[B]
في حلب "كما في باقي المحافظات" مزاجية سائقي الباصات ومدى حسهم الإنساني هو القانون الذي يحدد تعرفة النقل الداخلي للآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة ، هذا في ظل غياب قرار مكتوب يلزم أصحاب الشركات الاستثمارية للحافلات بتبني إعفاء هذه الشريحة من أجور النقل أو تحديد تخفيض معين تماشياً مع شركات القطاع العام .
أحمد قاطرجي شاب مقعد يعمل منذ عامين في جمعية يداُ بيد التي تعنى بتأهيل وتدريب المعاقين تحدث لسيريانيوز عن الحرج الممزوج بشيء من الخجل الذي يسببه له التنقل بباصات النقل الداخلي قائلا "أضطر وبشكل يومي أثناء ذهابي وعودتي من العمل أن أستقل باص تابع لإحدى الشركات الخاصة لكنني أشعر دائما بالإرباك نتيجة نظرات الاستعلاء أو الازدراء من قبل بعض السائقين والطريقة التي يعاملونني بها، بالأخص أثناء طلبهم بطاقتي لتثبت لهم حالتي, علما إن وضعي واضح للعيان".
وأضاف "منذ أن بدأت العمل وأنا أدفع أجور النقل كاملة، الآن أصبحت على معرفة بكل السائقين الذين يعملون على الخط الذي يصل بين بيتي وعملي أو مركز المدينة، سائقين أثنين فقط يتعاطفان معي، معهما أنا لا أدفع قيمة التذكرة أم البقية وبشكل دائم أدفع ومن دون أن أناقشهم".
ويتابع القاطرجي "مع غياب قرار مكتوب يبقى الموضوع بيد السائق ومزاجيته، فسابقا سمعت بصدور تعليمات تلزم السائقين بإعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من الدفع لكن لم يلتزم أحد بذلك".
يدرس أحمد اللغة الإنكليزية بإحدى معاهد اللغات الموجودة قرب مركز المدينة ويحتاج وبشكل شبه يومي في الفترة المسائية ليستقل باص للنقل الداخلي وهنا تتكرر المشكلة ذاتها.
وبحساب بسيط بات عليه أن يدفع يوميا ما قيمته 32 ليرة سورية ثمن تذكرة ذهابه وقدومه إلى العمل ودورة اللغة هذا مع حاجة أحمد لمرافق بشكل دائم ليساعده في تنقله مما يجعل المبلغ مضاعفاً، علما أنه يضطر عندما يكون الطقس رديئا أن يستقل سيارة أجرة للمسافة التي تفصل بين آخر خط الباص والمعهد.
نويل دباغ زميل لأحمد في الجمعية ولديه بطاقة معاق يستقل أكثر من حافلة للوصول لمكان عمله وهو يعاني من نفس المشكلة إذ لا يستفيد من بطاقته التي يحملها حيث يدفع كامل قيمة التذكرة في كلا الخطين الذين يستقلهما.
وقال نويل لسيريانيوز "منذ عامين مع بداية استثمار الخطوط من قبل القطاع الخاص كان لدى السائقين توجيه بإعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من الدفع لكن مع الوقت تم التغاضي عن ذلك وبدأت أدفع، أحتاج بشكل يومي إلى 32 ليرة سورية في اقل تقدير كقيمة مواصلات وهذا على مدار الشهر يشكل تقريبا 10 % من قيمة راتبي الذي أحصل عليه من عملي".
ولدى حديثنا حول الموضوع مع مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بحلب ربيع تامر بين لنا إنه "لا يوجد حاليا قرار يلزم باصات النقل التابعة للمستثمرين بالإعفاء، لكن منذ أكثر من عام تم خلال اجتماع مع مستثمري الباصات بتبني توجه يعفي المعاقين من كافة الرسوم".
وأضاف "لا نستطيع أن نبقي الموضوع بيد السائقين فالعامل لا يلام ما لم يصدر قرار من رئيسه بالعمل يوضح له ما يجب عليه فعله, لقد تم التواصل معهم على اتفاق، لكن يجب أن تتم متابعة هذا لحثهم على إصدار قرار مكتوب بذلك".
ولفت تامر إلى "وجود أكثر من 40 ألف معاق في مدينة حلب قسم كبير منهم لا يستطيع الحركة والتنقل فعدد الأشخاص الذين سيستقلون الحافلات يوميا ليس بالعدد الكبير لذا يمكن إيجاد حل".
وأكد على أنه "سيجري العمل على متابعة إصدار القرار بالاشتراك مع الشركة العامة للنقل الجهة المخولة بإصدار مثل هذه القرارات".
