[B]هيبريس يمضي عبد القادر ثلاث ساعات كاملة للتنقل من مقر إقامته بشارع الشجر في حي سباتة إلى منطقة الحي الحسني، ثلاث مرات أسبوعيا للحصول على حصته من الترويض. معاق في الرابعة والأربعين من العمر، عبد القادر لا يعرف متى سينتهي هذا «الجحيم» كما يسميه. فخلال رحلته، لا يجد في كل وسائل النقل تسهيلا في الولوج. الأدهي من ذلك أن مدخل مركز الترويض أيضا يتطلب مساعدة خارجية. مشهد يلخص معاناة عبد القادر مع الولوجيات ككل. فلا مكان عمله، ولا بيته ولا مركز الترويض ولا كل المؤسسات الأخرى، التي يتردد عليها لقضاء أغراضه اليومية، تنتبه إلى أنه بحاجة دائمة إلى شخص آخر، ليدخل إليها.
معاناة قد تكون على أبواب الانتهاء لعبد القادر وأمثاله من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يفوق عددهم الثلاثة ملايين شخص. فقد صادقت المجلس الوزاري المنعقد نهاية الأسبوع الماضي على مرسوم تطبيقي يكفل الولوجيات لأصحاب هذه الفئة من المغاربة. من تاريخ هذا التصديق، سيصبح لزاما على الفاعلين الاقتصاديين والمعماريين والمؤسسات الخاصة والعمومية، مراعاة كل المعايير التقنية التي تكفل للمعاقين ولوجا سهلا وعمليا. قطاعات البناء والتعمير والمواصلات والتواصل هي المعنية أكثر من غيرها بأمر هذا المرسوم، ولن يسمح بعد اليوم بإغفال حق ذوي الاحتياجات الخاصة. الوزارات المعنية بهذا التطبيق سبعة : الداخلية والتجهيز والنقل والتعمير والإسكان وتحديث القطاعات العامة والصناعة والتجارة والأسرة والتضامن والصحة والعدل.
تصحيح لوضع مختل استمر لعقود في المغرب يأتي إذا لينصف فئة تعاني من كل أنواع التهميش والنسيان. التقارير الرسمية وغير الرسمية المعنية بالكشف عن كواليس حياتهم اليومية، تشير إلى أن الأشخاص في إعاقة في المغرب و72 في المائة منهم غير متعلمين و88 في المائة منهم بدون عمل. «الهدف من هذا التصديق هو تكريس حقوق الشخص المعاق وذو الاحتياجات الخاصة في بلادنا، سواء في ما يتعلق بالإدماج المدرسي، بالصحة، بالتشغيل أو بالنقل» تشير نزهة الصقلي وزيرة الأسرة والتضامن، التي اعتبرت أن هذه الفئة المحرومة من مجموعة من الحقوق، تعاني من مشاكل عدة، أهمها مشكل غياب الولوجيات، سواء في القطاع الخاص أو العام، فضلا عن عدم وجود تغطية صحية أو اجتماعية، في ظل غياب إدماج هذه الفئة في سوق الشغل.
سيحاول عبد القادر الاستفادة قدر الإمكان من المرسوم الجديد بعد أن ينشر في الجريدة الرسمية خلال الأيام القليلة القادمة، حسب مصادر مطلعة، لكنه يرى أن التغيير على الأرض أهم من الوثائق الرسمية، كما علمته التجربة.[/B]