[B]طالبت منظمات انسانية واجتماعية عراقية بتشريع قانون لتأسيس هيئة وطنية خاصة للمعوقين للنهوض "بواقع هذه الشريحة المزري" وأكدت ضرورة وضع خطة عمل تطبيقية ذات أبعاد استراتيجية شاملة لإيجاد حلول لمشاكل هذه الشريحة وهمومها وحاجياتها وتطلعاتها للبدء بإنهاء معاناتها من إهمال وتهميش.
جاء ذلك خلال ندوة واحتفالية لذوي الاحتياجات الخاصة حضرها 500 فرد منهم نظمها في بغداد مجلس النائبة العراقية المستقلة صفية السهيل الثقافي بمشاركة مختصين ومنظمات عراقية ودولية تحت شعار "ذوو الاحتياجات الخاصة في العراق حقوق ومواطنة في ضوء الدستور العراقي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية".
واكدت السهيل في كلمة لها أهمية الاهتمام بقضية ذوي الاحتياجات الخاصة وضرورة انضمام العراق إلى اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وسنّ تشريعات عراقية بهذا الصدد. ودعت الإعلام والسياسيين والمؤسسات الحكومية للحوار مع منظمات وجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق ودعمهم وتلبية متطلباتهم وحاجاتهم. وقالت "إن العراق من أكثر الدول التي توجد فيها هذه الشريحة بسبب الحروب والأزمات والإرهاب التي عاش في ظلها العراق لهذا فان هذه الشريحة تحتاج منا الاهتمام والرعاية الخاصة".
ومن جهته، ذكّر موفق الخفاجي رئيس تجمع المعوقين العراقيين في كلمته البرلمانيين والحكومة بوعودهم الانتخابية في دعمهم للمعوقين وإيجاد حلول لمتطلباتهم والتحديات التي يواجهونها. وشرح المعاناة اليومية ومشكلة الفقر والبطالة وغياب الرعاية اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة وطالب بالتوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق المعوقين وتشكيل هيئة وطنية للمعوقين.
وأكد ضرورة وضع دراسات ومعايير علمية لتأهيل المعوقين وتشغيلهم وتجاوز التمييز للمعوقين بالتعليم والعمل والسكن واحترام الفوارق وقبول العوق على أنه جزء من التنوع البشري. وطالب بإنشاء صندوق وطني لدعم المعاقين بان يخصص دخله من نسب معينة من واردات النفط والضرائب والسياحة الدينية وتبرع الميسورين وتخصيص نسبة من الوحدات السكنية التي تقوم الدولة حالياً بإنشائها بنسبة 10% للمعوقين واستحداث صفة ممثل شؤون المعوقين من بينهم في المجالس البلدية ومجالس المحافظات ليكون متابعا ميدانياً لشؤون المعوقين كل في منطقته والإسراع بالمصادقة على اتفاقية أوسلو لتحريم القنابل العنقودية وتفعيل إجراءات تنفيذ اتفاقية أوتاوا خصوصاً المادة 6 منها في ما يخص تأهيل ورعاية المعوقين من الضحايا.
اما لامعة طالباني رئيسة منظمة صوت المرأة المستقلة عن المرأة المعاقة فقد طالبت بتوفير أنواع التأهيل الذي يتناسب مع طموحات النساء ذوات الإعاقة والعمل على توفير وزيادة رواتب المعوقين لتتلاءم مع الوضع ألمعاشي لتكون 200,000 دينار عراقي لتسدّ بعضا من احتياجاتهم.
واكدت ضرورة الأخذ في الاعتبار عند تخطيط المدن والشوارع العامة التسهيلات التي يجب تقديمها للمعاقين وتشريع قانون خاص بالمعوقين يتواءم مع الاتفاقية الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وتخصيص جزء كبير منها خاص بالمرأة المعاقة على أن تساهم المرأة المعاقة بصياغتها. ودعت إلى تأسيس هيئة وطنية للمعوقين على أن يكون نصف أعضائها من المرأة المعاقة وطالبت بالإعفاء من جميع الرسوم الجمركية لجميع المواد التعليمية والطبية ووسائط النقل والمشاريع الفردية والجماعية التي تملكها وتديرها المرأة المعاقة.
