تنطلق أعمال ملتقى تفعيل القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006 في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والذي تنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية ويشارك في الملتقى الذي يعقد في أكاديمية اتصالات دبي ممثلون عن الوزارات والهيئات المعنية. وتشكل مسألة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما خاصا للملتقى حيث سيتم عرض ورقة عمل من أحد الخبراء الاستراليين عن مواصفات المباني الملائمة للمعاقين، كما تعرض خبيرة بريطانية تجربة بريطانيا في دمج المعاقين في المدارس.
وتكشف وفاء حمد بن سليمان مديرة إدارة الفئات الخاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية أن عدد المعاقين من فئات الإعاقة المختلفة الذين تم دمجهم في المدارس والجامعات العام الدراسي 2006ـ 2007 بلغ 421 طالبا وطالبة، كما تم دمج أكثر من 90% من المكفوفين في مدارس التربية والتعليم بالتعاون بين وزارة الشؤون ووزارة التربية والتعليم.
ولفتت بن سليمان إلى أن موضوع الدمج التربوي من المواضيع الشائكة والتي تحتاج إلى دراسة بتعمق قبل اتخاذ القرار بعملية الدمج، والتسرع في عملية الدمج التربوي من الممكن أن يؤدي إلى نتائج سيئة، مؤكدة أن الأمر بحاجة إلى آراء ونتائج تقييم واختبارات عدد من المختصين والتحضير المسبق للطفل وعائلته وكذلك التحضير المسبق لمدرسة التعليم العام وللهيئة التعليمية وقبل كل القناعة تامة من أولياء الأمور ومن المدرس بصحة وإمكانية دمج الطفل المعاق في نظام التعليم العام. وفيما يلي نص الحوار:
* كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول الدمج التربوي والاجتماعي والاقتصادي لذوي الاحتياجات الخاصة وفئة الأشخاص المعاقين على وجه التحديد فما هو تعريفكم للدمج؟ أو ما هو المقصود بعملية الدمج؟
ـ الدمج بمفهومة الواسع عبارة عن فلسفة اجتماعية تعبر عن نزعة إنسانية أخلاقية تنظر إلى الشخص المعاق على انه فرد متساو بالحقوق والواجبات مثله مثل أفراد المجتمع الآخرين ولا يختلف عنهم. وتنادي هذه الفلسفة بضرورة إتاحة المجال أمام هذا الفرد المعاق وتمكينه من الانخراط في المجتمع على قدم المساواة مع الأشخاص غير المعاقين.
أما الدمج التربوي فهو يشير إلى إتاحة المجال والفرصة للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاق على وجه التحديد للانخراط في نظام التعليم العام وفق مناهج ومقررات دراسية عادية مثله مثل الأطفال الآخرين وذلك بمستويات وأنواع مختلفة من الدمج.
ولا تعني عملية الدمج فقط توحيد عملية التعليم بين الأطفال المعاقين والأطفال العاديين وإنما تدعو فلسفة الدمج إلى مراجعة وإعادة بناء لمبادئ التربية العامة والتربية الخاصة وصياغة نظام جديد يوفر للطفل المعاق المساعدة المطلوبة في نظام الصف العادي. وفلسفة الدمج تركز على برامج التربية وبرامج إدارة الفصول في المدارس العامة التي يمكن أن توفر الحاجات التربوية لكل طفل بغض النظر عن وجود نواحي ضعف معينة أو إصابات حسية أو جسمية أو عقلية.
تطوير مراكز التربية
* هل هذا يعني إلغاء مراكز التربية الخاصة؟.
ـ فلسفة الدمج لا تطالب بإلغاء مراكز التربية الخاصة، كما إنها لا تلغي وجود معلم التربية الخاصة بل تنادي بضرورة توفر برنامج تربوي مناسب لكل طفل وتطالب بنفس الوقت بتوفير برنامج فردي يدعم الطفل المعاق ومدرسه في مدارس التربية العامة، بالتالي هناك ضرورة لتطوير مراكز التربية الخاصة لتتماشى مع احتياجات الأطفال المعاقين.
