، ما تضمنته مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة الأخيرة والخاصة بمنح أكثر من أربعة آلاف مسكن لأهل الإمارات ضمن مشروع «من سموه إلى أهله» حيث تضمنت هذه الفيلات مداخل خاصة بالمعاقين تسمح لهم باستخدام مقاعدهم الخاصة في الدخول والخروج من الفيلات.
ويأتي هذا الاهتمام ضمن صور عديدة من الاهتمام بهذه الفئة، والتي نلمسها في كافة المرافق العامة مثل المراكز التجارية والمستشفيات، وغيرها من المواقع التي لا غني لأي فرد يقيم على أرض الدولة من الذهاب إليها.
تسوق وترفيه
من جهته نزار أسعد (38 سنة)، صاحب عمل خاص، أشاد بالقدر الكبير من الاهتمام بالمعاقين الذي يلمسه في أي مكان يتوجه إليه بدءاًً من المسجد، وانتهاء بأماكن التسوق والترفيه، حيث نجد كل المساجد مزودة بأماكن مخصصة لدخول المعاقين.
وكذلك مواقف السيارات الخاصة بالمعاقين والمنتشرة في كل مكان داخل الدولة، وأيضاً وجود معظم الخدمات العامة في الطوابق الأرضية، وهي جميعاً أمور تؤدي إلى تيسير حياتهم، وتشجعهم على قضاء مصالحهم بأنفسهم دون الاعتماد على أي شخص.
وأشار أسعد إلى أن دفعهم إلى سلوك الاعتماد على الذات عبر تهيأة كافة المنشآت والمرافق لهم، يساعد إلى حد كبير في جعلهم أشخاصاً منتجين قادرين على إفادة المجتمع بنفس القدر الذي يستفيدون فيه منه، إن لم يكن أكثر.
راحة كاملة
ومن المعاقين تحدثت نسرين عبود (27 سنة) من فوق مقعدها المتحرك والتي كانت تتجول داخل أحد المراكز التجارية بصحبة والدتها وشقيقتها، ولكن دون الاعتماد على أي منهما حيث كانت تقود مقعدها المتحرك بنفسها عن طريق بعض الإضافات الموجودة به. قالت عبود، إنها بالفعل تخرج إلى كثير من الأماكن العامة ولا تشعر بأي قدر من المعاناة، لأنها جميعا مهيأة بشكل كامل لراحة المعاقين سواء من حيث توافر المصاعد كبيرة الحجم والتي يمكن أن تدخل فيها مقعدها المتحرك بسهولة ويسر، أو من حيث الممرات الناعمة التي جهزت بأفضل أنواع السيراميك والرخام، ما يجعل التحرك عليها سهلا تماماً وكأنها تتحرك داخل المنزل.
أما والدتها إيمان عبدالجواد والتي تنتمي إلى إحدى الجنسيات العربية، فقد أشادت بدورها بالاهتمام الكبير الذي يجده المعاقون داخل دولة الإمارات والذي لا يفرق بين مواطن ومقيم، وأشارت إلى أنها لا تجد مثل هذا الاهتمام ولا المرافق المجهزة للتعامل مع المعاقين داخل بلدها الأصلي. وبينت أن وجود مثل هذه المنشآت يخفف كثيراً من المشكلات التي يعانيها المعاقون وأولياء أمورهم، عند الحاجة لقضاء مصالح خاصة بهم، أو حتى مرافقتهم لأماكن الترفيه والتسوق، للتغلب على الملل الذي يصيب الكثيرين منهم من طوال فترة الجلوس داخل المنزل، حيث إن الفترات التي يقضيها المعاقون خارج البيت تعتبر من أجمل أوقات حياته، وذلك يدركه فقط المحيطون به، والذين يشعرون بكم كبير من السعادة والبهجة يتملكان المعاق عندما يخرج من بيته ويصبح قادراً على مخالطة الآخرين بسهولة ويسر، وهذا بطبيعة الحال لن يتسنى إلا في حالة توافر استعدادات هندسية ومعمارية خاصة، تجعل من خروجه من المنزل، بمثابة رحلة جميلة خالية من الصعوبات والمشاكل.
حياة طبيعية
في ذات السياق أوضح محمد نوّار (34 سنة) وهو من المعاقين، ومصاب بشلل أطفال في إحدى قدميه، أنه على الرغم من أن حالته الصحية لا تستدعي طلب مساعدة الآخرين كونه يستطيع التحرك بحرية اعتماداً على نفسه، إلا أنه أحياناً يشعر بالتعب وبأنه غير قادر على التحرك بنفس القدر من القوة والحرية، ولذلك فإن وجود إعدادات خاصة في كافة المنشآت العامة لتيسير انتقال المعاقين يساهم في حل جزء كبير من مشكلاتهم في الانتقال والحركة، وبالتالي يجعلهم يشعرون بأن حالتهم الصحية لا تعوقهم من العيش بشكل طبيعي مثل الآخرين.
وأثنى نوّار على تخصيص أماكن خاصة بالمعاقين في مواقف السيارات، باعتبار السيارة بالنسبه له بمثابة قدم يسير عليها، ومن ثم فإن حصوله على مكان لإيقاف سيارته في أي مكان يساهم بشكل رئيسي في قيامه بكافة أعماله ومصالحه دون خوف من حدوث إرهاق أو شد عصبي نتيجة جهد زائد قد يتعرض له.