اما توفيق عبد الحسن رئيس جمعية الإنقاذ البصري والسمعي لأطفال العراق والخبير في شؤون المعوقين فقد اشار الى ضرورة مصادقة البرلمان على المعاهدات واتفاقيات الأمم المتحدة وإصدار القوانين بشأنها وداعياً إلى تطبيق المادة 32 الواردة في الدستور العراقي حول المعاقين.
من جهتها قالت يانا هيباشكوفا ممثلة الاتحاد الأوروبي في العراق إن "الاتحاد الأوروبي يسعى لمساعدة كل المنظمات والجمعيات العراقية حتى يتسنى لها توفير ما تحتاجه هذه الشريحة التي تستحق كل الدعم والاحترام". وشددت ان "على الاتحاد الأوروبي التعمق في دراسة أوضاع المعاقين في العراق ومعرفة سبل توفير العيش الكريم لهم".
اما بختيار أمين وزير حقوق الإنسان السابق والخبير بشؤون حقوق الانسان فقد اشار الى أن العراق كدولة عضو في الأمم المتحدة فإنه يعتبر ملزما دوليا بتأمين حقوق شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بموجب ميثاق منظمة الأمم المتحدة وبتأمين حقوق هذه الشريحة بموجب توقيع العراق ومصادقته على سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الأخرى ومن ضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان لاسيما الحقوق المدنية والسياسية وإعلان حقوق الطفل والمعايير التي تم إقرارها للتقدم الاجتماعي في اتفاقيات وتوصيات وقرارات منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف) وبروتوكول جنيف لسنة 1925 واتفاقيات جنيف لعام 1949 ومبادئ قانون الدولي للإنسان ومعاهدة أوتاوا لمنع الألغام والقواعد الموحدة والمبادئ الواردة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين لعام 1993 وغيرها من القرارات والاتفاقيات والتوصيات ذات الصلة التي تلزم جميعها العراق باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وبمبادئ السلم وكرامة الشخص البشري وقيمته والعدالة الاجتماعية وعدم التمييز وضرورة حماية حقوق ذوي العاهات البدنية والعقلية وتأمين رفاهتهم وإعادة تأهيلهم ومساعدة الأشخاص المتخلفين عقليا على إنماء قدراتهم ونموهم في مختلف ميادين النشاط وضرورة تيسير اندماجهم الى أقصى حد ممكن في الحياة العادية الطبيعية ومشاركة العراق بحماية هذه الحقوق على الصعيدين الوطني والدولي، والتي ضمنها الدستور العراقي كحقوق لهذه الشريحة في المادة 32 والتي أكدت (ان ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل تأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع ويصدر ذلك بقانون) ويجب تفعيل هذه المادة على ارض الواقع.
واكد اهمية انضمام العراق الى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2006 وهي الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2008 ووقعت عليها 139 دولة منها 16 دولة عربية في العالم وصادقت عليها 58 دولة منها 9 دول عربية , كما وقعت على البروتوكول الاختياري 82 دولة منها 10 دول عربية وصادقت على البروتوكول 37 دولة منها 5 دول عربية. واشار الى ان عدد الدول الموقعة والمصادقة على الاتفاقية يعتبر بالمقارنة مع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الأخرى نجاحاً كبيراً قياسا بالفترة الزمنية التي دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، كما إن عدد المنضمين إلى هذه الاتفاقية يزداد باستمرار وبوقت زمني سريع ما يدل على الأهمية البالغة والملحة لقضية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة على المستوى الدولي والمحلي.
واشار الى انه على الرغم من غياب أي إحصائية حديثة و دقيقة لعدد السكان في العراق وكذلك عدم وجود إحصائيات او قاعدة بيانات دقيقة وحديثة وشاملة لعدد المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة وأنواع الإعاقة ونسبها الا ان التقديرات تشير الى وجود 3 ملايين معوق في العراق.
وقال "إذا ما أخذنا تقديرات الامم المتحدة التي تفيد ان 10% من سكان الكرة الأرضية معوقين ومابين 80-90% من معاقي البلدان النامية في سن العمل ويعانون البطالة وتقول اليونسكو ان نحو 90% من الأطفال المعاقين في الدول النامية لا يرتادون المدارس. فباستنتاج بسيط فان حتمآ 10% من سكان العراق على الاقل هم من ذوي الاحتياجات الخاصة واعداد العاطلين عن العمل والاطفال الذين لايرتادون المدارس في بلدنا هم اكثر من ذلك بكثير.
