[B]يبقى رمضان عند كبار السن له طعمه الخاص فالعادات والتقاليد المتوارثة لدى الاجداد لها مذاقها الخاص عندما يتذكرونها ويتحسرون عليها بعدما قل بعضها واندثر بعضها الآخر لتأتي طقوس دخيلة لا تراعي حرمة هذا الشهر الفضيل، الحديث مع كبار السن له طعمه الخاص أيضاً ولذلك حرصت »الشاهد« على زيارة المجالس بالمباركية والوقوف معهم على أطلال الماضي وذكريات أول أيام رمضان واحتفالهم المستمر به حتى آخر يوم من عيد الفطر المبارك ولكن قبل 50 عاماً أو أكثر.
في البداية يقول الحاج ابراهيم القطان »70عاما« اذا صادف شهر رمضان فصل الصيف فإننا نجتمع بالقرب من البحر في جلسات مكشوفة، أما في الشتاء فالتجمعات تكون في المجالس الرمضانية بين البيوت القديمة، حيث يلعب زوار المجالس لعبتي الدامة والورق وتبدأ هذه التجمعات من بعد صلاة التراويح مباشرة، وقد كان أقصى وقت للسهر في ايامنا حتى الساعة الحادية عشرة أما بعد ذلك فلا ترى أي شخص في الشارع فالجميع يذهب للنوم الى ان يأتي المسحر ليوقظهم لتناول وجبة السحور.
وعن الأطفال في المجتمع الرمضاني يقول الحاج القطان انهم كانوا يلهون ببعض الألعاب الشعبية التراثية »التيلة والدوامة وحجر الزاهر«، أما الآن فاللعبة المفضلة لكل أحفادنا هي المفرقعات والصواريخ التي يؤذون بها المارة ويسببون أضرارا لهم ولغيرهم من الناس.
ويضيف: ومن العادات التي كانت سائدة في زماننا هي تبادل وجبات الافطار وقت العصر قبيل أذان المغرب مع الأهل والجيران، أما الآن فقد اختفت هذه العادة إلا في بعض المناطق، فعندما تهدي احد جيرانك طبقاً يتساءل ألف سؤال عن السبب وراء ذلك وكأنك تريد منه غاية«.
الأطباق الرمضانية
الحديث عن الطعام مع صاحبات الخبرة من النساء تفتح الشهية فالأطباق والأصناف الرمضانية التي تعدها نساء زمان يصعب ان تمحوها الذاكرة، فاطمة الرجيب »55 عاماً« تقضي جل نهارها في المطبخ حيث تقول » نستعد من شهر رجب حيث نقوم بتنظيف حب الهريس من الحصى والحبة الحمراء، كما كنا نقوم بتحضير بعض أنواع الطحين فقد كنا نغسل النخ ونطحنه لكي يصبح طحين كباب كما نطحن الرز لنحوله لطحين لعمل محلبية العيش، وبعد تناول وجبة الافطار ندخل ثانية للمطبخ لتحضير السحور، وكانت الوجبة الرئيسية التي نحرص على تناولها يوميا هي المحمر مع السمك المقلي.
وحول عادة تبادل الوجبات تقول: »كنا نحرص يوميا على تبادل الوجبات الرمضانية بين أهل الفريج فقد كانت سفرة كل عائلة متعددة الأطباق، تلك العادات التي لم تتركها حتى يومنا هذا فالرسول | أوصى على سابع جار، ومن المميزات التي كان يمتاز بها شهر رمضان هي روائح الطهو المنتشرة في الأحياء السكنية، فقد كنا نشم روائح الكباب واللقيمات تنبعث من بيوت الفريق كذلك فقد كانت تفوح رائحة سمك المقلي وقت السحور.
اما عن زمن الخدم الحالي فتؤكد » لم يكن لدينا خدم، فقد كنا نستيقظ منذ الصباح الباكر لعمل أطباق الافطار لأزواجنا وأبنائنا وتلك كانت حلاوة الشهر الكريم بالنسبة لنا«.
