0 تعليق
966 المشاهدات

فارس الخليفي مبدع نال التكريم الملكي



[B]خصَّ الله – سبحانه وتعالى – بعض البشر بمواهب تميزهم عن غيرهم جعلتهم يبدعون في مجال من المجالات، فعلى مر التاريخ أبدع العباقرة – على مختلف أعمارهم – في شتى مجالات الحياة سواء العلمية أو العسكرية أو الفنية…
ونبغ عباقرة – لم يبلغوا سن العشرين – وبرعوا في تقديم خدمات جليلة للبشرية واختراعات مميزة كان لكثير منها دور كبير في تغيير مسار الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية. لكن ماذا عن حياة عباقرة تحت العشرين وكيف تربوا، وكيف عاشوا، وكيف بزغت مواهبهم، وكيف تحدوا الصعاب وتغلبوا عليها؟
«الراي» تغوص – من خلال هذه السلسلة – في بحار العباقرة الصغار لتسليط الضوء على ابتكارات هؤلاء واختراعاتهم المميزة التي أفادت ولاتزال تفيد البشرية إلى يومنا هذا منذ أن كانت مجرد فكرة في أذهانهم إلى أن خرجت إلى النور ومراحل تطورها. لكن هذه الحلقات ليس الغرض منها التسلية والترفيه في نهار شهر الصيام، لكنها دروس بليغة، نتعلم منها كيف نكتشف الموهبة ونرعاها ونقدم هذه النماذج المشرفة لأبنائنا الصغار كى يستفيدوا منها ويتخذوا من هؤلاء العباقرة قدوة لهم… وحلقة اليوم تحكي عن المخترع السعودي الشاب فارس الخليفي:
رغم سنوات عمره التي لا تزيد على 17 عاما، إلا أن الشاب السعودي «فارس الخليفي» حقق شهرة واسعة ليس فقط في المنطقة العربية بل على المستوى العالمي أيضا، فقد استطاع بفضل عبقريته أن يتوصل إلى عدة اختراعات، أشهرها ساعة تعليمية وجهاز هاتف يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة فكان فخرا لبلاده… كما برزت لديه موهبة الكتابة فألف كتابين قبل أن يتم عامه الثالث عشر.

طفل مشاكس
كما هو حال كل العباقرة في كل مكان وزمان… ظهرت على الطفل فارس الخليفي علامات النبوغ منذ نعومة أظافره… وحسب والدته – في حوار صحافي – كان الصغير عصبي المزاج دائم البكاء على عكس أشقائه، وعندما بلغ الثالثة من عمره تولدت لديه رغبة قوية في القراءة، فكان يلهو ويلعب بالكتب ويفحص صفحاتها بكل عناية وكأنه يقرأها… ثم تعلم القراءة والكتابة في سن مبكرة جدا، فأقبل على قراءة القصص والروايات التي تحمل بين طياتها معاني تربوية… إلى جانب عشقه لكل ما هو إلكتروني واعتاد تفكيك لعبه وتركيب أجزائها في بعضها البعض لينتج شيئا جديدا… أدركت والدته أن هذا الطفل سيكون له شأن في المستقبل فاهتمت به وبتعليمه وحرصت على تنمية مهاراته المختلفة… وعندما بلغ الطفل سن المدرسة سارعت والدته بإلحاقه بمدرسة حكومية واعتقدت أنه سيلقى كل عناية وتقدير من قبل معلميه لموهبته، وأنهم سيعملون على تنميتها ورعايتها.
لكن ما حدث هو العكس… فقد أهملت المدرسة التلميذ النابغة وكادت أن تتسبب في تدميره… وحول هذا الموقف يقول فارس نفسه – حسب ما نقلته عنه وسائل إعلام ومواقع إلكترونية: «في المدرسة جاهدت كثيرا لإبراز موهبتي ـ التي كنت مؤمنا بها ـ أمام معلمي، الذين للأسف تلقيت منهم إجابة تدعو للإحباط أكثر منها لرفع الهمة.
ومازلت أذكر كلام إدارة مدرستي عند عرض أفكار اختراعاتي عليهم حينما يردون قائلين: «افلح في دراستك أولا، ثم فكر في اختراعاتك».لم يشاركني أحد همومي وأحزاني جراء ذلك الإحباط، سوى أمي التي كانت مؤمنة بموهبتي، وعملت على رعايتها وتنميتها في حدود قدراتها البسيطة والمتواضعة». وعندما شعر الطفل الصغير أن موهبته سوف تضيع سدى في هذه المدرسة، راح يلح على والدته حتى تنقله إلى مدرسة أخرى، وهو ما حدث بالفعل ونقل إلى مدرسة حكومية أخرى، والتي لم تختلف كثيرا عن المدرسة السابقة.
هنا تدخلت والدة فارس وتواصلت مع قسم الموهوبين في الادارة التعليمية وتحدثت مع المسؤولين فيه عن قدرات طفلها الذهنية وما لديه من أفكار تحتاج إلى رعاية وتنمية… تفهم مدير القسم الأمر وأرسل لجنة إلى المدرسة التي يتعلم فيها فارس لاختبار ذكائه واستطاع أن يجتاز الامتحان في سهولة، بعد ذلك حظي بعضوية مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين.

