0 تعليق
1326 المشاهدات

صمّ بكم وبارعون في حفظ القرآن



[B]
يعتبر ذوو الإعاقات السمعية جزء لا يتجزأ من المجتمع، ورغم ذلك، فإنهم أكثر فئات الإعاقة ظلما وانعزالا بسبب إعاقاتهم التي تقف حائلا أمام التواصل والتفاهم مع الآخرين، ورغم أنهم فقدوا بعض القدرات الجسمانية، إلا أنهم يتمتعون بقدرات عقلية وروحية.
«واللبيب بالإشارة يفهم» فهذا هو حالهم، فهم لا يتكلمون ولا يسمعون، ولكنهم يتعلمون القرآن الكريم في الصدر، ويحفظونه عن ظهر قلب من خلال لغتهم الأم، وهي لغة «الإشارة» التي تعد جسر التواصل بينهم وبين الآخرين.
«القبس» التقت بعدد من الصم الموهوبين، وسلطت الضوء على معاناتهم وقدراتهم في حفظ القرآن، وكان مترجم الإشارة حلقة الوصل بيننا، وبين هؤلاء الأشخاص الموهوبين المتميزين.
وطالب الصم والبكم جهات الدولة بدعمهم والعمل على تسليط الضوء على مواهبهم الدفينة، وتشجيع المتميزين منهم ليواصلوا مشوار التفوق بلا معوقات. وطالبوا الحكومة بتخصيص مدرسة أو تجمع تعليمي أكاديمي للصم أسوة بغيرهم من الأسوياء.
وقالت حصة أحمد (ولية أمر) تعاني ابنتها من إعاقة سمعية وبصرية إن من حق الصم أن تكون لهم لغة إشارة عربية فصحى واحدة وموحدة على أسس وقواعد، لتمكنهم من اكتساب المهارات، مشيرة إلى أهمية لغة الإشارة، والتي اعتبرها لغة الحب والتواصل.
ولفتت إلى ضرورة اقتحام العالم المجهول للصم والبكم، مبينة أن التقرب من هذه الفئة شعور جميل، ولكن الأجمل من ذلك، والأهم هو التقرب إليهم من خلال بوابة القرآن، وفيما يلي التفاصيل:

داليا وزوجها عمر من فئات الصم:
الإعاقة زادتنا إرادة والقرآن أمدّنا بالصبر

داليا وعمر زوجان سعيدان وهما من فئات الصم ولديهما اربعة ابناء، أكدا ان الإعاقة زادتهما إرادة وعزيمة والقرآن منحهما الصبر والتحمل، وقد تزوجا عن حب وتفاهم.
بلغة الإشارة، قالت داليا محمد حسين (من فئة الصم) ان إعاقتها لاتعيق تواصلها مع أفراد أسرتها ومع أبنائها الذين حرصت على تعليمهم إياها منذ الصغر، معتبرة أن لغة الإشارة هي وسيلة التواصل مع الآخرين.
ونفت وجود أي عوائق أو مشاكل تواجهها، لاسيما أنها تستطيع أن تتكلم إلى حد ما، كما أن زوجها يعاني الإعاقة نفسها فالتفاهم والتواصل فيما بينهما أمر يسير.
وسردت حسين قصتها مع إعاقتها قائلة، لن أنسى ذاك اليوم حيث كنت حينذاك مثل أي فتاة طبيعية تلهو وتمرح مع مثيلاتها في العمر، لا تعرف طريق المسؤولية وعندما بلغت سن الثانية عشرة، تعرضت للحمى (ارتفاع في درجة الحرارة) وبدأت حاسة السمع تقل شيئا فشيئا إلى أن تلاشت نهائياً.
واستطردت بالقول: كان الأمر بالنسبة لي بمنزلة الصدمة، حيث تأثرت بما حدث لي في البداية خاصة أنه حادث مفاجئ من دون أي مقدمات وتغيرت حياتي تماما، لكن سرعان ما تجاوزت هذه المحنة بالصبر والإيمان بالقضاء والقدر، وبدأت أتعايش مع إعاقتي تدريجياً بصدر رحب.
وأشارت داليا إلى أن فقدانها السمع والنطق لم يقف حائلاً أمام حفظ كتاب الله، فاستطاعت خلال فترة وجيزة لم تتعد الشهر الواحد أن تحفظ جزءاً كاملاً بمجهودها الذاتي إلى جانب ذلك تهوى الخياطة والطبخ.
وأضافت: لقد أعانني القرآن على الصبر وقوة الإرادة.
أما زوجها عمر عباس، فيعاني إعاقة في السمع والنطق، وهو خبير في لغة الإشارة، ورغم أنه فقد حاستي السمع والنطق منذ طفولته، فان الله منّ عليه بنعمة مميزة وهي ابتكار إشارات جديدة لكلمات ليس لها إشارات.
وعدد عباس، الذي يعمل سكرتيرا عاما في الجمعية الأهلية للصم، هواياته منها حفظ القرآن حيث انه تمكن من حفظ جزءا كاملا بمفرده في فترة وجيزة لم تتعد الشهر، إلى جانب هواية السباحة وكرة القدم، فضلاً عن الأنشطة الاجتماعية.