* عند الحديث عن الدمج التربوي، هل يمكن دمج جميع الأطفال المعاقين في نظام التعليم العام؟.
ـ كما هو معروف توجد إعاقات مختلفة، فهناك إعاقات حسية مثل الإعاقة السمعية والبصرية وهناك إعاقات حركية مثل الشلل الدماغي وإعاقات عقلية وكذلك إعاقات في التواصل مثل إعاقات اللغة والكلام، ويوجد كذلك إعاقات مختلطة بمعنى وجود أكثر من إعاقة عند الطفل كأن يكون معاق حركيا وعقليا بنفس الوقت أو بصريا وسمعيا.
أيضاً هناك مستويات مختلفة في الإعاقة الواحدة فعند الإعاقة البصرية يوجد فقدان بصر كامل وفقدان بصر جزئي، وفي الإعاقة السمعية يوجد أربعة مستويات فهناك ضعف السمع البسيط والمتوسط والشديد والعميق، أيضاً في الإعاقة العقلية فهناك الإعاقة العقلية البسيطة والمتوسطة والشديدة والعميقة أو الشديدة جدا.
وبالطبع توجد فئات من الممكن دمجها بسهولة وفئات يكون الحديث عن عملية الدمج التربوي غير وارد بتاتا.
* ما هي الفئات الممكن دمجها تربويا بسهولة؟.
ـ هناك فئات من الممكن دمجها في نظام التعليم العام بكل سهولة بل يجب دمجها لكون طبيعة الإعاقة لا تشكل مانعا من تلقي الطفل تعليمه في نظام التعليم العادي، فعلى سبيل المثال الفئات المعاقة حركيا دون وجود إعاقة عقلية مصاحبة لها لا يوجد أي مشكلة أو عائق في دمج هذه الفئة في نظام التعليم العام في حالة ما توفرت بيئة وتجهيزات مدرسية تساعد على استقبال المعاقين حركيا مثل وجود مداخل خاصة لمستعملي الكراسي المتحركة ووجود مصاعد في بناء المدرسة في حالة كونها أكثر من طابق وتوفر إمكانية الوصول إلى جميع مرافق وأقسام المدرسة مثل مختبرات العلوم والحاسب الآلي وغير ذلك من المرافق أمام الطالب المعاق حركيا.
وبالنسبة للفئات المعاقة بصريا فبعد تمكن الطالب من تعلم القراءة بحروف «برايل» والتدرب على التوجه والحركة فلا يوجد مانع من تلقي التعليم في مدارس التربية العامة ووفق مناهج دراسية عادية. وبالنسبة للفئات المعاقة سمعيا ففي حالة تمكن الطالب من اكتساب قدر معقول من اللغة ومهارات التواصل الشفهي ووجود بيئة صفية مناسبة .
واستعداد مهني لدى المدرس في المدرسة العادية فلا يوجد مانع من دمجه في نظام التعليم العام سواء كان ذلك دمجا كاملا أو دمجا جزئيا أو في الفصول الخاصة، بينما دمج الفئات المعاقة عقليا فهي من أصعب الفئات في الدمج وعند الحديث عن الدمج التربوي لهذه الفئات فغالبا ما يكون المقصود دمج الأطفال الذين لديهم إعاقة عقلية بسيطة أو قريب من الطفل الحدودي (Borderline) .
ولا توجد لديهم اضطرابات سلوكية شديدة مصاحبة للإعاقة الأصلية وبالطبع مع وجود استعداد وقدرة مهنية لدى المدرس في المدرسة العادية للتعامل والقدرة على تعليم هذه الفئة من الأطفال ووجود تدخل مبكر يساعدهم على تطوير القدرات الإدراكية والمهارات الأساسية عندها من الممكن الحديث عن دمج ناجح لهذه الفئات.