واوضح انه بمعادلة بسيطة واقعية نجد أن ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق حتمآ اكبر من هذه النسب لعدة أسباب منها الحروب واستعمال الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية (في حلبجة وغيرها من الاماكن) واليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية والانفلاقية والفسفور الأبيض والنابالم و سياسة الإبادة الجماعية والأرض المحروقة وضحايا التعذيب والألغام (العراق لديه تقريباً 25% من ألغام العالم منها 15% من الغام العالم في كردستان العراق والتي أدت الى إعاقة الآلاف من المواطنين) ويضاف إليه الظروف المأسوية التي تعرض لها العراق بعد عام 2003 من معاناة وتحديات كبيرة من مخلفات الحروب والألغام والتلوث البيئي والمائي والزراعي والمفخخات والعبوات الناسفة وضحايا العمليات الإرهابية وضحايا الصراع الطائفي والوضع الامني غير المستقر وقصف البعض من دول الجوار للمناطق الحدودية هذا إضافة للعوامل الأخرى الجينية والخلقية والصحية والخ فحتمآ النسبة أكبر فإن هذا كله يضع الجميع امام مسؤوليات حقيقية وكبيرة تجاه هذه الشريحة اهمها تمرير هذه الاتفاقية وسرعة إدخالها وتطبيقها على ارض الواقع من خلال العمل على استكمال التشريعات الوطنية اللازمة التي تتواءم مع هذه الاتفاقية والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة ومنها قانون ذوي الإعاقة والذي على لجنتي لجنة العمل والشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان سرعة مناقشة ودفع القانون وتخصيص جزء كبير منه لحقوق المرأة المعاقة والطفل المعاق مع السعي لإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم من كلا الجنسين بمناقشة وصياغة هذا القانون المهم.. اضافة الى اهمية تشريع قانون لتأسيس هيئة وطنية خاصة للمعوقين للنهوض بواقع هذه الشريحة المزري على ان تعمل جميع اللجان المعنية الأخرى ومنها التربية والتعليم العالي والخدمات والصحة والنقل وغيرها في البرلمان العراقي مع الحكومة من خلال الوزارات المعنية كافة والحكومات المحلية لوضع خطة عمل تطبيقية ذات أبعاد إستراتيجية شاملة لإيجاد حلول لمشاكل هذه الشريحة وهمومها وحاجياتها وتطلعاتها للبدء بانهاء معاناة افرادها من اهمال وتهميش وغياب المشاريع.
وشدد امين على ضرورة إشراك ممثلين عن المعوقين لوضع الخطط الإستراتيجية التنموية وان تأخذ اللجنة المالية في البرلمان العراقي في الاعتبار الأموال اللازمة المطلوبة لتأمين الاحتياجات والمستلزمات الخاصة لتأهيل وتمكين هذه الشريحة في ميزانية العراق للسنوات المقبلة. ودعا اللجنة الصحية البرلمانية الى دفع الحكومة تخصيصات لتأمين مستشفيات تأهيلية خاصة وأطراف صناعية حديثة الصنع وكراسٍ متحركة ومساند حديدية وعكازات وغيرها من مستلزمات طبية ملحة وكذلك التنسيق مع وزارة الإسكان والنقل وأمانة بغداد وغيرها من المؤسسات من مديريات ومراكز محلية لتأمين أماكن خاصة في وسائل النقل والأرصفة والمصاعد والأدراج والممرات وغيرها من مستلزمات وضمانات اجتماعية وخدمية وسكنية ومالية واقتصادية وثقافية وترفيهية ورياضية.
وشدد على ضرورة العمل على تغيير نظرة المجتمع والسياسيين والمشرعين والإعلاميين ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية للمعاقين وقال "ان هذه هي إحدى اهم ما تحتاجه منا هذه الشريحة لتفعيل دورها في المجتمع حيث ان من واجب ممثلي الشعب والحكومة ان تشرع القوانين وتنهي الإقصاء وتدمج وتشارك الفئات والشرائح المهمشة والمهملة في المجتمع في الحياة العامة بشكل فعال ومنتج وتعطي الحقوق وتنشر الأمل وتساعد على بناء الثقة وتعزيز الإرادة في نفوس العراقيين بشكل عام والأشخاص من ذوي الإعاقة بشكل خاص".[/B]