يذكر أنه في أواخر العام 2009 اتفق أصحاب الشركات الاستثمارية للباصات بحلب في اجتماعهم بمقر الشركة العامة للنقل الداخلي على إعفاء شريحة المعاقين من أجور النقل في باصاتهم على جميع الخطوط التي تشغلها.
ولمعرفة ما هو مصير هذا الاتفاق تحدثنا مع مدير الشركة العامة للنقل الداخلي في حلب إبراهيم المحمد, الذي قال " منذ بداية عام 2010 اجتمعنا مع مستثمري خطوط النقل الداخلي وتم الاتفاق على أن يعفى المعاقين من دفع الرسوم بشكل نهائي لكن لا يوجد قرار مكتوب بذلك".
وأضاف "هذا الاتفاق يتبع فقط في مدينة حلب وجميع المستثمرين لازالوا ملتزمين بالعمل به، بالإضافة لوجود قرار رسمي يعفي المعاق بنسبة 50 % من قيمة التذكرة لما يخص باصات النقل الداخلي القطاع العام".
وخلال لقاءنا مع عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة تحدثوا لنا على أن البعض من سائقي الباصات طالبهم بإخراج بطاقات خاصة تمنحها شركاتهم يعفى حاملها من دفع الرسوم وهذه تكون بمثابة إثبات على أن الشخص الذي يحملها معاق متجاهلين بذلك البطاقات التي يحملها المعاقين والصادرة من مديرية الشؤون الاجتماعية .
ولدى سؤال سيريانيوز لبعض السائقين حول هذا الموضوع تحدثوا على أنه يتم إعفاء المعاقين من دفع الرسوم في حال أظهر بطاقة المعاق أو تبين لنا أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة من دون إبراز شيء، فيما أكدا لنا البعض عن وجود بطاقات خاصة تمنح من شركاتهم ليعفى حاملها.
ومؤخرا حاول أحمد الشاب المقعد وبعد أن سبب له هذا الموضوع الكثير من الإحراج الحصول على هذه الورقة من إحدى الشركات التي يستعمل حافلاتها أكثر من غيرها ولدى ذهابه للاستفسار عن الموضوع طالبه الموظف مراقب الخط بأن يقصد مكتب مديره فهو الوحيد المخول بأن يعطي البطاقة بعد أن يجري لقاء معه ويقيم ما نسبة الخصم الذي سيمنحه له ليتماشى مع حالته.
هنا تساءل أحمد قائلا "هل أنا مجبر للقيام بهذه العملية مع كل المدراء المستثمرين لخطوط النقل الداخلي لأحصل منهم على بطاقة تخولني ركوب الباصات في مدينة حلب، وهل هؤلاء باتوا أطباء ليقيموا حالتي ومدى عجزي، ولماذا لا تعتمد البطاقة الموحدة التي يحملها جميع المعاقين أم أن الموضوع يحتاج لكل هذا التعقيد للتعجيز فقط".
حول هذه النقطة اكتفى مدير شركة النقل الداخلي المحمد بالتعليق قائلا "إعطاء بطاقات خاصة من قبل المستثمر هذا يعود لهم في طريقة إدارة هذا الموضوع البعض رأى بأن يكون لديه بطاقة خاصة للتعريف وأخر يكتفي ببطاقات الشؤون الاجتماعية".
ثم تحدث المحمد عن وجود قرارات أخرى متعلقة بالإعفاءات من دفع الرسوم يجب أن يتم تسليط الضوء عليها أيضا كإعفاء المسنين التي أعمارهم فوق السبعين من دفع قيمة التذكرة بالنسبة للنقل العام (وهذا ميزة خاصة بمدينة حلب فقط ) وخصم 50 % للذين أعمارهم فوق الستين ( هذا متبع في باقي المحافظات ) لافتا إلى أن هذه "الإجراءات غير ملزمة لشركات النقل التابعة للقطاع الخاص".
ويبلغ عدد خطوط النقل الداخلي في حلب 53 ، المخدّم منها 37 منها 11 خط لباصات القطاع العام و26 مستثمرة من قبل القطاع الخاص ، وتصل أعداد الباصات المخدمة للخطوط المذكورة إلى 290 باص للقطاع العام منها 170 حافلة جديد و750 للقطاع الخاص.
يذكر أن محافظة حلب قامت مؤخراً بتسيير باصات نقل داخلي بتسهيلات ميكانيكية لذوي الاحتياجات الخاصة على 4 خطوط في المدينة.
[/B]