بداية المشوار
فور نشر خبر حصول فارس على عضوية هذه المؤسسة المرموقة انهالت عليه العروض من قِبل المدارس الخاصة، لمنحه مقعدا مجانيا لاستكمال مشواره التعليمي، وحسب المواقع الإلكترونية المتخصصة رفض فارس في البداية تلك العروض، إلا أنه قبل أخيرا بعرض مدارس المملكة، وفيها وجد العبقري الصغير الرعاية والاهتمام اللازمين للتنفيس عن مواهبه وإظهار ملكة الاختراع لديه، وعن ذلك تحدث فارس قائلا: «في مدارس المملكة شعرت بالفارق الكبير من حيث الاهتمام والرعاية، وتفهم احتياجاتي، وقد عرضت فكرة اختراعي على مدير المرحلة الابتدائية بمدارس المملكة، وكنت لحظتها متخوفا من أنه لن يبالي بالفكرة، لكن على العكس، شعرت منه باهتمام بالغ».
بعد ذلك بدأ في تنفيذ اختراعه الأول وهو عبارة عن هاتف خاص بذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ييسر لهم إجراء المكالمات والرد عليها. والهاتف المبتكر له العديد من المميزات تجعل من استخدامه أمرا يسيرا للغاية، حيث توجد به أزرار عدة بأشكال وألوان مختلفة ليسهل التمييز بينها، كما انه مزود بجهاز ناطق يقدم معلومات عن المتصل.
ويمكن للمتحدث بواسطة هذا الجهاز، خصوصا المعوقين جسديا، التحدث عن بُعد بأن ينادي باسم الشخص وعلى الفور يقوم الهاتف بترجمة الصوت وإيصال الأمر إلى دائرة إلكترونية تقوم بدورها بالبحث عن اسم الشخص ورقم هاتفه والاتصال به آليا.
وللجهاز ساعة ناطقة عند ضغط زر السماعة تنطق بالوقت ومنبه للوقت وعند استقبال اتصال ينطق الجهاز باسم الشخص المتصل، إن كان مخزنا بذاكرته التي تتسع لـ «15» اسما، أما إذا لم يكن مخزنا فهو ينطق بالرقم فقط تسهيلا للرد السريع ومعرفة من يتصل. وعن بداية الفكرة قال فارس «إن فكرة اختراعه بدأت بعد زيارته جمعية للأطفال المعاقين لعمل تغطية صحافية لتلك الجمعية، فتأثر بحالة الإعاقة التي يعاني منها عدد من الأطفال بالجمعية، فرأى لزاما عليه خدمتهم».