زمان أحسن
الحاج عبد الرحمن السويفي يؤكد رمضان زمان أحسن من رمضان اليوم فهناك أشياء كثيرة تبدلت وتغيرت مع تغير العصر فقد كان الناس يجلسون في مجالس القرآن أما الآن فليس لديهم الا الفنادق والمقاهي وان جلسوا في المنزل فلمتابعة المسلسلات والبرامج الهابطة التي تعرض في شهر رمضان، وقبل شهر رمضان بخمسة عشر يوما كنا نشتري احتياجات رمضان وجميع ما نحتاجه ونبدأ الاستعداد للصوم مع اول يوم لرؤية هلال شهر رمضان، اما مع قرب الساعة الحادية عشرة مساء فتقوم ربات البيوت بتصنيع خبز الرقاق وطحن الدقيق، وحب الهريس والرز والنخي ليكون جاهزا لعمل الأطباق لليوم التالي اما في هذا الزمن فجميع هذه الأصناف تأتي جاهزة، حتى ان الكثير من العائلات لا تكلف نفسها عناء الطبخ في المنزل لهذا فهي تقوم بالشراء من المطاعم.
ويواصل الحاج يوسف الابراهيم سرد ذكريات الماضي » وفي وقت العصر بعد أن نعود من أعمالنا نتجمع لدراسة القرآن الكريم حتى يحين موعد اذان المغرب ونتوجه للمسجد لأداء الصلاة، اما الذين تقع بيوتهم بالقرب من موقع انطلاق مدفع رمضان يذهبون مع أبنائهم لرؤية المدفع«.
اما الحاج سعود الحجي فيقول: زمان في رمضان كنا بعد صلاة التراويح نجتمع في الفريج نلعب العاب وايد كانت حلوة ومتنوعة ونقعد نلعب لحد ساعة متأخرة، لكن الآن مافي إلا لعبة واحدة كرة قدم فقط، والبطولات الرمضانية وحتى الاطفال ما نشوفهم يلعبون اي لعبة أخرى، ولا نحس انهم يستمتعون برمضان مثل زمان.. زمان في رمضان لم يكن هناك ستلايت كنا نشوف يادوبك كم مسلسل عاد نحن أريلنا كان يجيب قناة الكويت وكنا في كل رمضان كل سنة نشوف مسلسل.. الان في كل قناة 100مسلسل وكلها في وقت واحد، وراسي يفتر شنو اشوف وشو اطنش، زمان في رمضان كان وقت المغرب نطلع في منطقة في الفريج من العصر حتى قبل المغرب، كانوا يبيعون أكلات شعبية وأكلات مستوردة من الهند، كان الناس يتجمعون اللي يشتري واللي يتمشى، الزمان تغير وكل شي تغير والاجيال تغيرت بس اللي اشوفه في وجهة نظري ان رمضان ايام زمان كان احلى وكان له طعم خاصا لكن الحين صار مثل باقي الايام تقريبا اختلاف الاماكن والأعمار والجنسيات ياريت كل واحد يدلو بدلوه..
الحاج محمد الشعيبي 56 عاما، قال: كانت عادات يمكن مازالت موجودة عند البعض وعند البعض الآخر اندثرت او قلت وبدأت في الاختفاء شيئا فشيئا زمان في رمضان ونحن صغار كانت الوالدة دائما اذا طبخت شيء وزعته في مواعين واواني صغيرة وأعطتني انا واختي مجموعة منها نعطيه لبيت فلانة وبيت ام فلان، كنا نستانس انا واختي الصغيرة ونحن نوزع المأكولات وهم بعدها يعطونا من الطعام المعد للافطار ايضا، وكانت الوالدة تضع نقطة خضرا من تحت الاناء قبل اعطائنا اياه لكي لا تضيع، وكل واحدة من الحريم في الفريج تضع ايضا نقطة بلون يميز اوانيها.
[/B]