[B]نحو بيئة أسرية صحية للطفل المعاق سمعيا
د- عطية عطية محمد
أستاذ الصحة النفسية المساعد
كلية التربية- جامعة الزقازيق
خاص بمجلة احتياجات خاصة
عندما يتوافق الوالدين علي حقيقة أن طفلهم أصم سوف ينتابهم القلق بشأن التغيرات الضرورية الهامة في الحياة وما هي تلك التغيرات , وما هي الاحتياجات الخاصة التي يحتاجها الطفل ولا يمكن لغير الأسرة أن تقدمها؟ وعلي ذلك فعلي الوالدين تعلم بعض المهارات التي تجعلهم مفسرين ومرشدين لطفلهم الأصم لأن كل شئ يحدث في البيت له معني ، ولكن هذا المعني لا يتوفر للطفل الأصم حتى يقوم الوالدين بتوضيحه وسوف ينظر الطفل إليك لتفسير العلاقات الأسرية وقواعد التواصل والسلوكيات والمعايير الخلقية والطرق التي يتم بها العمل . فإذا لم تقم بنقل تلك المعلومات الأساسية عن العالم للطف فمن الذي يقوم بهذه المهمة.
الاحتياجات الأساسية للتواصل :
أن الأطفال الصم الذين لا يسمعون لا يختلفون في محتوي التواصل وإذا كانت طرق التواصل تختلف فإن الموضوعات التي يناقشها الوالدان مع الأطفال الصم الذين يسمعون ينبغي ألا تختلف وعلي ذلك فإن أهم عامل لعمل بيئة أسرية صحية للطفل الأصم هو التواصل الجيد .
أن الوظيفية الأساسية للوالدين في البيئة الصحية هو أن تقوم الأسرة بنقل كل شئ وتقديم كل المعلومات للطفل ، فالأهل وحدهم القادرين علي حماية الطفل من العزلة وحماية حقه في التواصل مع الآخرين من واجبهم خلق مناخ مناسب يساعد علي استمرار التواصل حول الطفل ويشجعه علي المشاركة فيه ، ويتساءل الوالدين كيف أتواصل مع طفلي وهو لا يسمع ؟ إننا نقصد بالتواصل تبادل الآراء والمعلومات بأي طريقة مناسبة وليس من خلال الكلام فقط؟
وفي البيت يمكن خلق بيئة تتدفق فيها الأفكار والمعلومات بحرية من أجل التواصل مع الطفل وسوف تتعلم التواصل غير اللفظي واستخدام الإيماءات وتعبيرات الوجه والملصقات ومن الممكن تعلم لغة الإشارة وهجاء الأصابع .
دور المحادثة وأهميتها للتواصل :
إن الأطفال الذين يتم تشجيعهم علي المشاركة في المحادثات الأسرية بأي وسيلة يبدؤون في عملية إظهار مشاعرهم أفضل من حبسها والغلق عليها، وكلما كان الطفل أسرع في المشاركة في المحادثة-أيا كانت طريقة التواصل-كلما كان أسرع وأنشط في تعلم المهارات الاجتماعية .
وتعتبر الكتب مصدراً أخر هاماً لتقديم التواصل للطفل الأصم ، إن الأطفال الصم علي وجه الخصوص يمكنهم الاستفادة من تقديم الكتب إليهم في سن مبكرة والاستفادة من وظيفة اللغة المكتوبة فيجب أن تلعب الكتب درواً محورياً في حياة طفل أصم وأن يتم تقديمها بمجرد استجابة الطفل للصور .
الوقت الذي يستغرقه التواصل :
إن أهم حقيقة للصم أن كلاً من وظائف الاتصال سواء كانت استقبالاً أو تقديم المعلومات تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة أكثر من المطلوبة للتواصل مع الطفل الذي يسمع، ولذلك فإن أهم دور للوالدين هو الانتباه والصبر علي الطفل .
وهكذا فإن الاستماع إلي الأصم يتطلب أكثر من الاستجابة لرسالته فيتطلب أن تنظر إلي الطفل طوال الوقت وتتواصل معه بالعين وتركز معه كذلك إرسال رسالة للطفل الأصم تتطلب منك استخدام كل جسمك ووجهك وخيالك .
شروط البيئة الأسرية الصحية :
الوضوح :
إن البيئة الأسرية الصحية للطفل الأصم لا تختلف عن بيئة الطفل الذي يسمع وتختلف في الدرجة ، وإذا كان جميع الأطفال في حاجة لأن يقوم الوالدان بتفسير العالم من حولهم فإن والدي الصم يجب عليهم أن يفسروا بطريقة أكثر وضوحاً ولا يعتمد علي مجرد معرفة الطفل كما يجب علي هؤلاء الآباء أن يتأكدوا من أن أطفالهم قادرون علي فهم المعلومات التي يحتاجونها.أن كل شئ يتم عمله لتربية الطفل الذي يسمع يجب أن تكون أكثر وضوحاً مع الأصم .