تكريم ملكي
بعد أن اكتمل الاختراع المميز تلقى العبقري الصغير فارس الخليفي دعوة من مؤسسة الملك عبدالعزير لرعاية الموهوبين للمشاركة في الملتقى الثالث للمخترعين السعوديين الذي أقيم في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة بمشاركة مخترعين من جميع الدول العربية، وحصل اختراعه على المركز الثالث من بين «55» اختراعا مشاركا ما أهله للحصول على لقب أصغر مخترع سعودي من قبل اتحاد جمعيات المخترعين في العاصمة السويسرية جنيف، ومنحته شهادة تقدير أشادت فيها بعبقريته واختراعه المميز.وأرسل له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطاب تهنئة قال فيه مخاطبا العبقري الصغير: «قد لا تعلم يا صغيري مقدار سعادتي بما أنجزته من اختراع لهاتف لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة لا سيما وأنت في سن مبكرة تعلن عن كفاءة علمية نادرة في المستقبل بإذن الله…». ولم يكن هذا الخطاب هو خطاب الشكر والتقدير الوحيد الذي تلقاه فارس، فقد تلقى خطابا آخر من ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
وقال العبقري فارس الخليفي في لقاء مع الإعلامي السعودي عمرو الضبعان… إن اختراعاته لم تتوقف عند اختراع الهاتف الخاص بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بل توصل إلى «5» اختراعات أخرى مميزة هي: ساعة يدوية تعليمية للأطفال والمعاقين والأسوياء… وهي ساعة نظرية وإلكترونية في سوار واحد، كما أنها ناطقة للأذان والأدعية المشروعة بعد الأذان، ووسادة منبه ناطقة للأذكار، وخزان ترشيد المياه، وجهاز ناطق ومترجم للأوراق التي توضع في داخله، وجهاز طامس ومعالج للأوراق التي توضع فيه.
وأضاف إنه يتمنى أن يكون طبيبا عسكريا، موضحا أن الطبيب يخدم المجتمع المحيط به والعسكري يخدم وطنه الذي ولد ونشأ على أرضه، كما يتمنى مواصلة المشوار الذي بدأه في مجال الابتكارات والاختراعات.

موهبة في الكتابة
لم تقتصر موهبة الفتى الصغير على الاختراعات الإلكترونية فحسب، بل برزت لديه موهبة التأليف والكتابة، ونظرا للمعوقات والصعوبات التي واجهها في بداية مشواره مع المدرسين في الذين لم يقدروا موهبته في المدارس الحكومية، عمد إلى تأليف كتاب يشرح فيه هذه التجربة القاسية ووضع له عنوانا «ماذا يريد معلمي وماذا أريد؟»… وهو كتاب من القطع الصغير ومن خلاله حاول فارس توضيح أفكاره وتطلعاته هو وزملاؤه الطلاب ليتفهم المعلمون احتياجات الموهوبين منهم ورغباتهم وأهمية توفير الرعاية والاهتمام بهم.
ولم يكن هذا الكتاب هو الوحيد الذي برزت من خلاله موهبة فارس في الكتابة، فقد أصدر -حسب المواقع الإلكترونية- وبجهد ذاتي وهو في الصف الرابع مجلة «فارس» التي حملت بين صفحاتها أفكارا تربوية وتعليمات للنبوغ وبعض النصائح من التربويين، وهي خاصة لمن هم في مثل سنه يوفر فيها المعلومات الثقافية والتعليمية والعلمية للطلاب الصغار، وكان يصدرها في البداية مرة كل ستة أشهر، ثم بدأت تصدر مرة في العام حتى تكون ثرية ومليئة بالمعلومات المهمة، وكانت توزع مجانا على الطلاب في المدارس حتى تتحقق الفائدة للجميع.
وتحمّل والد فارس جميع نفقات طباعتها وإصدارها، حيث تبلغ تكلفتها ما يقارب أو يزيد على «5» آلاف ريال سعودي، وقد تلقى فارس عددا من خطابات الشكر والثناء من قبل أمراء ومسؤولين أرسلت لهم نسخ من مجلة فارس.
[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0