حفظ أجزاء من القرآن الكريم
فايز السبيتي يتواصل مع الحياة عبر اللمس

حالته كانت عنوانا للخروج عن المألوف، فعلى الرغم من أنه فاقد لأهم الحواس الثلاث السمع والبصر والنطق، فإنه عزز حاسة اللمس لديه عن طريق اعتماده على أطراف أصابعه كوسيلة للتخاطب والتفاهم مع الآخرين، قد يعزيه الكثير لفقدانه لهذه الحواس، وقد يغبطه الآخرون على نعمة الصبر وتمسكه بالله وإيمانه بالقضاء والقدر.. فايز السبيتي من ذوي الاحتياجات الخاصة ولد بإعاقتي النطق والسمع وفقد بصره بعد أن أتم عامه الثامن عشر.
وثمن السبيتي التعاون البناء بين الجهات المعنية بهذه الفئة والقائمين على رعاية هذه الفئة، وتنظيم مسابقات خاصة بهم، والتي أتاحت للصم فرصة حفظ القرآن الكريم مثل أقرانهم الأسوياء، مشيراً إلى أنه على الرغم من إعاقته التي تقف حائلاً أمام العديد من اهتماماته ومتطلباته فإنه يحرص على التقرب إلى الله وحفظ كتاب الله عن ظهر قلب من خلال وضعه على صدره، داعيا الجميع الى الحفاظ على نعمتي السمع والنطق وتسخير نعم الله بما يخدم المجتمع من خلال مساعدة الفقراء والالتزام بصلاة الجماعة في المساجد والحرص على تلاوة القرآن الكريم الذي زاد من هجروه.

نجلاء حمد: المطلوب مترجمو إشارة في المصالح الحكومية
نجلاء حمد من سلطنة عمان، وهي معلمة صوت ومترجمة وخبيرة في لغة الإشارة، تعتبر أن لغة الإشارة هي اللغة الأم بالنسبة للأصم، مشيرة إلى ضرورة إيجاد طرق تتيح للأصم التواصل مع أي شريحة في المجتمع، لا سيما أنه ينتمي إليه لذلك لا بد من التواصل معه في المجتمع والمدرسة والأسرة.
ولفتت إلى أن هناك طرقا عدة للتواصل معهم، منها حركة الشفاه، الأبجدية الإشارية، بالإضافة إلى تعابير الوجه، وفي مقدمتها لغة الإشارة التي يتواصل عن طريقها كل من الأصم والصحيح، فهم لهم مشاكل داخلية لا يعبرون عنها إلا عن طريق هذه اللغة، مشيرة إلى أهميتها في أي مجتمع يتواجد فيه الصم سواء في المركز أو الأسرة أو الجمعية التي يلتحق بها.
وطالبت بوجود مترجمي إشارة في جميع المصالح الحكومية.
واعتبرت أن اختلاف اللغة من أهم المشاكل التي تواجه الصم في بلدها نتيجة تعدد المناطق واختلاف اللهجة من بيئة لأخرى، وبالتالي يصعب التواصل معهم، ولكن الاندماج والاحتكاك يدفع إلى تعلم لغتهم وكذلك الأمر بالنسبة للمعلم الذي يفتقد لغة الإشارة.

إيمان الشامخي: لابد من التوافق مع شريك الحياة
أكدت إيمان الشامخي، وهي من فئة الصم، أن زواج الصم بعضهم ببعض خطوة إيجابية للتواصل في ما بينهم، قائلة: لم أفكر في الزواج من شخص يختلف عني في الإعاقة فالزواج الناجح من وجهة نظري هو القائم على التوافق في كل شيء، في المستوى الاجتماعي والفكري والتعليمي إلى جانب الحالة الصحية.
وأضافت أن إعاقتها فطرية نتيجة عامل الوراثة، لافتة إلى أن صعوبة الاحتكاك والاندماج مع الأشخاص الذين لا يتواصلون معها تعد من أهم العوائق التي واجهتها، مشيدة بدور الكويت الفعال في دعم الصم والبكم والاهتمام بهم، فضلاً عن توفير الرعاية اللازمة لهم على نحو متواصل.