أسباب الدمج
* لماذا الدمج التربوي؟ بمعنى ما هي الأسباب الموجبة للدمج التربوي؟
ـ في الواقع هناك أسباب عديدة وراء المطالبة بدمج بعض الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة في نظام التعليم العام، هذه الأسباب يمكن تلخيصها في الأسباب التربوية، فهناك دراسات كثيرة أجريت بخصوص الدمج التربوي للمعاقين وكان من نتائج هذه الدراسات بأن نسبة كبيرة من المعاقين (60% عند الإعاقة السمعية 90% عند الإعاقة البصرية) يمكنهم تلقي الخدمات التعليمية .
وإشباع حاجاتهم التربوية ضمن بيئة تعليمية عادية أي في إطار التعليم العام دون أن يكون هناك أثر سلبي على الطالب المعاق، بل أشارت هذه الدراسات إلى أن تحصيل الطالب قد يكون أفضل في إطار التعليم العام عنه من الإطار التعليمي الخاص وذلك في حالة ما تم تطبيق معايير الدمج بشكل صحيح ومناسب وبشكل خاص المتطلبات السابقة لعملية الدمج.
ثم تأتي الأسباب النفسية والاجتماعية، فالتمكن من دمج بعض الأطفال المعاقين في نظام التعليم العام يحقق بشكل فعلي مبدأ تكافؤ الفرص للطفل وعائلته والأهم هو تخليص الطفل وأسرته من الإحساس بالاختلاف أو عدم المساواة مع الأطفال الآخرين الأمر الذي له اثر إيجابي واضح وكبير على الناحية النفسية عند الطفل وأسرته.
وهناك دراسة لاحظت اختفاء الكثير من المشاكل السلوكية التي عادة ما تلاحظ لدى الأطفال المعاقين في حالة ما تم دمجهم بشكل صحيح في التعليم العام. وقد لاحظنا خلال عملنا في السنوات السابقة أن الكثير من الأطفال الذين قمنا بدمجهم في التعليم العادي وخصوصا فئة المكفوفين والمعاقين حركيا قد تمكنوا من تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية جيدة مع أقرانهم العادين وهذا واحد من الأمور المشجعة في عملية الدمج.
وثالثا الأسباب الاقتصادية، فمع أن الجانب الاقتصادي في عملية الدمج قليلا ما ينظر إليه وبشكل خاص في الدول الغنية أو الدول المتطورة اقتصاديا مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن بعض الدراسات أشارت إلى أن تكلفة تعليم الطفل المعاق في نظام التربية الخاصة تبلغ اثني عشر ضعفا عن تكلفة التعليم في نظام التعليم العام، ويعود السبب إلى ارتفاع تكلفة التعليم الخاص بشكل عام بسبب قلة عدد الأطفال في الصف الواحد وكثرة التجهيزات التي تحتاجها المراكز الخاصة وارتفاع تكلفة الخدمات المساندة في مراكز التربية الخاصة مثل خدمات العلاج النطقي والعلاج الطبيعي والوظيفي والحاجة إلى مختصين من حقول علمية مختلفة وغير ذلك من الأسباب.
وهناك أسباب أخرى مثل عدم توفر مراكز التربية الخاصة، حيث يلاحظ وجود مدن ومناطق لا تتوفر بها مراكز التربية الخاصة وبشكل خاص في الأماكن النائية أو البعيدة عن المدن الرئيسية وهذا الأمر أكثر ما يلاحظ في البلدان كبيرة المساحة حيث تتموضع مراكز التربية الخاصة في المدن الكبيرة أو الرئيسية وفي مثل هذه الحالات لا يكون هناك خيارات متاحة أمام الطفل المعاق.
نتائج سلبية
* هل توجد نتائج سلبية في حالة ما تمت عملية الدمج بشكل غير صحيح أو مناسب؟.
ـ بالتأكيد هناك نتائج سلبية كثيرة تتسبب بها عملية الدمج الخاطئ وبكلمات أخرى عند عدم اتباع معايير الدمج بدقة ومهنية عالية، فقد تسبب عملية الدمج الخاطئ بقاء الطفل بعزلة وعدم اندماجه بشكل صحيح بل وتقوية الإحساس بالاختلاف والشعور بالنقص .