زيادة الثقة
عايدة المنصوري (29 سنة) وتعمل موظفة حكومية، ذكرت أن تعاملات الحياة الخارجية يجد فيها الفرد مصاعب عديدة خاصة مع الازدحام المتزايد الذي أصبحت تشهده أبوظبي، في كل مكان سواء في الطرق أو مواقف السيارات، وغيرها من المرافق والمنشآت، ولذلك فإن الاهتمام بالمعاقين ومراعاة حالتهم الصحية عند تصميم المباني المختلفة، تيسر سبل تعاملهم مع المجتمع الخارجي ضمن توجه عام في الدولة، وهذا يعد من أفضل الأساليب التي يتم التعامل بها معهم، لأن تذليل مثل هذه المشكلات لهم، يشجعهم أكثر على الاندماج مع المجتمع والتداخل معه عبر أنواع عديدة من العلاقات، سواء الالتحاق بأعمال تتناسب وقدراتهم الصحية، أو حتى خروجهم لقضاء مصالحهم بنفسهم دون الاعتماد على الغير.
وعندما يتم لهم هذا تزداد ثقتهم في قدراتهم، وبأنهم قادرون على إنجاز أي أعمال شأن باقي أفراد المجتمع، وذلك يجعل منهم أشخاصاً إيجابيين ولهم القدرة على البذل والعطاء لمجتمعهم، الذي وفر لهم كافة سبل التمكين والمشاركة.
ولفتت المنصوري إلى أن الاهتمام بالمعاقين، والعمل على تلبية متطلباتهم، يعد شيئاً طبيعياً بالنسبة لأولي الأمر في الدولة الذين يبذلون الوقت والجهد من أجل توفير العيش الكريم لكل من يعيش على أرض الإمارات، بغض النظر عن ظروفه الصحية والمادية، وهذا الاهتمام بالإنسان من أهم الأسباب التي منحت دولة الإمارات مكانة عالية بين الدول، وجعلتها مقصداً للكثيرين الذين يريدون العيش فيها، حتى من سكان الدول الغربية والعالم المتقدم.
بشكل مجاني
يقول فيصل العرشي نائب مدير جمعية أبوظبي التعاونية، إن إدارة الجمعية تعمل على توفير كل سبل الراحة للمعاقين، والتي تبدأ منذ لحظة وصولهم حيث يتوافر مقعد متحرك ومرافق خاصة بهم، لمن يطلب ذلك من منهم، ويقوم المرافق بمصاحبة المعاق طيلة جولة التسوق وحتى ينتهى منها، ويكون ذلك بشكل مجاني ودون أي رسوم. فضلاً عن ذلك فإن كافة مداخل ومخارج الجمعية مزودة بمصاعد وسلالم متحركة تيسر انتقال المعاقين بين الأدوار المختلفة. كما أن طريقة عرض المنتجات والمساحات البينية بين الأرفف تتيح للمعاقين فرص مطالعة البضائع بشكل جيد، وتجعل من عملية التسوق متعة، وليس فقط مجرد الحصول على منتجات.
وأكد على أن الاهتمام بالمعاقين يأتي ضمن الاهتمام العام الذي توليه إدارة الجمعية لكافة الأفراد من المترددين عليها على مدار ساعات العمل، التي تمتد إلى 24 ساعة في بعض الأفرع الموجودة داخل إمارة أبوظبي.
تسهيلات وسائل النقل للمعاقين في أبوظبي
◆ بحسب الموقع الرسمي لإمارة أبوظبي. توفر الإمارة للمعاقين خيارات عديدة تضمن لهم أكبر قدر من السهولة واليسر في تنقلاتهم في جميع أنحاء الإمارة، إذ تقدم وسائل النقل العامة المختلفة خدماتها لأفراد هذه الفئة مجاناً أو بأسعار رمزية ومدعومة. كما أخذت المرافق العامة تراعي احتياجات هذه الفئة بصورة متزايدة حيث أصبحت مواقف السيارات وأرصفة الشوارع والممرات وجسور وأنفاق عبور المشاة ومداخل المباني وغيرها أكثر تلاؤما مع احتياجاتهم في سهولة التنقل.
◆ خصم 50 بالمئة على تعرفة سيارات الأجرة للمواطنين من المعاقين
◆ يصدر مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي «ترانساد» بطاقات خصم إلكترونية لمواطني دولة الإمارات من المعاقين حيث يحصلون على خصم بنسبة 50 بالمئة على تعرفة سيارات الأجرة. وتقتصر هذه الخدمة على مواطني دولة الإمارات ممن يحصلون على الضمان الاجتماعي من وزارة الشؤون الاجتماعية، وتغطي حكومة أبوظبي قيمة الخصومات المالية.
◆ بطاقة أجرة مجانية، حيث تمنح دائرة النقل في أبوظبي للأفراد المعاقين بطاقات أجرة المجانية تسمح لهم بالتنقل المجاني مدى الحياة على متن جميع حافلات المواصلات العامة في جزيرة أبوظبي.
ويمكن للأفراد من المعاقين ممن يرغبون في الحصول على هذه البطاقة التسجيل عبر الموقع الإلكتروني لبطاقات أجرة.
◆ توفر القيادة العامة لشرطة أبوظبي للمعاقين تصاريح خاصة للوقوف في مواقف مخصصة لهم ضمن المواقف العامة. كما يُعفى حاملو تصاريح المعاقين من سداد رسوم المواقف المدفوعة ضمن نظام «مواقف».
◆ يؤدي الوقوف غير القانوني في المواقف المخصصة لمركبات المعاقين إلى تحصيل غرامة قدرها 1000 درهم.[/B]