أكثر فئات الإعاقة ظلماً
طالب عدد من ذوي الإعاقات السمعية الجهات المختصة بالاهتمام بقضاياهم ومنحهم المزيد من الرعاية، مشددين على انهم من أكثر فئات الإعاقة ظلماً وانعزالاً _ على حد قولهم_.
وطالب المعاقون سمعياً بتخصيص مبنى تعليمي لهم على غرار المعمول به في كثير من دول العالم، مشيرين الى ان الكويت تمتلك الإمكانات لكن لا توجد الخطط الكافية لرعاية المعاقين عموماً وفاقدي النطق والسمع على وجه الخصوص.
ولفتوا إلى ان الوقت قد حان لتطوير المناهج التعليمية الخاصة بالمعاقين سمعيا، فضلا عن توفير الرعاية الطبية المطلوبة، والعمل على تكريس حقوقهم في المجتمع.
واردفوا بالقول إن الكثير من المعاقين سمعيا موهوبون ومتميزون والمطلوب خطة لدعمهم ومساندتهم.

زواج ناجح لفاقدي النطق والسمع
عن فكرة زواج الصم ومدى تقبل المجتمع لهم، قال عمر عباس لم تمنعني إعاقتي من الزواج، والكثير من الناس يقبلون الزواج من ذوي الإعاقة السمعية والنطقية لأن الإعاقة هي إعاقة الفكر والأخلاق وليس الجسد، وفي البداية كانت أسرتي تشجعني على الزواج من السويات فقط خوفا من إنجاب أطفال معاقين فتقدمت للزواج من عدة فتيات سويات، إلا أن جميع التجارب باءت بالفشل، غير أنني استطعت أن أحقق حلمي وأتوج حياتي بعد ارتباطي بشريكة حياتي المناسبة لي من وجهة نظري، حيث تجمعنا صفات وإعاقة مشتركة والتي كانت من أهم عوامل التجاذب بيننا، وأنجبنا أربعة أبناء بصحة جيدة وعلمناهم لغتنا الأم وهي الإشارة.
وحول أهم الصعوبات التي تواجهه في حياته، قال عباس فكرة عدم تقبل المجتمع لإعاقتي، وخاصة عندما أتحدث بالموبايل عن طريق خدمة الفيديو من أهم المشاكل التي أواجهها، حيث يستغرب الناس من طريقتي في الحوار مع الآخرين ويسخرون منها أحيانا كثيرة.

مترجم الإشارات عمرو الجمال:
تعلم لغة الصم والبكم متعة وانفتاح على أشخاص واعين بالحياة

لغات عديدة يتعلمها ويمارسها ويتحدثها الكثير في جميع أنحاء العالم، ولكن ثمة لغة حركية تعتمد على أطراف الأصابع، وهي لغة الإشارات، والتي تستخدم للاتصال بالأشخاص الذين يفقدون قدرتهم على السمع (الصم)، وهذه اللغة تستخدم أيضا في جميع بلدان العالم، وإن كان يوجد بعض الاختلافات من بلد إلى آخر، وتعمل على إزالة أي عوائق خاصة بالتحاور، وهي لغة ممتعة لكل من الشخص المصاب والشخص السليم، وهذا ما أكده عدد من خبراء ومترجمي الإشارة في عدد من الدول.
يقول مترجم الإشارة من جمهورية مصر العربية عمرو الجمال إن لغة الإشارة ممكن أن يتعلمها أي شخص بدءاً من سن السابعة إلى ما فوق بشرط أن يكون الراغب في تعلمها متقبلها ويكون لديه هدف إنساني ألا وهو خدمة المجتمع.
وتحدث عن كيفية تعلمه لهذه اللغة، فقال: في البداية لم أعرف أي شيء عن الصم وكان نشاطي البدائي يقتصر على المكفوفين وبالتدريج حاولت الاندماج مع هذه الفئة من خلال الرحلات والاحتكاك بهم في أنشطتهم حتى لمست معاناتهم، وبدأت أتلقى دروسا ودورات تدريبية من أجل أن أتعلم لغتهم وأتواصل معهم عن قرب، وعندما انتهت هذه الدورات حرصت على مواصلة هذه المسيرة بنفسي.
وفي تعليقه على أبرز الصعوبات التي تواجه هذه الفئة، أوضح الجمال أن اختلاف اللغة من مكان إلى آخر إلى حد ما قد يمثل عائقا عند البعض، مشيرا إلى أنه في الجانب العلمي توجد كلمات ليس لها إشارات ويمكن تخطيها وتعلمها عن طريق الصم أنفسهم فهم المرجع الأساسي لنا في ترجمة لغة الإشارة.
وأضاف أن دورات تعليم هذه اللغة قد تستغرق شهرا أو ثلاثة أشهر أو أكثر حسب قدرات الشخص.[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3777 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4154 0
خالد العرافة
2017/07/05 4694 0