[B]
يظل التوحد إحدى المشكلات التى يحار فى فهمهما الطب والأطباء ربما لتلك الخبرة التى تلازم أسباب نشأته. الملاحظة الدقيقة ورصد سلوكيات الطفل فى المجتمعات الغربية تجعل من تشخيص التوحد أمرا ميسورا الآن.
لذا يبدأ علاج الأطفال مبكرا مما يحمل أملا كبيرا فى تحسن أحوالهم وربما فى شفائهم فى حالات معينة أما فى البلاد النائية فمازال التوحد مرضا غير مفهوم لأسرة الطفل المصاب به، الأمر الذى يدفع الأفراد المحيطين به لإيذائه عن غير عمد.
الأم التى تحمل مسئولية الأسرة وهمومها لا يتسع صدرها بالطبع لما تراه انحرافا فى طباع الابن الذى لا يجيد التعبير عن نفسه ولا يرضى باللعب مع من هم فى مثل سنه ولا يبتهج إطلاقا لمداعبات الكبار ولا يبدى أى رغبة فى تقبيله او الاقتراب منه. دائم العزلة يبدأ بفعل ما يظل يكرره بلا هوادة، يدور حول نفسه مرات ومرات يضرب رأس لعبته فى الحائط. إنه بلاشك فى نظر الجميع الطفل العدوانى متبلد المشاعر الانطوائى غريب الأطوار.
أمكن للعلم تشخيص ظاهرة التوحد وتأكد وجود عنصر وراثى فيها حينما اكتشف الجينات التى يحملها الطفل المتوحد لكن ذلك لم يكن كافيا اذ عزا العلم التوحد الى أسباب أخرى قد تأتى مجتمعة أو فرادى، من تلك الأسباب نقص فى مفردات غذائية مثل فيتامين ب وحامض الفوليك أو ربما لما أشارت إليه بعض الدراسات كأثر غير مرغوب فيه إثر التطعيمات التى يجب أن يتحصن بها الطفل فى مستهل حياته.
اليوم تتكشف حقائق جديدة تشير إلى أن هناك عوامل بيئية لها أثر أيضا قد لا يقل عن أثر الموروثات الجينية.
فى دراسة حديثة نشرت على الشبكة الإلكترونية هذا الاسبوع وتنشرها المجلة العلمية ملفات علم النفس العام فى نوفمبر المقبل.
تشير الدراسة التى جرت فى كلية طب ستانفورد العريقة إلى أن هناك عوامل بيئية أخرى لا يجب إغفالها فى تحديد أسباب التوحد الذى يعانى منه الآن بدرجات مختلفة 1٪ من مواليد الولايات المتحدة وكندا.
عمر الأم وقت الحمل، تعدد الحمل، وزن الطفل وقت ميلاده إذا ما كان أصغر من الوزن الطبيعى، تعرض الطفل لأدوية تتناولها الأم أثناء فترة الحمل تعرض الأم للعدوى أثناء الحمل، إذا ما كانت الأم تخضع لعلاج الاكتئاب أثناء الحمل خاصة بالمجموعة الجديدة من مضادات الاكتئاب ومعها ادوية البروزاك والسليكا والليكسابرو والزلوفت.
قامت الدراسة التى تعد الأكبر من نوعها على دراسة أحوال 192 حالة من التوائم فى كل توءم منهم طفل تم تشخيصه كحالة كلاسيكية للتوحد الأمر الذى يجعل من دراسة الطفلين معا دراسة نموذجية للظروف البيئية التى تم فيها الحمل والولادة والتربية فى آن واحد. فى نهاية الأمر وهى بلا شك خطوة ثابتة على طريق تحديد العوامل المسببة لذلك المرض الذى يترك أثره على حياة المريض الاجتماعية ومستقبله ايضا على حياة كل من يشاركه أيامه خصوصا والديه.
معرفة الأسباب كفيلة بتفاديها الأمر الذى ينعكس على معدلات الإصابة بالتوحد وما يسببه من متاعب قد تمتد بطول العمر.[/B]