إظهار الحب :
للأطفال الصم في أمس الحاجة للإحساس بالأمن والدفء العاطفي الذي
يحتاجه أي طفل ولكن بطريقة أكثر وضوحاً ، إن الطمأنينة الدائمة للوالدين والانتباه ذات أهمية كبيرة للأطفال الصم عندما يصلون إلي عمر 4 أو 5 أعوام وذلك عندما يبدؤون اختلافهم عن الآخرين ، والأطفال الصم في حاجة ملحة للشعور الكامل بالقيمة والتقبل وينبغي علي الوالدين معرفة تلك الحاجة والاستجابة لها بطرق مختلفة من خلال التعبيرات البدنية واللفظية للحب والتقبل .
الشعور بالحب الكامل :
إن الأطفال الصم الذين تعلموا قراءة التعبيرات الوجهية للوالدين سوف لا يجدون صعوبة في معرفة مشاعر الاستياء والإحباط بسبب صممه وسوف يعاني الطفل من مرحلة الشك في أن والديه لا يحبونه ولا يتقبلانه .
علي الوالدين أن يحددا تلك المشاكل لأنفسهما وأول خطوة هي أنه يجب عليهم أن لا يزعجا الطفل بسبب صممه ، فالأصم شخص عادي له هوية كاملة وشخصية مختلفة ومتأثرة بالإعاقة .
أن المصدر الحقيقي للألم هو فشل الوالدين في التواصل مع طفلهم كشخص بعيداً عن الصمم، إن المشكلة الثانية المرتبطة بمشاعر الحب الكامل هي منع أو إخفاء الحب ومن الواجب معرفته إن الأطفال الذين يشكون في حب والديهم لا يتعلمون أو يتواصون بطريقة أو بآخري ولكن سوف تواجههم مشكلات صعبة في تعليمهم.
الأسرة مقابل العالم الخارجي :
للعالم الخارجي اتجاهات مختلفة نحو المعاقين فهو لا يرحمهم علي الرغم من تحطيم جميع المفاهيم الخاطئة السابقة الخاصة بالمعاقين ، ولابد أن يكون الأهل قادرين علي حماية طفلهم من العالم الخارجي علي الأقل حتى يصل إلي مرحلة المدرسة ولذلك لابد من بذل مجهود لإدماج الطفل في سن مبكرة مع الأطفال الآخرين سواء صماً أو يسمعون ، فتقديم الطفل للعالم الخارجي وتزويد البيت الذي يعيش فيه بالثقة قبل مغامرة الخروج تعد من المطالب الأساسية للوالدين.
دعم الاستقلال :
إن الانفصال الآمن عن الوالدين هو أول خطوة نحو الاستقلال وهو أحد ضروريات حياة الطفل لأن الطفل من الممكن أن يترك منزل الوالدين ويعيش بمفرده كأفراد مستقلين لهم مستقبل مشرق ، يعد الانفصال البدني هو أهم مطلب لعملية غرس الإحساس بالاستقلال لدي الطفل وهكذا فإن الوالدين لا يمكنهما تنشئة أطفال مستقلين دون الإيمان بقيمة الاعتماد علي الذات .
وعلي الرغم من ذلك فإنه من الصعب تحديد كيف يصبح الطفل الأصم مستقلاً علي الإطلاق ، ففي السنوات الأولي نجده يعتمد علي الوالدين في كل شئ ولكن من المهم أن يفصل الأب بين القرب والتابعية.
تعليم الصواب والخطأ :
من أهم مسئوليات الأهل نحو طفلهم الأصم التعليم الخلقي للطفل علي الأقل حتى دخول المدرسة فمثلاً السلوك الاجتماعي نجد أن المجاملة ليست سلوكاً فطرياً بل مكتسب فعلي الوالدين أن يعلموا طفلهم الأصم ذلك ، إن هذه المسئولية تقع علي الوالد لحماية الطفل من الحرج الاجتماعي وأيضا الأهل ، إن مسئولية تعليم الصواب والخطأ ليست مجرد المجاملة ولكنها بشكل أكبر قيم خلقية عامة تكتسب من خلال الأسرة .
إن ما سبق لا يعني أن فكرة الصواب والخطأ مرادفة للتعليم الديني ولكن ما نشير إليه هو أن الاتجاه الأخلاقي والمساندة الروحية والوعي يعدون مصادر مشكلة للأطفال الذين لم يقم والدهم بتوجيه مثل تلك الأمور لديهم.
د- عطية عطية محمد
خاص بمجلة احتياجات خاصة[/B]