وتدني تقدير الذات إلى مستويات خطيرة الأمر الذي ينعكس بكل تأكيد على الطفل وتدني تحصيله الدراسي إلى حد كبير أو حتى انعدام التحصيل الدراسي. وفي حالة تعرض الطفل للسخرية من قبل الأطفال الآخرين أو الإهمال من قبل المدرس والهيئة التعليمية في المدرسة فمن المؤكد أن يسبب ذلك في اضطرابات نفسية وسلوكية ومظاهر سوء تكيف قد تصل إلى حد كبير يجعل من أمر متابعة الدراسة من الأمور المستحيلة.
دور الوزارة
*أين وصلتم في وزارة الشؤون الاجتماعية بموضوع الدمج التربوي؟.
ـ موضوع دمج بعض الفئات من الأطفال المعاقين في نظام التعليم العام غير جديد على إدارة رعاية الفئات الخاصة فبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم تمكننا من دمج أكثر من 90% من المكفوفين في مدارس التربية والتعليم حيث يدرس الطالب المعاق بصريا ثلاث سنوات في مركز تأهيل المعاقين يتعلم خلالها حروف «برايل» وفن التوجه والحركة ومهارات أكاديمية أخرى ثم يتم تحويله إلى مدارس التعليم العام .
وهناك نسبة كبيرة تابعت التعليم إلى المرحلة الجامعية. وبخصوص الإعاقات الحركية نقوم منذ سنوات بدمج الأطفال الذين يعانون من إعاقة حركية فقط دون وجود إعاقة عقلية في نظام التعليم العام وذلك بعد فترة وجيزة من التحضير وتهيئة الطالب في مراكز تأهيل المعاقين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وبعد تهيئة المدرسة العادية لاستقبال هذه الفئة من الأطفال.
وبالنسبة لدمج الصم وضعاف السمع كنا قد دمجنا عددا بسيطا من الأطفال في السنوات الماضية وفي الوقت الحالي نحضر لدمج عدد من الأطفال في مراحل دراسية مختلفة وذلك بعد أن تمكنوا من اكتساب قدر معقول من المهارات اللغوية والتواصل الشفهي، ففي السنة الدراسية القادمة سوف يتم تحويل ثلاثة أطفال إلى المدرسة العادية وعدد آخر من الأطفال .
وذلك بناء على تطور قدراتهم اللغوية والكلامية ومن أجل الوصول لهذا الهدف نقوم في الوقت الحالي باتباع أسلوب تعليمي حديث يركز على تطوير اللغة والكلام والتواصل الشفهي عند الصم. وفي العام الدراسي الحالي بدأنا وبتعاون مع وزارة التربية والتعليم بدمج مجموعة من الأطفال الذين لديهم متلازمة داون في رياض الأطفال ولكون النتائج مشجعة سوف تتابع هذه المجموعة من الأطفال الدراسة في الصف الأول في العام الدراسي المقبل.
10 آلاف ذوو الاحتياجات بالدولة
يأتي تنظيم ملتقى سنوي لذوي الاحتياجات الخاصة في إطار اهتمام دولة الإمارات بمختلف شرائح وفئات المجتمع بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة. ويذكر أن عدد المعاقين في دولة الإمارات- وفقا للوزارة- لا يتجاوز 10 آلاف حالة فيما يبلغ عدد المسجلين لدى المراكز الحكومية والخاصة على مستوى الدولة نحو 4 آلاف و200 معاق.
ويبلغ عدد المعاقين من فئات الإعاقة المختلفة الذين تم دمجهم في المدارس والجامعات العام الدراسي 2006-2007 بلغ 421 طالبا وطالبة، كما تم دمج أكثر من 90% من المكفوفين في مدارس التربية والتعليم بالتعاون بين وزارة الشؤون ووزارة التربية والتعليم.